ترجمات عبرية

هآرتس: الإستيلاء العدائي على محكمة عدائية

هآرتس 2023-01-16، بقلم: جدعون ليفي: الإستيلاء العدائي على محكمة عدائية

ينفذ وزير العدل الجديد، بدعم من رئيس الحكومة، سيطرة عدائية على المحكمة العليا. العاصفة التي ترافق ذلك معروفة، لكنها تتجاهل الحقيقة الدامغة بأن محاولة السيطرة تمت على جسم معاد للديمقراطية. نعم، ونعم. لقد كان للمحكمة العليا، التي كل من يحبون الديمقراطية يخافون جدا من محاولة السيطرة عليها، كان لها دور حاسم في تقويض الديمقراطية في إسرائيل.

النضال الذي يثير الشفقة من اجل وجه الديمقراطية في إسرائيل، وهي الديمقراطية المخصصة فقط لذوي الامتيازات، هو نكتة السنة. عاصفة في “الأبرتهايد”: الديمقراطية لليهود فقط في خطر. أنقذونا. كل الروح الوطنية وكل المدافع تم تجنيدها لإنقاذ هذه الديمقراطية المزيفة. صحيح أن ياريف لفين، بدعم من نتنياهو، يهدد بإخضاع جهاز القضاء للسلطة التشريعية وتحويل إسرائيل إلى دولة مع سلطة واحدة. لا توجد مثل هذه الديمقراطية بالطبع، لكن أيضا لا توجد ديمقراطية يعيش فيها خمسة ملايين شخص دون مواطنة ودون حقوق بشرعنة من محكمة العدل العليا. لذلك، الهستيريا التي اندلعت إزاء المس بالمحكمة العليا هي عاصفة غريبة وحتى أنها تثير الاستياء.

بالضبط في ساعة محنتها لا يمكن نسيان للمحكمة العليا تعاونها المشين مع الاحتلال. هذا ليس موضوع للسرور. فالمحكمة بدعمها للاحتلال زرعت بذور السم التي نقطف ثمارها الآن. لو أن الاحتلال لم تتم شرعنته من قبلها عندما كانت قوية لما كان هناك إيتمار بن غفير أو مستوطنات أو حتى احتلال. بالتحديد في ساعة محنتها يجب أن نذكر بأن الأمر يتعلق بجسم لم يدافع عن إسرائيل من وكر الاحتلال، ولا يوجد أي سبب للدفاع عنها الآن وكأن الإضرار بها سينهي الديمقراطية، التي لم تكن موجودة أصلا. إسرائيل لم تعد ديمقراطية. لا يمكن النظر إليها كديمقراطية مع خصم الاحتلال. فالاحتلال تحول إلى جزء لا يتجزأ منها، وهو الذي يعرف النظام فيها بشكل سلبي كـ”أبرتهايد” بمصادقة المحكمة العليا.

ما الذي فعلته المحكمة العليا من اجل الدفاع عن الديمقراطية في وجه الاحتلال؟ تقريبا لا شيء. ماذا كان يمكنها أن تفعل؟ تقريبا كل شيء. لو أنها لم تقم بشرعنة جرائمه من البداية ولم تصادق تقريبا على أي خطوة لجهاز الأمن ولم تغض النظر ولم تصمت، لكانت إسرائيل ستكون مختلفة. الخطاب المدوي لاستر حيوت، بالأساس أسلافها، كان يجب أن يتم إلقاؤه منذ زمن “ضد جرائم الاحتلال”.

نظرا لأن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال لم يجد أي دواء في هذه المحكمة فإن هذه المحكمة تكون قد خانت دورها. المحكمة التي لم تتخذ في أي يوم موقفا بخصوص شرعية المستوطنات وقامت بشرعنة الاعتقال الإداري وترددت سنوات إلى أن قامت ببلورة موقف بخصوص التعذيب وصادقت على الطرد الجماعي مثل طرد الـ 400 شخص من “حماس” وهدم البيوت وأزاحت وجهها عن القانون الدولي، هي محكمة عملت على تخريب الديمقراطية. بالذات، اليمين والمستوطنون كان يجب أن يشكروا هذه المحكمة لأنها قامت من اجلهم بشرعنة الاحتلال. اليسار كان يجب عليه أن يهب ضدها منذ فترة طويلة.

من الواضح أن إخضاع جهاز القضاء للسلطة التشريعية، فعليا للسلطة التنفيذية، هو أمر غير ديمقراطي بشكل واضح. لكن هذا بالضبط ما يحدث في الاحتلال. المحكمة العليا عملت اكثر كمحكمة عسكرية وأقل كحارس للعتبة. فهي كانت تقوم بدور العبد للسلطة التنفيذية. لا يمكن أن نغني لها الآن أغاني المدح وأن نتحسر على ضعفها.

توجد أخطار كبيرة تكمن الآن تهدد حقوق المواطن وحرية التعبير ولحريات أخرى في إسرائيل. بسرعة سنجد انفسنا مثلا، مع كنيست لليهود فقط. هذه فقط البداية. الخطر كبير وخطير، لكن الخطأ الأول الذي ثماره تقطفها إسرائيل، الآن، هو الشرعنة الكبيرة للاحتلال على يد جهاز القضاء. كل شيء بدأ هناك. ما بعد ذلك كان أمرا محتما.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى