ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز: شركة دفاع أمريكية حصلت على دعم المخابرات للاستحواذ على شركة تجسس إسرائيلية

نيويورك تايمز 10-7-2022، اعداد مارك مازيتي ورونين بيرغمان،

كشفت شركة دفاعية شفت عن دعم الجواسيس الأمريكيين لمحاولتها شراء شركة إسرائيلية صنعت البرنامج التجسسي “بيغاسوس” والتي وضعتها إدارة بايدن على القائمة السوداء.

فريق من المتعهدين الأمنيين الأمريكيين زار إسرائيل عدة مرات في الأشهر الأخيرة، وقام بمهمة جريئة ولكن خطيرة من أجل الاستحواذ على شركة “إن إس إو” سيئة السمعة. وقابل فريق شركة “أل 3 هاريس” عددا من العقبات في طريقه، بدءا من وضع الولايات المتحدة الشركة الإسرائيلية على القائمة السوداء قبل عدة أشهر من زيارة الوفد. فقد اتُهمت الشركة الإسرائيلية باستخدام برنامجها بيغاسوس لاختراق هواتف ناشطين حقوقيين ومؤسسات حكومية وزعماء دول وصحافيين.

ويمكن لبرنامج بيغاسوس بـ”دون نقر” اختراق أي هاتف عن بعد، واستخراج المعلومات والبيانات والصور وتحويل جهاز الصوت إلى جاسوس على صاحبه. وقالت إدارة بايدن في قرارها لحظر شركة “إن إس أو” في تشرين الثاني/ نوفمبر، إنها عملت “ضد المصالح الوطنية أو مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة”.

إلا أن خمسة أشخاص على معرفة بالمفاوضات، قالوا إن فريق “أل 3 هاريس” أحضر معه مفاجأة كانت ستدعم عملية توقيع العقد. وكان فحوى الرسالة أن المسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين، لديهم اهتمام بالاستحواذ على الشركة الإسرائيلية التي كانت منتجاتها التكنولوجية محل اهتمام للمخابرات وقوى حفظ النظام حول العالم، بما فيها مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) والوكالة المركزية للاستخبارات (سي آي إيه). واستمرت المحادثات حتى الشهر الماضي، عندما سرّبت معلومات، بحيث تركت الأطراف المشاركة في وضع تبحث عن طرق للخروج. وشجب البيت الأبيض عندما علم بالمفاوضات أي محاولة لشركات دفاعية أمريكية شراء شركة محظورة، وقال إنها ستلقى معارضة.

وبعد أيام من الكشف، أعلنت “أل 3 هاريس” التي تعتمد على الحكومة الأمريكية في عقودها، أنها ألغت خططها لشراء “إن إس إو” وذلك حسب مسؤولين أمريكيين، مع أن عددا من الأشخاص المطلعين على المحادثات، قالوا إن محاولات أجريت لإحياء المفاوضات. وما لم يتم الإجابة عنه في واشنطن وإسرائيل والدول الحليفة الأخرى، إن كانت المحاولة بمعرفة من البيت الأبيض أو من وراء ظهره، وأنها محاولة أمريكية للسيطرة على شركة صناعة برامج التجسس. وما لم يتم الكشف عنه هو مصير شركة أصبحت أداة في السياسة الخارجية الإسرائيلية، حتى في ظل النقد الذي تعرضت له بسبب استخدام الحكومات الأجنبية لتكنولوجيا التجسس.

الحادث هو آخر مناوشة في المعركة المستمرة للسيطرة على الأسلحة الإلكترونية القوية، والرياح المعاكسة التي يواجهها تحالف من الدول بينها الولايات المتحدة، في وقت تحاول إدارة بايدن الحد من التجارة العالمية المربحة لتكنولوجيا التجسس.

ولم بتم الحصول لصحيفة على تعليق لا من “أل3 هاريس” أو “إن إس إو” ولا مكتب مديرة الأمن القومي الأمريكية، أفريل هينز، ولا وزارة التجارة الأمريكية. كما رفض متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء التعليق.

وجاء قرار إدارة بايدن حظر الشركة بعد سنوات من المعلومات والتسريبات حول استخدام حكومات حول العالم، برنامج بيغاسوس كأداة للقمع الداخلي. وقامت الولايات المتحدة بشراء البرنامج وفحصه. وفي نيسان/ أبريل، كشفت الصحيفة عن شراء “أف بي أي” البرنامج وفحصه، وأن محامي الحكومة الأمريكية ناقشوا كيفية استخدام البرنامج في الأمن الداخلي.

وكالة “سي آي إيه” اشترت عام 2018 البرنامج لجيبوتي من أجل استخدامه في عمليات مكافحة الإرهاب، رغم ما لدى الدولة في القرن الأفريقي من سجل في قمع حقوق الإنسان وسجن الصحافيين.

ويأتي قرار شركة “أل 3 هاريس” بوقف المحادثات في وقت تعاني شركة “إن إس أو” من مستقبل غامض، بعد حظرها في الولايات المتحدة، وتراجع مواردها المالية، فقد نظرت لمحاولة شركة دفاعية أمريكية شراءها بمثابة شريان حياة. ولا يمكن للشركة شراء التكنولوجيا الأمريكية مثل خدمات ديل أو خدمات أمازون للتخزين السحابي. وكانت الشركة تأمل برفع الحظر عنها في حالة اشترتها شركة أمريكية. وظلت إسرائيل تتعامل مع الشركة كذراع لها، حيث منحت تراخيص بيع البرنامج التجسسي لدول مثل السعودية والهند وهنغاريا، وهي دول حاولت إسرائيل بناء علاقات دبلوماسية معها. لكنها منعت بيعه لدول أخرى لأسباب دبلوماسية. ففي العام الماضي، رفضت إسرائيل بيع البرنامج للحكومة الأوكرانية كي تستخدمه ضد الهواتف الروسية، وخافت أن تتأثر علاقاتها مع روسيا.

وأثناء المفاوضات بين “إن إس أو” و”أل 3 هاريس” والتي شملت لقاء واحدا مع أمير إيشل، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، قال ممثلو الشركة الأمريكية إنهم حصلوا على إذن من الحكومة الأمريكية للتفاوض مع “إن إس أو” رغم وجود حظر عليها. وقال ممثلو “أل 3 هاريس” للإسرائيليين، إن المخابرات الأمريكية دعمت عملية الاستحواذ طالما توفرت شروط، وذلك حسب خمسة أشخاص على معرفة بالمناقشات.

ومن بين الشروط، أنه سيتم بيع مكامن الضعف في شيفرة أجهزة الكمبيوتر التي تسمح لبيغاسوس باختراق الهاتف، ويمكن أن يباع لكل شركاء الولايات المتحدة فيما يعرف بالتشارك في المعلومات الأمنية أو “العيون الخمس”، وهي إلى جانب أمريكا، كندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزلندا. ورفض دبلوماسي بريطاني بارز التعليق على مستوى معرفة بلاده بالمحادثات بين الشركتين.

وفي البداية، رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية الشرط، وبعد ضغط من المخابرات الإسرائيلية، رفضت مطلبا آخر وهو مشاركة فريق “أل 3 هاريس” فريق التطوير في “إن إس أو” بمقراتها، شمال تل أبيب.

وتمسك ممثلو وزارة الدفاع بأن يكون لدى إسرائيل الصلاحيات الأخيرة لمنح رخصة بيع البرنامج، مع أنهم عبّروا عن تنازل في شأن السماح للشركة بالتفاوض حول الجهة التي سيباع لها البرنامج. وظهرت خلال المفاوضات، موضوعات تتعلق بضرورة موافقة الحكومة الأمريكية، إلا أن ممثلي شركة “أل 3 هاريس” أخبروا الطرف الآخر أنهم حصلوا على دعم من المسؤولين الأمريكيين.

ومن أجل التفاوض على الصفقة مع “إن إس أو” استأجرت “أل 3 هاريس” محاميا معروفا بعلاقاته مع المؤسسة الإسرائيلية، وهو المحامي دانيال رينزر، والذي عمل مديرا للدائرة الدولية في مكتب المدعي العام، وعمل مستشارا خاصا في العملية السلمية بالشرق الأوسط، لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

وفي الأشهر الأخيرة بعد حظر الشركة ومحاولات إسرائيل منع انهيارها، أرسلت وزارة التجارة في واشنطن عددا من الأسئلة لـ”إن إس أو” والشركات الأخرى المحظورة، منها إن كانت الشركة قد حافظت على سيطرة إيجابية على منتجاتها، وإن كان الأمريكيون في الخارج ليسوا هدفا لها. وهناك سؤال آخر، إن كانت الشركة مستعدة لوقف الوصول إلى منتجاتها إذا أخبرتها الولايات المتحدة بوجود خطر غير مقبول من منتجها الذي استخدم في انتهاكات حقوق الإنسان من زبون بعينه.

وبعيدا عن مفاوضات “أل 3 هاريس” حاول المسؤولون الإسرائيليون شطب الشركة عن القائمة السوداء الأمريكية، والتفاوض مع وزارة التجارة قبل زيارة جو بايدن للمنطقة هذا الأسبوع. وفوجئ البيت الأبيض بالخبر الذي نشره الشهر الماضي موقع “إنتيليحنس أونلاين” حول إمكانية بيع “إن إس أو” لشركة دفاع أمريكية، وردّ البيت الأبيض بأن هذا خرق خطير.

وفي ردّ من مسؤول أمريكي على سؤال للصحيفة، أكد أن الحكومة الأمريكية لم يكن لها أي دور في محاولة “أل 3 هاريس” شراء “إن إس أو” ولم تبارك الجهود، و”بعد المعرفة بالصفقة المحتملة، قام المجتمع الأمني بتحليل، وعبّر عن قلقه من تداعيات الصفقة وموقف الإدارة المعروف”.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى