ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز”: اميركا ترى ان من المحتمل ان تشن ايران هجمات اذا سددت اسرائيل ضربة اليها

نقلا عن صحيفة “نيويورك تايمز” 29/2/2012

(شارك في التقرير توم شانكر وهيلين كوبر من واشنطن، وايثان برونر من القدس، وساهم في التقرير ايضاً ايريك شميدت من واشنطن).

 نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” اليوم الاربعاء تحقيقاً عن ردود الفعل المحتملة من جانب ايران على هجوم اسرائيلي على منشآتها النووية شارك فيه عدد من صحافييها في واشنطن واسرائيل. ويبرز التقرير ان طهران ستحرص في ردودها على عدم استفزاز الولايات المتحدة اكثر من اللازم خشية ان تشن عليها واشنطن هجمات تزيد من دمار منشآت برنامجها النووي. وفي ما يأتي نص التقرير: “يعتقد المسؤولون الأميركيون الذين أجروا تقييمات لردود الفعل الإيرانية المحتملة على أي هجوم قد تشنه اسرائيل على منشآتها النووية، ان إيران ستنتقم بإطلاق صواريخ على اسرائيل وشن هجمات من النوع الإرهابي موجهة ضد المدنيين والعسكرييين الأميركيين خارج الولايات المتحدة.

وفي حين ان الانتقام بإطلاق صواريخ على اسرائيل مؤكد فعلا، حسب هذه التقييمات، فمن المتوقع كذلك أن تحاول إيران تقليص ردها ضد أهداف أميركية حتى لا تعطي للولايات المتحدة مبررا للقيام بعمل عسكري قد يشل برنامج طهران النووي كليا. وقال الجنرال جيمس كارت وايت، وهو متقاعد حاليا وشارك، بصفته من كبار الضباط في القيادة الاستراتيجية ونائب رئيس هيئات الأركان الأميركية المشتركة، في مناورات حاسوبية حربية تتعلق بقدرات الردع والانتقام التي قد يقوم بها أعداء محتملون مثل إيران.

ويعتقد الجنرال كارت وايت وغيره من المحللين الأميركيين ان الأهداف الإيرانية ستشمل البنية النفطية في الخليج، والقوات الأميركية في أفغانستان، التي تتهم إيران بنقل المتفجرات إلى القوات المتمردة فيها.

ويعتقد المسؤولون الأميركيون والاسرائيليون الذين شاركوا في النقاش الجاري حاليا حول التداعيات المحتملة لهجوم اسرائيلي أن آخر شيء تريده إيران هو حرب شاملة على أراضيها. وتحليلهم هذا يشمل على أي حال التحفظ واسع النطاق ان من المستحيل معرفة طريقة التفكير لدى القيادة العليا في طهران، ويستند إلى الإدراك بأنه حتى أكثر المناورات الحاسوبية شمولا لا يمكنها التكهن برد فعل الدول والأفراد وسط نيران الحرب. ومع ذلك فهذه التقييمات ليست مجرد تمرينات عقلية. وأي نتائج حول كيفية رد الفعل الإيراني ستساعد في تحديد ما إذا كان الإسرائيليون سيشنون هجوما- وما هو موقف أميركا إن حدث ذلك.

وفي الوقت الذي تشير فيه الدلائل إلى أن إيران تواصل تحقيق تقدم في برنامج لصنع أسلحة نووية، يعتقد مسؤولو الاستخبارات الأميركية أنه لا يوجد دليل ملموس على ان إيران قررت صنع قنبلة نووية. لكن إمكانية شن إسرائيل هجوما استباقيا أصبحت محور اهتمام صانعي السياسة الأميركيين، ومن المتوقع أن تكون الموضوع الرئيس عندما يلتقي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس اوباما في البيت الأبيض يوم الاثنين المقبل.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) قال وزير الدفاع الاسرائيلين ايهود باراك، إن أي انتقام إيراني على هجوم اسرائيلي سيكون من الممكن “احتماله”، وكانت تقديرات حكومته بأن إيران منشغلة في عملية خداع العنصر الرئيسي في التوقعات المتصاعدة بان اسرائيل تفكر في شن هجوم. لكن اجهزة الأمن الإيرانية المقسمة الى دوائر كثيرة قد تعمل، وفقا لتحذيرات المحللين، بطريقة شبه خبيثة، وتسعى الى تحقيق اهداف قد تبدو غير عقلانية في نظر المخططين في واشنطن. وما يزال الخبراء الأميركيون، على سبيل المثال، مندهشين مما يشتبه بأنه مؤامرة إيرانية العام الماضي لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.

وقال راي طاقية وهو مسؤول سابق في الأمن القومي لإدارة اوباما هو الآن في مجلس العلاقات الخارجية: “بمجرد أن تبدأ الضربات العسكرية والضربات المضادة، فأنت على ظهر النمر. وعندما تكون على ظهر النمر، لن تستطيع اختيار المكان الذي تنزل عنه”.

وإذا شنت اسرائيل هجوماً بالفعل، فستكون ايران، وفقا للمسؤولين، غبية، بل وحتى انتحارية، باجتذاب انتقام ذي قوة هائلة بشن هجمات مباشرة على أهداف عسكرية للولايات المتحدة- بإطلاقها صواريخها، مثلاً، على القواعد الأميركية في مناطق الحلفاء في الخليج. وقال الجنرال كارت وايت، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “التوازن الذي سيحاول الإيرانيون تحقيقه هو إلحاق الضرر بقدر كاف، ولكن أقل من أن يدفع أميركا لغزو بلادهم”.

وقال مسؤول اسرائيلي سابق إن أفضل طريقة للتفكير بالانتقام من اسرائيل هي من خلال معادلة سماها “1991 زائد 2006 زائد 3 أو 5 أضعاف بيونس آيرس”. والإشارة هي إلى ثلاثة امثلة خلال العقدين الماضيين تعرضت اسرائيل فيها للهجوم: الصواريخ التي أطلقها صدام حسين على اسرائيل عام 1991 خلال حرب الخليج الأولى، والثلاثة آلاف صاروخ التي اطلقها حزب الله على اسرائيل في حربهما عام 2006، والهجمات على السفارة الاسرائيلية والمركز اليهودي في الأرجنتين اوائل التسعينات. وأسفرت تلك الهجمات عن قتل ما بين 100- 200 شخص وتسببت في أضرار بالممتلكات قدرت بعدة مليارات من الدولارات. واضطر مئات الآلاف من الاسرائيليين للنزوح عن بيوتهم إلى الملاجئ أو إلى مسافات ابعد في الجنوب خلال حرب 2006.

لكن هناك تقييما اسرائيليا على نطاق واسع بان رد إيران على الهجوم سيكون محدودا.

وقال المسؤول الاسرائيلي السابق، مرددا تعليقات باراك العام الماضي: “إذا تم شن هجوم جراحي على إيران، فستقوم برد فعل- من دون شك. ولكن ردها سيكون محسوبا ويتناسب مع قدراتها. ولن تشعل إيران النار في الشرق الأوسط”.

وتساءل ملخصا وجهة النظر الاسرائيلية: “هل سقوط 100 صاروخ على تل ابيب أمر جيد؟ الجواب هو لا. ولكن ذلك افضل من إيران نووية”.

وفي المقابل، يقول مسؤولون عسكريون واستخباراتيون في الإدارة الاميركية إن إيران من المحتمل جدا أن تختار القيام بهجمات غير مباشرة لا تعلن مسؤوليتها عنها ضد الدول التي تعتبرها مساندة للسياسة الاسرائيلية، على أمل أن توفر لطهران إمكانية نفي قيامها بتلك الهجمات على الأقل. كما قد تحاول طهران إغلاق مضيق هرمز، ولو موقتا، ما سيحدث حالة عدم استقرار في أسواق النفط.

وسيكون من الممكن ايضاً حصول زيادة في تفجير سيارات مفخخة ضد اهداف مدنية في عواصم العالم. وفي حكم المؤكد تقريباً ان ايران ستهرب متفجرات شديدة الانفجار عبر الحدود الى افغانستان حيث يمكن زرعها على جوانب طرق وتفجيرها من جانب وكلاء لقتل جنود من القوات الاميركية وقوات “ناتو” والحاق اصابات بهم – مثلما فعلت في العراق في ذروة العنف هناك. ولكن هدف ايران الاولي سيكون العمل بسرعة على اعادة بناء-وربما تسريع- برنامجها النووي، ولذلك ستحاول، وفقاً لتلك التقديرات، تجنب اجتذاب موجة هجمات ثانية من الولايات المتحدة.

ويقول والي نصر، وهو استاذ في السياسة الدولية في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تفتس، انه “سيتعين عليها ان تنتقم من اسرائيل بشكل بارز للعيان لحماية صورتها في الداخل وفي المنطقة”. واضاف انه الى جانب خط ثان من عمليات الانتقام ستحاول ايران “ان تبقي الولايات المتحدة مشغولةً بتصعيدها التوترات في لبنان، وسوريا، ومصر، والعراق وافغانستان”.

في 2009 عقد معهد بروكنغز ندوة محاكاة لتقييم اليوم الثاني لهجوم اسرائيلي على ايران، شارك فيه مسؤولون حكوميون سابقون، ودبلوماسيون وخبراء اقليميون مثَلوا ادوار مسؤولين اميركيين، واسرائيليين وايرانيين. ولعب كريم سادجابور من وقفية كارنيغي للسلام الدولي، دور المرشد الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي. وقال انه كان على القيادة الايرانية المنتحلة ان “توازن ردفعلها بدقةٍ عالية. فان ردوا باقل مما ينبغي، فان من الممكن ان يفقدوا ماء الوجه، وان ردوا باكثر من اللازم، فان من الممكن ان يفقدوا رؤوسهم”.

وخلال عملية المحاكاة اطلقت ايران ايضاً صواريخ على اهداف اسرائيلية عسكرية ونووية وأرخت العنان لاعضاء حزب الله و”حماس” و”الجهاد الاسلامي” ليطلقوا صواريخ على المراكز السكانية في اسرائيل، بهدف خلق جو من الرعب في اوساط الاسرائيليين. وفي المحاكاة، قامت ايران ايضاً بتنشيط خلايا ارهابية في اوروبا، فجرت قنابل في وسائط النقل وقتلت مدنيين.

وقال سادجابور ان مما اظهرته المحاكاة مدى سرعة تدهور الامور، مضيفاً انه “في ما يتعلق بالعواقب الطويلة الاجل، فان الصورة ضبابية لدرجة انه لا يمكن قول شيء سوى هذا: ستكون بشعة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى