ترجمات أجنبية

نيويورك بوست – إميلي هولم – كيف هو العيش في شبه الحجر الصحي وسط تفشي فيروس كورونا في الصين

نيويورك بوست – إميلي هولم – 29/2/2020

كنت أعلم أن قبل ثمانية أعوام أن تجربة الانتقال إلى الصين سوف تنطوي على مخاطر وتحديات، لكن احتمال الإقامة في ما يشبه الاعتقال في المنزل لتجنب أن تصبح ناقلا لمرض لم يكن واحداً من التحديات التي تأملتها في ذلك الحين.

لوتشو، بلدتنا الصينية التي يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة في جنوب مقاطعة سيتشوان، ليست على ذلك القرب من ووهان، مركز الأزمة الواقعة على بعد 680 ميلاً. لكننا شهدنا، مع بقية أنحاء البلاد، مستوى متزايداً من القيود التي فُرضت على تحركاتنا منذ بداية العام الصيني الجديد في أواخر كانون الثاني (يناير).

كانت التجربة برمتها مرعبة ومملة. (وربما الشعوران في آن واحد في بعض الأحيان). كانت الأخبار عن انتشار الفيروس قد ظهرت في يوم عيد ميلادي في 30 كانون الثاني (يناير). وكنا نخطط لزيارة ينابيع حارة قريبة، أو ربما نستضيف مأدبة عشاء في مطعم ندعو إليها أصدقاءنا. ولكن، بحلول يوم عيد ميلادي، تم رسمياً حظر التجمعات التي تضم أكثر من أربعة أشخاص. وهكذا بقيتُ في المنزل، وانهمكت في صنع كعك زبدة الفول السوداني.

بحلول 10 شباط (فبراير)، أجبرت على العمل من المنزل. في البداية، أصدرت الحكومة بطاقات حمراء سمحت لنا بمغادرة حرم مجمع الشقق الشاهق الذي نقطنه مرة واحدة فقط كل يومين. ويجب أن أقول أنه كان من المخيف بعض الشيء أن أجد نفسي مقيدة في المنزل في بداية الأمر. وعلى الرغم من أن العمل بنظام البطاقة الحمراء قد انتهى رسميًا، وبدأ الناس للتو في العودة إلى العمل، فإنه لم يُسمح للمدرسين مثلي بالعودة إلى المدرسة بعد.

لا تبعد مدرستي أكثر من مقطع سكني واحد عن منزلي، وقد اعتدت أن يكون لدي جدول زمني نموذجي من الاثنين إلى الجمعة قبل قدوم الفيروس. أما الآن، فقد أصبح من الخطر وجود الأشخاص على مقربة من بعضهم البعض، خاصة عندما يكونون أطفالًا صغارًا. وهكذا، أقوم بدلاً من ذلك بتسجيل بعض الدروس بالفيديو كل أسبوع، وأحمّلها على تطبيق مجموعة الدردشة، WeChat الخاصة بفصلنا الدراسي.

الآن في أسبوع نموذجي، أغادر المنزل مرة أو مرتين للذهاب إلى السوبرماركت أو الصيدلية عبر الشارع من شقتنا. وهكذا، كنت بشكل أساسي مقتصرة على ممارسة الحياة داخل مربع سكني واحد في المدينة. وهذا الموقف مفروض ذاتيًا: ما تزال حافلات المدينة وسيارات الأجرة فيها تعمل، وإنما ليس لدي حقًا أي مكان أذهب إليه. والأعمال التجارية الوحيدة التي أراها مفتوحة هي محلات السوبرماركت والمخابز والصيدليات. أما المطاعم والبنوك ودور السينما والحانات ومراكز التسوق الكبيرة، فكلها مغلقة.

يترتب عليّ أن أرتدي قناعا للوجه عندما أخرج من المنزل، بينما يرتدي عاملو الصندوق في السوبرماركت نظارات واقية أيضاً. ويقيس البواب درجة حرارتك في السوبرماركت وعند البوابة الأمامية لمجمعنا السكني. وكما هو مفترض، إذا كنت تعاني من الحمى، فإنهم سوف يبلغون عنك ويرسلونك إلى المستشفى. ولدينا تطبيق على هواتفنا يتيح لنا الإبلاغ عن أي شخص مصاب بالحمى أو يبدو مريضاً.

عند بوابتنا الأمامية، هناك سجادة مغموسة بمطهر والتي تطؤها عندما تدخل أو تخرج. وجميع الأزرار في المصعد مغطاة بالبلاستيك، وهناك شاخصة تشجع الناس على استخدام منديل للمس أي شيء. وتواصل شركة الهاتف الخاصة بي إرسال الرسائل النصية عن الخط الساخن الجديد للصحة العقلية الذي يعمل على مدار الساعة، والذي تم إنشاؤه في أحد المستشفيات المحلية لمساعدة الأشخاص المحبوسين في منازلهم.

ربما يبدو هذا كله مخيفاً، لكننا اعتدنا عليه لدرجة أننا توقفنا عن الخوف. أصبح الجميع في الحي مرتاحون الآن حقاً. وهناك حوالي 20 شخصًا مريضًا في منطقتنا، لكنني لا أعرف أي شخص ذهب إلى المستشفى. وحتى الآن لم يمت أحد بسبب الفيروس في لوتشو. ولا يشعر جيراننا بالذعر، ولم تتضاءل الإمدادات الغذائية في السوق على الإطلاق.

ما يزال علينا أن نرتدي قناعاً في كل مكان نذهب إليه. وتبدو عملية تثبيته على وجهي قبل مغادرتي للمنزل هذه التجربة تبدو حقاً كما لو أنني أعيش في نوع من فيلم سينمائي مروع عن نهاية العالم. والقناع يجعل وجهي يتعرق ويجعلني أضيق بأنفاسي الخاصة. لكن القانون يطلب مني أن أرتديه، ويبدو الأمر في الحقيقة أشبه بعمل من باب المجاملة والتضامن بشكل أساسي.

لست قلقة بشأن التقاط عدوى كورونا. وأنا أتخذ الاحتياطات: أغسل يدي جيداً. وكنت مهووسة مسبقاً بغسل اليدين لأن طلابي في رياض الأطفال ينشرون الجراثيم على الدوام.

ألقينا أنا وزوجي الكثير من الطاقة التي لدينا في قناتنا على “يوتيوب”. هناك نتحدث عن وضعنا كل يوم، كما نكتب أيضاً فيلماً قصيراً مستوحى من هذه التجربة بأكملها. ويساعدني هذا الروتين في الشعور بالثبات على الأرض.

ربما بحلول الوقت الذي يحل فيه الدفء، سنتمكن في النهاية من العودة إلى الحياة الطبيعية مرة أخرى.

*تعيش إميلي هولم، 40 عاما، في لوتشو بالصين، على مدار الأعوام الثمانية الماضية. وهي صحفية فنون سابقة نشأت في مدينة نيويورك ومقاطعة سوفولك، وتعمل الآن معلمة في رياض الأطفال. تنشر هولم وزوجها، بيتر سيكورسكي، وهو موسيقي ومدون فيديو، بانتظام مقاطع فيديو عن حياتهما في الصين في قناة أنشآها على “يوتيوب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى