ترجمات عبرية

هآرتس: الإيرانيون غير مبالين في انتخاباتهم اليوم

هآرتس 28/6/2024، تسفي برئيل: الإيرانيون غير مبالين في انتخاباتهم اليوم

“لا تعد أبدا بشيء أنت غير واثق من تحقيقه”، هذا كتب على يافطة كبيرة تم تعليقها في شوارع المدن في ايران. في هذا الإعلان ما زالت تظهر صور المرشحين الستة الذين تم تصفيتهم من قبل لجنة الحفاظ على الدستور من بين المرشحين الثمانين الذين سجلوا لخوض الانتخابات بعد فترة قصيرة من الإعلان عن اجراء الانتخابات. قبل بضعة أيام انسحب احد المرشحين وأمس انسحب مرشح آخر. كلاهما محسوبان على التيار المحافظ. ربما أنه الى حين فتح صناديق الاقتراع اليوم سينسحب مرشح آخر، وهكذا سيبقى في ساحة المحافظين مرشحان فقط، أصحاب الاحتمالية الأفضل، محمد باقر كاليباف وسعيد جليلي، ومقابلهما المرشح الإصلاحي مسعود فزشخيان.

يبدو أن الخصم المهدد اكثر لجميعهم، الذي لا تشمله قائمة المرشحين هو اللامبالاة غير المسبوقة للجمهور. حسب الاستطلاعات الأخيرة فانه فقط حوالي 42 في المئة من بين الـ 61 مليون شخص أصحاب حق الاقتراع ينوون تكليف انفسهم عناء الذهاب الى صناديق الاقتراع.

مثلما في دول ديكتاتورية أخرى التي فيها الانتخابات ليست حقا هي التي تشكل طابع النظام أو تحدد من سيكون الزعيم الحقيقي فان شرعية النظام ترتكز الى نسبة التصويت في الانتخابات. هكذا، كما حدث في الانتخابات السابقة في 2021، التي كانت فيها نسبة التصويت هي الأدنى منذ الثورة في 1979، فانه الآن أيضا انطلق الزعيم الأعلى علي خامنئي الى حملة دعاية وإقناع، شجع فيها الجمهور على “القيام بالواجب المدني” من اجل الاثبات “لكل الأعداء” بأن الجمهور يقف الى جانب النظام.

في الفترة الأخيرة، خاصة في الأيام الأخيرة، تم تجنيد قنوات التلفزيون لخلق الشعور بالاهتمام العام بالانتخابات. جلسات نقاش شارك فيها المرشحون والمؤيدون لهم ملأوا الأجواء بمناظرات متشائمة، لكن حتى خمس مناظرات في التلفزيون بين المرشحين الذين طلب منهم عرض خططهم لمستقبل ايران اثارت التثاؤب في معظم الحالات ولم يتبن أي متنافس التوصية بعدم الوعد بأمور لا يمكن الوفاء بها.

حسب الاستطلاعات التي جرت في ايران فانه فقط 1 من بين 4 تم استطلاع رأيهم قال بأنه شاهد المواجهات، وفقط ثلث الذين سئلوا قالوا إنهم يتابعون الانتخابات. يبدو أن الدافع لاخراج الناس الى صناديق الاقتراع هو أيضا كان وراء قرار المصادقة على ترشح شخص إصلاحي على أمل أن ينجح في جعل المصوتين يذهبون الى صناديق الاقتراع، حتى لو كانت هناك مخاطرة بفوزه في الانتخابات. النظام والزعيم الأعلى اثبتوا في السابق بأنهم يعرفون جيدا كيفية تحييد الإصلاحيين وسلبهم مكانتهم العامة وفرض سياسة عليهم معارضة لمبادئهم وفي النهاية عرضهم كمن قاموا بتدمير الدولة بسبب هذه السياسة. هكذا كان مصير الرؤساء محمد خاتمي، الذي تولى المنصب في الأعوام 1997 – 2005، وحسن روحاني، الذي تولى منصبه في الاعوام 2013 – 2021 عند انتخاب إبراهيم رئيسي. اللامبالاة العامة يوجد لها أساس قوي يستند الى تجربة صعبة وطويلة. نتائج الانتخابات التي تم تقديم موعدها بسبب موت رئيسي في حادثة تحطم المروحية في شهر أيار لا يتوقع أن تغير سياسة ايران الداخلية وأن ترمم اقتصاد الدولة أو أن تحدث انعطافة استراتيجية في السياسة الخارجية.

في الحقيقة توجد على الطاولة خطة اقتصادية ترسم المباديء التي يجب أن توجه الحكومة حتى العام 2028، التي صاغها البرلمان ووقع عليها رئيس البرلمان كاليباف الذي يتنافس للمرة الرابعة على الرئاسة. هذه خطة شاملة كأمر روتيني، محاربة الفساد، بذل الجهود لرفع العقوبات وتطوير الصناعة، وتقليص التضخم الذي بلغ اكثر من 45 في المئة، وبالطبع خلق آلاف أماكن العمل الجديدة وبناء مئات آلاف الشقق. لكن كاليباف الذي في السابق كان قائد الشرطة وقائد سلاح الجو في حرس الثورة، وكان هو نفسه مشارك في قضية فساد كبيرة عندما تولى منصب رئيس بلدية طهران، لا يعتبر رمز للزعيم الاقتصادي، الزعيم الذي يمكنه الحصول على ثقة الجمهور في القرارات الاقتصادية الصعبة التي يجب عليه تطبيقها اذا رغب في ترميم اقتصاد ايران.

أيضا منافسه المحافظ الراديكالي جليلي، الذي حصل على لقب “الشهيد الحي” بعد اصابته بإصابة بليغة في الحرب بين ايران والعراق، ليس الاقتصادي الذي يمكن أن تعلق ايران الآمال عليه. جليلي، الذي كان لسنوات كثيرة سكرتير مجلس الامن القومي في ولاية الرئيس محمود احمدي نجاد، ورئيس طاقم المفاوضات حول المشروع النووي الذي نجح في تأجيله بشكل ممنهج، هو شخص مؤمن. أي أنه يؤمن بالاقتصاد المدعوم من الله. حسب رأيه فان اقتصاد الغرب ليست له صلة، ايران يمكنها ويجب عليها توفير كل احتياجاتها بنفسها. وطالما أنها بحاجة الى المساعدة والدعم فانه يجب عليها الاعتماد على الصين وروسيا وإلغاء استخدام الدولار في صفقاتها التي تعقدها.

في المناظرات في التلفزيون تميز جليلي بنثر الشعارات والأفكار المتناقضة والمشوشة غير المرتبطة ببعضها في نظرية اقتصادية مقنعة أو سياسة شاملة. المشكلة هي أنه أيضا المرشح الجمهوري، مسعود فازشخيان الذي تولى منصب وزير الصحة في عهد محمد خاتمي، ومنذ ذلك الحين ابتعد عن العمل العام، هو شخصية رمادية، لا توجد له كاريزما، ويحظى بتعاطف جماهيري في أوساط الإصلاحيين، لكنه اصبح خيار لا بديل له، غير مثير للانطباع بشكل خاص، في هذا المعسكر. لقد انتقل الى مقدمة التنافس بعد أن الغت لجنة حراس الدستور (مرة أخرى) ترشيح علي لاريجاني، الذي كان رئيس البرلمان والذي اعتبر في السابق صاحب احتمالية جيدة للفوز بالرئاسة. لاريجاني الذي هو من عائلة معروفة يحظى بقاعدة سياسية واسعة، هو في الحقيقة محافظ ولكنه غير راديكالي، وكان يمكنه الحصول على دعم الإصلاحيين بعد أن اصبح مرشد للرئيس روحاني في جهوده للدفع قدما بالإصلاحات الاقتصادية.

لكن لاريجاني هو شخص قوي، وبالتالي “خطير جدا” بالنسبة للزعيم الأعلى. فازشخيان الذي هو أيضا مثل لاريجاني تم ابعاده عن الترشح في الانتخابات السابقة، حصل في هذه المرة على مصادقة اللجنة. كما يبدو لأنه على الأقل قبل الانتخابات لم يعتبر شخصية يمكن أن تحدث الخلاف، وشخصية يتوقع خامنئي أن يستطيع تشكيلها كما يريد. مع ذلك، خامنئي (85 سنة) لديه تجربة كبيرة من اجل معرفة أنه لا توجد أي ضمانة لامتثال اعمى من قبل رؤساء، حتى لو جاءوا من التيار المحافظ الراديكالي مثل محمود احمدي نجاد (الذي تم رفض ترشحه أيضا)، الذي أنهى ولايته الثانية بشرخ كبير، علني ولاذع، مع الزعيم الأعلى.

اذا كان الاقتصاد هو الموضوع الرئيسي الذي يشعل الجمهور في ايران فان سياسة ايران الخارجية هي التي تقلق الدول الغربية والدول العربية، والولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية. في هذا المجال الزعيم الأعلى يسيطر بشكل حصري ومطلق. واذا كان يبقي هامش عمل واسع للحكومة في المواضيع الاقتصادية والأمور الداخلية، التي تعمل بشكل عام كأداة للقيادة العليا، فانه في مجال العلاقات الخارجية وما يعتبر استراتيجية وطنية فان هامش العمل للرئيس والحكومة ضيق جدا، هذا اذا وجد. 

الافتراض السائد في الغرب هو أن ايران ستواصل تخصيب اليورانيوم وحتى ستزيد كميته وجودته بصورة ستدفعها اكثر الى شفا انتاج القنبلة النووية. في نفس الوقت ايران ستواصل كونها قاعدة استراتيجية لنفوذ الصين، واقل من ذلك لروسيا، وستتطلع الى الدفع قدما بعلاقاتها مع الدول العربية، لا سيما بعد استئناف العلاقات مع دولة الامارات والسعودية.

ايران تجري في هذه الاثناء مفاوضات سياسية مع البحرين، وتواصل تحسس الطريق نحو مصر. ويتوقع أيضا أن تواصل استخدام منظومة مبعوثيها الإقليمية في لبنان وفي العراق وفي اليمن، الذين اعطوها مكانة التهديد الاستراتيجي التقليدي كي تجبي ثمنا باهظا من الغرب ومن دول المنطقة بدون أن تكون متورطة عسكريا بشكل مباشر، باستثناء الهجوم على إسرائيل في شهر نيسان، وبدون أن تضطر الى دفع ثمن ذلك. كل ذلك لن يغير نتائج الانتخابات. والسؤال الثقيل الوحيد، الذي يحلق الآن فوق استراتيجية ايران، يوجد في الانتخابات الرئاسية الامريكية. إعادة انتخاب بايدن يمكن أن تفسر كفترة أخرى لـ “سير الأمور كالعادة” بالنسبة لإيران، لكن لا يمكن أن تكون على ثقة بأنه في الولاية الثانية، وعلى خلفية الحرب في البحر الأحمر واحتمالية اندلاع حرب واسعة في لبنان وتسريع المشروع النووي، هي لن تضطر الى مواجهة هجوم امريكي – أوروبي، وبالتأكيد اقتصادي، لكن ربما أيضا هجوم عسكري. في المقابل، فوز ترامب، الرئيس الذي فرض على ايران “اكبر قدر من الضغط”، يعتبر تهديد فوري على اقتصادها، لكن في نفس الوقت هذا هو نفس ترامب الذي يطرح نفسه كاستاذ الدبلوماسية، ومن شأنه أن يفاجيء ويعرض على ايران عرض لا يمكنها رفضه.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى