ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز» الأمريكية – بقلم سوزان إي رايس – لماذا يضع ترامب روسيا أولاً … الروس دفعوا لقتل جنود أمريكيين في أفغانستان .. فماذا فعل ترامب ؟

صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية – بقلم سوزان إي رايس * – 30/6/2020

من الصعب للغاية تصديق أن أحدا لم يخبر الرئيس عن المعلومات الاستخبارية حول الجهود الروسية لإيذاء الأمريكيين في أفغانستان.

منذ فبراير (شباط) على الأقل، وربما منذ أوائل مارس (آذار) 2019، حصلت الولايات المتحدة على معلومات استخبارية مؤكدة بأن روسيا – الخصم العنيد – دفعت مكافآت لمقاتلين مقربين من طالبان لقتل القوات الأمريكية في أفغانستان. ونتيجةً لذلك، قُتل أفراد في الخدمة الأمريكية بحسب ما ورد. وحتى يومنا هذا، لم يحرك رئيس الولايات المتحدة ساكنًا.

وبدلًا من ذلك، رفض الرئيس ترامب المعلومات الاستخباراتية على أساس أنها ليست «ذات مصداقية» و«ربما تكون خدعة روسية أخرى ملفقة، وربما تكون «أخبارًا مزيفة» كالتي «تستهدف الجمهوريين ليظهروا سيئين أمام الناس»!

ادعاءات غير منطقية

و  أن السيد ترامب ادَّعى أيضًا أن أحدًا لم يخبره، لا هو ولا نائب الرئيس مايك بنس، عن هذه المعلومات الاستخبارية الحساسة قبل نشرها لأول مرة على صدر صفحات صحيفة نيويورك تايمز.

وإذا وضعنا مصداقية هذا الادِّعاء جانبًا ولو للحظة، فلماذا لما عَلِم الرئيس بهذه المعلومات الاستخبارية المقلقة للغاية لم يُدِن علنًا أي جهود روسية لقتل الجنود الأمريكيين؟ ولماذا لم يَسْعَ لاستكشاف خيارات رد أمريكي سريع ومهم؟ لا شيء من ادَّعاءته يتسم بالمنطقية. وبصفتها مستشارة سابقة للأمن القومي، تجد أنه من الصعب للغاية تصديق أن أحدًا لم يخبر ترامب بهذه المعلومات الاستخبارية. وكما ذكرت التقارير فإن هذه المعلومات الاستخباراتية أُدرِجت في الإحاطة اليومية التي تقدم الرئيس، والتي تُمرَّر إلى جميع كبار مسؤولي الأمن القومي.

وحتى إذا كان السيد ترامب لا يكلف نفسه عناء قراءة الإحاطة اليومية بانتظام، فمن المفترض أن الآخرين يقرأون هذه الإحاطة اليومية. وإذا كان كبار مستشاري الرئيس- روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي، وريتشارد جرينيل، الذي استقال في مايو (آيار) قائمًا بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية، ووزير الدفاع مارك إسبر، من بين آخرين- اعتقدوا أنه من غير الضروري إبلاغ القائد العام بمسألة الحياة أو الموت هذه، فإنهم لا يستحقون أن يكونوا في الخدمة.

ويزعم المسؤولون في البيت الأبيض أنه سيكون من غير اللائق إبلاغ الرئيس بمثل هذه المعلومات حتى يتأكدوا من صحتها بالكامل، وتجهيز خيارات الرد الأمريكي. ومع ذلك، أفادت التقارير بأن الإدارة أبلغت الحكومة البريطانية بذلك، وعقد مجلس الأمن القومي اجتماعًا بين الوكالات في مارس لمناقشة هذه المعلومات الاستخباراتية وتداعياتها.

ما الذي يجب فعله؟

ولفتت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة إلى ما كان يجب فعله، فتقول: لو تلقيتُ، بصفتي مستشارة للأمن القومي، تقارير وإن كانت «أولية» تفيد بأن روسيا دفعت أموالًا لهذا أو ذاك بهدف قتل أفراد الخدمة الأمريكية، لتوجَّهتُ إلى المكتب البيضاوي مباشرةً لإطلاع الرئيس على ذلك.

ترامب وبنس مع قادة الجيش الأمريكي

و على عكس أساتذة اللف والدوران في البيت الأبيض اليوم، لم أكن لأنتظر حتى نصل إلى اليقين المطلق بشأن هذه المعلومات. وكنتُ سأقول: «سيدي الرئيس، أريد أن أتأكد من أنك على علم بأن لدينا تقارير مقلقة مفادها أن روسيا تدفع أموالًا لطالبان لقتل جنودنا في أفغانستان.

وسأعمل مع فريق من الاستخبارات للتأكد من موثوقية هذه المعلومات. وفي غضون ذلك، سأدعو فريق الأمن القومي للاجتماع لاقتراح بعض الخيارات عليك بشأن كيفية الرد على هذا التصعيد الخطير الواضح في الأعمال العدائية الروسية».

وإذا قرر الرئيس لاحقًا، كما فعل السيد ترامب، أنه يريد التحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحاول ست مرات على الأقل أن يقوم بذلك خلال الأسابيع القليلة التي تلت ذلك، ودعاه للانضمام إلى قمة مجموعة الدول الصناعية السبع، على الرغم من اعتراضات حلفائنا، لكنتُ قد رفعتُ رايةً حمراء، محذِّرة: «سيدي الرئيس، أود أن أذكِّرك بأننا نعتقد أن الروس يقتلون الجنود الأمريكيين. وليس هذا هو الوقت المناسب لتقدِّم لبوتين غصن زيتون، ولكنه وقت محاسبته ومعاقبته».

هذا ما كان سيحدث في ظل أي إدارة سابقة لأي من الحزبين السياسيين. لكن يبدو أن ذلك لم يكن مقلقًا للغاية (في عهد ترامب) وهذا يثير أسئلة لا تعد ولا تحصى. إذا أحيط السيد ترامب علمًا بالإجراءات الروسية، فلماذا لم يرد؟ وإذا لم يخبره أحد بذلك، فما السبب؟ هل كبار مستشاريه غير أكفاء؟ هل يتخوفون للغاية من تقديم أخبار سيئة للسيد ترامب، وبخاصة حول روسيا؟ هل يدير السيد ترامب سياسة خارجية مغردة خارج السرب، ومنفصلة تمامًا عن المصالح الوطنية الأمريكية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟

هل يخدم ترامب المصالح الروسية ؟

إن هذا النمط الخطير في التعامل مستمر، ويؤكد على النزعة الغريبة لدى السيد ترامب تجاه خدمة المصالح الروسية على حساب المصالح الأمريكية. ولنتذكر أنه خلال حملته عام 2016، حث ترامب روسيا علنًا إلى اختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري كلينتون وأشاد بمنظمة ويكيليكس لنشرها وثائق مسروقة.

ونفى ترامب التدخل الروسي في انتخابات 2016 ورفض كل ما قيل في هذا الشأن، ثم أشاد بالسيد بوتين في كلمته التي ألقاها في القمة التي عقدت في العاصمة الفنلندية هلسنكي ضاربًا بالاستخبارات الأمريكية عرض الحائط، وعرقل تحقيق مولر وشوَّه نتائجه. وفي خطوةٍ متهورة، سَحَب السيد ترامب القوات الأمريكية من شمال سوريا، وسمح للقوات الروسية بالاستيلاء على القواعد الأمريكية.

وبعد ذلك، دعا السيد ترامب من جانب واحد السيد بوتين لحضور قمة مجموعة الدول الصناعية السبع، وهي خطوة أدَّت على ما يبدو إلى قلب القمة السنوية للمنظمة رأسًا على عقب. وفي وقت لاحق، ودون استشارة أي أحد، أعلن السيد ترامب قراره بسحب ما يقرب من ثلث القوات الأمريكية المتمركزة في ألمانيا؛ وهو انسحاب مفاجئ لا يمكن تفسيره ويُضعِف العلاقات الأمريكية الألمانية ويضر بحلف الناتو، بينما يصب في مصلحة روسيا.

وفي الآونة الأخيرة، علمنا أن الجهود الروسية لذبح القوات الأمريكية بدم بارد لا تهز شعرة في هذا الرئيس. ويصدّ السيد ترامب عن المعلومات صدودًا ويتهرب من المسؤولية ويفشل في اتخاذ أي إجراء؛ إذ لم يقدِّم حتى احتجاجًا دبلوماسيًّا. والآن يعلم السيد بوتين أنه يستطيع قتل الأمريكيين دون أن يلقى جزاءً.

ماذا يجب أن نستنتج من كل هذا؟ في أفضل التقديرات، قائدنا العام مهمل تمامًا في أداء واجباته، إذ يترأس عملية أمن قومي مختلّة وظيفيًّا على نحو خطير، وهذا من شأنه تعريض بلادنا وأولئك الذين يرتدون زيَّها العسكري لخطرٍ كبير. وفي أسوأ التقديرات، يُدار البيت الأبيض على أيدي كذابين ضعفاء، يلبون رغبات رئيس مستبد يعمل بنشاط على تعزيز مصالح خصمنا الشريرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى