ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل تريد من مواطنيها أن يعيشوا في خوف!

هآرتس 2022-06-24، بقلم: يوسي كلاين

في الوقت الذي تكتب فيه هذه الكلمات، فإننا ما زلنا قبل العملية الفظيعة في إسطنبول، العملية التي حذرونا منها. قبلها أو بعدها، هذا لا يهم، المهم أنه ستكون هنالك عملية. إن لم يكن الآن ففي الأسبوع القادم، وان لم تكن في إسطنبول فستكون في سيناء.

لا يتوجب أن تكون جنرالاً كبيراً من أجل معرفة هل ستكون هنالك عملية، هذا بذنبنا؛ بسبب انعدام الانضباط، وبسبب عدم الامتثال للتعليمات وتجاهل التحذيرات. وان لم تحدث فذلك سيكون بسببهم. بسبب أننا صدقناهم، وانغلقنا داخل الغرف، ونظفنا الملاجئ، وشربنا المياه، ولففنا أنفسنا بالنايلون، بالضبط مثلما أرادوا.

هم يهتمون دائماً بتذكيرنا بأننا في خطر مستمر، وأن القنبلة الإيرانية قريبة جداً، وأن “حزب الله” في الطريق و”حماس” تستعد، وأيضاً “كورونا”، وموجة الحر الشديد، وموجة ارتفاع الأسعار الحقيقي – باختصار لن يكون هنا هدوء. الهدوء يحولنا إلى أناس راضين عن أنفسهم، أما الدولة فتريدنا مذعورين، والأهم، ألا نطرح أسئلة. ونحن لا نسأل، بالعكس نحن ننفعل. لأننا لا نعرف شيئاً وهم يعرفون كل شيء، نحن في ظلام تام وهم تحت ضوء كبير. رأينا “فوضى” وتأثرنا، رأينا طهران وكنا سعداء. رأينا شاشاتهم الصغيرة والخضراء، حيث لا يوجد زاوية لا تصل إليها أيديهم الطويلة إلى أن وصل مرحاض نصر الله، ما الأمر؟ ألم يستمع إليهم؟ لقد استمع إليهم ولكن دائماً يوجد شخص عنيد يقوم بالإزعاج، هذا هو من يسأل بهدوء كيف حدث أنه مع رأس كبير كهذا، وقدرة مؤثرة جداً، كيف وصلنا إلى أننا في نزهة في تركيا (في تركيا وليس في تشيرنوبل) نحتاج إلى خوذة ودرع واقيتين؟ هم يهزون أكتافهم ويقولون: إن أمر المتنزهين ليس من شأنهم، حيث إنهم أُناس محترفون، وإنهم فقط يقتلون ويحذرون، أما حساب المهندسين الإيرانيين الثلاثة أو العشرة، فسيقوم به “واضعو السياسات” وليس هم.

في غضون ذلك، حتى العملية الفظيعة القادمة، فإنهم أغنام خانعة، ينتظرون بصبر التقاعد وإجراء مقابلة في برنامج “عوفدا”، هناك سيشرحون كم عارضوا وكم احتجوا، وكم فهموا سريعاً أنه بسبب غباء “واضعي السياسات” وصلنا إلى الوضع الذي فيه نقتل منهم أحداً ما “في عملية وقائية” ضرورية، وهم يقتلون منا أحداً ما “كانتقام” حتمي، وحينئذٍ نشعر بالإهانة من “ضعف الردع” ونقتل منهم أحداً ما لتعزيز الردع، ونتلقى انتقاماً رداً على ذلك.

تعرف كل الحكومات أن إخافتنا أسهل من هزيمتهم. من الأسهل أن نلقي عليهم بالمسؤولية عن حياتنا. هم مسؤولون تماماً عنها. لقد خدمنا في الجيش، وأنهينا الخدمة الاحتياطية، ولم نعد جنودا. لا نريد توجيهاً للنزهة، لماذا أصلاً وصلنا إلى توجيه كهذا؟ نحن لسنا في سويسرا، صحيح. ولكن ماذا فعلنا من أجل أن نكون سويسرا؟ مسؤولية الدولة لا تنتهي عندما يرفرف متشنجاً وهو يحتضر، “مخرب” أو مهندس، على الأرض. ثمة تداعيات للتصفية. علينا وعلى اليهود في العالم الذين نتباهى بتمثيلهم. نحن لسنا بحاجة إلى مرافقة أمنية بعد كل عملية تصفية. لا نتسلق حفاة على قمة أفرست، ولا نقوم بتهريب الحشيش في حقيبتنا، ولسنا بحاجة إلى مساعدة ولكن أيضاً لا للمخاطرة.

نحن دولة في خطر. هاتوا لي دولة أخرى يتعرض اليهود فيها إلى خطر كهذا. دولة في وضع طوارئ دائم هي ليست دولة طبيعية. التخويف هو الذي يجعلها غير طبيعية. تريد الدولة أن تقنع بأننا ما زلنا بلداً صغيراً محاطاً بالأعداء وفقط النيران القوية تنجينا من أيديهم. هي تريد أن نتعود على التعايش مع الخوف، وأن نذهب معه إلى إسطنبول وإلى سيناء، وألا تفوتنا أي نشرة أخبار في التلفاز.

الحكومة تخوفنا عبر التلفاز. مراسلوها فعالون ومطيعون. هم ليسوا صحافيين، بل متحدثون باسمها. يقولون لهم خوّفوا، فيخوّفون. يجرون مقابلات مع إسرائيليين في إسطنبول وكأن هؤلاء كائنات فضائية، ولهذا هنالك مكان للقلق حيث يظهر على الشاشة الخوف الوطني، ذلك الذي يطلب منا بطأطأة الرأس المشهورة وبالحواجب المنكمشة وبصوت جدي: ابقوا معنا، هذا جدير بكم! فوراً بعد الإعلانات سنحضر المزيد من “الإشارات المقلقة” وأيضاً “تحذيرات شديدة”.

سيكون هنالك دائماً تحذيرات شديدة. جولة انتخابية خامسة خلال سنتين ونصف السنة هي إشارة مقلقة وتحذير شديد معاً. يحظر القول “جمهورية فيمار” بصوت عال، وبالتأكيد تحظر المقارنة، ما سيأتي بعدها هو أمر مخيف ومقلق وخطير في الوقت ذاته، ومن المرجح أنه في تشرين الأول سيكون هنالك هدوء أكثر في إسطنبول مما هو في تل أبيب.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى