ترجمات عبرية

هآرتس: الأحداث في الضفة الغربية وتصريحات بن غفير تلمح إلى التصعيد

هآرتس 2-12-2022م، بقلم عاموس هرئيل: الأحداث في الضفة الغربية وتصريحات بن غفير تلمح إلى التصعيد

الخلاف الداخلي العاصف في إسرائيل حول حادثة غير استثنائية جداً في الخليل، شطب في هذا الاسبوع من جدول الاخبار الاحداث الاخرى في الضفة الغربية. في ارجاء الضفة الانتفاضة الثالثة تواصل النضوج على نار متوسطة. في يوم الثلاثاء، الذي ثارت فيه العاصفة حول العقوبة التي فرضت على جندي في جفعاتي، الذي وعد بفرض نظام جديد في ظل ايتمار بن غفير، قتل خمسة فلسطينيين بنار الجيش ورجال الشرطة في المناطق.

فقط حقيقة أن أحد الفلسطينيين اطلقت النار عليه وقتل بعد دهس مجندة واصابها قرب رام الله، ادت الى أن النشرات الاخبارية في القنوات التلفزيونية لم تتجاهل تماماً مجمل القتلى اليومي. في اليوم التالي قتل فلسطيني آخر وأمس قتل اثنان آخران. منذ بداية الاسبوع قتل في احداث مختلفة مع الجيش والشرطة في الضفة ثمانية فلسطينيين. حسب اقوال الجيش، في جميع الاحداث يدور الحديث عن اشخاص كانوا مشاركين في اعمال عنف وبعضهم كانوا مسلحين. هذا الاسبوع لم ينته بعد وما زال الحبل على الجرار.

في مقابلة اولى مع وسائل الاعلام الاميركية منذ فوزه في الانتخابات اختار نتنياهو أن يبث رسالة مهدئة. في «بودكاست» للمراسلة المحافظة، باري فايس، قال نتنياهو: «هذا لا يعني أننا (الليكود) ننضم الى الاحزاب الصغيرة، بل هي التي تنضم الينا». يبدو أنه ذكر برفضه إعطاء لشركائه في الائتلاف حقيبة الدفاع، «هذا خط احمر»، قال. «حقيبة الدفاع ليست فقط حماية من الصواريخ، بل اتخاذ قرار بشأن سياسة يمكنها أن تؤدي الى الاشتعال. أنا احاول تجنب ذلك».

في هذه الاقوال اشار رئيس الحكومة الى أنه في الطريق الى الحفاظ على خط استمراري لسياسة حكوماته السابقة. حيث أنه دائما كانت هناك فجوة واضحة بين الخطاب المتشدد له وبين خوفه من القيام بعمليات عسكرية يمكن أن تتدهور الى حرب كبيرة. في العمليات الكبيرة الثلاثة التي شنها في قطاع غزة تجنب بشكل متعمد اعادة احتلال القطاع واسقاط حكم حماس، في لبنان حرص على أن لا يتورط خلافا لسلفه اهود اولمرت، وما لم يحدث في ايران الجميع يعرفه.

مع ذلك، الظروف في هذه المرة تظهر مختلفة. فمجرد التحالف الذي عقده مع بن غفير وبتسلئيل سموتريتش والاستعداد لاعطائهما ملفات رئيسية ومواقع لها تأثير نظري في الكابنت (انظروا فيما بعد) ترمز الى أن حكومة نتنياهو القادمة يمكن أن تبدو مختلفة قليلاً. بعد أن رفعت من جدول الاعمال مسألة حقيبة الدفاع التي ستعطى كما يبدو ليوآف غالنت (الليكود) فان الادارة الاميركية تقلق بشكل خاص من نوايا الحكومة القادمة في شرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة. رسائل مقلقة حول ذلك نقلت لوزير الدفاع التارك بني غانتس وكبار الشخصيات في مكتبه في الاسابيع الاخيرة.

حتى قبل اداء الحكومة لليمين يبدو أن عهد نتنياهو الجديد يمكن أن يجلب معه ثلاث ازمات محتملة، دراماتيكية، بثمن واحد، ازمة قانونية (حول خططه لتغييرات تشريعية جارفة)، ازمة رسمية تتعلق بالدولة (الصراع على طبيعة الجيش الاسرائيلي) وربما ايضا ازمة امنية (استمرار التصعيد في المناطق). حتى الآن لم نتحدث عن الجمهور العربي في اسرائيل. فالاشتعال هناك سيهتم به بن غفير، بشكل خاص اذا استجيب لطلبه الحج الى الحرم بصفته وزيراً.

الون افيتار، الخبير في الشؤون الفلسطينية، قال للصحيفة بأنه حسب رأي الجمهور في المناطق فان هناك انشغالا متزايدا في احتمالية أن يحج بن غفير الى الحرم. عكرمة صبري، الخطيب الرئيسي في المسجد الاقصى وفي السابق مفتي القدس، صرح في السابق بأن الشعب الفلسطيني لن يسمح لبن غفير أو لاشخاص من قبله بـ «خرق قدسية المسجد الاقصى». افيتار يتوقع محاولة فلسطينية «لتحويل المساجد الى هدف محصن»، اذا تحقق سيناريو كهذا. هو يذكر بسابقات الماضي: زيارة اريئيل شارون في الحرم عشية الانتفاضة الثانية واستفزازات بن غفير نفسه في القدس قبل بدء عملية «حارس الاسوار» في شهر ايار في السنة الماضية.

رد متأخر

في الجيش يأملون أن العاصفة الجماهيرية حول قضية الحادثة في الخليل ستخفت في الايام القادمة. خلال الاسبوع اتبع رئيس الاركان افيف كوخافي نهجاً يستحق التقدير. فقد دافع عن حرية عمل الجيش وقيمه ورفض محاولات للتدخل السياسي الخارجي. بن غفير، الذي بدأ بنغمة قتالية، نفذ انسحابا تكتيكيا بسيطا ازاء الصدمة في وسائل الاعلام بعد التوبيخ الشديد الذي تعرض له قائد كتيبة جفعاتي في الشبكات الاجتماعية، لكن يجدر الانتباه الى صيغة رده على كوخافي. نحن نحب ونحتضن رئيس الاركان، لكن بن غفير بلغة معسولة لـ «كان» نوصيه بعدم اشغال نفسه بالسياسة. ماريو بوزو، كاتب «العراب» لم يكن ليصوغ ذلك بشكل افضل.

يعكس موقف كوخافي من الخلاف وتصريحاته الحاسمة ايضا حقيقة أنه سينهي خدمته كرئيس للاركان بعد نحو شهر ونصف. ولكن تدخله جاء بتأخير حاسم. منذ فترة طويلة القيادة العليا في الجيش تقلل من الانشغال بقضية اخلاقية القتال واعمال الشرطة في المناطق، وحتى أنها تتجاهلها. على الارض استمرت عملية تدهور بطيئة في المعايير والسلوك الفعلي. يبدو أنه في هذه المرحلة فان الحقيقة هي أنه ببساطة لا يمكن اخراج السياسة من الجيش.

في شهر شباط 2020 بعد تسلم بينيت لمنصب وزير الدفاع بقليل حدثت حادثة على حدود القطاع. بينيت طلب من الجيش جمع جثث مخربين على أمل (الامل الذي تبدد) أن تشكل هذه الجثث ورقة مساومة امام «حماس» في المفاوضات حول اعادة جثامين الجنديين المحتجزين في غزة. جرافة للجيش تم توثيقها وهي تحاول اخلاء جثة فلسطينية خلال عشرين دقيقة وتدفعها مرة تلو اخرى. هذا المشهد كان مشيناً وحتى أن القوات اطلقت النار على فتيان من القطاع حاولوا سحب الجثة. في تحقيق عملياتي في الحادثة، عندما حاول ضباط كبار اجراء نقاش حول السلوك الاخلاقي المعيب، رئيس الاركان اوقفهم بشكل مهذب وقال إن هذا ليس هو لب التحقيق.

كوخافي، مثل بعض سابقيه في المنصب، فضل الانشغال بالقضايا العالمية مثل الثورة التكنولوجية في الجيش وبناء القوات للحرب القادمة. هذه بالفعل امور حيوية. ولكن الهدوء النسبي الذي ساد في الضفة لفترة طويلة خلق في الجيش الشعور بأنه يمكن ابقاؤه في أولوية أقل. التوقع من جنرالات قيادة المنطقة الوسطى على اجيالهم كان أن يخلقوا لرئيس الاركان الهدوء في الجبهة الفلسطينية لتمكينه من الانشغال بما يعتبر أساسياً.

طبقا لذلك تم تقليص حجم القوات في الضفة والنشاطات الجارية هناك بقيت لفصائل حرس الحدود وكتائب لواء كفير وبحجم أقل الوية المشاة الأخرى. ايضا معظم الوحدات الخاصة عادت الى شؤونها خارج الضفة. اذا كان في فترة الانتفاضة الثانية وفي السنوات التي تلتها يعتبر تعيين قائد لواء قطري في الضفة كمحطة حيوية في الطريق الى الاعلى فإنه في السنوات الاخيرة لم يرسَل الى هناك بالضرورة فقط المتميزون من بين الضباط.

هذه التوجهات تنفجر الآن في وجه رئيس الاركان بعد سنوات من الغليان البطيء. يبدو أنه كلما تهرب من المناطق فهي ستلاحقك. الامور مرت بانعطافة حادة في آذار الماضي عند اندلاع موجة الارهاب الحالية (التي في هذه الاثناء امتدت لتصبح نوعاً من انتفاضة مصغرة). الجيش الاسرائيلي مرة اخرى كان يجب عليه أن ينشر بدون تحذير واستعداد قوات نظامية كبيرة في الضفة وفي خط التماس. في وقت لاحق في هذه السنة انضمت اليها كتائب احتياط كثيرة، التي سيزداد عددها في السنة القادمة.

ولكن في هذه الاثناء ايضا الجنود تغيروا. التحرك الايديولوجي نحو اليمين في اوساط الجمهور وفي الجيش ترجم الى تطرف في المواقف حول قضايا اخلاقية القتال، كما تبين ايضا في قضية اليئور ازاريا في 2016. الى ذلك تضاف الفجوة المتجذرة في المواقف والتواصل بين الجنرالات في جيل الخمسين وقادة الالوية في جيل الاربعين والجنود في اعمار 18 – 19. بالنسبة للكثير من الجنود فان القيادة العليا تنشغل باحاديث عالية عن الاخلاق، لكنها منقطعة عن الميدان والصعوبات اليومية. هذه المقاربة صحيحة بدرجة معينة ايضا بالنسبة للجمهور. لو أن الاستطلاعات التي تفحص مستوى الثقة بالجيش كانت تقسم ذلك الى اسئلة فرعية مثل الثقة بجنود الخدمة الالزامية مقارنة بالذين يخدمون الخدمة الدائمة فمن المرجح أن النتيجة ستكون مختلفة بشكل جوهري. كما يتبين ايضا في الانتقاد الموجه لميزانيات التقاعد.

دلائل على تغيير المناخ السياسي في اعقاب فوز اليمين في الانتخابات تم الشعور بها فورا على الارض. الحادثة في الخليل تعكس علامة اولية لعمليات يتوقع أن تحدث فيما بعد. صمت نتنياهو خلال خمسة ايام على الهجوم في الكنيست وفي الشبكات الاجتماعية على رئيس الاركان وبعد ذلك على قائد الكتيبة لا يمكن أن يعتبر صدفيا. تحليل يقول بأنه أسير لشريكه بن غفير، وكل قوته موظفة في جهوده كي ينجو من المحاكمة، بدءاً من الاتصالات الائتلافية. ولكن حسب رأيي توجد هنا ايضا اشارة للقيادة الامنية العليا من اجل أن تتساوق معه وأن لا تحاول تطبيق سياسة مستقلة جدا في المناطق (نتنياهو اصدر في النهاية بياناً ضبابياً اول من أمس دعا فيه الى ابعاد السياسة عن الجيش الاسرائيلي).

رسائل نتنياهو لحراس العتبة مختلطة بعدد كبير من الاساليب. تقرير للمراسل ميخائيل شيمش في هذا الاسبوع في «كان» كان يجب أن يثير اهتماما اوسع. نتنياهو مثلما نشر يطالب باستبدال كل السائقين في قافلة رئيس الحكومة الآن بـ «سائقين من قبله يثق بهم». الحديث لا يدور عن سائقه الشخصي، بل السائقين الآخرين في القافلة الذين عملوا لدى اسلافه يئير لابيد ونفتالي بينيت. هؤلاء الاشخاص الذين يعملون الى جانب حراس وحدة أمن الشخصيات يمرون بعملية تصفية واعداد اساسية من قبل «الشباك». ايضا هنا توجد رسالة وهي أن رئيس الحكومة هو السلطة العليا في شؤونه، وهو الذي سيحدد كيف ستسير الامور من الآن فصاعدا، حتى مثل هذه الامور الصغيرة.

اصبع في العين

يبدو أنه من كل ناحية عملية فقد اغلقت الدائرة على احتمالات التوقيع على الاتفاق النووي الجديد بين ايران والدول العظمى في الاشهر القريبة القادمة. اذا لم تقيد ايران نفسها بقرارها مواصلة تخصيب اليورانيوم مع خرق الاتفاق الحالي، فهي حققت ذلك بخطواتها الاخرى. القمع العنيف لاحتجاج الحجاب في الداخل وتصدير المسيرات الواسع الى روسيا، الطرف المعتدي في الحرب في اوكرانيا، فسرت في الغرب على أنها وضعُ اصبع بشكل متعمد في العين.

هذه الظروف تحتاج ايضا من اسرائيل استعدادا مختلفا امام واقع استراتيجي بدون اتفاق جديد. قبل سنة تقريباً أمر بينيت الجيش بأن يسرع مجدداً الاستعداد لهجوم محتمل على المنشآت النووية بعد أن تم اهمال الاستعداد حسب رأيه في عهد نتنياهو. اضافة الى ذلك اسرائيل بحثت عن خطوات بحيث تضع امام ايران تهديدا عسكريا ملموسا اكثر، ويفضل من خلال مشاركة اميركية. هذه الاحتمالية تمت مناقشتها اثناء زيارة كوخافي في البنتاغون وفي الاسبوع الماضي في الحوار الاستراتيجي الذي اجرته اجهزة الامن في الدولتين. الاستعداد الاميركي ساهم فيه لترجمة ذلك الى خطوات على الارض نقل العلاقة مع اسرائيل الى مسؤولية القيادة الوسطى للجيش الاميركي في السنة الماضية. قائد القيادة الوسطى الاميركية، الجنرال مايكل اريك كوريلا زار البلاد في السابق اربع مرات منذ تولي منصبه قبل نصف سنة تقريبا.

أول من أمس اعلن المتحدث بلسان الجيش عن مناورة جوية مشتركة لاسرائيل والولايات المتحدة. في مؤتمر صحافي قيل إنه تم فيها التدرب على مهاجمة منشآت نووية ايرانية. الواقع درامي اقل بقليل. عشرات طائرات سلاح الجو الاسرائيلي اجرت وبحق مناورة مشابهة، سرب من الطائرات سار نحو الغرب، يحاكي مسافة الطيران المطلوبة لايران بهدف مهاجمة اهداف كثيرة. الاسهام الاميركي كان صغيراً نسبياً: طائرة واحدة للتزويد بالوقود، التي انضمت للطائرات الاسرائيلية وزودتها بالوقود في الجو.

لا يمكن الاستنتاج من ذلك بشأن استعداد اميركي لمهاجمة مشتركة للمنشآت النووية كما حلم نتنياهو في السابق أن يحدث ذلك. ولكن موافقة الادارة الاميركية على ارسال تهديد مشترك تدل على أنهم في واشنطن ايضا يرون أن هناك حاجة لتشديد الخط العلني تجاه النظام في ايران. في اسرائيل سيحاولون تحويل ذلك الى مناورات مشتركة اكبر في المستقبل والى مقاربة هجومية اكثر ضد طهران.

رغم أن ايران اعلنت مؤخرا عن البدء في تخصيب اليورانيوم بمستوى 60 في المئة، ففي المنشأة التحت ارضية والمحصنة في بوردو وفي نتناز ايضا فانه تولد لديهم في الجيش الانطباع بأن تقدم المشروع ما زال حذراً جداً. بالذات الارتباط الاستراتيجي لطهران بموسكو يمكن أن يعرضها للخطر ويزيد من حدة التوتر بينها وبين دول الاتحاد الاوروبي. ايران كانت تريد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها بشكل كامل. لكن خطواتها مع روسيا يمكن أن تحقق نتيجة معاكسة. اذا قررت شريكة اوروبية في الاتفاق النووي، بريطانيا، فرنسا، المانيا، بأن خروقات ايران في مجال التخصيب تحتاج الانسحاب منه فسيتم بشكل تلقائي القيام بعملية فرض العقوبات الكاملة مثلما كان سائدا قبل الاتفاق.

يبكر تزويد روسيا بالسلاح الايراني قليلاً هذه الاحتمالية. اسرائيل كانت تريد تعزيز الضغط على ايران بواسطة اعادة بناء تهديد عسكري موثوق عليها. مشكلة محتملة بالنسبة لها هي أن التوتر الذي يحدث مع الادارة الاميركية حول ما يحدث في المناطق سينعكس سلبا على التنسيق في القضية الايرانية. اثنان في وزارة الخارجية الاميركية في الادارات الديمقراطية السابقة، دان كيرتسر وارون ميلر، كتبا في مقال نشر في «واشنطن بوست» بأن «نتنياهو اعاد احياء احزاب راديكالية عنصرية تكره الاجانب والمثليين، والآن هو عالق معهم. اجندة الائتلاف يمكن أن تنعكس في نشاطات استيطانية موسعة ومصادرة الاراضي في الضفة».

حسب قولهما فان «الطبيعة غير المسبوقة للائتلاف يجب أن تدفع البيت الابيض الى ارسال رسالة واضحة لاسرائيل والفلسطينيين والدول العربية. يجب القول لاسرائيل بأن الولايات المتحدة لن تزود بسلاح هجومي أو بمساعدات اخرى لنشاطات خبيثة في القدس وفي المناطق. يجب عليها أن تحذر بشكل خاص من محاولة تغيير مكانة الضفة والحرم».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى