ترجمات عبرية

هآرتس: استئناف الحرب بين إسرائيل ولبنان قد يخدم ايران

هآرتس – تسفي برئيل – 16/12/2025 استئناف الحرب بين إسرائيل ولبنان قد يخدم ايران

الرئيس اللبناني جوزيف عون يسعى الى اقناع الولايات المتحدة والدول المشاركة في لجنة الرقابة على اتفاق وقف اطلاق النار مع إسرائيل، بأن الجيش اللبناني يستثمر كل طاقاته في نزع سلاح حزب الله وتدمير منشآته في جنوب الليطاني، ويطالب بتمديد “الوقت النهائي” التهديدي الذي حدد لنهاية السنة. في نفس الوقت هو يدير معركة سياسية حازمة ضد ايران. 

ان رفض الدعوة لزيارة ايران التي قدمها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لوزير خارجية لبنان يوسف راجي، تضاف الى سلسلة مواقف دبلوماسية سابقة. هذه القائمة تضم منع هبوط طائرات إيرانية في مطار بيروت، وتصريحات الرئيس عون بانه رفض الالتقاء مع مستشار الامن القومي الإيراني علي لاريجاني. وقبل ذلك، في شباط الماضي، أوضح عون لرئيس البرلمان الإيراني محمد باقر كليباف، الذي جاء الى لبنان للمشاركة في جنازة حسن نصر الله، بان “لبنان تعب من الحروب التي تديرها دول أخرى على أراضيه”. وقبل فترة غير بعيدة أيضا اجل وزير خارجية لبنان إجراءات المصادقة على تعيين سفير ايران في لبنان بذريعة ان “ايران لعبت دور سلبي جدا في لبنان”، كما قال لقناة “الجزيرة”. في نفس المقابلة أضاف راجي بان “لبنان منفتح على الحوار مع ايران، شريطة ان تكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للبنان وتوقف تمويل التنظيمات غير الشرعية في لبنان”.

ايران، التي رفضت ادعاءات راجي، تفاجات من منشورات نسبت لـ “جهات لبنانية رسمية” وفيها تم تفصيل التدخلات في الشؤون اللبنانية. في بدايتها الظاهرة المعروفة التي فيها وزراء وشخصيات إيرانية رفيعة كانت تاتي الى لبنان بدون ابلاغ مسبق وتلتقي مع قيادة حزب الله وتنظيمات أخرى وكأن الامر يتعلق بمنطقة سيادية إيرانية، في حين ان لقاءاتهم مع قيادة لبنان كانوا يجرونها فقط كتحلية أو كشرعنة لتلك اللقاءات. هذه الجهات اللبنانية ذكرت تصريحات شخصيات إيرانية رفيعة، من بينها علي شمخاني، المستشار الكبير لعلي خامنئي، الذي اعلن بان “نزع سلاح حزب الله سيفشل”، وان سلاح حزب الله هو “سلاح الشعب اللبناني من اجل حمايته”، أو اقوال علي اكبر ولايتي، المستشار السياسي لخامنئي، الذي قال ان “حزب الله هو مهم للشعب اللبناني اكثر من الخبز والماء”.

لبنان يريد ان يوضح لإيران بان الظروف قد تغيرت، ومعها أيضا سياسة حكومة لبنان تجاهها. اذا كانت ايران تريد علاقات جيدة مع لبنان فانه لا يمكنها ان تتعامل مع حزب الله كحكومة موازية، أو التعامل مع حكومة لبنان كعرض، الذي اجراءه يرتبط بحزب الله.

ردا على ذلك ايران اكدت بانها ستواصل دعم حزب الله. المستشار السياسي لولايتي اعتبر حزب الله “العمود الأساسي في محور المقاومة، ويلعب دور رئيسي في الصمود ضد الصهاينة”، في مقابلة مع “الجزيرة” أول أمس. هذه الاقوال توضح ان الدولتين صعدتا على مسار التصادم، الذي فيه سيحتاج لبنان الى كامل الدعم الدولي من اجل مواجهة قضية اكثر جوهرية من نزع سلاح حزب الله، وهي كبح جهود ايران في تعزيز مكانتها في لبنان، وأن تكون عامل مؤثر على سياستها. 

تهديدات إسرائيل للبنان بشن معركة عسكرية واسعة اذا لم يستكمل نزع سلاح حزب الله، تصب في مصلحة ايران. فهذه الحرب ستحرر ايران من المعضلة التي تقتضي منها الحفاظ على مكانة وقوة حزب الله، وفي المقابل، التساوق مع السياسة الجديدة لحكومة لبنان. هذه معضلة مركبة. امس نشرت تقارير عن نية ايران استبدال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، واجراء تغييرات هيكلية في الحزب إزاء الواقع الجديد الذي يتشكل في لبنان. من غير الواضح ما هو مصدر هذه التقارير وما مدى درجة موثوقيتها، لكن من الواضح من مجرد النشر ان ايران قلقة من “المشكلة اللبنانية”، التي من شان التصرف الفاشل ازاءها ان يستكمل تحطيم نفوذها الإقليمي بعد ان تم طردها من سوريا، وإزاء النقد في العراق لتدخلها في إجراءات تشكيل الحكومة العراقية.

منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024، والحرب بين إسرائيل وايران في شهر حزيران، التي فيها شاركت الولايات المتحدة بصورة نشطة في قصف المنشآت النووية، فان طهران تنشغل في وضع استراتيجية جديدة، التي من شانها ان تعيد ترميم المكانة الإقليمية والدولية لها، وفي نفس الوقت انقاذها من الازمة الاقتصادية المتفاقمة بعد فترة الجفاف القاسية التي افرغت الكثير من خزاناتها المائية، التي أوصلت سعر الريال الإيراني الى حضيض غير مسبوق، الامر الذي اجبرها حتى على رفع أسعار الوقود رغم التاثيرات التي يمكن ان تكون لذلك على الجمهور.

يضاف الى ذلك الادراك بان التحالفات الاستراتيجية والاتفاقيات بعيدة المدى التي وقعت عليها ايران مع روسيا والصين تواجه صعوبة في ان تشكل أداة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي أو السياسي أو تقديم الدعم العسكري. الاستثمارات الموعودة تتاخر، وتجاهل روسيا والصين لهجمات إسرائيل والولايات المتحدة اثار موجة انتقادات في ايران، ولم يتبدد الخوف من هجمات جديدة على المنشآت النووية. من جهة أخرى، الانقسامات الداخلية بين الذين يعتقدون انه يجب على ايران الدفع قدما بالمفاوضات مع الولايات المتحدة وبين المتشددين الذين يدعون الى اتخاذ “موقف متصلب”، لا تساهم في بلورة قرار سياسي.

حتى قبل الحرب، نجحت ايران في تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة، حيث استانفت علاقاتها الدبلوماسية مع اتحاد الامارات ومع السعودية. وقد قدر الإيرانيون بان السعوديين، قطر وعُمان، ومن خلال الدفع قدما بعلاقات طهران مع مصر، سيكونون جزء لا يتجزأ من اتخاذ القرارات الإقليمية، ومن الكتلة العربية – الإسلامية، التي تحولت الى المحور الأكثر تاثيرا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

لكن بالنسبة لدول الخليج فان ايران ما زالت دولة مشبوهة. وذلك رغم ان أبو ظبي هي الشريكة التجارية الثانية في أهميتها بالنسبة لإيران، وقطر هي شريكة استراتيجية في حقل الغاز الضخم في الخليج الفارسي، وأن السعوديين تعهدوا في الأسبوع الماضي في اجتماع اللجنة الثلاثية التي تضم السعودية والصين وايران، بتعزيز العلاقات التجارية مع ايران وتنفيذ الاتفاقات التجارية التي وقعت معها. إضافة الى ذلك لم تنس البحرين، الخاضعة لحماية السعودية، كلمات اميري التي تفيد بانه “يوجد لإيران حق تاريخي في البحرين”، ومع الامارات المتحدة كان وما زال هناك نزاع حول السيطرة على الجزر الثلاثة في الخليج الفارسي، طمب الكبرى وطمب الصغرى وأبو موسى. 

فوق كل ذلك يحلق التهديد النووي الإيراني. في مناسبات كثيرة طلبت ايران من السعودية ودول أخرى في الخليج التوسط بينها وبين الولايات المتحدة. ولكن في كل مرة يتم فيها الإعلان عن مثل هذا الطلب في ايران فان ذلك يثير عاصفة إعلامية وسياسية ويعيد البلاد الى الصيغة البالية التي تنص على أن “ايران مستعدة للتفاوض مع الولايات المتحدة شريطة أن يتم ذلك مع احترام مصالح ايران”، وهذه صيغة تعني تصميم قاطع على تمكين ايران من تخصيب اليورانيوم في أراضيها، وهو الامر الذي لا يلبي طلبات الولايات المتحدة. 

الى جانب ذلك لم يفشل التكتل العربي بقيادة السعودية في منع الحرب ضد ايران فقط، بل انه نفس التكتل الذي يدعم خطة ترامب في غزة ويحتضن نظام احمد الشرع في سوريا ويسعى الى الترويج لحل سياسي بين إسرائيل ولبنان يلزم حزب الله بنزع سلاحه. تبرز الأهمية الكبيرة التي توليها ايران للقضية اللبنانية، التي قد تتحول من وجهة نظرها الى هزيمة سياسية واستراتيجية أخرى. ووفقا لمحللين لبنانيين، قد تعرض ايران على الولايات المتحدة الموافقة على “القاء حزب الله لسلاحه” مقابل استئناف المفاوضات بشان رفع العقوبات والتوصل الى اتفاق نووي جديد. مع ذلك، يبقى مشكوك فيه ان تكون هذه المعادلة التي لا تقدم أي حل للقضية النووية مقبولة على ترامب.

في بيروت ينتظرون الان زيارة أخرى لوزير الخارجية الإيراني، التي من شانها ان توضح الى اين تتجه ايران وما الذي يتوقع ان يكون عليه مستقبل حزب الله. حرب في لبنان الان من شانها فقط ان تخرج حبة الكستناء من النار من اجل ايران.


مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى