ترجمات عبرية

هآرتس: أربعة افتراضات خاطئة تحيط بموقف البيت الأبيض من الصفقة السعودية

هآرتس 26-9-2023، بقلم الون بنكاس: أربعة افتراضات خاطئة تحيط بموقف البيت الأبيض من الصفقة السعودية

“يريد الرئيس الأمريكي جو بايدن صفقة سعودية، لأنه بحاجة إلى إنجاز على صعيد السياسة الخارجية كجزء من محاولة كبح نفوذ الصين في الشرق الأوسط، وهو موضوع يهمه بشكل خاص قبل الانتخابات في 2024″، في هذه الأقوال أربعة افتراضات أساسية خاطئة لا صلة لها بالواقع وبالتفكير السياسي لدى البيت الأبيض وحوله في الوقت الحالي.

معظم هذه الافتراضات الأساسية ازدهرت بحماسة محمومة في إسرائيل- ليس في الولايات المتحدة- بتشجيع من إحاطات أشخاص لهم مصالح في الإدارة الأمريكية، لكن الانشغال بهذا الموضوع تحول إلى هواية في واشنطن. فقد حول نتنياهو ومعارضوه “الصفقة السعودية” إلى حقيقة واقعة، كل لاعتباراته. ومن المؤسف أن بايدن لم يسمع عن ذلك.

بايدن يريد هذه الصفقة بكل جدية

إلامَ استندت وسائل الإعلام الإسرائيلية بقولها إن بايدن “يريد ذلك بكل جدية”؟ أقال ذلك؟ لا، لم يقله حتى في خطابه في الأمم المتحدة، أنسب منبر له. بايدن لا “يريد الصفقة” مع السعودية، وهي الدولة التي اعتبرها “منبوذة” عندما تسلم منصبه، ورفضت طلبات الولايات المتحدة لزيادة إنتاج النفط على خلفية نقصه في أوروبا عقب فرض العقوبات على تصدير النفط من روسيا. ولم تكن السعودية تستطيع توفير النقص في الفترة الزمنية القصيرة، وقد داس بايدن على كرامته وسافر إلى جدة قبل سنة، وصافح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أقسم بايدن بأنه سيحوله إلى شخص منبوذ، ولم يحصل في المقابل على أي شيء من الدولة التي عاشت على الحراب الأمريكية منذ عقود.

من يريد مثل هذه الصفقة هي شركات إنتاج السلاح الكبرى، مثل “لوكهيد مارتن”، التي تنتج طائرات “اف35” ومنظومة الصواريخ التكتيكية “إي تي ك سي إم اس”. وهو السلاح الذي تريده السعودية شراءه مقابل مبلغ 30 مليار دولار تقريباً. القوة السياسية وقوة المساومة لمنتجات السلاح في واشنطن كبيرة، ولكن مشكوك فيه أن تعطي هذه الإدارة لشركات الدفاع تحديد ما إذا كان لصفقة ذات أهمية جيوسياسية أن تخرج إلى حيز التنفيذ. تجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية ترى في “الصفقة السعودية” صفقة ثنائية، أمريكية – سعودية. أدخلت إسرائيل شريكة صغيرة في إطار رغبة أمريكا في تحسين العلاقات مقابل تغيير سياسة حكومة نتنياهو – بن غفير – سموتريتش في “المناطق” (الضفة الغربية).

من يريد “هذه الصفقة بإلحاح” أيضاً هو نتنياهو: فهو يغير ولو بثمن بخس، جدول الأعمال ويواصل الانقلاب النظامي ويثبت للتاريخ الادعاء القديم بأنه يمكن صنع السلام مع كل العالم العربي بدون أي تكلفة في الموضوع الفلسطيني، وبدون أي تنازل عن أراض للفلسطينيين.

بايدن بحاجة إلى إنجاز في السياسة الخارجية

يدور الحديث عن مقولة أخرى باطلة. الإنجاز الكبير في سياسة بايدن الخارجية يبدأ وينتهي في روسيا: التصميم والحزم لفترة طويلة أمام موسكو منذ غزو أوكرانيا في شباط 2022 وإعادة تعريف هوية الناتو الذاتية وتعزيز وتوسيع الحلف وبث قوة ووحدة للحلف مع تزويد السلاح والمساعدة الكثيفة لأوكرانيا بحجم يفوق الأربعين مليار دولار. هذا نجاح كبير لمفاهيم السياسة الخارجية. حقيقة أن الصين لم تقف بشكل جدي إلى جانب روسيا، تشكل إنجازاً آخر في السياق الواسع استراتيجية شاملة للولايات المتحدة، التي تعتبر الصين عدوة عالمية تبني منظومة تحالفات مع اليابان وكوريا الجنوبية في شمال شرق آسيا، وتحالفات في المحيط الهندي – الهادئ وفي بحر الصين الجنوبي، بعيداً عن الشرق الأوسط.

السنوات التي كلت وأسست شخصية بايدن، هي سنوات الحرب الباردة. وبوتين، الذي اعتبره بايدن مركز المحور المستبد والمناهض لأمريكا في العالم، قام مجدداً بتأطير علاقات روسيا بعد ثلاثين سنة حاولت فيها الولايات المتحدة جذبها وإغراءها للاندماج في المنظومة الدولية. وهزيمة بوتين في سياق أوكرانيا والأوهام التي عول عليها بهز النظام العالمي وإعادة مكانة روسيا كمكانة الاتحاد السوفييتي (أو أبعد من ذلك، إلى عهد بطرس الأكبر)، ليست فقط إنجازاً لبايدن، بل هي إرثه بدرجة كبيرة، على الأقل في هذه المرحلة. الادعاء بأنه “يريد جداً” اتفاقاً أو صفقة مع السعودية لأن هذا سيعتبر “إنجازاً لامعاً”، ادعاء لا يستند إلى شيء.

الاتفاق استهدف كبح الصين

دخول الصين إلى الشرق الأوسط، سواء كجزء من مبادرة الرئيس شي جين بينغ “الحزام والطريق”، أو استفزاز واشنطن بشكل واضح، ينبع من رؤية المجموع الصفري للصين الذي تراه بكين في علاقاتها مع الولايات المتحدة. عملياً، هي لا تستطيع أن تحل محل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، سواء في الوجود العسكري أو من ناحية الروافع السياسية. ثانياً، لا يوجد أي شخص في واشنطن يفكر للحظة بأن محمد بن سلمان سيقطع علاقته مع الصين حتى في سياق اتفاق دفاع مشترك مع الولايات المتحدة. للسعودية سياسة خارجية تبلغ 360 درجة، أي مع الجميع. هي لم تعد وحيدة في مجال النفوذ الأمريكي، والولايات المتحدة أيضاً لا تعتبر ذلك كارثة كبيرة. فائدة السعودية كحليف هي أمر مشكوك فيه.

الصفقة مهمة لبايدن قبيل الانتخابات

الحديث يدور عن هراءات. الأمريكيون لا يصوتون وفقاً للسياسة الخارجية. 75 في المئة من اليهود في أمريكا (الذين تعد أهميتهم الانتخابية متدنية) سيصوتون لبايدن دون صلة بالصفقة مع السعودية أو إسرائيل. وإذا حدث ذلك عندما يحين الوقت، وعلى فرض أنه سيتم التوصل إلى اتفاق بناء على رأي بايدن، فسيتعين عليه تقديم الاتفاق للحصول على موافقة مجلس الشيوخ، وسيحتاج هناك إلى ثلثي الأصوات، أي 67 عضواً في مجلس الشيوخ. للديمقراطيين 51 عضواً، من بينهم 10 – 15 قد يعارضون الاتفاق. أي أن بايدن سيحتاج إلى أكثر من 30 عضواً في الحزب الجمهوري لتمرير الاتفاق. لماذا سيساعدونه؟ ستقولون “نتنياهو سيحضرهم له”. هذه أيضاً هراءات. مكانته بعيدة عما يتخيله، فهو لن يستطيع توفير مثل هذه البضاعة. “لكن”، ستقولون، “نتنياهو وبن سلمان يأملان فوز ترامب”. هل هذا صحيح؟ من قال إن ترامب سيفوز؟ من يراهن على أن يكون نتنياهو رئيس الحكومة في كانون الثاني 2025 عند تأدية الرئيس القادم لليمين؟ وأن مجلس الشيوخ في 2025 سيصادق على الصفقة؟

في ظروف محببة فإن “صفقة ثلاثية”، أمريكية – سعودية – إسرائيلية، قد تخرج إلى حيز التنفيذ، لكن بايدن لا يدفع نحو تحققها، ولديه شكوك حول إمكانية تحققها. في هذه المرحلة صادق على استمرار الحوار وفحص قدرة الطرفين على تحقيقها، ليس أكثر من ذلك. عملياً، المعادلة التي يعرضها نتنياهو، السلام مع السعودية مقابل الديمقراطية وبدون تكلفة في الموضوع الفلسطيني، ليست غريبة عنه. هكذا أيضاً طلبات السعودية المبالغ فيها من قبل الولايات المتحدة مقابل الاعتراف بإسرائيل.

في نهاية المطاف، بايدن لا يثق بأن نتنياهو وبن سلمان سيوفران البضاعة؛ فالأول لا يستطيع ولا يريد تغيير السياسة في “المناطق” (الضفة الغربية)، لأن ائتلافه سيتفكك بذلك. والثاني لا يثقون به بأي شكل من الأشكال. وبالاعتماد على أشخاص تحدثوا مع بايدن قبل وبعد اللقاء مع نتنياهو في نيويورك، فإنه متشكك جداً بخصوص إمكانية حدوث الصفقة، لا سيما بخصوص تكلفتها وفائدتها للولايات المتحدة.

في هذه المرحلة، ليس للولايات المتحدة مصلحة حيوية أو ملحة لمثل هذه الصفقة. بالعكس، الثمن المطلوب أن تدفعه – حلف دفاع كامل مع السعودية- يشمل ما يشبه البند الخامس في حلف الناتو حول الدفاع الجماعي والمتبادل، والسماح للسعودية بتخصيب اليورانيوم في أراضيها لتشغيل مفاعل نووي مدني، خلافاً للسياسة الأمريكية بمنع انتشار السلاح النووي منذ السبعينيات. هذا الثمن يبدو باهظاً جداً لعدد من أعضاء الكونغرس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى