ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز – هل هناك حرب قادمة بين الصين والولايات المتحدة؟

نيويورك تايمز –  بقلم توماس ل.فريدمان – 27/4/2021

المقال يناقش رواية تحكي فصولها عن وقوع مثل هذه الحرب المُتصوَّرة في عام 2034، ولكنه يتطرق إلى الوضع الدولي الحالي الذي يميل إلى ترجيح أن تكون هذه الحرب واقعًا؛ حيث فقَدَ الأمريكيون الثقة بأنفسهم كما فقَدَ العالم ثقته في الولايات المتحدة.

إذا كنتَ تبحث عن كتاب مقنع لقراءته على الشاطئ هذا الصيف، فإنني أوصيك برواية «2034» التي كتبها كل من جيمس ستافريديس، وهو أدميرال متقاعد، وإليوت إيكرمان، وهو ضابط سابق في البحرية والمخابرات. وتدور فكرة الكتاب عن الكيفية التي ستخوض الصين وأمريكا الحرب من خلالها في عام 2034، بدءًا بمعركة بحرية بالقرب من تايوان ودخول الصين في تحالف ضمني مع إيران وروسيا.

ولن أحرق الأحداث كي أصل إلى النهاية وأقول إن الصين والولايات المتحدة سينتهي بهما المطاف إلى تبادل إطلاق نيران نووي وإحراق كل دولة منهما بعض المدن في الدولة الأخرى. والنتيجة هي أن الهند المحايدة ستصبح القوة العالمية المهيمنة. (على رِسْلِك عزيزي القارئ، إنها مجرد رواية).

الرواية والواقع

لكن ما جعل الكتاب مثيرًا للقلق، هو أنني عندما تركتُه لأتصفَّح جريدة اليوم، قرأتُ كثيرًا عن ما يتوقعه الكتاب لمدة 13 عامًا قادمة اعتبارًا من الآن:

بعض الظواهر التي تتوافق مع اتجاه الرواية موضحًا أن إيران والصين وقَّعتا مؤخرًا اتفاقية تعاون مدتها 25 عامًا. وحشد فلاديمير بوتين للتو قوات على حدود أوكرانيا بينما يحذِّر الولايات المتحدة من أن أي شخص يهدد روسيا «سوف يندم على أفعاله أكثر من ندمه على أي شيء مضى». ونظرًا إلى أن أساطيل الطائرات المقاتلة الصينية، المسلحة بتكنولوجيا الحرب الإلكترونية، تَئِز حاليًا أزيزًا منتظمًا فوق تايوان، أعلن كبير صانعي السياسة الخارجية في الصين للتو أن الولايات المتحدة «ليس لديها المؤهلات… للتحدث إلى الصين من موقع قوة».

يا للهول، إنها الحياة (وليس العكس) هي التي تحاكي الفن محاكاةً لصيقة سعيًا وراء الراحة. ولكن لماذا الآن؟

يمكن العثور على الإجابة، جزئيًّا، في كتاب كتبتُ عنه من قبل: كتاب مايكل ماندلباوم «صعود وسقوط السلام على الأرض». إنه يتتبع كيف انتقلنا من عالم حددته الحرب الباردة بين الديمقراطية الأمريكية والشيوعية السوفيتية – 1945 إلى 1989 – إلى ربع قرن ينعم بالسلام دون صراع تقود لواءه قوى كبرى، مدعومًا بنشر الديمقراطية والاعتماد الاقتصادي العالمي المتبادل – 1989 إلى حوالي 2015 – إلى عصرنا الحالي، الأكثر خطورة بكثير، حيث يعمل كل من الصين وإيران وروسيا على صرف وتبديد ضغوط الديمقراطية والحاجة إلى تحقيق نمو اقتصادي مستمر بأن تقدم لشعوبها بدلًا من ذلك خطاب القومية المُفرِطة في العدوانية.

حرب أهلية سياسية وثقافية مُنهِكة

الأمر الذي جعل عودة النزعة القومية العدوانية الصينية والإيرانية والروسية أكثر خطورة هو ارتباط تلك النزعة، في كل دولة، بالصناعات التي تقودها تلك الدولة – وخاصة الصناعات العسكرية – وتظهر في وقت تَضعُف فيه الديمقراطية الأمريكية.

إن حربنا الأهلية السياسية والثقافية المُنهِكة، التي أشعلتها الشبكات الاجتماعية، تعيق قدرة الأمريكيين على العمل على نحو موحد، كما تعيق قدرة واشنطن على أن تكون عاملَ استقرار عالميًّا وبناء مؤسسات، كما كانت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.

لقد أدَّى قرارنا الأحمق بتوسيع حلف الناتو للدخول في شراكة مع روسيا (أُنشِئ المجلس المشترك الدائم بين منظمة حلف شمال الأطلسي وروسيا في 1998) – بعد سقوط الاتحاد السوفيتي – إلى تحول روسيا ما بعد الشيوعية إلى عدو بدلًا من شريك محتمل، مما أوجد ظروفًا مثالية لظهور مستبد مناهض للغرب مثل بوتين. (تخيل لو أن روسيا، الدولة التي ليس لدينا معها أي نزاعات تجارية أو حدودية، كانت حليفًا لنا اليوم في مواجهة الصين وإيران وليست حليفًا لهما في النزاعات ضدنا).

الأمريكيون فقَدوا ثقتهم بأنفسهم وفقَدَ العالم ثقته بهم

وفي الوقت نفسه، أدَّى فشل التدخلات الأمريكية في أفغانستان والعراق من أجل تحقيق التعددية واللياقة المأمولة لما بعد 11 سبتمبر (أيلول)، إلى جانب الأزمة الاقتصادية لعام 2008 والوباء الحالي، وكذلك الاضمحلال العام لقاعدة التصنيع الأمريكية، إلى إضعاف كل من ثقة الأمريكيين بأنفسهم وثقة العالم بأمريكا.

فماذا كانت النتيجة؟ عندما تتحدى الصين وروسيا وإيران نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية على نحو أكثر عدوانية من أي وقت مضى، يتساءل كثيرون: هل كان لدى الولايات المتحدة الطاقة والحلفاء والموارد من أجل صراع جيوسياسي جديد؟

يقول ماندلباوم لي: «إن مجرد زوال الشيوعية – ولأنه ليس لدينا نظامان سياسيَّان واقتصاديَّان يدَّعيان شرعية عالمية ويتنافسان على حكم كل بلد – لا يعني أن الاعتبارات الأيديولوجية قد اختفت من السياسة الدولية».

وأضاف ماندلباوم أن أنظمة مثل تلك الموجودة في الصين وإيران وروسيا تشعر بأنها مهددة أكثر بكثير – أكثر مما نعتقد – بالديمقراطية. وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تمكَّنت هذه الأنظمة من توليد دعم عام كافٍ من خلال التقدم الاقتصادي. ولكن بعد أن ثبُت أن ذلك كان أكثر صعوبة في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، «يحتاج قادة هذه البلدان إلى إيجاد بديل، والشيء الذي اختاروه هو القومية المفرطة».

هل أمريكا مستعدة للتحدي؟

هل نحن مستعدون للتحدي؟ ويجيب قائلًا: أنا متأكد من قدرتنا على ردع روسيا وإيران الأكثر عدوانية وقومية بتكلفة معقولة، وبمساعدة حلفائِنا التقليديين.

لكن الصين مسألة أخرى. لذلك يتعين علينا أن نفهم على نحو أفضل أين تكمن نقاط قوتنا وضعفنا، وكذلك نقاط قوة الصين وضعفها.

الصين الآن منافس ونِد حقيقي للولايات المتحدة في المجالات العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، باستثناء مجال واحد حاسم: تصميم المُعالِجات الدقيقة الأكثر تقدمًا، ورقائق المنطق والذاكرة التي تشكل الطبقة الأساسية للذكاء الاصطناعي وتصنيعها، والتعلم الآلي، والحوسبة العالية الأداء، والمركبات الكهربائية، والاتصالات – أي الاقتصاد الرقمي بأكمله الذي ننتقل إليه.

جانب التفوق الوحيد لواشنطن

فشل جهود الصين الهائلة التي تقودها الدولة في تطوير صناعة الرقائق الدقيقة المتكاملة رأسيًّا إلى حد كبير حتى الآن في إتقان الفيزياء وعتاد الكمبيوتر لمعالجة المادة على نطاق النانو، وهي مهارة مطلوبة من أجل الإنتاج الكمي للمعالجات الدقيقة الفائقة التطور.

ومع ذلك، وعلى بعد أميال قليلة من الصين، يوجد أكبر صانع رقائق تعاقدية وأكثرها تطورًا في العالم، وهي شركة «تايوان» لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC). ووفقًا لخدمة أبحاث الكونجرس، تُعد الشركة واحدة من ثلاث شركات تصنيع فقط في العالم تصنع رقائق أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا – والأكبر إلى حد بعيد. والشركتَان الثانية والثالثة هما «سامسونج» و«إنتل».

الجيش الصيني

يستخدم معظم مصممي الرقائق، مثل «آي بي إم» و«كوالكوم» و«نيفيديا» و«إيه إم دي» (وحتى إنتل إلى حد ما) الآن شركة «تايوان» لتصنيع أشباه الموصلات و«سامسونج» لصنع المعالجات الدقيقة التي يصمِّمونها.

ولكن، وعلى القدر نفسه من الأهمية، تتَّخذ ثلاث شركات من الشركات الخمس التي تصنِّع آلات وأدوات وبرامج الطباعة الحجرية الفائقة التطور التي تستخدمها شركة «تايوان» لتصنيع أشباه الموصلات وغيرها لصنع الرقائق الدقيقة – وهي (أبلايد ماتيريالز» و(لام ريسيرش كوربوريشن» و«كيه إل إيه كوربوريشن» – من الولايات المتحدة مقرًا لها. (الشركتَان الأخريان هولندية ويابانية). وتفتقر الصين إلى حد كبير إلى هذه الخبرة.

وعلى هذا النحو، فإن الحكومة الأمريكية لديها النفوذ لمنع شركة «تايوان» لتصنيع أشباه الموصلات من صنع رقائق متقدمة للشركات الصينية. وفي الواقع، وقبل أسبوعين فقط، طلبت الولايات المتحدة من شركة «تايوان» لتصنيع أشباه الموصلات تعليق الطلبات الجديدة من سبعة مراكز حوسبة فائقة صينية يشتبه في أنها تساعد في تطوير أسلحة للصين.

البدائل الكورية واليابانية ليست بالقوة نفسها

ونقلت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينج بوست» عن فرانسيس لاو، عالم الكمبيوتر بجامعة هونج كونج، قوله: «ستؤثر العقوبات بالتأكيد في قدرة الصين على الاحتفاظ بمكانتها الرائدة في مجال الحوسبة الفائقة»، لأن جميع حواسيبها العملاقة الحالية تستخدم في الغالب معالجات من «إنتل» أو مصممة في شركات «إيه إم دي» و«آي بي إم» وتصنِّعها شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات. وأضاف لاو أنه على الرغم من وجود بدائل كورية ويابانية، فإنها ليست بالقوة نفسها.

وعلى الرغم من ذلك، تضاعف الصين من أبحاثها في الفيزياء وتكنولوجيا النانو وعلوم المواد التي ستقود الجيل التالي من الرقائق ومعدات صنع الرقائق. لكن قد تستغرق الصين عقدًا أو أكثر للوصول إلى أقصى درجات التفوق.

ولهذا السبب – اليوم – بقدر ما تريد الصين تايوان لأسباب أيديولوجية، فهي تريد وضع شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات في جيب الصناعات العسكرية الصينية لأسباب تتعلق بالإستراتيجية. وبقدر ما يلتزم الإستراتيجيون الأمريكيون بالحفاظ على الديمقراطية في تايوان، فهم أكثر التزامًا بضمان عدم وقوع شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات في أيدي الصين لأسباب تتعلق بالإستراتيجية.

(تبني شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات الآن مصنعًا جديدًا لأشباه الموصلات في مدينة فينيكس؛ عاصمة ولاية أريزونا الأمريكية) لأنه في عالم الرقمنة، الشخص الذي يتحكم في أفضل صانع للرقائق… سوف يتحكم في كثير من الأشياء.

فقط اقرأ رواية «2034». وفي الرواية، تكتسب الصين التفوق التكنولوجي من خلال التسلل السيبراني المتفوق المدفوع بالذكاء الاصطناعي، والانتحال للوصول إلى الأقمار الصناعية وسرقة المواد. وبعد ذلك ستكون قادرة على شن هجوم مفاجئ وناجح على أسطول المحيط الهادئ الأمريكي. وأول شيء تفعله الصين هو الاستيلاء على تايوان. ولكن دعونا ننتظر لنتأكد من أن كل هذا يظل ضربًا من الخيال والروايات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى