هآرتس: إسرائيل تسعى الى توسيع حدودها نحو سوريا ولبنان وتدوس على ثآليل أمريكية في الطريق

هآرتس – تسفي برئيل – 1/8/2025 إسرائيل تسعى الى توسيع حدودها نحو سوريا ولبنان وتدوس على ثآليل أمريكية في الطريق
حلم ارض إسرائيل الكاملة لم يعد يقتصر فقط على مناطق الضفة الغربية والأراضي المقدسة لقطاع غزة. اذا صدقنا اقوال بتسلئيل سموتريتش فان حدود الدولة ستوسع لتشمل أيضا مناطق في داخل لبنان. “الآن يمكنني القول لكم بشكل واضح ان الجيش الإسرائيلي لن ينسحب، وبعون الله لن ينسحب، من المواقع الخمسة التي نوجد فيها في داخل لبنان. القرى الشيعية التي تم تدميرها لن تبنى مرة أخرى. لقد وعدنا بذلك عندما وقعنا على الاتفاق، وكان يصعب على كثيرين تصديق ذلك، لكن نحن ننفذه”، قال سموتريتش بحماسة في هذا الأسبوع في مؤتمر بعنوان “ندعم الشمال”.
لقد كان لوزير المالية بشرى هامة أخرى وهي “أقول لكم بان هناك احتمالية كبيرة في ان يتم نزع سلاح حزب الله. وحتى خامنئي يئس من الحزب وهو لا يهتم أبدا بمسألة إعادة ترميمه أم لا. الحكومة اللبنانية بالتأكيد ستكون مسرورة من معرفة كيف ينوي سموتريتش نزع سلاح حزب الله بدون اندلاع حرب أهلية في لبنان”.
في الوقت الذي يرسم فيه سموتريتش خارطة ارض إسرائيل الجديدة، كان من المتوقع ان يلتقي في عاصمة أذربيجان باكو للمرة الثانية في غضون أسبوع وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ووزير الخارجية السوري اسعد الشيباني من اجل مناقشة “الترتيبات الأمنية”، التي معناها العملي يمكن ان يكون توسيع حدود إسرائيل داخل الأراضي السورية. اللقاء تم تاجيله في هذه الاثناء بسبب تمديد زيارة الشيباني في موسكو – الأولى منذ سقوط نظام الأسد. ولكن يبدو ان اللقاء لم يتم الغاءه.
هذه الخطوة تشير الى ان المعيار، نفس المساحة العازلة التي أقامها الجيش الإسرائيلي حول قطاع غزة وينوي الاحتفاظ بها حتى لو تم التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار، الذي سيؤدي الى انهاء الحرب، سيتم استنساخه في مناطق أخرى، وان إسرائيل تطمح الى احاطة نفسها بقطاع جغرافي أيضا في لبنان وفي سوريا. هذه القطاعات تحظى بمكانة ذخر استراتيجي مهم يجب عدم التنازل عنه، أيضا حتى لو كانت السيطرة عليها ستفشل أي محاولة للتوصل في المستقبل الى اتفاقات سلام، أو على الأقل الى تسويات امنية وسياسية دائمة.
لا يوجد لسيطرة إسرائيل على المواقع الخمسة في لبنان أي صلة بعملية نزع سلاح حزب الله شمال الليطاني.، وهي العملية التي تعهدت فيها الحكومة اللبنانية في السنة الماضية عندما وقعت على اتفاق وقف اطلاق النار الذي يستند الى تطبيق القرار 1701. ولكن التعهد الإعلاني للرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام والتنفيذ الفعلي يفصل بينهما حقل الغام قابل للانفجار ويهدد الدولة.
مطالبة أمريكا، كما يصوغها المبعوث الخاص توم براك، هي ان حكومة لبنان التي يشارك فيها ممثلون عن حزب الله، ستتخذ قرار حاسم بتنفيذ نزع السلاح وستبدأ في تطبيقه. لبنان من ناحيته يربط نزع السلاح بانسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها في لبنان، او على الأقل ان تبدأ في الانسحاب بالتدريج، الذي سيتم تنسيقه مع وتيرة نزع سلاح حزب الله. “خطوة مقابل خطوة”، هكذا يطالب لبنان. إضافة الى ذلك لبنان يريد ضمانات أمريكية، سواء بانسحاب إسرائيل أو بعدم مهاجمة لبنان. براك أوضح للبنان بانه “لن تكون ضمانات” وأن “الولايات المتحدة لا يمكنها فرض على إسرائيل أي شيء في قضية وقف اطلاق النار”، أي ان حرية عمل إسرائيل عسكريا في لبنان لن يتم التشويش عليها.
براك هدد أيضا بانه اذا لم تتخذ حكومة لبنان القرار المطلوب فان الإدارة الامريكية يمكن ان تنفصل عن قصة لبنان، وهي الخطوة التي يمكن لتاثيرها على قدرة لبنان على إعادة الاعمار والحصول على المساعدات والتمويل الدولي ان يكون حاسما. في مناسبات أخرى أوضح بان “نزع سلاح حزب الله هو شان لبناني داخلي”، هذه اقوال مستغربة لان الولايات المتحدة هي العرابة الرئيسية في اتفاق وقف اطلاق النار وعضوة في لجنة الرقابة على تنفيذه.
التهديدات، مثل الكلام الناعم، لم تساعد حتى الآن على حث حكومة لبنان على الانعقاد واتخاذ قرار. الجيش اللبناني يواصل جمع السلاح جنوب الليطاني، ويسيطر على المواقع التي يستخدمها حزب الله بدون مواجهات، لكن نزع السلاح بشكل كامل سيستغرق وقت، ولم يتبين مدى فائدة وجود الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان في تحقيق هذا الهدف. حزب الله يستخدم هذا التواجد للجيش الإسرائيلي كورقة مساومة مع الحكومة اللبنانية. موقف الحزب العلني هو انه طالما ان الجيش الإسرائيلي يستمر في مهاجمة لبنان ويسيطر على المواقع الخمسة فانه لن يسلم سلاحه. من جهة أخرى لا يوجد ما يضمن موافقة الحزب على تسليم سلاحه حتى لو انسحب الجيش الإسرائيلي من هذه المواقع او توقف عن مهاجمة لبنان، لان الشرط الإضافي الذي وضعه حزب الله هو ان أي نقاش حول نزع السلاح لا يمكن أن يتم الا في اطار “استراتيجية دفاع شاملة” يكون الحزب مشاركا فيها.
معضلة لبنان توجد الآن على قرنين – نزع سلاح حزب الله بالقوة والمخاطرة بمواجهات داخلية عنيفة أو جعل إسرائيل تستأنف الحرب بدعم من أمريكا. هذان الخياران يوضحان انه رغم الضربة القاسية التي تعرض لها حزب الله، التي تشمل تصفية قيادته العسكرية وجزء من قيادته السياسية، وفقدان الجبهة الداخلية الشرعية المهمة له في سوريا، والصعوبة التي تكمن في إمكانية ايران لترميمه، الا انه ما زال يستطيع التاثير في السياسة اللبنانية، وهو يستخدم من اجل ذلك سيطرة إسرائيل على مناطق في لبنان.
نقل الصولجان
القصة السورية اكثر تعقيدا. هناك المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والنظام السوري بمستويات رفيعة جدا، حتى لو كانت حتى الآن على مستوى رؤساء الدول، جاءت بالأساس بوساطة أمريكا، أذربيجان وتركيا، وفي الخلفية السعودية أيضا. مقابل النزاع مع لبنان الذي أساسه مزدوج بين إسرائيل ولبنان فان سوريا هي مفترق الطرق للمصالح الاستراتيجية والإقليمية والدولية. الرئيس دونالد ترامب في الواقع غطى بالعسل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عندما قام بمصافحة في شهر ايار احمد الشرع كبادرة حسن نية للشخص الذي “يحبه جدا”، و”حملة تطهير” الشرع استمر فيها ترامب عندما رفع عنه لقب الإرهاب وقام برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وهكذا فقد فتح امامها أنبوب الاستثمارات والمساعدات الدولية.
لكن الحديث لا يدور فقط عن انسحاب الـ 1800 جندي امريكي. ترامب يجب عليه نقل صولجان محاربة داعش الى شريك مسؤول، وضمان أيضا سلامة الاكراد، حلفاء أمريكا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية. لهذا الغرض ترامب يشكل في سوريا شبكة دعم تستند الى تركيا، التي ستتحمل المسؤولية عن محاربة داعش وترميم وتطوير الجيش السوري، والسعودية تعهدت بضمان “السلوك الجيد” للشرع بعد ان اقنعت ترامب بان الرئيس السوري لم يعد نفس الإرهابي ونفس رجل القاعدة السابق. والدليل على ذلك هو انها تعهدت في الأسبوع الماضي بان تستثمر في سوريا 4 مليارات دولار. وانضمت اليها قطر التي بدات تضخ الأموال الى الخزينة السورية.
في هذه الاثناء النتيجة هي ان احتلال أراضي في هضبة الجولان وفي جنوب سوريا لأغراض امنية بهدف خلق منطقة جغرافية عازلة تمنع اقتراب جهات معادية من حدود إسرائيل، حول إسرائيل الى جهة متورطة في سياسة سوريا، بصورة يمكن ان تزعج الإدارة الامريكية في استكمال خططها. من السابق لاوانه التقدير كيف ستنتهي المحادثات بين إسرائيل وسوريا، وما هي التفاهمات التي سيتوصل اليها الطرفان. ولكن في سوريا، مثلما في لبنان، يتبين، ليس للمرة الأولى، ان خطوات تكتيكية، مثل احتلال “مناطق سيطرة” و”تواجد عسكري محدود” أو “إقامة قاطع امني”، تتحول الى خطوات طموحة تتوسع الى ابعاد استراتيجية التي إسرائيل غير جاهزة للتعامل معها.