ترجمات عبرية

هآرتس: أزمة الوكالة اليهودية فرصة لاتخاذ موقف أخلاقي ضد العدوان الروسي في أوكرانيا

 هآرتس 27/7/2022، بقلم: عاموس هرئيل

قرار روسيا الذي يلوح في الأفق لمنع نشاطات الوكالة اليهودية على أراضيها، يجسد درجة فشل محاولة إسرائيل السير بين القطرات، إزاء الحرب في أوكرانيا. كلما تعقد الغزو الروسي وطالت الحرب التي خطط لها أن تكون أسبوعاً أو اثنين، ازدادت خيبة أمل الكرملين من الانتقاد الدولي، وبالذات من موقف إسرائيل.

محاولة رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينيت، تعيين نفسه وسيطاً بين الأطراف الصقرية، وبذلك التهرب من المطالبة باتخاذ موقف واضح بخصوص الأزمة، لم تنجح. بعد ذلك، كان يكفي حتى إدانة إسرائيل الخفيفة لجرائم الحرب الصارخة التي ترتكبها روسيا لإثارة غضبها. لم يتأثر الروس من حقيقة أن إسرائيل، مقارنة بالولايات المتحدة والدول الأوروبية، حذرت من تقديم مساعدة فعلية لجهود الأوكرانيين لصد الغزو عن بلادهم. بعد القنبلة التي ألقيت في الأسبوع الماضي، مع بيان وزارة العدل الروسية بخصوص الوكالة اليهودية، وصلت أمس رسائل ضبابية من موسكو؛ من جهة، قال دمتري بسكوف، المتحدث بلسان بوتين، إن المشكلة قانونية بطبيعتها ولا تؤثر على العلاقات مع إسرائيل. ومن جهة أخرى، المتحدثة بلسان وزارة الخارجية، الأقل مرتبة من بسكوف، أكدت أنها مسألة قانونية، ولكنها قالت في الوقت نفسه بأن مقاربة إسرائيل تجاه روسيا في الأشهر الأخيرة “غير مجدية”. وأضافت بأن القيادة في إسرائيل سمحت لنفسها بإطلاق “تصريحات مناوئة لروسيا”.

عن أقوال رئيس الحكومة، يئير لبيد، الذي قال بأن “إغلاق مكاتب الوكالة سيشكل حدثاً خطيراً سيؤثر على العلاقات” بين الدولتين، قالت المتحدثة: “هناك أشخاص قالوا بأن خطوات روسيا في مسألة معينة قد تؤثر على العلاقات بين الدولتين. ولكني أسأل: ألا يعتقد هؤلاء الأشخاص بأن نشاطاتهم وتصريحاتهم قد أثرت على العلاقات في الأشهر الأخيرة؟”.

يبدو أن روسيا فضلت الرد على إسرائيل في المكان الذي فيه نشاطات إسرائيل (وجود أعضاء الوكالة على أراضيها) تزعجها من البداية. إن الردود الحساسة الواردة من القدس، وطلب إرسال بعثة لترضية الروس لإقناعهم بالتراجع، لا تدل على قراءة عميقة للواقع. وضعيفة احتمالية ألا يجبي الكرملين من إسرائيل ثمناً على رفضها الحذر لتأييد خطواته. ربما كان من الأفضل عدم بذل جهود، والاستفادة بدلاً من ذلك من الفرصة لاتخاذ موقف أخلاقي مناسب حتى لو بتأخر فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.

إن ادعاء إسرائيل الرئيسي الذي أخر الوقوف علناً ضد خطوات روسيا يتعلق بالمعركة بين حربين، وهي المعركة التي نفذ الجيش الإسرائيلي في إطارها مئات الهجمات في أرجاء الشرق الأوسط في العقد الأخير. تعدّ سوريا جبهة رئيسية في المعركة بين حربين، ومنذ نشر السربين الروسيين في شمال غرب سوريا في خريف 2015 (الذي رجح الكفة بالتدريج لصالح انتصار نظام الأسد في الحرب الأهلية) وإسرائيل تحذر من ألا تدوس على أطراف أصابع بوتين في سوريا.

في البداية، تمت بلورة بروتوكول في إطاره نقلت إسرائيل لروسيا في سوريا تنبيهاً مسبقاً قصيراً قبل أي هجوم من أجل أن يستطيعوا الدفاع عن رجالها وقواعدها.

في خريف 2018، بعد أن أسقطت النار المضادة للطائرات السورية طائرة تجسس روسية بالخطأ في نهاية هجوم إسرائيلي، وقتل 15 جندياً، زاد بوتين الضغط. استأنفت إسرائيل الهجمات بعد بضعة أسابيع، لكنها مددت زمن الإنذار وبدأت تتصرف بطريقة حذرة قرب المصالح الروسية.

لكن اختيار روسيا لإلقاء المسؤولية عن الحادثة بشكل مطلق على إسرائيل. رغم هوية الجنود الذين كانوا يديرون بطاريات الصواريخ، إلا أنها جسدت مدى غياب التعاطف مع إسرائيل أو مع زعمائها. هذه الأمور تأكدت أيضاً بعد بضعة أشهر عندما لم تف روسيا بتعهداتها ولو ليوم واحد بإبعاد القوات المؤيدة لإيران عن الحدود السورية مع إسرائيل في هضبة الجولان. هذا لم يزعج رئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو، في التفاخر بعلاقته الشخصية الحميمية مع بوتين. الأمور وصلت إلى ذروة غير معقولة عندما اتهم مؤيدو نتنياهو هذا الأسبوع لبيد بتخريب العلاقات مع الحليفة الكبرى.

لإسرائيل حليف كبير واحد فقط، وهو الولايات المتحدة. الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي زار البلاد هذا الشهر، يبدو أنه لم يعد في ذروته. ولكن ليس هناك مقارنة بين علاقته المتعاطفة الصادقة مع إسرائيل، وبين المقاربة المتهكمة والمطلقة لبوتين (تجاه إسرائيل مثل أي أمر آخر). هذه هي الولايات المتحدة، لا روسيا، التي تعطي إسرائيل مساعدات أمنية تبلغ 3.8 مليار دولار في السنة. وهذا هو بوتين، لا بايدن، الذي وصل إلى طهران الأسبوع الماضي لحضور لقاء قمة ثلاثي مع زعماء إيران وتركيا. للسبب نفسه، لم يكن يوماً ما أساس لتوقعات مدحوضة، من قبل نتنياهو، وبينيت بعد ذلك، وأحياناً من قبل ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، التي بحسبها ستبعد روسيا الإيرانيين عن الأراضي السورية لأنها تفضل الحفاظ على العلاقات مع دمشق نفسها.

مثلما لم يكن على إسرائيل أن تتفاخر بالوساطة بين روسيا وأوكرانيا، فليس لها أيضاً أي سبب لمجاراة الدول الغربية وقيادة المساعدات العسكرية الدولية لحكومة زيلينسكي. ولكن اتخاذ موقف واضح ضد العدوان الروسي على أوكرانيا سيكون خطوة صحيحة، موضوعية، وبالتأكيد أخلاقية. في ذلك مخاطرة معينة، لكن مشكوك فيه إذا كانت روسيا سترغب في فتح جبهة جديدة لنفسها عن طريق التصادم المباشر مع سلاح الجو الإسرائيلي في سماء سوريا. ثمة اعتبارات أكبر وزناً تقف أمام إسرائيل من الحفاظ على حرية عمل الوكالة اليهودية في روسيا، أو حتى من استمرار مقدس للمعركة بين حربين، لأجيال كثيرة. من الأفضل عدم البقاء في الجانب غير الصحيح للتاريخ في كل ما يتعلق بأوكرانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى