أقلام وأراء

نواف الزرو يكتب – من حزيران/67 الى حزيران 2021 : نقطة تحول في المشهد الفلسطيني الاستراتيجي؟!

نواف الزرو *- 5/6/2021

كما في كل عام، وبمناسبة الهزيمة أو النكبة أو النكسة الحزيرانية عام 1967، نعود ثانية وثالثة وفي كل عام، الى مراجعة ما جرى، والى قراءة المشهد الفلسطيني والعربي الراهن، والى متابعة التغيرات الجيو سياسية والديموغرافية على ارض فلسطين، من اجل الذاكرة وعدم النسيان لان كل الاطراف المتواطئة تشتغل على شطب الذاكرة الوطنية-القومية العروبية، وشطب القضية برمتها.

ولذلك ونحن اليوم امام الذكرى الرابعة والخمسين للهزيمة-النكبة-النكسة وبكل هذه المعاني وغيرها، نقرأ المشهد الفلسطيني-العربي الراهن:

*فلسطينيا:

نثبت بداية ان فلسطين اليوم في اعقاب الهبة-الانتفاضة -المواجهة الاخيرة اصبحت امام نقطة تحول استراتيجي في المشهد، فعلى قدر حسن استثمار الفرصة على قدر ما تتقدم فلسطين نحو ا الافضل…!

ولكن الى جانب ذلك في المشهد:

-“اسرائيل” تكرس الاحتلال والضم والهيمنة الاستراتيجية على فلسطين ..!.

-فلسطين تواجه اخطر هجوم صهيوني-امريكي مشترك عليها بصفقة القرن التي وإن غابت عن الاجندات الرسمية إلا ان مضامينها تنفذ على الارض.

-آفاق  التسوية السياسية المزعومة التي راهن عليها الكثيرون مغلقة بالحواجز والمعابر والبوابات والجدران والاستيطان …؟!!!

– المستعمرات الاستيطانية تنتشر سرطانيا في الجسم الفلسطيني.

– المستعمرون المستوطنون- ودولة المستوطنين دولة ثانية الى جانب”اسرائيل”…!

– الجدار العازل وتفريخاته من الجدران يبتلع الارض ويحاصر السكان ويدمر مقومات الاستقلال…!

– تداعيات المستعمرات والجدران على الارض والدولة..!

– تمزيق الوحدة الجغرافية والسكانية للضفة واقامة مدن المعازل…!

– الحصارات والاطواق والحواجز وتحويل حياة السكان الى جحيم…!

– الاغتيالات والاعدامات الميدانية والاعتقالات والمحاكمات الجماعية والاجتياحات وبلدوزر تدمير البنية التحتية ومقومات الاستقلال والدولة…!

– تهويد المدينة المقدسة واختطافها خاصة بعد قرار ترامب البلفوري منحها عاصمة للكيان.

-ومدينة خليل الرحمن كذلك تواجه هجوما احتلاليا تهويديا مرعبا وبنصوص توراتية –فهم يزعمون ان الخليل لهم ولاجدادهم….!

– والفلسطينيون ومعهم الملايين من الشعوب العربية يتساءلون في ضوء كل ذلك:

-وبعدين…مع الاحتلال المجرم….؟!

– وفي الرد على ذلك اعلنها الشعب الفلسطيني هبة-انتفاضة مواجهة شاملة مع الاحتلال على امتداد مساحة فلسطين، وتحول المشهد الى مواجهات ومعارك واشتباكات يومية في كل الاماكن الفلسطينية.

*عربيا:

–العرب يتفككون ويتشظون ويتناحرون وينتحرون…!

-أين العرب..أين الامة العربية..؟!

-أين انت ايها القائد الخالد جمال عبد الناصر وأين لاءاتك الكبيرة….؟!

ربما تشكل العناوين اعلاه الخلاصة المكثفة جدا للمشهد العربي الفلسطيني في فلسطين في مواجهة “اسرائيل” العدوان والاحتلال والاستيطان والتهويد، فالعرب عمليا يتفككون ويتشظون ويفقدون البوصلة يوما عن يوم، وينجرفون الى القطرية والاقليمية والطائفية والاثنية والمسارية الاحادية، والتطبيعية الخيانية مع الكيان، في الوقت الذي اصبح الفلسطينيون يتساءلون اليوم: فلسطين تحت براثن الاحتلال والتهويد المجرم والعرب الاعراب المطبعون يذهبون بعيدا في  الخيانة العلنية الصريحة الوقحة للقضية والامة…!

ولذلك  لا نبالغ حينما نقول ان حرب حزيران 67 والهزيمة العربية الساحقة فيها شكلت بكل ما أفرزته من نتائج عسكرية وسياسية واقتصادية وسيكولوجية وجيواستراتيجية، تحولاً خطيراً في مجرى الصراع العربي -الإسرائيلي ما زلنا نعاني منه عربيا وفلسطينيا حتى اليوم والى اجل غير مسمى، نظرا لما نتج عنها من خللٍ خطيرٍ في موازين القوى بين العرب و”إسرائيل”، ما سمح لتلك الدولة بان تصول وتجول وتشن الحروب المتواصلة على العرب والفلسطينيين.

واليوم وبعد اربعة وخمسين عاما على الهزيمة والحروب الاسرائيلية المفتوحة تبقى الاسئلة الكبيرة تتفاعل على الاجندات العربية :

لماذا حصلت الهزيمة آنذاك …؟

لماذا الهزيمة الرسمية المستمرة منذ ذلك الوقت وحتى اليوم…؟!

ولماذا تتكرس الهزيمة العربية الرسمية، بل ويتحول العرب من اللاءات التاريخية الرافضة للمشروع الصهيوني الى النعمات العربية له، واي نعمات….؟!

لماذا لم يستخلص العرب العبر والدروس اللازمة من الهزيمة …؟!

الى اين تسير الاوضاع العربية في ضوء ذلك…؟

    منذ البدايات الأولى للهزيمة العربية والاحتلال، شنت دولة الاحتلال حربا مفتوحة على الفلسطينيين على قاعدة “حق اليهود في البناء والسكن والاستيطان اليهودي وفي كل مكان، وهي قاعدة حق القوي على الضعيف”  ، وعلى قاعدة أن الضفة الغربية جزء من “أرض إسرائيل أيضاً “.

وفي اعقاب انتفاضة الاقصى/2000 كشرت “اسرائيل” عن انيابها تماما فاعتبر قادتهم وجنرالاتهم “أن هذه المعركة هي الأخيرة في الحرب من أجل أرض إسرائيل”.

ان ما جرى ويجري هناك يحكي لنا قصة النكبة/الكارثة الفلسطينية التي تجلت وما تزال امام العالم بالبث الحي والمباشر..!

وهنا في هذا الصدد ونحن امام الذكرى الرابعة والخمسين لهزيمة حزيران 67 ، وقد كنا قبل ايام امام الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة واغتصاب فلسطين، نوثق ان فلسطين من البحر الى النهر باتت تحت مخالب الاغتصاب والتهويد والاقتلاع والترحيل، وهذه العملية تجري مع بالغ الاسف تحت مظلة “عملية التطبيع العربي” في هذه المرحلة، وعلى مرأى من العالم العربي والمجتمع الدولي…؟!

ليتضح لنا بالمعطيات والارقام الموثقة ان خرائط الحرب والجدران والاستيطان هي التي تهيمن اليوم، اذ تتواصل في كل ارجاء الضفة معركة تحويل كل مدينة او قرية فلسطينية الى جيب منقطع محوط بمناطق سيطرة اسرائيلية عسكرية واستيطانية على حد سواء.

في الوقت الذي يغيب فيه الدور العربي العروبي الحقيقي عن كل ما يجري هناك…!.

ففي ضوء كل هذه المعطيات يمكننا او نوثق ان فلسطين باتت اليوم تخوض صراعا وجوديا شرسا مع الاحتلال، والأمة العربية إما “ان تكون او لا تكون” في هذا الصراع كما كان الراحل الخالد عبد الناصر قد ثبت المعادلة للأمة…؟!

وان شعبنا الذي فجر  في رمضان المبارك هبة-انتفاضة القدس وفلسطين يواصل مسيرة الاشتباك مع الاحتلال حتى النصر والتحرير…!

* نواف الزرو – كاتب صحفي فلسطيني وباحث خبير في شؤون الصراع العربي – الصهيوني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى