ترجمات عبرية

هآرتس: ألمانيا تتحوّل حارساً للاحتلال الإسرائيلي

هآرتس 2022-07-25، بقلم: أبراهام بورغ*

شاركتُ قبل بضعة أسابيع في ألمانيا باجتماع مهم حول اختطاف ذكرى الكارثة واليمين الجديد، وهو أحد اللقاءات العميقة والمتنوعة والحساسة التي شاركت فيها. ردّت المؤسسة اليهودية هناك على الفور بشكل بافلوفي متوقع: “لاساميّون”، “مؤيدو بي. دي. أس”، وهي إشارات قبيحة ووحشية. كنت هناك وهم يكذبون ويشوهون. لذلك، من الواضح لي أنه “حان الوقت لفتح الدمل الذي هم مسؤولون عنه”.

في السنوات وفي الأشهر الأخيرة، حدثت في ألمانيا عدة أحداث تحدّت الخطاب اليهودي – الإسرائيلي – الألماني. كاتب يهودي، لم يغرد مع جوقة المحافظين، تم إسكاته لأن أمه غير يهودية. واضطر مدير المتحف اليهودي في برلين إلى تقديم استقالته بسبب تغريدة حول حرية التعبير. الآن هم في ذروة معركة نزع شرعية قبيحة وكاذبة، موجهة إلى عدد من مؤسسات البحث والثقافة الأكثر أهمية في ألمانيا وفي العالم، “منتدى آينشتاين” و”معهد أبحاث اللاسامية”. في أفضل تقليد لدعاية الكذب أطلقوا عليه اسم “معهد معاداة السامية”. في محاولة لردع معاهد حيوية وباحثين ممتازين عن طريق الزعرنة، ذنبهم هو السعي إلى إجراء بحث عالمي معمق، دون صراخ أو تحيز ديماغوجي مشروط مسبقاً. كل من يتجرأ على التعبير عن رأي مخالف وموقف مختلف عن موقفهم يعرض نفسه لخطر أن يقطعوا رأسه بشكل علني.

توجد في ألمانيا حكومة منتخبة، لكن حدود المشاعر في كل ما يتعلق بالتاريخ اليهودي – الألماني والواقعي للاسامية فيها تديرها اللجنة المركزية، “سنتر ليرات”، التي من شأنها أن تمثل جميع يهود ألمانيا، وفعلياً تمثل فقط جزءاً منهم. بمعان كثيرة

يوجد لذلك منطق وتبرير. ولكنّ قليلين يعرفون سلسلة العلاقات هذه: يدير اليمين العميق سياسة دولة إسرائيل، حيث تشكل إسرائيل موقف الـ”سنتر ليرات”، التي من ناحيتها تملي الخطاب السياسي الألماني الحساس جداً هناك. من هنا، يدير اليمين الإسرائيلي المحافظ والعنصري منظومة المشاعر والعواطف في ألمانيا فيما يتعلق بماضيها وباليهود وبمعاداة السامية وبدولة إسرائيل.

كيف يحدث ذلك؟ حولت إسرائيل اللاسامية سلاحاً سياسياً جباراً، ووسعت حكوماتها المحافظة هذا المفهوم جداً. كل انتقاد هو لاسامية، كل معارض هو عدو، وكل عدو هو هتلر، وكل عام هو العام 1938. هكذا هي البنية التحتية النظرية للسياسة في إسرائيل. ويوجد لألمانيا دور رئيس فيها: أن تشكل شهادة حلال للمظالم التي ترتكب على يد اليهود الإسرائيليين. ألمانيا الرسمية مذعورة من أي مواجهة أو أي استجواب لإسرائيل حول جوهر معاداة السامية اليوم، ومسألة ما هو الانتقاد الصحيح لسياسة إسرائيل غير الشرعية. تحولت ألمانيا في عجزها إلى الحارس والممكن الأكبر للواقع، حيث يعيش الفلسطينيون دون حقوق أو مكانة في وطنهم. لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط، ولن تكون هناك إسرائيل معافاة وقابلة للعيش طالما أن ألمانيا أسيرة تعقيدات ماضيها.

الكارثة ودولة إسرائيل مضطرتان للبقاء مكونات حاسمة في الهوية السياسية والأخلاقية لألمانيا، لكن ليس بهذه الصورة. في كل المجالات المتعلقة، الآن، بإسرائيل وبالشعب اليهودي لا توجد في ألمانيا حرية تعبير حقيقية. تستخدم هناك، بشكل تلقائي ومفهوم، رقابة طبيعية مشددة. ولكن سيطرت عليها آلية استغلال متهكمة وسياسية، وحولت الكارثة والذكرى إلى وسيلة لرفض أي انتقاد لدولة إسرائيل.

لا يوجد في الغرب الديمقراطي أي دولة أخرى ترفض الحق الطبيعي للملايين في أن ينتخبوا ويُنتخبوا، وأن يعيشوا في دولة خاصة بهم استناداً إلى تقرير المصير، مثلما تفعل إسرائيل بالتجمع الفلسطيني. إسرائيل قادرة على فعل ذلك، لأن الولايات المتحدة المعوجة ترى فيها مسطرة مستقيمة، وتدعم ألمانيا بشكل تلقائي وأعمى كل نزوة إسرائيلية.

حتى الآن ما زالت توجد في العالم لاسامية حقيقية، وباتجاهها محظور إظهار أي تفهم وأي شرعية. بعضها قديم وتقليدي، وبعضها طفرة تنشرها جهات مناهضة لإسرائيل، تستخدم جريمة الاحتلال من أجل مهاجمة جميع اليهود مهما كانوا ونفي كونهم أفراداً ومجتمعاً.

هناك مستوى مخادع وأخطر أكثر من اللاسامية، وهو الذي يستخدم غطاء مزيفاً من دعم دولة إسرائيل من أجل التغطية على كراهية الأجانب والمهاجرين. هذه لاسامية للفاشيين والنازيين الجدد، “محبي إسرائيل”. ومن المدهش أن عدداً قليلاً من اليهود ومن الألمان المحترمين يقومون بدعمهم أيضاً فقط؛ لأنهم يؤيدون اليهود أو يؤيدون إسرائيل، للحظة كما يبدو. بكلمات أخرى، يوجد يهود وألمان يؤيدون اللاسامية على حساب حب إسرائيل.

هناك سبل أخرى لمحاربة اللاسامية العالمية ومحاربة كراهية اليهود في ألمانيا. من المسموح انتقاد إسرائيل كما هو من المسموح الدفاع عنها. من المسموح معارضة سياستها ويمكن تأييدها. وحتى ربما يمكن أن يكون هناك واقع أيديولوجي وثقافي من مناوئة الصهيونية التي هي ليست لاسامية. علاوة على ذلك، محاربة اللاسامية الحقيقية والجوهرية ليست مشكلة لليهود فقط. يجب أن يقوم حلف عالمي ومحلي ضد الكراهية مهما كانت. عندما يكرهني الكارهون الأتراك، وعندما يتعرض لي من يتعرضون للمسلمين، وعندما تتم ملاحقة مهاجرين ونساء ومثليين أيضاً أنا أكون ملاحقاً. لأن هذا هو وجه اليهودية الحقيقي منذ عهد التوراة وحتى مارتن بوبر. الحضارة التي لم تتجاهل مسؤوليتها العالمية عن كل إنسان لكونه إنساناً.

ن المحظور أن تكون كراهية اليهود استثناء في لائحة كراهية العصر. فقط هكذا، عن طريق التعاون التضامني مع كل ضحية مهما كانت، يمكن تحقيق الانتصار على ائتلاف الكارهين والشعبويين. في نضال عالمي كهذا يوجد لليهود والألمان أهمية إستراتيجية من الدرجة الأولى. ألمانيا هي مفتاح الغرب كله. من المؤسف أنها غارقة داخل نفسها، وأن مدراءها هم مجموعة غير مسؤولة من اليهود من قبل أنفسهم ومن ألمان، لا يعرفون التفريق بين النور والظلام.

بصفتي رئيس الكنيست (الأسبق) والرئيس الأسبق للحركة الصهيونية العالمية، وعملت لسنوات كثيرة في هذا المجال، أتوجه إلى حكومة ألمانيا وإلى جوزيف شوستر، رئيس اللجنة المركزية، وأقول: “حددوا المكان والساعة، وسنتحدث عن الطريقة التي بها يجب تذكر الكارثة في القرن الواحد والعشرين. ولكن من المحظور استغلالها لأهداف سياسية غير جديرة، وكيف يتم تمثيل اليهود واليهودية، والأكثر أهمية هو كيف يتم خلق عالم فيه إسرائيل نموذج يحتذى في تسوية النزاعات، وليست موزعة لشهادات الحلال في كل موضوع غير ليبرالي في العالم الشعبوي في هذه الأيام.

* الرئيس الأسبق للكنيست، والرئيس الأسبق للحركة الصهيونية العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى