ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز: إيران وسّعت من مبيعاتها من الطائرات المسيّرة

نيويورك تايمز 29-7-2022، اعداد إيوان وورد، وفرناز فصيحي

حققت إيران في السنوات الأخيرة تقدما مطردا في تصميم وإنتاج المسيرات القتالية وزادت من عمليات نقلها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، حيث كانت تحاول حرف الديناميات في معارك اليمن وغزة، لكن الجهود توسعت إلى خارج هذه الساحات.

وتسعى إيران اليوم لبناء نفوذ دولي، وتقوم ببيع المسيرات المتقدمة التي يمكن تحميلها بالأسلحة لدول أخرى، بمن فيها دول تعرضت في السنوات الماضية لعقوبات اقتصادية مثل فنزويلا والسودان، وذلك حسب تقارير إعلامية في إيران، والصور التي التُقطت عبر الأقمار الاصطناعية وخبراء الدفاع في داخل وخارج إيران.

كل هذا وفّر مصادر للتمويل والتأثير السياسي لإيران والتي تتعرض للعزلة، وتكافح تحت ضغط العقوبات الأمريكية. وهناك تقارير عن احتمال شراء روسيا مسيّرات إيرانية كما قال المسؤولون الأمريكيون هذا الشهر. وقالوا إن لديهم معلومات عن احتمال تحول موسكو لعميل يشتري الأسلحة الإيرانية، وأنها تخطط لشراء مئات من الطائرات بدون طيار، في محاولة لتعويض خسائرها من المسيرات في الحرب الأوكرانية.

وحثت الولايات المتحدة إيران على عدم بيع المسيرات، وحذرت البلدين من العواقب. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن علاقاتها العسكرية مع روسيا سبقت غزو أوكرانيا بداية هذا العام، بدون تقديم تفاصيل، فيما قال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان خلال مقابلة هذا الشهر مع صحيفة “لا ريببليكا” الإيطالية، إن بلاده ليست لديها خطط لتوفير السلاح لأي طرف في الحرب.

لكن قائد الجيش الإيراني الجنرال كيومرث حيدري، قال في خطاب الأسبوع الماضي، إن بلاده مستعدة لتصدير الأسلحة والمعدات العسكرية للدول الصديقة، مضيفا أن المسيرات الإيرانية “لعبت دورا بعيدا عن حدودنا”. ولم يذكر حيدري روسيا بالاسم، إلا أن تعليقاته جاءت في نفس اليوم الذي زار فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طهران والتقى مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله خامنئي، والذي عبّر عن دعم كبير للغزو الروسي في أوكرانيا.

ونقل عن سيث فريتزمان، المحلل الدفاعي المقيم في القدس، قوله: “أصبحت إيران وبشكل متزايد لاعبا دوليا في تصدير الطائرات المسيرة. كون ظهور مسيرات جديدة مثل مهاجر- 6 في مناطق مثل القرن الأفريقي، يكشف عن رؤية دول المنطقة لها كعامل مغيّر للعبة”، في إشارة للمسيرة الإيرانية التي يمكنها التحليق على مدى 125 ميلا وقادرة على حمل الأسلحة الموجهة بدقة. مضيفا: “هذه حرب مدهشة ولكنها رخيصة”، وأن كلفة المسيرات الإيرانية أقل من النماذج الأخرى المتوفرة في السوق، ولكنها تزداد تقدما وأثبتت فعاليتها في معارك الشرق الأوسط.

وبدأت إيران تطوير صناعة الطائرات بدون طيار أثناء الحرب العراقية- الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي. واستطاعت خلال السنوات الماضية إنتاج عدد من النماذج للطائرات المسيرة المستخدمة في الرقابة والهجوم، كل هذا رغم العقوبات التي شلت اقتصادها وصناعتها بسبب برامجها النووية والصواريخ الباليستية. وأثارت هذه التطورات قلق إسرائيل والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. واستهدفت إسرائيل مواقع إنتاج وتخزين للمسيّرات في حرب الظل المتصاعدة بين البلدين. وفي بيان صدر عن وزارة الخارجية في 21 تموز/ يوليو جاء فيه أن “إنشاء إيران شبكة لنشر الطائرات المسيرة” كان الموضوع الرئيسي في لقاء قطر الأمني.

ولا تزال المسيرات الإيرانية على هامش السوق الدولي، وتشتريها الدول ذات الدخل المتدني أو التي تتعرض للعقوبات، حسب فرانتزمان. وتواجه طهران منافسة شديدة من الدول بالمنطقة خاصة تركيا التي باعت طائرتها المسيرة “بيرقدار تي بي 2” لدول مثل باكستان وأذربيجان وإثيوبيا، واستخدمتها أوكرانيا في الحرب مع روسيا.

وانتهى حظر للأمم المتحدة يمنع إيران من شراء أو بيع الأسلحة عام 2020، رغم احتجاج الولايات المتحدة والتي كانت تريد تمديده، مما أزال عقبة قانونية أمام إيران لبيع الطائرات المسيرة، وبناء مكانة لها في سوق هذه التكنولوجيا. وظهرت إشارات أولى على استغلال إيران رفع الحظر عنها وزيادة صادرات السلاح في آب/ أغسطس العام الماضي.

ففي إثيوبيا، التي شهدت العام الماضي حربا بين الحكومة ومتمردي التيغراي، ظهرت مقاتلات “مهاجر- 6” المسيّرة في الخلفية، خلال زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لقاعدة جوية عسكرية. وكانت المسيّرة مسلحة بصواريخ جو- أرض. وأكد الدبلوماسيون الغربيون تلقي إثيوبيا طائرات مسيرة من إيران، وهو ما قبلته وزارة الخزانة الأمريكية في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما فرضت عقوبات جديدة استهدفت صناعة الطائرات المسيرة في إيران.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في شباط/ فبراير، إن نفس الطائرة التي شوهدت في إثيوبيا، بيعت لفنزويلا، ولفت الانتباه إلى خطاب ألقاه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وهو يقف بجانب نموذج لطائرة مسيرة في مربض للطائرات. وبحسب وزارة الدفاع الفنزويلية والمسؤولين الأمريكيين، بدأت فنزويلا بتلقي نماذج لبناء مسيرة على تصميم “مهاجر- 2” منذ عام 2007، وهو العام الذي فرضت فيه الأمم المتحدة حظر السلاح على إيران. وكانت تجمع في الشركة المملوكة للدولة “كافيم” والتي وضعت على قائمة العقوبات الأمريكية عام 2013 لأنها خرقت قانون عدم الانتشار لإيران، كوريا الشمالية وسوريا.

وفي تموز/ يوليو، عرض مادورو مسيّرة قتالية صممت بناء على نموذج “مهاجر- 2” واتهمت إسرائيل إيران في شباط/ فبراير بتزويد فنزويلا بصواريخ دقيقة لاستخدامها في المسيرات. ونشر حسين دالريان، المحلل العسكري المقرب من الحرس الثوري، فيديو في كانون الثاني/ يناير، قال فيه إن إيران صدّرت المسيّرات لفنزويلا وإثيوبيا. وقال: “الجمهورية الإسلامية لديها مستوى من الإنتاج الواسع لعدة مسيرات بما فيها العسكرية والاستطلاعية والمسيرات الانتحارية ولديها مخزون ضخم الآن”. وأضاف: “لأن المسيرات فعالة، ولأن بعض الدول تحمست لها، فإن إيران تصدر في السنوات الأخيرة المسيرات مثل مهاجر-2 الجديدة، ومهاجر-6 وأبابيل. وحسب محللين عسكريين وصور التقطتها الأقمار الاصطناعية وتحليل الصور، فقد صدّرت إيران المسيرات إلى السودان، مع أن الخرطوم خاضعة لحظر السلاح من الأمم المتحدة. وفي عام 2008 قام جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة بالسؤال عن المسيرات القتالية التي استخدمت في السودان، فقيل لهم إنها أبابيل-3”.

ولدى إيران حوافز سياسية ورغبة بالتأثير عبر هذ الصفقات على الدول التي تشتريها، كما زودت بها الجماعات الوكيلة عنها في لعبة التنافس على الشرق الأوسط. وتساعد الصفقات هذه على بناء علاقات دولية رغم محاولات أمريكا عزلها، وتوفر مصدرا للدخل إلى جانب بيع النفط خلافا للعقوبات المفروضة. وفي أيار/ مايو، سافر الجنرال محمد باقري، قائد هيئة أركان الجيش الإيراني إلى طاجيكستان لافتتاح مصنع ينتج طائرات أبابيل-2. وهو أول مصنع تقيمه إيران في الخارج، وغطى الإعلام الإيراني المناسبة بشكل مكثف، ووصفها بالخطوة لتحول إيران للاعب في سوق صناعة المسيّرات العالمي.

وقالت وكالة تسنيم المرتبطة بالحرس الثوري، إن تصدير المسيرات هو صورة عن “تعميق إيران تأثيرها الإستراتيجي في الشرق”. وقالت الصحيفة الرسمية المرتبطة بالحكومة، إن تجربة نجاح الأسلحة الإيرانية في الشرق الأوسط وإثيوبيا جعلت من إيران مصدّرا مهما للأسلحة في المنطقة وعلى المستوى الدولي.

واستخدمت المسيرات الإيرانية في عدة هجمات ضد إسرائيل والسعودية والإمارات واليمن. وفي تشرين الأول/ أكتوبر ضد قاعدة عسكرية أمريكية في سوريا، حسب مسؤولين في الاستخبارات. وقال فرزين نديمي، المحلل العسكري في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: “لقد خلقوا قدرات درون قوية، وليس غريبا اهتمام الدول بالحصول على هذه التكنولوجيا”. و”يجب التعامل مع المسيرات الإيرانية بجدية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى