ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز – بقلم توماس فريدمان – حل الدولتين ليس مهما للفلسطينيين والإسرائيليين بل وليهود أمريكا وحزب بايدن نفسه

نيويورك تايمز – بقلم توماس فريدمان – 26/5/2021

بات من الواضح بعد 11 يوما من “الحرب بين إسرائيل وحماس” أنه ما لم يتم الحفاظ على إمكانية التوصل لحل الدولتين فإن واقع الدولة الواحدة الذي سيحل مكانه لن يؤدي إلى تفجير الوضع في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة فحسب، بل قد يفجر الحزب الديمقراطي الأميركي وكل المنظمات والكنائس اليهودية في الولايات المتحدة أيضا.
التوصل إلى تسوية جدية بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن تكون ممكنة ما دام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس على رأس السلطة.
وأصبح من الضروري أن يتخذ الرئيس الأميركي جو بايدن خطوات عاجلة لإعادة تنشيط إمكانية حل الدولتين، وإعطائه على الأقل بعض المظاهر الدبلوماسية الملموسة على الأرض.
آمل أن يوصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقادة الإسرائيليين والفلسطينيين خلال لقائه معهم هذا الأسبوع رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة ستتعامل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على أنها قيادة دولة فلسطينية في طور التشكل، ووفقا لذلك فإنها ستتخذ سلسلة من الإجراءات الدبلوماسية لترسيخ الدولة الفلسطينية والحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين.
واتمنى أن يقول بلينكن للطرفين “إننا نحترم كل مخاوفكم، لكننا مصممون على المضي قدمًا (في هذا الحل) لأن الحفاظ على حل الدولتين الآن لا يتعلق فقط بمصالحكم الأمنية الوطنية، وإنما يتعلق أيضا بمصالح أمننا القومي في الشرق الأوسط، وبالمستقبل السياسي للحزب الديمقراطي”.
وفي غياب الأمل لإمكانية قيام دولتين منفصلتين؛ فلسطينية وإسرائيلية، فإن الخيار الوحيد المتبقي هو دولة واحدة تسودها الهيمنة الإسرائيلية، ويُحرم فيها الفلسطينيون في القدس الشرقية والضفة الغربية بشكل ممنهج من المساواة في الحقوق، لكي تتمكن إسرائيل من الحفاظ على طابعها اليهودي.
ذا حدث ذلك، فإن اتهام إسرائيل بأنها أصبحت كيانًا شبيهًا بنظام الفصل العنصري سيتردد صداه، ويكتسب زخما أبعد وأوسع نطاقا، ويؤدي إلى انقسام الحزب الديمقراطي.
إن هناك مجموعة من التقدميين في الحزب الديمقراطي الأميركي يزيد عددهم بمرور الوقت، ترى أن معاملة الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين مماثلة لتلك التي تتعامل بها الشرطة في مدينة مينيابوليس بولاية إنديانا مع الأميركيين من أصل أفريقي ومعاملة القوى الاستعمارية للشعوب الأصلية، وستصر تلك المجموعة من الديمقراطيين حينها على النأي بالولايات المتحدة عن إسرائيل، وقد يصل الأمر إلى حظر مبيعات الأسلحة الأميركية لتل أبيب.
ونقل عن رئيس مجموعة ريوت (Reut Group) البحثية الإسرائيلية جيدي غرينشتاين قوله إن “الناس يحتاجون إلى فهم كون هذه القضية قد تغيرت في الأسبوعين الماضيين، لقد تحولت مكانة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني داخل المجتمع والسياسة الأميركية وداخل الجالية اليهودية، من خلاف بين الحزبين إلى إسفين”.
وأضاف أن الخلاف بشأن الصراع أصبح الآن يدق إسفينا ليس فقط بين الديمقراطيين والجمهوريين، “ولكن بين الديمقراطيين أنفسهم أيضا، وهذه أخبار سيئة للغاية لإسرائيل وللشعب اليهودي. يجب على إسرائيل وبايدن التعاون بشكل عاجل لنزع فتيلها”.
ويتوقع أن يُحدِث حل الدولة الواحدة التي يضطهد فيها الفلسطينيون انقساما في صفوف المنتمين للمنظمات والكنائس اليهودية في الولايات المتحدة، كما حدث في الأسبوعين الماضيين بسبب الأحداث في غزة والقدس، إذ سيحتدم الخلاف حول استعداد أولئك الأتباع للدفاع عن إسرائيل، التي تبنت حل الدولة الواحدة، ولم تعد تتظاهر بأنها ديمقراطية بعد الآن.
ويتوقع أن يتحول تويتر وفيسبوك إلى ساحات معارك بين منتقدي إسرائيل والمدافعين عنها، وأن يعمد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والجمهوريون إلى إشعال نار الفتنة من خلال إخبار اليهود الأميركيين أنه ليس لديهم مستقبل في الحزب الديمقراطي، وحثهم على الالتحاق بالحزب الجمهوري الذي تدعم قاعدته الشعبية الإنجيلية الدولة اليهودية.
إن مزيدا من الناس سيتخلون عن إسرائيل، وهو ما يمكنك أن تراه يحدث الآن بالفعل، وستزدهر معاداة السامية تحت غطاء معاداة الصهيونية”.
واقترح على إدارة بايدن مجموعة من الإجراءات لإنقاذ الوضع، من بينها فتح بعثة دبلوماسية أميركية للسلطة الفلسطينية بالقرب من مقرها في رام الله، ودعوة السلطة الفلسطينية لإرسال ممثل دبلوماسي إلى واشنطن كسفير محتمل للدولة الفلسطينية المستقبلية. وإعادة فتح البعثة الدبلوماسية الأميركية في القدس الشرقية التي كان الرئيس السابق ترامب أغلقها، وقال إن ذلك من شأنه تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية، ومحو الانطباع الذي خلفه إغلاق البعثة في القدس الشرقية بأن أميركا تدعم حل الدولة الواحدة.
تأكيد أن التوصل إلى إبرام اتفاق يقضي بحل الدولتين أمر بعيد المنال، ما دام نتنياهو وعباس في السلطة، ولكن الخطوات التي اقترحها كفيلة على الأقل بالحفاظ على إمكانية التوصل لذلك الحل في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى