نيويورك تايمز: ثمن الصداقة مع مودي

نيويورك تايمز 21-6-2023، بقلم مايا جاسانوف: ثمن تكوين صداقات مع مودي
إن الاستقبال الحافل لمودي في واشنطن هو تتويج للتقييمات الرائعة للهند من قبل الجميع، من بيل غيتس إلى وزيرة التجارة جينا ريموندو، ولا يمكن أن تكون الرسالة أوضح: في الحرب الباردة الثانية مع الصين، تريد الولايات المتحدة الهند إلى جانبها.
يستعدني التغير الذي حصل على صورة الهند في أمريكا، ولكن هناك ما يحتاج الأمريكيون إلى معرفته عن الهند تحت حكم مودي، وأنه قاد مسلحاً، بعقيدة شديدة الحدة للقومية الهندوسية، أوسع هجوم على الديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الأقليات، منذ 40 عاماً، على الأقل: “لقد قدم الرخاء والافتخار القومي للبعض، والاستبداد والقمع لكثيرين آخرين، وهو ما يجب أن يزعجنا جميعاً”.
ومنذ أن تولى مودي السلطة في عام 2014، انهار ادعاء الهند التي كانت تفتخر ذات يوم بأنها مجتمع ديمقراطي حرّ على عدة جبهات، من سجن المعارضين وطردهم من البرلمان إلى حذف التاريخ الإسلامي من الكتب المدرسية الوطنية، وإعادة تسمية المدن التي حملت أسماء إسلامية، إلى تجريد الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند، جامو وكشمير، من حكمها الذاتي.
ويميل المعلقون الغربيون المتحمسون بشأن “الهند الجديدة” إلى تجاوز هذه الفظاعات وكأنها مجرد حرف للانتباه عن النمو الاقتصادي للهند، وإمكانات الاستثمار فيها. والأرقام التي تقدمها الكاتبة تعطي فكرة مختلفة عن الازدهار في ظل مودي، من زيادة البطالة والمحسوبية وغير ذلك. كما قالت إن سياسات الهند تحت حكم مودي تؤثر أيضاً على المجتمعات الأمريكية وأماكن العمل والحرم الجامعي مع نمو الشتات الهندي في الولايات المتحدة.
ففي إديسون، بولاية نيوجيرسي، قاد المتظاهرون في موكب يوم الهند السنوي، في آب/ أغسطس الماضي، جرافة مزينة بصور مودي ووزير في الحكومة الهندية اليمينية المتطرفة كان قد أمر بهدم منازل وشركات المسلمين، مما يجعل هذه المركبات رموز كراهية استفزازية، مثل حبل المشنقة أو الصليب المحترق في مظاهرات كو كولاس كلان الداعية لتفوق العرق الأبيض.
وتعلق بأن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل مؤسف في دعم الأنظمة الاستبدادية العنيفة، بما في ذلك نظام باكستان، العدو اللدود للهند، خلال حرب يطلق عليها على نطاق واسع الإبادة الجماعية في شرق باكستان، بنغلاديش الآن. لقد تغاضت أمريكا باستمرار عن انتهاكات حقوق الإنسان، والتراجع الديمقراطي لدى الحلفاء الإستراتيجيين، بما في ذلك إسرائيل وتركيا.
قد يقول الدبلوماسيون إن الدعوة الموجهة إلى مودي لا تهدف إلى الاحتفال به أو بنظامه، بل لتعزيز العلاقات المهمة بين دولتين ومواطنيهما في لحظة جيوسياسية حرجة: “لكن دعونا لا نخدع أنفسنا؛ مودي، الذي حُرم، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، من تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، بزعم أنه تغاضى عن مذبحة للمسلمين، في عام 2002، جعل نفسه وجه أمته، تطل صورته مبتسماً على اللوحات الإعلانية على كل دوّار مرور، وعلى جوانب مواقف الحافلات، وعلى الصفحات الرئيسية لمواقع لا حصر لها. يمكننا أن نكون على يقين أن التقاط الصور مع كبار الشخصيات في واشنطن سيحتل مكانة بارزة في حملته لإعادة انتخابه العام المقبل”.
وما هو ليس معروفاً، تقول، إن كان مودي سيقدم نوع الشراكة الإستراتيجية أو الاقتصادية التي تسعى إليها واشنطن. ويجب على المشرعين الأمريكيين تمرير مشاريع قوانين تحمي الطبقات الهندية المنبوذة، وتثقيف أنفسهم بما يكفي لتجنب الخطأ الذي ارتكبته مؤخراً الجمعية العامة لإلينوي، عندما أنشأت مجلساً استشارياً أمريكيا هندياً باستخدام مصطلحات أدت إلى تهميش المسلمين بشكل مثير للاستياء. يجب على أرباب العمل أن يدركوا أن مناشدات الهوية الهندوسية، و”رهاب الهندوسية”، قد تكون متجذرة في الحملات المناهضة للأقليات والتمييز الطبقي. يجب أن يكون مديرو الجامعات مستعدين للجهود التي تبذلها الفصائل المتحالفة مع مودي لفرض رقابة على خطاب وأبحاث أعضاء هيئات التدريس والطلاب والضيوف.
ومن المهم أيضاً أن ندرك التنوع في جميع الجوانب للشتات الهندي في أمريكا، والذي يشمل التقدميين، مثل براميلا جايابال ورو خانا، والمحافظين، مثل نيكي هالي وفيفيك راماسوامي، وأن نتذكر أن الأمريكيين الهنود هم مجموعة فرعية ذات ثراء غير متناسب، ومتعلمون جيداً من الشتات الأوسع من جنوب آسيا، الذي لدى مكوناته احتياجات ومصالح مميزة.
ومثل الولايات المتحدة، تعدّ الهند دولة ديمقراطية غير عادية ومتنوعة ومتعددة، مع موهبة وإمكانات لا تصدق. وهناك الكثير، من حيث المبدأ، لتوحيد هذه الدول من أجل الخير. لكن، بينما يتعاون رئيس دولة ديمقراطية متعثرة مع رئيس وزراء عازم على عرقلة ديمقراطية أخرى، يبدو أن مشروع الحرية العالمية يقترب خطوة من الانهيار.
*أستاذة التاريخ في جامعة هارفارد،