أقلام وأراء

نواف الزرو يكتب – ما الذي يجري في سلوان المقدسية ؟!

نواف الزرو *- 9/4/2021

استيقظ اهلنا في المدينة المقدسة صباح الخميس 8/نيسان، على مفاجأة من الوزن الثقيل والمخيف ، فلم يخطر ببال احد منهم ان يستيقظ ليرى رايتين لعلم الاحتلال ترفرفان فوق بنايتين بحي بطن الهوى في بلدة سلوان المقدسيّة، ليتبيّن بعد ذلك أنّ عمليّة تسريبٍ لعدّة عقاراتٍ فلسطينيّة قد تمت لصالح المستوطنين، وكشف مركز معلومات وادي حلوة – القدس، أنّ ما جرى هو تسريب لثلاثة بنايات سكنية وقطعة أرض لجمعية “عطيرت كوهنيم الاستيطانية” في الحارة الوسطى في بلدة سلوان، في المقابل أصدرت ثلاث عائلاتٍ مقدسيّة، وهي: “أبو ذياب، أبو صبيح، الرشق”، بيانات تبرّأت فيها من بعض الأشخاص المحسوبين عليها بعد أن ثبت تورّطهم في عمليّة التسريب الخيانيّة.

 الى ذلك، وفي احدث تطورات ومستجدات المشهد المقدسي واجراءات الاحتلال التهويدية في المدينة، عادت بلدية الاحتلال بقرارها لهدم حي البستان الملاصق للمسجد الأقصى بأكمله مجدداً، وذلك بعد رفضها للمخططات الهندسية وتجميد أوامر الهدم، وإلغائها كل الاتفاقيات الموقعة مع سكان الحي الفلسطينيين. ورفضت محكمة الاحتلال إعطاء تمديد بتجميد أوامر الهدم، التي وزعتها على سكان الحي مؤخرًا، وبالتالي ستقوم البلدية بعملية هدم للمنازل كافة، تمهيدًا لإقامة “حديقة وطنية توراتية- عن المركز الفلسطيني للإعلام- الخميس 11/3/2021، واكد عضو لجنة الدفاع عن سلوان فخري أبو دياب أنّه من الواضح أنّ قرار الاحتلال بهدم حي البستان هذه المرة جاد، مبيناً أنّ هناك ضغوطاً مارسها اليمين المتطرف، وأمر البلديات والمؤسسات المعنية بالشروع في هدم الحي.

فما الذي يجري في سلوان المقدسية…؟!.

وكيف تمت عملية التسريب الخيانية هكذا في وضح النهار….؟

ومن يتحمل المسؤولية…؟

ولماذا سلوان في دائرة التركيز الاستيطاني التهويدي غير المسبوق…؟!

ولماذا تشهد سلوان موجات لا تتوقف من اعمال الاستيطان والحفريات والتهجير للسكان….؟!

ولماذا يخطط الاحتلال لإحلال اكثر من 25 الف مستوطن في الحي قبل العام 2030….!؟

وما هي تفاصيل 6280 امرا اداريا اصدرها الاحتلال في سلوان….؟!

جملة كبيرة من الاسئلة والتساؤلات على الاجندة المقدسية وعلى اجندة كل القوى والفصائل الفلسطينية …!

وفي هذا السياق الصدامي مع الاحتلال في سلوان وبطن الهوى ووادي حلوة ، يشار هنا الى ان كثر من 100 مبنى، يسكنه قرابة 1550 فلسطيني، و63% منهم هم أولاد دون سن 18 عاما، في بلدة سلوان المحاذية للبلدة القديمة في القدس المحتلة يواجه خطر الهدم الفوري-: 17/03/2021 –”؟.

فلا يكاد يمر يوم إلا ونتابع هجوما للمستعمرين المستوطنين اليهود، أو عملية إخلاء وغزو لمنزل من منازل سلوان لصالح المستوطنين، أو إقدام سلطات الاحتلال على مصادرة بيت او بيوت في المنطقة، او توجيه انذارات لعدد من السكان بإخلاء منازلهم او بهدمها بانفسهم، وكان من احدثها واقربها قرارالقضاء الصهيون بإخلاء بناية عائلة الرجبي في حي بطن الهوى بسلوان جنوبي المسجد الأقصى من سكانها، لصالح جمعية “عطيرت كوهنيم” الاستيطانية، وتتكون  من 3 شقق تأوي 30 فردا من العائلة- وكالات- الثلاثاء 08 /9/ 2020.

ونتابع من جهة اخرى المواجهات والصدامات والاستباكات ما بين اهل سلوان الصامدين مع المستعمرين اليهود، او مع جيش الاحتلال، ونتابع ايضا إقدام المستوطنين على بناء جدار بين بيوت الفلسطينيين والبيوت التي احتلوها وأقاموا فيها بؤرهم الاستيطانية في قلب البلدة”، وغير ذلك الكثير الكثير..!.

والحقيقة الساطعة ان لا مساحة اوحدود للمخططات والاجراءات الاحتلالية في مدينة القدس، غير ان التصعيد الاخطر على مدى السنوات الماضية كان باتجاه سلوان وباتجاه حي البستان وبطن الهوى تحديدا، حيث يتركز هجوم الاحتلال، اذ تعتبر بلدة سلوان المقدسية المنطقة الاكثر تركيزا من قبل الاحتلال في قصة الحفريات حول الهيكل، فمن “يسير في الطريق التاريخي الذي يلتف حول أسوار البلدة القديمة بالقدس، ويلتف باتجاه عقارب الساعة… على اليمين تطل قبة المسجد الأقصى على الطريق الواصل بين باب الأسباط وباب المغاربة، هذه القبة التي تتجه أنظار المسلمين إليها لقدسيتها، وتتجه إليها أيضا أنظار اليهود لزعمهم بوجود الهيكل تحتها ، ويرى المسافر على يسار الطريق إشارة صغيرة برتقالية تشير إلى: “عير دافيد” باللغة العبرية، أي مدينة داوود، وإذا تبع اللافتة البرتقالية فسيجد نفسه حقيقة في سلوان”.

وتعد المنطقة الواقعة جنوب أسوار البلدة القديمة والمعروفة بـ” حي سلوان ” من اكثر المناطق استهدافاً نظراً لأهميتها التاريخية المزعومة لجماعات التطرف الاستيطاني، وخلال السنوات الماضية تمكنت الجمعيات الاستيطانية من السيطرة على نحو عشرين منزلاً في مناطق متفرقة من سلوان مثل ” عين اللوزة ” وعين الحلوة ” وحولتها إلى بؤر استيطانية محاطة بحماية أمنية مشددة ، كما سيطرت هذه الجماعات على مساحة مهمة من الحي ، وكانت شرعت خلال سنوات القليلة الماضية في تهيئة المنطقة لإعادة بناء ما تطلق عليه “مدينة داود” وهي التسمية العبرانية لحي سلوان .

 وهم يعتبرون هذه المنطقة قلب ما يعرف بـ” الحوض المقدس” وهي تسمية أطلقها المفاوضون الإسرائيليون في مفاوضات كامب ديفيد الأخيرة عام 2000 وأصروا في حينه على احتفاظهم بالسيطرة عليها، وكانت مخططات استيطانية عدة أعلنت في السابق لربط سلوان بالقدس القديمة، خاصة منطقة حائط البراق، منها شق نفق أسفل سور القدس يفضي إلى ساحة “البراق ” ، و ” الحي اليهودي ” المقام على أنقاض حارة الشرف ، بغرض توفير الأمن والحماية للمستوطنين خلال تجوالهم وتنقلهم بين سلوان والقدس القديمة.

وتكمن أهمية “سلوان بالنسبة لهم ” لإدعاء اليهود بوجود آثار للهيكل المزعوم”، وهذا ما أكده عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان ومدير مركز البستان للتنمية وحقوق الإنسان، فخري أبو دياب، الذي قال “إن عدد البؤر الاستيطانية في سلوان يبلغ 55 بؤرة يضاف اليها المزيد من البؤر التي اقيمت في الآونة الاخيرة – تشمل منازلا وساحات وعمارات شقق، تتركز في “وادي حلوة” لأنهم يعتقدون بأن نشأة الدولة العبرية اليهودية- قبل ثلاثة آلاف عام -كانت في وادي حلوة”.

وأوضح أبو دياب “أن طرق الاستيلاء على العقارات العربية تكون بعدة أساليب، كتزوير الوثائق أو شرائها من أصحابها ذوي الضمائر الميتة، أو تحويلها لليهود باعتبارها أملاك غائبين”.

أما بخصوص الأنفاق التي يتم حفرها أسفل “سلوان” باتجاه أسوار المسجد الأقصى، فهناك خمسة أنفاق تم حفرها منذ سنوات، منها  ما يصل إلى سور الأقصى وآخر يصل إلى حائط البراق، ومنها ما يصل إلى منطقة سلوان الجنوبية، وما زالت الحفريات جارية على قدم وساق”. وأوضح أنه أصدر مؤخرا خرائط جديدة لسلوان تحمل أسماء عبرية للمواقع والمنشآت، من أجل فرض أمر واقع تهويدي”.

وتعود قصة حي البستان إلى العام 2004، حينما أصدرت بلدية الاحتلال قرارًا بهدمه بأكمله، وبدأت بتوزيع أوامر الهدم على سكانه البالغ عددهم 1550 نسمة، بدعوى البناء دون ترخيص، رغم أن أراضيه ذات ملكية فلسطينية خاصة، ووقف إسلامي.

ويقع حي البستان بسلوان في وادي النار، بين حي وادي حلوة والحديقة الوطنيّة لمحيط أسوار القدس غربًا، ويبعد نحو 300 متر من السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، ويمتد على مساحة 70 دونمًا، يدعي الاحتلال أنه يمثل “إرثًا حضاريًّا تاريخيًّا للشعب اليهودي”، لذلك عمل على تهويد اسمه وتحويله إلى “حديقة الملك داود”.

وعلى مرّ السنوات، صُدّقت خرائط هيكليّة لبعض أجزاء بلدة سلوان، إلا أنها لم توفر منطقة لازمة لتوسّع الحي ولم تزد من حقوق البناء فيه، ومع تعاظم الاكتظاظ بالبلدة، بدأ سكانه بالبناء من دون ترخيص، حتى باتوا اليوم يواجهون خطر التشريد والترحيل.

ويخشى سكان الحي من خطوة صهيونية غير مسبوقة بالإقدام على الهدم الجماعي، وهي سابقة خطيرة في تاريخ القدس، والقيام بترحيل أحياء بأكملها بهدف تفريغ المدينة من سكانها الأصليين.

ويكشف أبو دياب لـمراسلنا، أنّ أهالي حي البستان اتخذوا قرارا بالتصدي والتصعيد لمواجهة جرافات الاحتلال، وحماية منازلهم.

وقال: “لقد استنفذنا كل الوسائل القانونية والدبلوماسية، وسنعاود الضغط على المؤسسات الدولية، ولكننا سنعتمد أساسا وقوفنا أمام جرافات الاحتلال، وسيكون هناك تصعيد لخطواتنا لمنع هذه الإجراءات الصهيونية”.

وأوضح أنّ المقدسيين نجحوا في بعض الحالات، بوحدة صمودهم، العمل إلى انكفاء الاحتلال، وكان آخرها مواجهتهم برفضهم تركيب بوابات إلكترونية على بوابات المسجد الأقصى.

وأكّد أبو دياب، أنّ سكان الحي شرعوا بإقامة خيمة اعتصام ثابتة من أجل مواجهة قرار الهدم الجماعي، وسيعززون صمودهم بالاعتصام المتواصل فيها.

   ما يجعل هنا في الخلاصة المكثفة  قضية سلوان وحي البستان وبطن الهوى قضية مركزية في صميم الصراع مع الاحتلال  في قلب المدينة المقدسة،  فهم يعملون بلا كلل من اجل “تهويد”الحوض المقدس” المزعوم باعادة صياغته صهيونيا بما يتلاءم مع مزاعهم المتعلقة بالمنطقة، ما يعني اننا ننتقل الى مرحلة جديدة من الصراع على الهوية والسياد والمستقبل..مستقبل المدينة المقدسة، مما يقتضي من كافة الهيئات والقوى المقدسية وغيرها العمل بكافة السبل الممكنة من اجل دعم صمود اهل سلوان في معركتهم الوجودية…!

نواف الزرو – كاتب صحفي فلسطيني وباحث خبير في شؤون الصراع العربي – الصهيوني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى