ترجمات عبرية

هآرتس: أضرت نظرية الفوضى والمعلومات المضللة الروسية بالمؤسسة

هآرتس 9-4-2023، بقلم يوسي ميلمان: أضرت نظرية الفوضى والمعلومات المضللة الروسية بالمؤسسة

لا شك أن ما نشر في الصحف الأمريكية وكأن الموساد “يشجع” الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي في إسرائيل، سيقدم “مواد اشتعال جديدة” لرئيس الحكومة ومؤيديه في جهودهم لتفريق المظاهرات. هذه الوثائق تسقط على أذن مصغية لعدد غير قليل من الجمهور، ويبدو أنها ستجد الصدى ويتم ترديدها من قبل جهاز المتحدث بلسان بنيامين نتنياهو وشركائه. ولأنه لا يوجد للموساد متحدث رسمي، فإن المتحدث بلسان رئيس الحكومة، توباز لوك، هو الذي نشر صباح أمس النفي باسم الموساد، وسمى هذه الأقوال “تقارير كاذبة وباطلة”.

لنبدأ بالحقيقة التي تقف في هذه القصة: أولاً، نعم، شخص ما نجح في اختراق حواسيب المخابرات الأمريكية وسرق منها وثائق أصلية وأصيلة. هذا هو الخطأ الأساسي ويدل مرة أخرى، بالضبط مثلما في قضية ويكيليكس وتسريبات إدوارد سنودن، بأن أنظمة المعلومات المحمية جيداً في الولايات المتحدة غير محصنة. ثانياً، النشر بشأن الموساد هو عنصر واحد في تسريب أكبر لوثائق يتناول معظمها تدخل الولايات المتحدة والناتو في الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

الهدف الأساسي لمن حصل على المعلومات هو دق إسفين بين الولايات المتحدة وحلفائها ونشر الإحراج والفوضى، وتقويض الثقة بالحقائق. إضافة إلى ذلك، أعاد تحرير الوثائق لتخدم أهدافه. ولكنه كان مهملاً بعمله هذا. الاختراق المهني الذي قام به مشوب أيديولوجياً وسياسياً. دليل ذلك هي الوثيقة التي جاء فيها بأن عدد الروس الذين قتلوا في الحرب يتراوح بين 17 – 18 ألف شخص، هذا رغم أنه أعلن من قبل بأن تقديرات المخابرات الأمريكية والناتو تتحدث عن عدد يصل إلى 200 ألف قتيل روسي. بكلمات أخرى، عندما أراد جنود السايبر الهجومي في المخابرات الروسية إظهار المهنية، حاولوا عدم إغضاب الرئيس فلاديمير بوتين. الـ كي.جي.بي تميز في السابق بالحرب النفسية ونشر المعلومات الكاذبة، وأجهزة المخابرات الروسية (ليس هي فقط) حافظت على هذه الكفاءة حتى الآن، ولكن من أجل أن تكون حرب المعلومات فعالة، فإنه يجب أن تكون هناك ذرة من الحقيقة التي يلفون حولها مغلفات الكذب.

بخصوص الوثائق المتعلقة بالموساد، فإن قراءة جذرية لها تكشف أن كل ما جاء فيها معروف، ونشر مرات كثيرة في إسرائيل. نعرف أن الكثير من كبار الشخصيات في جهاز الأمن يعتقدون بأن الانقلاب النظامي يضعف إسرائيل. هكذا يفسر ذلك أعداء إسرائيل، حتى لو كانوا على خطأ، وشاهدنا التداعيات أثناء العيد وفي نهاية الأسبوع في كل الجبهات. نعرف أيضاً بأن الأمريكيين يتابعون ما يحدث في إسرائيل. وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، ليسوا بحاجة إلى مصادر معلومات سرية. ولكن في المخابرات يرغبون في استخدام معلومات علنية وصياغتها بحيث تظهر بأنها سرية. هكذا تم إغلاق الدائرة المفرغة: وسائل الإعلام في إسرائيل تنشر عما يحدث، والمخابرات الأمريكية تقرأ وترى وتسمع وتكتب أوراق عمل تصنف كسرية، ويتم تسريب هذه الأوراق وتمر بإعادة تحرير، ومن هناك تسرب للشبكة والصحف الرائدة في العالم.

كل من يعيش بين شعبه يعرف أن الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي هو احتجاج أصيل وعفوي ومنتشر وليست له قيادة مركزية. وكل من يعيش بين شعبه يعرف أن رؤساء جهاز الأمن لا يقودون الاحتجاج، بل على الأكثر يجرون رغم أنفهم وراء ما يعتمل في قلب الجمهور المحتج. يجب التذكير بهذه النقطة، أن رئيس الأركان وقائد سلاح الجو شرحا وحاولا الإقناع بوجوب إبقاء الاحتجاج خارج الجيش. ورئيس “الشاباك” حظر على رجاله المشاركة في المظاهرات حتى كمواطنين مجهولين. ورئيس الموساد في الواقع سمح لموظفيه بالمشاركة في الاحتجاج كمواطنين دون كشف أسمائهم أو مناصبهم. ولكنه قيد هذا الإذن: أنه لا يسري على من يشغلون وظائف قيادية وإدارية، من رئيس قسم فما فوق. معظم المحتجين هم من رجال الاحتياط، متطوعين وقدامى، وهم رجال “شاباك” و”موساد” وطيارون ومقاتلون في الوحدات الخاصة، ممن وقعوا على عرائض. ووفقاً للتسريب، فإنه قد تم إعداد تقرير المخابرات الأمريكية في الأول من آذار. وهو التاريخ نفسه الذي نشرت فيه الرسالة الأولى التي وقع عليها مئات من متقاعدي الموساد، من بينهم خمسة من الرؤساء السابقين. وثمة رسالة ثانية نشرت بعد أسبوع.

إن هذا التقرير في ظل غياب سياق تحليلي أو تحفظات يضخم أهمية المعلومات إلى أبعاد غير موجودة، وكأن لها أهمية أكبر أو أهمية خفية. حقيقة أن صحفاً محترمة في الخارج تسمح لنفسها بالنشر وكأن الموساد شجع على الاحتجاج، تدل على عدم فهم كبير من ناحيتهم بخصوص العمليات التي تجري في إسرائيل وعلى عمق الأزمة الموجودة فيها، حيث قيم ديمقراطية أساسية تتعرض للتشكيك. ولا يقل إقلاقاً عن ذلك حقيقة أنه سيكون هناك من سيحاولون استغلال معلومات جزئية، كاذبة في جزء منها، والتي استهدفت في الأساس خدمة مصالح غريبة، من أجل الدفع قدماً بأجندتهم الخاصة.

خصوم نتنياهو يقولون إنه هو وابنه يئير يؤمنان بنظريات المؤامرة. نتنياهو الشكاك في الأصل، سبق ووبخ رؤساء جهاز الأمن وقال إنهم يسمحون باستمرار الاحتجاج داخل أجهزتهم، وإن ردودهم كانت ضعيفة. والمنشورات الأخيرة هذه تعطيه الدعم هو وابنه. ومشكوك فيه إذا كان وزراء نتنياهو، خصوصاً مؤيديه، سيصدقون نفي الموساد ويؤمنون بطروحاته أنه يعمل بروحية جهاز الدولة الرسمي. هذا هو الشرخ الحقيقي الذي تشهده إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى