ترجمات عبرية

هآرتس: احتلال غزة كبرنامج واقعي.. من سنختار.. الشخص الطيب أو الزعيم الاعلى

هآرتس – تسفي برئيل – 3/9/2025 احتلال غزة كبرنامج واقعي.. من سنختار.. الشخص الطيب أو الزعيم الاعلى

ما الذي نعرفه عن خطة احتلال غزة؟ كم ستستغرق؟ ما هو حجم المنطقة التي سيتم احتلالها وكم سنة ينوي الجيش الاسرائيلي التواجد هناك؟ كم جندي سيشارك في هذا المشروع وكم هو عدد الجنود القتلى الذين يقدر الجيش الاسرائيلي انهم سيكونون ثمن هذا الاحتلال؟ كم عدد المخطوفين؟ ما هي التكلفة المباشرة لهذه العملية وكم ستكلف الاقتصاد؟.

الجمهور لم يحصل على أي جواب منظم على أي سؤال من هذه الاسئلة. المعلومات الوحيدة هي من ثرثرة بعض الوزراء والاحاطات التي تقدمها جهات رفيعة، غير معروفة، في الحكومة وفي الجيش، وهي معلومات تبدأ وتنتهي برزمة شتائم يتبادلها متخذي القرارات فيما بينهم. النتيجة هي انه بالنسبة للجمهور الحرب في غزة اصبحت اختبار ثقة لـ “الرواية”، بدون صلة بالحقائق. بناء على ذلك فانه مطلوب من الجمهور تقرير ليس ما يؤمن به، بل من، رئيس الاركان ايال زمير أو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والعصابة المحيطة به. هذه معضلة مخيفة. هي تقوض الفرضية الاساسية، ان اسرائيل هي دولة ديمقراطية وجيشها يخضع للمستوى السياسي، من هنا فانه لا يجب ان يكون لمسالة الثقة بالمستوى الامني أي اعتبار.

لكن احتلال غزة انفصل منذ فترة عن النقاش العقلاني حول احتمالية النجاح أو الفشل أو تحديد الاهداف، وهو الآن يشبه لعبة واقعية فيها للكاريزما الشخصية دور حاسم. من جهة، رئيس الاركان الذي يحظى بصورة الشخص المستقيم والعقلاني، والذي يبث القلق الصادق على مصير المخطوفين وحياة الجنود، لكنه ايضا لا يخشى من السماح بالقتل الجماعي للنساء والاطفال والشيوخ. ومن جهة اخرى، رئيس الحكومة المعروف بانه كذاب وجشع ومتحايل، ويظهر الاستخفاف بحياة المخطوفين وطلب الجمهور ان يدفع قدما بتحريرهم. باختصار، ثقة الجمهور وتأييده لاحتلال غزة، ترتبط من الآن فصاعدا بانتصار الصورة و”اختيار المشاهدين”، بين “طيب القلب” و”الزعيم الاعلى”.

هذه ليست منافسة بين خصوم. لان “رئيس الحكومة” – هو مفهوم جماعي يمثل عصابة وحشية لا كوابح لها – يتحدث للجمهور (ينشر تنبؤات ومعطيات كاذبة ويعد بانتصارات مطلقة وهزائم مطلقة). في حين ان رئيس الاركان يجب عليه اغلاق فمه. هو مقيد بقواعد الادارة السليمة وأسس الديمقراطية، وهو غير مخول بالتوجه مباشرة للجمهور من اجل عرض عليه الخطة العسكرية وثمنها، وعرض موقفه وافكاره.

في الدولة الديمقراطية المعقولة هذا هو ترتيب الامور الصحيح. في مثل هذه الدولة رئيس الحكومة هو الذي يجب عليه ان يقوم بالقاء خطاب “الدم والعرق والدموع”، الذي سيقول فيه الحقيقة لمن يتوقع ان ييضحوا بحياتهم وحياة اعزائهم. لكن لدى نتنياهو “بطاقة الثمن” شطبت. لا يوجد قتلى أو نفقات أو “حروف صغيرة”. احتلال غزة بالنسبة له هو هدية مجانية يعطيها الحاكم لمواطنيه. وهو لا يريد الا أن نثق  به ونصدقه، ان كل شيء سيكون على ما يرام.

صحيح انه قام بخداعنا وسوق لنا ان حماس مرتدعة وان الجيش الاسرائيلي مستعد لكل سيناريو وانه بدون محور فيلادلفيا وممر نتساريم فان دولة اليهود ستتحطم وانه سيتم اطلاق سراح جميع المخطوفين، وعلى الطريق يقوم بانسائنا مسؤوليته الكبيرة عن الاهمال في 7 اكتوبر. ورغم ذلك هو يطالب المزيد من الاعتماد، وحسب القاعدة فان كل شخص يحق له فرصة ثانية، حتى من انزل الدمار على الدولة. ولكن من يحق له فرصة ثانية هو الجمهور المخدوع. هذه هي اللحظة التي يجب عليه فيها ان يتوقف وان يبعد نفسه عن موقع المشاهد من بعيد، وان يوضح بانه لا يثق بالقيادة، وان يطرح اسئلة ويطلب تفسيرات مفصلة تظهر الثمن الحقيقي للمغامرة الخطيرة التي ينوي نتنياهو القيام بها. من حق وواجب رئيس الاركان قول الحقيقة بصوت عال. لانه المسؤول الاخير الذي ما زال الجمهور مستعد  لمنحه الثقة.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى