هآرتس: اجتزنا بن غوريون فهل يعوقنا بن غفير و”الحثالة”؟

بقلم: عودة بشارات، هآرتس 23/5/2022
لا نخاف من ايتمار بن غفير. بالمناسبة، أيضاً منصور عباس، الذي يأمله اليسار الصهيوني، لا يخاف من بن غفير، بل ويرفض الارتباط به تحت مظلة نتنياهو.
يكفي استخدام هذا السوط. فما دام العرب واليسار الحقيقي يظهرون الاشمئزاز من سلوك قبيح تتبعه حكومة التغيير، يقوم بتذكيرهم كما يبدو من يسعون لمصلحتهم وبصرخات استغاثة بأن الذئب ينتظرهم في الزاوية، وفي هذه الأثناء يلصق التحالف أسنانه بلحم العرب واليسار. تم استدعاء العرب إلى غرفة ضيوف حكومة بينيت، وكل العالم انتظر أن يبذل المستضيفون كل ما في استطاعتهم من أجل الترفيه عن الضيوف، لكنهم يفعلون كل ما في استطاعتهم لطرد الضيوف الذين قاموا بدعوتهم. ماذا يشبه هذا؟ يشبه من يستدعي حاخاماً إلى مأدبة ويقدم له ستيك من لحم الخنزير، ويردد على مسامعه كلمات تمدح الستيك وطعمه. أو يشبه من يستدعي إماماً إلى أمسية لطيفة، وهو يحمل بإحدى يديه كأساً وفي الأخرى زجاجة كحول ويقول له “بصحتك”. بعد ذلك يستغربون لماذا غادر الضيوف في منتصف المأدبة. وليس هذا مثل عصر قطعة بصل في العين، بل عصر حبة بصل كاملة.
ما الذي لم يفعلوه لجعل إقامة غيداء ريناوي – الزعبي وأعضاء الكنيست من حزب “راعم” في الائتلاف، سعيدة؟ في ظل حكومة التغيير، وليس حكومة نتنياهو، يقوم رجال الشرطة باقتحام الحرم ويقيدون المصلين ويرمونهم على الأرض. تم انتهاك مسيرة جنازة عندما هاجم جنود الاشتراكي الديمقراطي عومر بارليف، تابوت شيرين أبو عاقلة في ذروة الاحتفال. ولكن عضوة الكنيست ميراف بن آري (يوجد مستقبل)، وليس من “الصهيونية الدينية”، قالت بتفاخر إنها غير آسفة على قتلها. وحصل عضو الكنيست أحمد الطيبي على انتقاد شديد عندما سماها “حثالة”. بهذا، مع كل الاحترام لرئيس الحكومة البديل الذي سارع إلى إلصاق صفة “بطلة العالم” بها، أجد من الصحيح القول بأنه بعد تفكير عميق أختار الطيبي: “نعم، بن آري حثالة”.
جميع الهجمات الدموية ضد المواطنين العرب التي يتم الاحتفاء بها في كل عام، حدثت في فترة حكم مباي، بكل طبعاته: مذبحة كفر قاسم في 1956، 49 ضحية؛ يوم الأرض في 1976، 6 ضحايا؛ يوم القدس والأقصى في 2000، 13 ضحية. بعد ذلك، رجاء، لا تزعجوا الوزير بارليف الذي يمنح للعرب المزيد من كي الوعي ويسمح لمسيرة الكراهية الفاشية لأعدائه الأيديولوجيين، كما يبدو، بالمرور في الحي الإسلامي. يقول لنا بارليف: صحيح أني اشتراكي ديمقراطي، لكن عند الضرورة، يا أعزائي العرب، أطلق سراح المفترسين الفاشيين كي يعلموكم درساً.
الآن، بعد سنة على تشكيل حكومة التغيير، من الجدير القيام بعملية موازنة بين الربح والخسارة. يطرح في المقام الأول السؤال: من يخدم أهداف اليسار الحقيقي أكثر، حكومة نتنياهو التي هي مقاطعة من معظم العالم، أم حكومة التغيير التي تنفذ خطوات ضد الفلسطينيين حتى أكثر من حكومة نتنياهو وتحظى باحتضان العالم؟ هكذا، إليكم اكمال شعار، الذي نقش عميقاً في الوعي، “اليمين وحده هو الذي سيجلب السلام”، “ليس بوسع اليسار سوى تحسين المس بالعرب”. كل ودوره التاريخي.
هناك صعوبة أخرى واحدة. وقف ضد حكومة نتنياهو في تصويتات كثيرة على الأقل 30 عضو كنيست (ميرتس، والعمل، ويوجد مستقبل، والقائمة المشتركة في إطارها الأصلي)، وقانون القومية في 2018 أجيز بأغلبية 62 فقط ضد 57. أين سنجد اليوم الـ 57؟ معظمهم انصهروا في بوتقة الصهر في الدخول إلى حكومة التغيير.
هكذا، يجب على الجيدين التوقف عن تهديدنا ببن غفير. فتقوية بن غفير هي أداة في يد الحكومة لكمّ أفواه منتقديها. “الريح لا تهز الجبل”، كما يقول العرب. اجتزنا بن غوريون، ألا نستطيع اجتياز بن غفير؟
 
 


