ترجمات عبرية

هآرتس: اردوغان لا يتنازل عن غزة وسيتعين على ترامب ان يختار بينه وبين نتنياهو

هآرتس 8/12/2025، تسفي برئيلاردوغان لا يتنازل عن غزة وسيتعين على ترامب ان يختار بينه وبين نتنياهو

ان روعة التصريحات العلنية لتوم باراك، المبعوث الأمريكي الخاص في سوريا الذي في ساعات فراغه يعمل أيضا كسفير في تركيا، تكمن في المباشرة والصراحة في أقواله. هكذا عندما شرح للبنان بأنه “دولة فاشلة”، وأيضا عندما قال بان “نزع سلاح حزب الله يبدو أمر غير واقعي”، وهكذا الامر أيضا كان في يوم الجمعة الماضي في المؤتمر الذي عقد في أبو ظبي. في المحادثة التي اجراها مع محرر “بلومبيرغ”، بول فالاس، قال: “لو كنت مستشار شخصي لنتنياهو لكنت ساقول له بان هذه احدى الخطوات الذكية التي يمكنه فعلها. هل انا اعتقد ان هذه الخطوة ستتحقق؟ الجواب هو لا، وسبب ذلك هو عدم الثقة”.

“الخطوة الذكية” التي كان باراك سيوصي نتنياهو بأن يتبناها هي الموافقة على مشاركة تركيا في “قوة الاستقرار متعددة الجنسيات، التي من شانها ان توفر غطاء امنيا للنشاطات المدنية والاعمارية في غزة التي ستبدأ، هكذا ياملون في إدارة ترامب، خلال بضعة أسابيع.

باراك يعتقد انه ليس فقط ان هذه الخطوة ضرورية، بل هي أيضا من شانها ان تحدث انعطافة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا. “في نهاية العملية في غزة انا اعتقد انه في نقطة معينة ستجد إسرائيل وتركيا نقطة لاقامة العلاقات بينهما، سواء كان ذلك في اطار اتفاقات إبراهيم أو اتفاقات شلومو أو مصالحهما، هذه ببساطة خطوة منطقية”، قال.

لكن حتى قبل ان تزدهر العلاقة الغرامية بين إسرائيل وتركيا، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قال لـ “رويترز” على هامش المؤتمر الذي عقد في الدوحة بان تركيا هي ودول الوساطة تواصل الدفع قدما بتطبيق المرحلة الثانية في خطة ترامب وان “الإدارة الامريكية تضغط على إسرائيل من اجل ضم تركيا للقوة متعددة الجنسيات”.

في حين ان إسرائيل تضع عقبات صعبة امام دخول تركيا الى غزة، ومصر ليست متشجعة كليا لاحتمالية ان تركيا، التي حسب تقرير “ميديل ايست آي”، تعد قوة بحجم لواء (2000 جندي)، ستنشر قواتها في غزة، فان واشنطن تدرك ان هناك حاجة الى ادخال قوة طلائعية اجنبية يمكنها جر وراءها دول أخرى، التي في هذه الاثناء تتردد بارسال جنودها الى المنطقة بدون تفويض واضح بشان دورها.

حسب مصدر سياسي تركي، رجل من حزب السلطة، “اذا استطاعت القوة التركية الدخول الى غزة فيمكن التقدير ان أذربيجان أيضا ستنضم، واندونيسيا أيضا، وهما الدولتان اللتان توجد لتركيا معهما علاقات وثيقة، الأولى، أذربيجان، هي أيضا حليفة لإسرائيل، والثانية، اندونيسيا، يمكنها كجزء من العملية الانضمام لاتفاقات إبراهيم. يبدو انه في هذه الاثناء هما لا تريدان ان تكونا الدولتين الأوليين اللتان تصلان الى غزة، في حين انه لا توجد لتركيا أي مشكلة في ان تكون الدولة الطلائعية”.

حسب هذا المصدر التركي فانه يجب على إسرائيل أيضا الانتباه الى ان اردوغان وترامب اصبحا “اخوين استراتيجيين”، وهو التعبير الذي استخدمه باراك عندما وصف العلاقة بينهما. “الأكثر أهمية هو انه يوجد تفاهم  وصداقة قوية بين الرئيسين”، قال باراك الذي حرص على الإشارة بان تركيا “دخلت الى الحدث” في قضية صفقة المخطوفين، وأجرت مفاوضات مع حماس و”أوصلت الولايات المتحدة الى نقطة اتخاذ قرار”.

ليس فقط غزة هي التي تغذي التقارب بين اردوغان وترامب. فتركيا تسير نحو حل ازمة منظومة الدفاع الجوي التي اشترتها من روسيا والتي تشمل صواريخ من نوع “اس400″، وهي القضية التي هزت العلاقات بين الولايات المتحدة والناتو. الرئيس ترامب تحدث بالفعل عن عودة تركيا الى مشروع تطوير طائرات اف35، الذي أبعدت عنه كجزء من العقوبات المفروضة عليها في العام 2020. وفي الوقت الذي تظهر فيه إسرائيل القلق من تراجع تفوقها الجوي نتيجة شراء السعودية لهذه الطائرات المتقدمة، فان تركيا تعد نفسها لتسلم جزء من هذه الطائرات، وتتفاوض هي نفسها مع مصر لبيعها طائرات “قاءان” القتالية التركية.

بيع طائرات اف35 لتركيا هو الاصبع الوحيدة التي من المرجح ان يوجهها ترامب الى عين إسرائيل. ففي شهر أيلول عندما التقى الرئيس الأمريكي مع اردوغان حرص على الثناء على سياسته في سوريا، حيث قال انها “حققت إنجازات مهمة”، خلافا لاستراتيجية إسرائيل، التي تعتبر تدخل تركيا في سوريا تهديد لامنها. أيضا يتفق اردوغان وترامب على مستقبل سوريا كدولة موحدة مع حكومة مركزية واحدة. وهما يضغطان على القوات الكردية السورية من اجل التوصل الى اتفاق مع احمد الشرع والاندماج في جيشه، وليس من نافل القول في هذا السياق ذكر توبيخ ترامب لنتنياهو بعد العملية الفاشلة في بيت جن في هضبة الجولان، ويوجد المزيد.

لقد كان اردوغان الى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وامير قطر الشيخ تميم عندما وقعوا هم وترامب على اتفاق وقف اطلاق النار وتنفيذ خطة العشرين نقطة في القمة التي عقدت في شرم الشيخ في تشرين الأول. هكذا تحولت تركيا من  دولة وساطة الى دولة ضامنة لتنفيذ الخطة، بينما تعتبر إسرائيل عبء ثقيل عليها.

في اطار هذه الضمانات فان توزيع الوظائف واضح. فواشنطن هي المسؤولة عن سلوك إسرائيل، وقطر وتركيا مسؤولتان عن سلوك حماس. وبما ان مسالة نزع سلاح حماس يعتبر الان العامل الرئيسي الذي يؤخر الخطة كلها، وربما يعرقلها، فان هاتين الدولتين مطالبتان بإيجاد حل ابداعي. الافتراض والامل الأمريكيين هو انه بفضل العلاقات الوثيقة التي تربط تركيا وقطر بحماس فانه يمكن صياغة اطار عمل، يمكن حماس والولايات المتحدة العيش بسلام من خلاله.

من محادثات مع مصادر تركية وفلسطينية يتضح ان هذه الخطة هي فقط في بدايتها، وهي تتضمن عمليات متوازية. الاعلان “خلال أسبوعين تقريبا” عن تشكيل “مجلس السلام” برئاسة ترامب، وتعيين أعضاء مجلس الإدارة المدنية الفلسطينية، ودخول الشرطة الفلسطينية التي يتم تدريبها في مصر والأردن الى قطاع غزة، التي ستدعمها “قوة الاستقرار الدولية”. هذه الخطوات تتضمن في البداية التوصل الى اتفاق ملزم مع حماس، يلزمها بـ “القاء سلاحها” والسماح بنشاطات الهيئات المدنية. المصطلح الرئيسي هو “القاء السلاح” وعدم استخدامه، ولكن ليس عدم نزعه. ويقدر وزير الخارجية التركي، الذي يعتمد على التزام حماس بعدم المشاركة في الإدارة المدنية، بان نزع سلاح حماس بشكل مبكر هو امر غير منطقي، لانه مشروط بأن تكون إدارة غزة في يد الفلسطينيين (بدون حماس)، وان يكون ضمان لوقف اطلاق نار دائم”.

اذا كان هذا هو المخطط الذي تسعى تركيا الى تسويقه فانه يثير عدة صعوبات مبدئية وعملية. هل ستوافق الشرطة الفلسطينية والقوة متعددة الجنسيات التي من المفروض ان تدعمها على قبول اتفاق “عدم القيام بعمليات عدائية مع حماس”؟ ألن يصبح مجلس الإدارة الفلسطينية فعليا رهينة لحماس، التي ستستمر في امتلاك السلاح، ولاسرائيل؟ ومتى، اذا حدث ذلك، سيبدأ نزع سلاح حماس؟.

من اجل الإجابة على الأقل عن جزء من هذه القضايا، تركيا من شانها ان تطرح مشاركتها في القوة متعددة الجنسيات كعامل حيوي يمكنه ان يضمن امن الهيئات الفلسطينية والدولية التي ستدير غزة. لان حماس لن ترغب في الدخول في مواجهة عنيفة مع قوة تركيا. لم يتضح بعد ما اذا كانت الإدارة الامريكية تنوي البت في مسالة تدخل تركيا في غزة، وكيف ستفعل ذلك، ولكن اذا اقتنع ترامب ومستشاريه بان انقرة تقدم حل عملي فقد تجد إسرائيل نفسها في مسار تصادم جديد مع ترامب، حيث ستكون اوراقها اضعف من أوراق اردوغان.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى