ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل تجد صعوبة في التأثير على التفاهمات الأمنية التي تصوغها السعودية وامريكا

هآرتس 4-8-2023، بقلم تسفي برئيل: إسرائيل تجد صعوبة في التأثير على التفاهمات الأمنية التي تصوغها السعودية وامريكا

نهاية أسبوع مزدحمة تنتظر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. حيث سيستضيف، يوم السبت، في جدة ممثلين رفيعي المستوى من 30 دولة من اجل مناقشة خطة العمل التي تتضمن 10 نقاط، والتي اقترحها رئيس أوكرانيا، فلوديمير زيلينسكي، لإنهاء الحرب في أوكرانيا. الدولة التي لم تتم دعوتها هي روسيا، والتي أعلنت أنها “ستتابع عن كثب النقاشات في هذا اللقاء”. ما لم يتضح حتى الآن هو هل ستشارك الصين، عرابة استئناف العلاقات بين السعودية وإيران؟ في جولة المحادثات السابقة التي جرت في كوبنهاغن في حزيران، دعيت الصين ولكنها لم تحضر. وإذا قررت أن ترسل هذه المرة مندوبا، فسيكون ذلك إشارة واضحة إلى أنها مستعدة لاتخاذ موقف والوقوف – على الأقل إعلانيا – إلى جانب أوكرانيا في المعركة الدبلوماسية.

المندوب الأميركي الأكبر في المؤتمر من المتوقع أن يكون مستشار الأمن القومي، جايك سوليفان، والذي ستكون هذه زيارته الثانية للمملكة خلال عشرة أيام. لا داعي في هذه الأثناء لحبس الأنفاس انتظارا لنتائج هذا المؤتمر الذي سيستمر يومين. الطريق ما بين جدة واتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا ما زالت طويلة جدا. من سيحضرون المؤتمر ينوون مناقشة الاقتراح الأوكراني الذي يطالب بانسحاب كامل لكل القوات الروسية وإعادة الأراضي التي احتلوها. لهذا، فإن الولايات المتحدة تتطلع على الأقل لإقناع الهند والبرازيل بالوقوف إلى جانب أوكرانيا والامتثال للعقوبات التي فرضت على روسيا. هذا طموح غريب إلى حد ما؛ نظرا لأن المستضيفة نفسها لا تلتزم بالعقوبات: فهي تواصل عقد صفقات تجارية مع روسيا وتنسق معها أسعار النفط في إطار عضويتهما المشتركة في منظمة “أوبك”، والتي تضم معظم الدول المصدرة للنفط الكبيرة والتي تسيطر على حوالي 40% من إجمالي النفط المستخرج في العالم.

في إسرائيل، سينتظرون باهتمام سماع ما سيحضره سوليفان معه من الزيارة وفيما إذا كان بالإمكان توقع خطوة أخرى في اتجاه التطبيع بين البلدين. أيضا في هذه المسألة يفضل ألا نسارع في إلغاء الإجازات التي خططها زعماء الدولتين. مثلما نشر في الأسابيع الأخيرة فإن السعودية تضع شروطا لا يمكن تجاوزها لعقد اتفاق سلام مع إسرائيل. فهي تسعى للحصول على موافقة الولايات المتحدة لتخصيب اليورانيوم وبناء مفاعلات نووية لأهداف سلمية، ولحلف دفاعي بين الرياض وواشنطن. صحيح أن السعودية تطرح أيضا شرطا في القضية الفلسطينية والذي ليس واضحا تماما لماذا تنوي طرحه. يمكن تقدير أنها تعرف من هو الشريك الإسرائيلي وما الذي يعتبر منطقيا أو معقولا طلبه منه. بالتأكيد لا انسحاب أو تجميد للمستوطنات. ففي نهاية المطاف تبنت الحكومة مقولة موشيه ديان التي تقول، “شرم الشيخ بدون سلام أفضل من سلام بدون شرم الشيخ”. السلام في الواقع تم التوقيع عليه في النهاية مع مصر، ولكن في حينه لم يكن سموتريتش ونتنياهو وبن غفير أعضاء في تلك الحكومة.

في المقابل، لا يوجد لإسرائيل تأثير على مسألة المشروع النووي للسعودية والحلف الدفاعي مع الولايات المتحدة. صحيح أن إسرائيل كعادتها، اضطرت للتعبير عن رأيها، وقال رئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هنغبي، هذا الأسبوع، إن “النووي المدني هو أمر لا يعرضنا للخطر. ثمة نووي مدني في مصر ويوجد نووي مدني في الإمارات. النووي المدني بحد ذاته لا يشكل خطرا. الخطر هو إذا لم تشرف على النووي المدني بصورة يمكن أن يصبح فيها أيضا نوويا عسكريا”. هذه مقولة صحيحة جزئيا. يوجد لمصر برنامج نووي ولكن ليس مفاعلات نووية وفقط في هذا العام بدأت بتنفيذ المرحلة الأولى في بناء المفاعل في موقع دبعة بمساعدة روسية.

مع ذلك، تريد السعودية اكثر من ذلك. تريد تنفيذ “دورة نووية كاملة”، أي استخراج اليورانيوم الموجود بكميات كبيرة في أراضيها، وتخصيبه بمستوى متدن (على الأقل هكذا تعلن)، واستخراج وقود نووي وبيع الناتج. لم يتطرق هنغبي لكل هذه الأمور. أعلنت السعودية أيضا في الماضي غير البعيد بأنه إذا اصبح لإيران سلاح نووي فإن السعودية لن تبقى متخلفة عن ذلك. في السنوات الخمس الأخيرة حاولت السعودية التوصل إلى اتفاق مفصل مع الولايات المتحدة حول توفير تكنولوجيا نووية – وهو جهد يقتضي صياغة دقيقة لالتزاماتها – دون نجاح.

على الرغم من أن السعودية (خلافا لإسرائيل) وقعت على ميثاق لمنع انتشار السلاح النووي، وأنها خاضعة لإشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية، فإنها لم توقع حتى الآن على البروتوكول الإضافي الذي يتضمن استخدام وسائل تفتيش صارمة. هذا البروتوكول ضروري من ناحية الولايات المتحدة من اجل المصادقة على نقل تكنولوجيا نووية إلى دولة أجنبية. تعارض السعودية أيضا منع إنتاج وقود نووي، وتعارض المطالبة بألا يتم تخصيب اليورانيوم في أراضيها. طالما لم توقع الرياض على اتفاق مفصل يكون خاضعا لمصادقة دقيقة من الكونغرس، يمنع بيع التكنولوجيا النووية الأميركية لابن سلمان حتى لو قام بالوفاء بجميع الشروط، فلن يتمكن من الاعتماد على تعاون نووي من جانب الولايات المتحدة.

أوضح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في حزيران انه “يوجد بيننا (السعوديين والأميركيين) اختلافات في الرأي، ولهذا فإننا نعمل على العثور على آلية تمكننا من العمل معا على تكنولوجيا نووية مدنية. ولكننا مصممون على التحرك قدما مع برنامج نووي”. ليس واضحا تماما من أقواله هل السعودية ستواصل برنامجها حتى دون المصادقة الأميركية وتطبق مذكرة التفاهمات التي وقعت عليها مع الصين لتطوير برنامج نووي؟

الصين هي السوط الذي تلوح به الرياض في وجه الأميركيين في حالة لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي مع واشنطن. هذا سوط تهديدي بشكل خاص بالنسبة للولايات المتحدة التي تبذل جهودا متواصلة لتقليص تأثير الصين في العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. بيد أنه يوجد للتهديد الصيني قيد ثقيل. سينهي الاتفاق بين السعودية والصين طموح الرياض في الحصول على حلف دفاعي مع الولايات المتحدة المشكوك أصلا في التوصل إليه، وخاصة بعد التوقيع على استئناف العلاقات مع ايران.

فوق كل هذا، يحوم الخوف على استقرار النظام في المملكة. ما زال الملك سلمان على قيد الحياة، ويعتبر ابنه الحاكم الفعلي للمملكة. تعلمنا التجربة انه لن يبذل كل جهده من اجل ترسيخ مكانته كملك لدى موت والده. ولكن الاستقرار الذي يسود، اليوم، ليس ضمانة لأن تبقى العائلة المالكة إلى الأبد أمام العداوات الداخلية، سواء داخل العائلة أو مع نشطاء إسلاميين متطرفين يخضعون لسيطرة صارمة.

إسرائيل التي هي اليوم ليست في مكانة دولة مؤثرة في واشنطن، لا يمكنها المساهمة في الدفع قدما بحلف عسكري ما بين السعودية والولايات المتحدة، خاصة عندما يكون الكونغرس غير متحمس لعملية من شأنها أن تضع الولايات المتحدة في نزاعات إقليمية لا لزوم لها ولا تخدم مصالحها. السؤال الذي بقي دون إجابة هو هل ستوقع السعودية على اتفاق سلام مع إسرائيل حتى إذا لم تحقق الولايات المتحدة كل طموحاتها؟ هي تستطيع على سبيل المثال أن تسير في الطريق الذي سار فيه جارها، رئيس الإمارات، محمد بن زايد، الذي وقع على اتفاق مع إسرائيل ويقوم الآن بتنفيذه، على الرغم من انه لم يحصل على طائرات “اف ــ 35” الأميركية التي وعدته إسرائيل وترامب بها. بل ستضطر السعودية حينئذ أن تفحص جيدا هل اتفاق كهذا سيفيدها. في هذه الأثناء الإجابة ضبابية جدا، باستثناء القطار السريع الذي سيربط الرياض مع تل أبيب.

بالنسبة لابن سلمان فإن عقد المؤتمر، يوم السبت، في جدة سيشكل مشهدا استعراضيا آخر لاستعراض زعامته. هو أيضا سيحاول استعادة الشرعية الدولية، والتي يبذل فيها جهودا ضخمة منذ أن انهار اسمه ومكانته في 2018، بعد أن قتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي. منذ ذلك الحين تغيرت الصورة الإجمالية المتغيرة، وخاصة الصورة الأميركية: اضطر الرئيس جو بايدن قبل حوالي عام إلى زيارة السعودية ومصافحة بن سلمان من أجل أن يوافق الأخير على استخراج المزيد من النفط ويعوض عن النقص الذي نتج في أعقاب الحرب على أوكرانيا. أجاب بن سلمان بصفعة مدوية عندما قلص مع شركائه في “أوبك” حصص إنتاج النفط. بعد اقل من نصف عام من ذلك استضاف بن سلمان الرئيس الصيني، شي جن بينغ، وجمع احتراما له زعماء من دول الخليج، وكأنهم تابعوه الذين فقط ينتظرون الإشارة. بالتحديد في تلك الزيارة المغطاة إعلاميا والاستعراضية هذه اتضح، ليس للمرة الأولى، أن بن زايد لا ينوي اللعب حسب قواعد الاستضافة، أو أن يعرض وجه العائلة السعيدة مع الجارة السعودية. بن زايد لم يحضر اللقاء وأيضا غاب عن قمة الجامعة العربية التي عقدت في أيار، حيث تقرر إعادة سورية إلى الجامعة بعد أن طردت منها قبل اكثر من 10 سنوات.

يوجد لابن زايد الكثير من الحقد على بن سلمان الأصغر منه بـ 24 سنة. الشعور متبادل. ابن زايد يرى نفسه كمن أوجد الاتصال ما بين بن سلمان والإدارة الأميركية، في البداية مع الرئيس السابق، باراك أوباما، وبعد ذلك مع ترامب. حسب الصحافي بن هوبرد الذي كتب سيرة ذاتية مدهشة عن بن سلمان، كان ذلك يوسف العتيبة، سفير أبو ظبي في واشنطن، هو الذي عرف بن سلمان على صهر ترامب، غارد كوشنر. لم يخف ترامب قبل كل شيء اشمئزازه من السعوديين، وفي حملة انتخاباته أمام هيلاري كلينتون اتهمهم بـ”أناس يلقون بالمثليين من على اسطح المباني. هؤلاء أناس يقتلون النساء ويتعاملون مع النساء بصورة فظيعة، وحتى الآن انت تأخذين منهم أموالا”. في مناسبة أخرى قال، “بصراحة، السعوديون لا يستطيعون العيش بدوننا. والسؤال هو في أي نقطة سنتدخل وكم سيكون السعوديون مستعدين ليدفعوا لنا من اجل إنقاذهم”.

ولكن بعد أن انتخب ترامب، سافرت بعثة سعودية كبيرة إلى واشنطن، ووضعت على الطاولة اقتراحا لشراء سلاح ومعدات عسكرية وكذلك لاستثمارات تبلغ مليارات الدولارات، واقتراح بإنشاء مركز لمحاربة التطرف الإسلامي، وكذلك موافقة على إنشاء قاعدة عسكرية أميركية في البحر الأحمر على شواطئ السعودية. موافقته أنهاها ترامب برقصة السيوف المشهورة التي جرت في الرياض، وعلى حلف عسكري لم يوقع. في وقت لاحق، وبعد أن هوجمت السعودية بالصواريخ التي أطلقت عليها من قبل الحوثيين، أوضح ترامب وبأسلوبه المعروف، أن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة السعودية مقابل الدفع.

واصلت العلاقات بين ابن زايد وبن سلمان تدهورها عندما قرر ابن زايد أن ينسحب من الحرب في اليمن ويسحب قواته منها. غضب لأن السعودية بادرت للمصالحة مع قطر، وهذا العام فاجأته الرياض بالاتفاق مع طهران. ولكن لا يقل عن هذا أن بن سلمان بدأ في التنافس مع جاره على الهيمنة الاقتصادية ومطالبة شركات دولية مركزها في دبي وفي أبو ظبي أن تنقل مراكزها إلى بلاده. حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، لم يتحدث الاثنان معا منذ نصف عام (باستثناء محادثة تعزية بعد موت شقيق ابن زايد). حينئذ وأثناء زيارة شي جي بينغ للرياض قام بن سلمان باتهام ابن زايد بغرس سكين في ظهر السعودية، وهدد بفرض عقوبات. ربما إذا وقع اتفاق سلام مع السعودية يمكن لوزير الخارجية الإسرائيلي أن يتوسط بين بن سلمان وابن زايد.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى