ترجمات عبرية

هآرتس: أدلة من الاجتياح العسكري لنابلس تثير تساؤلات حول رواية الجيش الإسرائيلي

هآرتس 17-11-2022، بقلم عميرة هاس: أدلة من الاجتياح العسكري لنابلس تثير تساؤلات حول رواية الجيش الإسرائيلي 

علي عنتر، عزب ابن 26 سنة، أحب ركوب الدراجة. كان يعمل حلاقاً لكسب الرزق، ومثله حمدي شرف، الأب لولدين وابن 35 سنة، كان حلاقاً. لم يكونا مسلحين أو مرتبطين بعرين الأسود، قتلهما جنود من الجيش الإسرائيلي في مكانين مختلفين، وخطأهما أنهما كانا في الشارع ليلة 24 – 25 تشرين الأول حين اقتحمت نابلس قوة مشتركة من الجيش الإسرائيلي ووحدة اليمام والشاباك، وانتشرت حول البلدة القديمة وداخلها. في بيان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي عن الاقتحام، ذكر اسم شخص واحد باعتباره الهدف الرئيسي لهذا الهجوم، وهو وديع الحَوَح (31 سنة)، الذي قتل عندما كان مع عدد من أصدقائه في مبنى حجري في البلدة القديمة. في جزء من تقارير صحافية إسرائيلية كتب أنه قتل في تبادل لإطلاق النار، إضافة إليه [الحوح]، أربعة فلسطينيين آخرين. ولكن عنتر وشرف -حسب شهود العيان- لم يكونا في مكان إطلاق النار المتبادل عندما أطلق رجال القناصة النار عليهما وقتلوهما.

مرت ثلاثة أسابيع منذ تلك الليلة. وقد أصبحا تاريخاً منسياً بمفاهيم وسائل الإعلام الإسرائيلية. ولكن اقتحاماً عسكرياً كهذا يترك بصمات عميقة ويبقى جزءاً من روتين حياة الفلسطينيين، الذي من الجدير الكتابة عنه. البيان القصير للمتحدث بلسان الجيش والشرطة والتسريبات، ليس للاقتباس، التي نشرت بعد فترة قصيرة من الاقتحام، يترسخ في إسرائيل على اعتباره “رواية من يعرف كل شيء”. في المنافسة مع الرواية الفورية والمقتضبة، الجيش الإسرائيلي يفوز دائماً. من يريدون إعطاء صورة كاملة أكثر هم في موقف متدن مسبقاً. لم يبق لهم سوى ضم شهادات شهود عيان ووضع علامات استفهام مثل:

الشقة السرية. حسب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، حددت القوات الإسرائيلية مكان الحوح وهاجمت ما يسمى بالبيت السري. تعود الشقة التي قتل فيها لعائلة الحوح، داخل حوش العطعوط، وهو ساحة فيها عدد من البيوت الحجرية ذات الأقواس والتي يزيد عمرها عن 100 سنة. يعرف الجميع أن الشقة تعود لهذه العائلة، وهناك من يعرفون أن الشقة رُممت قبل فترة قصيرة على أمل أن يتزوج وديع قريباً. في الطابق الذي تحت هذه الشقة غرفة اجتماعات عائلة العطعوط (الديوان)، تقام فيه المناسبات العائلية والاجتماعية. بالنسبة لتفاصيل المقال، فإن المتحدث بلسان الجيش وجه “هآرتس” إلى المتحدث بلسان الشرطة، لكن الشرطة لم تجب عن سؤال لماذا تم عرض الشقة كمخبأ. ورد من قبلها بأن “جنود “اليمام” وجنود الجيش الإسرائيلي و”الشباك” وقوات أخرى من حرس الحدود، أحبطوا بنية تحتية إرهابية عنيفة في نابلس. جهاز الأمن نفذ التنسيق المطلوب للعملية، وطبقاً لذلك أطلقوا النار على مسلحين عرضوا قواتنا للخطر”.

مختبر للعبوات الناسفة. قال المتحدث بلسان الجيش إن “الشقة السرية” التي استخدمت كمختبر لإعداد العبوات الناسفة، “فجرتها قواتنا”. في الشقة كما ظهرت في 30 تشرين الأول، كانت هناك وبحق دلائل واضحة على هجوم من الخارج بعدد من صواريخ “ماتادور”، كما نشر. نوافذ وأثاث محطمة، مفصلات معدنية وحديدية مقتلعة، وشاشات تلفاز وأجهزة حاسوب محطمة، أثاث ممزق، آثار للرصاص على الحيطان وبقايا طائرة بدون طيار ومحركات حاسوب يتيمة. يمكن الافتراض بأن عبوات تم تفجيرها ستتسبب بضرر أكبر بكثير للشقة إذا لم يكن في حيطان البيت السميكة، وربما ستترك علامات حروق لم يُحدد موقعها. لم تتم مشاهدة أي أضرار تدل على تفجير عبوات في الحوش نفسه والمبني الحجري الذي فيه الشقة. هل كانت هناك شقة أخرى استخدمت كمختبر للمواد المتفجرة، التي تم تفجيرها، ولم تعرف الاستخبارات عنها؟ هذا السؤال الذي وُجه للشرطة ولم تجب عليه.

دخول الجنود. حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، وليس حسب بيان المتحدث بلسان الجيش، فإن قوات من المشاة “دخلت إلى الشقة السرية”، وبعد ذلك تم تفجير العبوات الناسفة الموجودة في “المختبر”. حسب أقوال الفلسطينيين في الحي، فإن الجنود ورجال “اليمام” لم يدخلوا إلى الشقة. المتحدث بلسان الشرطة لم يصادق ولم ينكر وجود الجنود وجنود “اليمام” في الشقة.

شقة أخرى. حسب أقوال الجيران، فإن قوات من المشاة اقتحمت وسيطرت في الليلة نفسها على شقة أخرى في البلدة القديمة، في شارع النصر، شمال شقة عائلة الحوح. حسب أحد التقارير، لا يوجد في هذه الشقة سكان. هي شقة مضافة إلى البناء، أي أنها جديدة ولكنها أضعف من البيوت الحجرية القديمة، ولا تظهر فيها أي علامات خارجية للتفجير. من المرجح أن “مختبر العبوات الناسفة” لم يكن داخلها. تولد لدى الجيران انطباع بأن قوات الجيش ورجال الشرطة أقاموا فيها “غرفة عمليات”. لم يردّ المتحدث بلسان الشرطة على سؤال عن هذه الشقة.

إطلاق النار على رجال الشرطة. حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، أبلغ الجيش الإسرائيلي أجهزة الأمن الفلسطينية عن اقتحام قوات الجيش “وقت بدء العملية”. ولكن البيان كان زائداً: القوة الخاصة أطلقت النار وأصابت رجالاً من قوات الأمن الفلسطينية، الذين كانوا -كما هي الحال دائماً- في ميدان الشهداء أمام المدخل الشمالي للبلدة القديمة. أصاب الرصاص الإسرائيلي خمسة على الأقل، اثنان من جهاز الأمن الوطني، وآخران من المخابرات العسكرية، وشخص أتى لإنقاذهم (وهو شرطي لم يكن في وظيفته عندما وجد في المكان). هذه النار كانت كافية كي تعرف أجهزة الأمن الفلسطينية بأن عليها التراجع بسرعة والانسحاب إلى مقراتهم وإلى مراكز الشرطة في المدينة كي لا يصيبهم سوء.

إطلاق النار الإسرائيلي على رجال أمن فلسطينيين وفي أماكن يعرفها الجيش الإسرائيلي، يخالف ترتيبات التنسيق الأمني بين الطرفين. فهل قرر الجيش والشرطة و”الشاباك” مسبقاً تعريض حياة رجال الأمن الفلسطينيين للخطر؟ (والقواعد الأساسية لإبلاغ الفلسطينيين قبل الدخول إلى المناطق “ج”، أو أن المستعربين الذين أطلقوا النار عليهم لم يكونوا يعرفون حظر إطلاق النار على قوات الأمن الفلسطينية، أو أنهم لم يعرفوا أنهم موجودون دائماً في تلك النقطة. وهو سؤال وُجه للمتحدث بلسان الشرطة، ولكن لا إجابة.

خمس ساحات. القوة التي اقتحمت نابلس تركت المدينة بعد أربع ساعات تقريباً وخلفت وراءها 5 قتلى و30 مصاباً في ساحات مختلفة. وفي كل ساحة شهود عيان، لم يُعثر على بعضهم، وهناك وُجدوا وتحدثوا، بعضهم تحدث بإسهاب وبعضهم خلطوا في شهاداتهم تفاصيل سمعوها من آخرين أو يكملون ما نسوه بتقديرات وتحليلات. هذه صورة حصلنا عليها من شهاداتهم.

قبل منتصف الليل كانت القوات الإسرائيلية، “المستعربون” والشرطة والجنود، على أسطح بنايتين، بناية الريف وبناية بيروت في “الجبل الشمالي” (جبل عيبال). أحد السكان، أ. عاد إلى البيت قبل منتصف الليل بخمس دقائق. قال للصحيفة: “عندما أوقفت السيارة وجهوا إليّ الليزر (الضوء المركب على البندقية)، وأطلقوا نحوي مروحية صغيرة. عرفت أنهم جنود. ولكني لم أعرف مكانهم”. المروحية الصغيرة حلقت بين المبنى والبلدة القديمة، قال. ولم يعرف أ. والسكان الآخرون أن القوات الإسرائيلية فوق سطح المبنى خاصتهم والمبنى المجاور إلا عندما أطلق رجال الشرطة والجنود النار نحو البلدة القديمة ونحو الشوارع المحيطة بها. المسافة بين البلدة القديمة وسطح بيته كيلومتر ونصف جواً. في نابلس تحدثوا عن عدة مبان أخرى تسلل إليها المستعربون، وتحولت إلى مواقع لإطلاق النار. أحد المباني مجمع تجاري كبير في شارع الشهداء.

في المباني الواقعة في محيط ميدان الشهداء، بعض المحلات التجارية والمطاعم كانت مفتوحة رغم الليل المتأخر. ح. كان مع 100 شاب في أعمار 18 – 30، يسهرون أو يعملون، كانوا يستمتعون بالأحاديث وتدخين النرجيلة، وبعضهم يتناولون وجبات ليلية خفيفة أو يرتبون المكان أو ينظفونه استعداداً ليوم عمل في الغد. في الميدان، تحت شجرة نخيل، وقف عدد من رجال الأمن الفلسطيني مع أسلحتهم. هم هناك بشكل دائم ليلاً ونهاراً. وعندما يغيبون يستنتج أهل نابلس بأن الجيش الإسرائيلي قد أبلغ أجهزة الأمن الفلسطينية عن اقتحام متوقع، وأن عليهم التزام المقرات.

“كانت 12:15 أو 12:30″، تقريباً، قال ح. في محادثة مع “هآرتس”، “في البداية سمعنا صوت انفجار شديد، تلاه إطلاق نار. نظرت من النافذة وشاهدت رجال الأمن الفلسطيني يطلقون النار في الهواء بدون توجيهه إلى مكان معين، لأنهم لا يعرفون مصدر النار”. ح لاحظ أن بعض الأشخاص أصيبوا بالنار الإسرائيلية. واحد منهم هرب إلى المحل الذي كان فيه ح. في ذلك الوقت، ساعد زوجته للوصول إلى سيارة الإسعاف التي نجحت في الاقتراب. قدر ح. أن الجنود ورجال الشرطة الإسرائيليين أطلقوا النار من المجمع التجاري.

ف. متطوع في طواقم الإسعاف الطبي الفلسطينية التي عملت في تلك الليلة، وشقيقه واحد من رجال الأمن الفلسطيني الأربعة الذين أصيبوا. استناداً إلى ما سمعه من شقيقه الذي أصيب إصابة طفيفة، قال ف. للصحيفة بأن سيارة مدنية فلسطينية اقتربت من قوات الأمن الفلسطينية لتحذيرها بوجود قوات خاصة إسرائيلية تتجول في المنطقة. “لم يتمكن السائق من إكمال كلامه، عندها أطلقت النار عليه”، قال ف. “رجال الأمن الفلسطيني أطلقوا النار في الهواء. في تلك الأثناء، لم يكونوا يعرفون مصدر إطلاق النار عليهم. بعد ذلك، هربوا”. حسب أقوال ف. جاء إطلاق النار من المجمع التجاري ومن مواقع مرتجلة فوق المباني في الجبل الشمالي.

قال ف. إن الانفجار الأول الشديد الذي سمعه والذي تسبب في استدعائه هو والطواقم الطبية كان في رأس العين جنوبي البلدة القديمة. تبين أنه حدث انفجار في سيارة حمدي قيم، الذي ذكر بعد ذلك كأحد أعضاء حماس والعضو في “عرين الأسود”. رجال إسعاف أبلغوا بأنهم قد أنقذوا جثته المحترقة من السيارة. هل كان في الطريق إلى البلدة القديمة؟ هل انفجرت العبوة التي كانت في السيارة من تلقاء نفسها أم أن أحداً إطلاق النار على السيارة؟ هذا غير واضح. في الوقت نفسه، سمع صوت انفجارات من داخل البلدة القديمة. هناك من قالوا بأن الانفجار الأول كان بسبب الصاروخ الذي أطلق على شقة الحوح.

استيقظ الناس في أحياء بعيدة على صوت الانفجار الأول وعلى صوت الانفجارات التي تلته، ومنهم من جاء بعده أو لم يتمكنوا من النوم، بسبب ازدياد إطلاق النار وصوت سيارات الإسعاف، وتراكمت المعلومات وازدادت الشائعات وكبر الخوف. “خلال أربع ساعات شعرنا بحرب وأصبنا بالخوف، وكأننا عدنا إلى أيام الانتفاضة الثانية”، قالت للصحيفة إحدى سكان الحي في غرب البلدة القديمة. وحدث في جزء من المدينة توقف للكهرباء. في الساعة 12:40 بدأت عشرات السيارات العسكرية تتدفق نحو البلدة القديمة، التي دخلت من مداخل المدينة الأربعة، ومن قرى تل والطور وحوارة وعصيرة الشمالية؛ استجاب الشباب والشجعان لنداءات أعضاء “عرين الأسود”، واقتربوا من البلدة القديمة للتشويش على الاقتحام عن طريق رشق الحجارة وإشعال الإطارات. لا نعرف كم أصيب منهم بنار الجنود وما هو عدد الجرحى الذين كانوا مسلحين، الذين أطلقوا النار وتبادلوا إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية.

لا يوجد مكان آمن. بعد مرور أربعة أيام على جنازات حاشدة للقتلى الخمسة، بدأ أبناء عائلة الحوح يتحدثون مع وسائل الإعلام. قالوا بأنهم تحدثوا مع أصدقاء وديع الذين تواجدوا معه في الشقة في تلك الليلة. وحسب هذه المحادثات، استعادوا عملية الهجوم التي قتل فيها. ليس كل شيء واضح في هذه الاستعادة التي اعتمدت على الآخرين. ما يتبين منها ومن شهادات أخرى هو أنه لم تكن هناك أي محاولة لاعتقال الحوح وأصدقائه. فالقوات جاءت وليس في نيتها سوى قتلهم. حسب أقوال أصدقائه، تم إطلاق عدد من حوامات المتابعة إلى داخل الشقة. الأولى، التي اقتحمت النافذة في الجهة الشمالية في الوقت الذي كان فيه الحوح وبعض أصدقائه يجلسون على الأريكة قبالته، فاجأتهم. بعض أبناء العائلة قالوا بأنه سمعوا أن الحوح أطلق النار على الحوامات.

في الوقت نفسه، جرى إطلاق صواريخ ماتادور إلى داخل الشقة من الجنوب، واستخدمت طائرة بدون طيار، أطلقت الغاز المسيل للدموع. أعضاء طاقم طبي فلسطيني قالوا إن الحوح قتل بخمس رصاصات أصابت بطنه وصدره، يبدو أنها أطلقت من موقع خارج الشقة. وقال أبناء عائلة الحوح بأنه صمم على أن ينسحب وأصدقاءه الذين أصيبوا، من الشقة وإنقاذ حياتهم. أحدهم، مشعل البغدادي، أصيب إصابة بالغة وتوفي في الطريق إلى المستشفى. ف، الذي سبق ووصل مع الطاقم الطبي إلى الميدان قرب مسجد النصر، قال بأنه سمع صوت ستة انفجارات.

قال ف. إن الإسرائيليين أطلقوا النار على سيارة الإسعاف خاصته عندما أراد الاقتراب من بعض المصابين. “اضطررتُ والسائق للهرب من سيارة الإسعاف واختبأنا كي لا نصاب”، قال. وأبلغت طواقم طبية أخرى عن إطلاق النار الإسرائيلية نحوهم، ما أجبرهم على السير في طرق التفافية، الأمر الذي أخّر إنقاذ المصابين. لم ترد الشرطة على هذا الادعاء.

حمدي شرف، الحلاق ابن الـ 35، كان حينذاك في بيت عائلة زوجته هو وأولاده. البيت في البلدة القديمة قرب محل حلويات الأقصى، وهو محل معروف لبيع الكنافة في شارع النصر. عندما وصلت شائعة بـ “وجود جيش في المدينة”، أراد شرف وأحد أقاربه استيضاح الأمر، لكن العائلة أقنعتهما بالعدول عن ذلك. بعد ذلك، سمع صوت انفجار، وعندها صمما على الخروج. تجول الاثنان قليلاً وخرجا من منطقة البلدة القديمة ولم يشاهدا مسلحين أو مستعربين، فقررا العودة.

جرى إطلاق النار عليهما قرب بيت عائلة زوجته. لم يكونا مسلحين، وليسا في مكان تبادل إطلاق النار، لأنه لا أحد في الأصل كان يعرف أين اختبأت القوة الإسرائيلية. حسب الشهادات التي وصلت للصحيفة، فإن إطلاق النار نفذ مع كاتم للصوت. بعد الساعة الواحدة ليلاً، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاته. في منتصف تلك الليلة، كان الحلاق علي عنتر جالساً مع أصدقائه في مقهى زعبوب في حي البساتين الموجود خارج البلدة القديمة، على بعد عدد من الشوارع غرب ميدان الشهداء. في المساء، عندما امتلأ المقهى الزبائن، أخرجوا الكراسي إلى الرصيف المقابل قرب محل مغلق لبيع الملابس. وهناك جلس عنتر وأصدقاؤه عندما تم سماع صوت الانفجار. جميعهم قرروا التفرق. عنتر، كما ظهر في فيلم فيديو كاميرا الحماية في المقهى، دفع الحساب. بعد ثلاثة أيام على الاقتحام، أفضل أصدقاءه ر. حدّث “هآرتس” عن تسلسل الأمور. “أسكن على بعد بضع مئات من الأمتار عن المقهى، في شارع الفاطمية (الذي يمتد من غرب البلدة القديمة). بعد سماع صوت الانفجار، قررنا أن الأكثر أمناً هو أن يأتي الأصدقاء الذين يعيشون في الأحياء البعيدة إلى عندي”، قال.

حسب أقوال ر. فإن عنتر وصديقاً آخر ركبا على دراجة، وهو سافر في سيارة صديق آخر. “توقفنا قرب البيت، وفجأة سمعنا صوت إطلاق النار. لم نعرف إذا كانت هذه نار الجيش أم نار السلطة الفلسطينية. أنا وصديقي اختبأنا وراء السيارة مع حني الظهر. في حين استمر إطلاق النار. فكرت بيني وبين نفسي: من غير المعقول أن السلطة تريد قتلي. في هذه المرحلة، لم أكن أعرف بعد بأن وراء الأمر الجيش الإسرائيلي. فجأة، شخص ضرب السيارة من الخلف. لم نعرف ما هذا، هربنا إلى بيت عائلتي من دون النظر إلى الخلف. رأيت القتلى أمامي. من شدة الخوف، زحفت على الرصيف وأنا أرتجف. كنت منهار الأعصاب. وفي اليوم التالي للجنازة، ذهبت إلى المستشفى”.

أشار ر. إلى أن صديقه الذي كان يقود السيارة في تلك الليلة يعيش صدمة نفسية صعبة. لا يستطيع التكلم. تبين أن ما ضرب السيارة هي دراجة عليّ بعد إطلاق النار عليه. الصديق الذي كان يركب الدراجة أصيب هو أيضاً ولكنه نجح في الاختباء. “أحد في الجانب الآخر للشارع شاهدهم منبطحين على الأرض: بدأ عليّ يرفع نفسه، وبعد ذلك أُطلق عليه النار مرة أخرى”، واصل ر: “هذا الشخص أراد قطع الشارع وإنقاذ عليّ، لكن الإسرائيليين أطلقوا النار عليه أيضاً. أطلقوا النار على كل شيء يتحرك. كل ما أردته هو الوصول إلى مكان آمن. ولكن تبين لي أنه ليس هناك مكان أمن”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى