ترجمات عبرية

هآرتس: أردوغان يصرف الأموال على المواطنين لاسكات انتقادات التضخم والبطالة

هآرتس 10-11-2022، بقلم تسفي برئيل : أردوغان يصرف الأموال على المواطنين لاسكات انتقادات التضخم والبطالة

لم تتحقق بعد المعجزة الاقتصادية في تركيا. وجرعة الرئيس التركي السحرية، رجب طيب أردوغان، التي قال إن الفائدة المتدنية ستعالج اقتصاد الدولة، ها هي ترفض تجسيد الحلم في هذه الأثناء. في تشرين الأول الماضي، قلص البنك المركزي الفائدة 1.5 في المئة وجعلها 10.5 في المئة. وهو تقليص رابع على التوالي منذ آب، ولكن التضخم تصاعد حتى بلغ 85 في المئة الشهر الماضي.
“معركتي ضد الفائدة معركة كبرى. عدوي الأكبر هو الفائدة”، قال الرئيس التركي في أيلول. “قمنا بخفض الفائدة إلى 12 في المئة في أيلول. هل هذا كاف؟ غير كاف. يجب أن تنخفض الفائدة أكثر”. بعثة صندوق البنك الدولي التي أنهت في تشرين الأول مسحاً شاملاً لتركيا، لم تنشر تقريرها بعد. ولكن في بيان المتحدث، قيل بشكل صريح بأن على تركيا رفع الفائدة للتغلب على التضخم، لأنه الحل الذي يقبله الاقتصاديون في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا. قال الخبراء إنه لا توجد طريقة أخرى لمحاربة التضخم، لكن أردوغان على ثقة بأنه يستطيع هزمهم وهزم هذه النظرية. النمو هو الحل، ومن أجل النمو يجب زيادة حجم الاستهلاك وإعطاء قروض رخيصة وتدليل المقاولين عن طريق تقديم التسهيلات وتشجيع التبذير وتقليص التوفير. وفي نهاية المطاف، سيأتي النمو وإن تباطأ.ربما يحصل أردوغان على تشجيع من مؤسسات التمويل الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، التي تتوقع أن يصل النمو في تركيا حتى نهاية السنة إلى 5 في المئة. ولكن هذه المؤسسات تقدر أيضاً بأن النمو في السنة القادمة سيهبط إلى 2.7 – 3 في المئة.
من أين تأتي الأموال؟
ستكون السنة القادمة السنة التي سيتنافس فيها أردوغان في انتخابات الرئاسة بعد أن ينهي عشرين سنة من الحكم المتواصل كرئيس للحكومة وبعد ذلك كرئيس. تشير الاستطلاعات الأخيرة إلى انخفاض دراماتيكي في نسبة التأييد له ولحزبه. ولكنه بقي زعيماً بلا منافس. يطمح لتشكيل ائتلاف قوي لا يحتاج إلى شركاء، أو على الأقل ائتلاف يضم شريكاً ضعيفاً لا يستطيع كبح طموحاته.
ارتفاع الأسعار الكبير ونسبة البطالة العميقة تجبران أردوغان على استخدام الأداة التقليدية المعروفة باسم “اقتصاد الانتخابات”، وضخ المزيد من الأموال إلى السوق ودعم منتجات ورفع الأجور ووقف أفواه المعارضة. هذه العملية في الذروة الآن. في أيلول، أطلق أردوغان “مشروع البناء الأكبر في تاريخ الجمهورية التركية”، الذي سيحتفل في السنة القادمة بعيد ميلاده المئة. تخطط الحكومة في إطار هذا المشروع لبناء 500 ألف شقة على مدار خمس سنوات. هذه الشقق مخصصة لأبناء الطبقة الدنيا الذين سيتمتعون أيضاً بقروض سكنية طويلة المدى وأقساط متدنية بشكل خاص هي 120 دولاراً في الشهر.
الحكومة ستدعم البناء بنحو 50 مليار دولار. وبذلك، يعد أردوغان بالتغلب على نقص شديد في الشقق وفي ارتفاع أسعار العقارات التي وصلت هذه السنة 50 في المئة. هذا المشروع، كما تقدر الحكومة، سيزيد أماكن العمل بنحو 50 ألفاً وسيساهم بشكل كبير في تقليص نسبة البطالة التي تبلغ 10 في المئة حتى الآن. الإعلان عن المشروع لطّف ولو قليلاً أجواء سوق العقارات في تركيا التي قفزت بشكل دراماتيكي في السنة الأخيرة.
لقد ساهمت الحرب في أوكرانيا في نمو العقارات هذا بدرجة غير قليلة، وهي الحرب التي أدت إلى هجرة آلاف الأوكرانيين والروس إلى تركيا، والتي يمكنهم فيها الحصول على الجنسية إذا اشتروا عقاراً بقيمة 400 ألف دولار على الأقل، أو الحصول على الإقامة طويلة المدى مقابل استثمار بـ 75 ألف دولار. الطلب الفجائي على الشقق رفع أسعار الإيجار بشكل طبيعي. ورغم تعليمات الحكومة التي تمنع رفع أجرة الشقة إلى أكثر من معدل التضخم، فإن آلاف المواطنين الأتراك اضطروا إلى ترك منازلهم وانتقلوا إلى شقق أرخص، أو خرجوا من مراكز المدن التي يعملون فيها.
من ينتقدون الرئيس التركي ينتقدونه لأن الأمر يتعلق بخطواته المرتجلة التي استهدفت تهدئة الجمهور وإقناعه بانتخابه. حسب أقوالهم، إن دفع 120 دولاراً في الشهر قسط للسكن هو أكبر بكثير من قدرة أبناء الطبقة الدنيا، الذين يكسبون أجرة الحد الأدنى، 300 دولار في الشهر. ردت الحكومة على هذا الادعاء بإعلان عن نيتها زيادة أجر الحد الأدنى بعشرات النسب المئوية الأخرى بعد أن رفعته في السنة الماضية 80 في المئة. كما تعد الحكومة أيضاً برفع أجرة عمال القطاع العام ودعم كلفة منتوجات الطاقة، والكهرباء، والغاز والوقود، بنسبة تبلغ 50 – 80 في المئة بدءاً من السنة القادمة. هذا في حين أن ميزانية الدولة قد تنتهي في هذه السنة بعجز يبلغ 25 مليار دولار، حتى قبل توزيع الحلويات الجديدة التي وعد بها في سنة الانتخابات.إلى جانب تكلفة مشروع البناء وزيادة الدعم لمنتجات الطاقة، التي ستكلف الدولة 32 مليار دولار، وهو ضعف الإنفاق في السنة الماضية، تخطط الحكومة لرفع نفقات الدفاع بنحو 59 في المئة وبناء آلاف الوحدات السكنية في الأراضي السورية للاجئين الذين تطمح تركيا إلى إخراجهم من أراضيها وإعادتهم إلى وطنهم. ليس واضحاً بعد من أين ستأتي الأموال لتمويل المشاريع ومشاريع المساعدة للمواطنين.
أوراق لعب في الكم
لأردوغان إجابة جزئية تستند إلى مكانته الدولية والعلاقات التي أقامها مع دول الخليج إلى جانب روسيا والصين. فقد عرض اتفاقاً لنقل البضائع بين روسيا وأوكرانيا في تموز، كدليل على توقه لمساعدة الدول الفقيرة التي تضرر الأمن الغذائي لمواطنيها نتيجة الحرب. تضررت تركيا من ارتفاع أسعار الطاقة، لكنها تجبي أرباحاً جيدة أيضاً من الحرب، ليس فقط بسبب استثمارات مواطنين وأوليغاركيين روس في الدولة. حجم التجارة بين الدولتين ارتفع 200 في المئة منذ اندلاع الحرب ووصل إلى 6 مليارات دولار، إضافة إلى 10 مليارات دولار تستثمرها روسيا في بناء المفاعل النووي في تركيا.
في الشهر الماضي، أعلن الرئيسان الروسي والتركي عن اتفاق لتحويل تركيا إلى مركز تسويق إقليمي للغاز والنفط، الذي سيجمع مُدخلات من السعودية وإيران وروسيا ودول أخرى في الشرق الأوسط، والتي بدورها ستسوق إلى أوروبا. استمراراً لهذا الإعلان، سيتم تشكيل طواقم فحص لدراسة الجدوى والتي ستبدأ العمل في القريب.
يبدو أن حقيقة أن تركيا تحولت إلى مزودة المسيرات لأوكرانيا لا تزعج روسيا، في حين أن تركيا في المقابل تؤخر إعطاء المصادقة النهائية على انضمام السويد وفنلندا للناتو. علاقات تركيا مع السعودية بدأت هي أيضاً في إعطاء ثمارها، في حين أنه إلى جانب المساعدات المالية التي تحصل عليها تركيا من السعودية، فقد حصلت الشركة الكبيرة في تركيا “يوكسيل” على صفقة سمينة لبناء بنى تحتية في السعودية بمبلغ 12 مليار دولار؛ وشركة أخرى فازت بعطاء كبير لتطوير بنى تحتية في مدينة مكة. يضاف إلى ذلك رزمة المساعدات والتمويل التي تعهدت بها دولة الإمارات بمبلغ 10 مليارات دولار لتركيا. كل ذلك يملأ خزينة تركيا ويضع في يد أردوغان أوراق لعب يستطيع من خلالها أن يناور أمام الأزمة الاقتصادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى