ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل لا تملك التأثير على أميركا في الموضوع الإيراني

هآرتس 2023-06-09، بقلم: أمير تيفون: إسرائيل لا تملك التأثير على أميركا في الموضوع الإيراني

تخشى الحكومة من أن رافعة الضغط التي استخدمت في السابق في محاولة للتأثير على التفاهمات الآخذة في التبلور بين واشنطن وطهران في موضوع المشروع النووي الإيراني لم تعد ذات صلة في الاتصالات الجارية بينهما في هذه الأيام.
في نقاشات داخلية في هذا الشأن برزت الخشية من أنه سيكون من الصعب جدا على إسرائيل تجنيد معارضة حقيقية في الكونغرس للتفاهمات مع إيران، وأنها ستجد صعوبة في التأثير أيضا على موقف الدول الأوروبية بخصوص هذه الاتصالات.
نشر في “هآرتس”، أول من أمس، أن الولايات المتحدة وإيران تقدمتا مؤخراً في المحادثات من أجل التوصل إلى تفاهمات حول المشروع النووي، التي أساسها تجميد الوضع القائم للمشروع، وامتناع إيران عن الانطلاق نحو الحصول على قدرة نووية. زار واشنطن، مؤخراً، وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ورئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هنغبي، وقد تحدثا مع كبار الإدارة الأميركية أيضا حول القضية الإيرانية. الرسالة التي يبثها البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية هي أنه لا توجد تفاهمات جديدة على الأجندة على المدى الزمني الآني، وأن التوصل إليها يحتاج إلى وقت أطول، لكن في إسرائيل هناك من يقدرون بأن هذه التفاهمات يمكن أن تنشر في الأسابيع القريبة القادمة، وربما حتى قبل ذلك.
في المرة الأخيرة التي تم فيها التوصل إلى تفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران، وفي الاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه في العام 2015، وفي الاتفاق المؤقت الذي كان قبله، حاولت إسرائيل العمل بعدة طرق من أجل وضع الصعوبات أمام التوصل إلى اتفاق أو تغيير مضمونه.
رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي كان رئيس الحكومة في حينه، قام بإلقاء خطاب في الكونغرس على أمل تجنيد أغلبية واضحة في المجلسين ضد الاتفاق.
في موازاة ذلك حاولت إسرائيل دق إسفين بين الدول المشاركة في المفاوضات، وأن تجند الدول الرئيسة في أوروبا، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، ضد جزء من التنازلات التي وافقت عليها الولايات المتحدة في المحادثات.
لم تنجح هذه المحاولات في حينه، وفي القدس يقدرون أنه في هذه المرة فإن احتمالية التوصل إلى إنجازات بطرق مشابهة أقل مما كان في السابق. التقدير السائد في أوساط متخذي القرارات، بمن في ذلك الذين يعارضون بشدة التفاهمات التي تلوح في الأفق، هو أن وضع إسرائيل في الكونغرس ساء في السنوات الأخيرة.
عندما تمت دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب هناك فإن المجلسين كانا تحت سيطرة الحزب الجمهوري، أما الآن فإن مجلس الشيوخ يوجد تحت سيطرة الحزب الديمقراطي، في حين أن الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب هي أغلبية ضئيلة. هكذا، ستكون محاولة إثارة معارضة كبيرة في تلة الكابيتول للخطوات أصعب على إسرائيل مما كان في المرات السابقة.
أيضا الوضع داخل الأحزاب نفسها يقلل قدرة تأثير إسرائيل. ففي العام 2015 صوت فقط أربعة من السناتورات الديمقراطيين ضد الاتفاق النووي مع إيران. ثلاثة منهم، زعيم الأغلبية تشاك شومر ورئيس لجنة العلاقات الخارجية روبرت مننديز وعضو اللوبي اليهودي المخضرم بن كاردن، عبروا فيما بعد عن معارضتهم القاطعة لقرار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق في العام 2018 بتشجيع من نتنياهو. “لم يغفر هؤلاء السناتورات لنتنياهو ما فعله في 2018. ولا توجد لديهم أي رغبة في التعاون معه في مغامرة جديدة، ضد بايدن في هذه المرة”، قال مصدر إسرائيلي مطلع على المحادثات في هذا الشأن للصحيفة.
في موازاة ذلك، ازدادت قوة الجناح اليساري في الحزب الذي يتبنى في السنوات الأخيرة مقاربة نقدية أكثر تجاه إسرائيل، وهذا وضع يمكن أن تزداد حدته إذا حدثت مواجهة مباشرة بين نتنياهو وبايدن حول الموضوع الإيراني. صدت الإدارة الأميركية برئاسة بايدن في السنة الماضية ضغوطا من قبل سناتورات وأعضاء كونغرس من الحزب الديمقراطي لوضع شروط جديدة حول إرسال المساعدات العسكرية لإسرائيل، والتحقيق بشكل صارم اكثر في موت الصحافية الأميركية من أصل فلسطيني، شيرين أبو عاقلة، وتقييد البناء في المستوطنات بشكل صارم أكثر. أحد التخوفات التي طرحت في النقاشات الداخلية في إسرائيل هو أن مواجهة مباشرة مع الرئيس الأميركي ستجعل الإدارة الأميركية تتبنى مقاربة اقل تأييداً لإسرائيل ردا على هذه الضغوط الداخلية.
بالنسبة للساحة الأوروبية، يقدرون في إسرائيل أن دولاً أوروبية كثيرة اقتربت من موقف إسرائيل في السنة الأخيرة، ولا سيما على خلفية تورط إيران في الحرب في أوكرانيا. فرضت الدول الأوروبية عدة عقوبات اقتصادية جديدة على إيران ردا على المساعدات التي تقدمها للغزو الروسي. تنظر إسرائيل بشكل إيجابي إلى هذا الضغط الاقتصادي على طهران، لكن التقدير في المستوى السياسي هو أن هذا الواقع لن يؤدي إلى تصلب كبير في موقف كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في إطار المحادثات حول المشروع النووي. “يوجد فرق بين التماهي مع خشية إسرائيل من إيران وبين تحطيم موقف الغرب المشترك مع الولايات المتحدة”، قال مصدر رفيع.
أيضا يؤثر الخوف من انهيار المحادثات على أوروبا، وكذلك التدهور إلى مواجهة عسكرية مع إيران، ستجبر الولايات المتحدة على تحويل موارد كانت مخصصة لدعم أوكرانيا وإعادتها إلى الشرق الأوسط. “هذا كابوس نحن غير مستعدين حتى لتخيله في هذه الأثناء”، قال للصحيفة دبلوماسي غربي رفيع، وأضاف: “إن الحرب مع إيران ستضر بوحدة الغرب ضد بوتين، التي هي في هذه الأثناء الأمر الأهم بالنسبة لأوروبا. لذلك، فإن من يعارض جزءاً من التنازلات الأميركية يجب عليه قول نعم لبايدن”.
أداة ضغط أخرى حاولت إسرائيل استخدامها في العام 2015 هي الدول العربية المعتدلة، مع التأكيد على دول الخليج. اعتاد نتنياهو على القول في المقابلات مع وسائل الإعلام وفي المؤتمرات الصحافية إن الحكام العرب في الخليج يتفقون مع مقاربته الحادة ضد الاتفاق مع إيران، حتى لو كانوا لا يقولون ذلك بشكل علني. الآن في المقابل، تجري الاتصالات مع إيران في موازاة توجه التقارب بين العالم العربي وطهران، بما في ذلك افتتاح سفارة جديدة للسعودية في طهران، هذا الأسبوع.
في الوقت ذاته تستمر الإدارة الأميركية في العمل أمام إسرائيل والسعودية من أجل التوصل إلى انعطافة سياسية بينهما. في هذا الواقع فإنهم في إسرائيل يقدرون أنه سيكون من الصعب تجنيد دعم عربي كبير ضد تفاهمات جديدة إذا تم وبحق التوصل إليها في الفترة القريبة القادمة.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى