أقلام وأراء

نواف الزرو يكتب – ماذا يقول الاسرائيليون عن المطبعين والحكام العرب !

نواف الزرو *- 24/12/2020

تأتي خطوة المغرب الرسمي بالتطبيع مع الكيان الصهيوني لتؤكد لنا بعد الامارات والبحرين والسودان، ان مشهد الانهيار الرسمي العربي والتهافت التطبيعي امام العدو الصهيوني اصبح المعلم الرئيسي في هذه المرحلة، فحينما تصف بعض المصادر السياسية والاعلامية الاسرائيلية “التطبيع العربي مع اسرائيل” بانه” الحدث الاهم في العقد الاخير في العلاقات العربية الاسرائيلية”، فان ذلك في الصميم، نعم ان التطبيع العربي هو الاخطر، وحينما يطل علينا نتنياهو بعد اعلان اي حاكم عربي عن استعداده عقد “اتفاق ابراهام”مع “اسرائيل” مرحبا متفاخرا متغطرسا مستهزئا بالفلسطينيين والامة، وكأنه يعلن من جهته انتصار المشروع الصهيوني التاريخي وانتصار الرواية الصهيونية على الرواية والسردية العربية الفلسطينية، وحينما اعلن وزيرا خارجية الإمارات والبحرين- منذ مدة غير بعيدة- “التندديد بعدوانية حزب الله وعجز لبنان الذي يسمح له بالعمل”، اعتبر نتنياهو ان هذه التصريحات “تبدو كأنها في أيام المسيح (المنتظر) وتشير إلى تغيير جذري في الشرق الأوسط”، فهل تبقى هناك دلالات أشد وضوحا وخطورة من ذلك على خطورة التطبيع العربي الرسمي المتهافت مع عدو الامة….؟!.

    وفي ظل هذا التهافت التطبيعي العربي الرسمي، الذي يفجر في عقولنا ونفوسنا أسئلة لا حصر لها حول طبيعة الحكام العرب ومن أي طينة خلقوا وجاءوا، دعونا نذهب الى ذلك الجانب -الصهيوني-، فماذ يقول الاسرائيليون الذين يعتبرون  صراعهم مع الامة العربية صراعا وجوديا ويعملون على تفكيك الامة والدول والوحدة العربية الى جزيئات وشظايا -عن هؤلاء الحكام-كي يسهل عليهم السيطرة  الاستراتيجية على العرب والمنطقة برمتها…؟!

  في كلمته في جلسة سابقة للحكومة قال نتنياهو “إن هناك شعورا بأن العالم العربي ناضج للتوصل إلى سلام”، وأن “لديه انطباعا بأن دولا عربية مهمة لم تقف إلى جانب ما أسماه “عملية السلام” باتت جاهزة-“.

وقال نفتالي بينيت في كلمة ألقاها في مؤتمر المنظمات اليهودية الأمريكية الذي عقد في القدس: ” إن الدول العربية المحيطة بإسرئيل في حالة انهيار وليس هناك داع للانسحاب وخوض التجربة لمعرفة ماذا سيحصل إذا ما قامت دولة فلسطينية على بعد 10 دقائق سفر من القدس!?”

وكان سلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق أعلن ذلك من على منبر الامم المتحدة قائلا”ان الجدار الحديدي العربي بين العرب واسرائيل اخذ يسقط”، ويضيف بمنتهى الوقاحة الابتزازية: “ان على من يريد ان يساعد الفلسطينيين ان يتعاون مع اسرائيل، وهذا شرط مسبق لاي دولة تريد ذلك”.

  وقال الكاتب عمانويل سيفان  في هآرتس يقول:”بينما نغرق في جدال نظري في مسألة اذا كانت توجد قومية يهودية، تجري عملية هامة في واقع الشرق الاوسط: الدولة القومية العربية، التي كانت الاساس للنظام العربي منذ 1970، بدأت تتشقق وتكاد تختفي في ستة بلدان، والعملية لا تزال مستمرة”..

وفي هذا السياق كذلك صرح الجنرال الاسرائيلي يوسي كوبر فاسر رئيس دائرة الابحاث في شعبة الاستخبارات الاسرائيلية الذي يطلقون عليه هناك “العقل المدبر مستخلصا:”ان العرب شغوفون باعفاء انفسهم من المسؤولية وتفكيرهم يخضع لغرائزهم …”.

وعمليا لا ينفرد هذا الجنرال في هذه القراءة ..فهناك  عدد كبير من كبار جنرالاتهم وسياسييهم وباحثيهم  يقرأون الاحوال والقيادات والقمم العربية  بالمنهجية ذاتها …!

فهاهو الجنرال احتياط اوري ساغي رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية سابقا كان قد لخص قراءته للواقع العربي بعد العراق قائلا:”لم يعد هناك اليوم قومية عربية شاملة في الصراع ضد اسرائيل”.

بينما كان الجنرال موشيه يعلون رئيس اركان الجيش الاسرائيلي سابقا قد بسط رقعة بازل استراتيجية مكونة من قطع مختلفة مرتبطة ببعضها البعض: العراقية والايرانية والسورية والليبية والفلسطينية “والارهاب”والتهديدات غير التقليدية، ليعرب في الخلاصة عن تفاؤله مؤكدا ايضا: “نحن لم نعد نتحدث عن عالم عربي، ولا عن وحدة عربية، وانما يدور الحديث عن مصالح فئوية خاصة”.

  ولعل الكاتب الاسرائيلي المعروف “غاي باخور” كان الاقرب في قراءته السيكولوجية للواقع الرسمي العربي  وللشخصية العربية من الآخرين حيث كتب”في يديعوت احرونوت  قائلا:”.. لا يمكن ان نشير ولو الى زعيم عربي واحد برز  بأفعاله، كلهم يبرزون بعدم بروزهم، يهربون من كل فكرة تغيير .. ويخافون من المستقبل، ويحتجزون الاصلاح وراء القضبان، ويتمسكون بالحاضر بأظافرهم… وهم مشغولون بالحفاظ على انفسهم فقط، وبقية الشعوب العربية بلا قيادة”، ويستشهد الكاتب الاسرائيلي هنا بما تنبأ به الشاعر السوري نزار قباني في الثمانينات في قصيدته “متى سيعلن موت العرب؟” فـ “الامة العربية -كما كتب- ماتت بذنب الطغاة الذين يمشون على جثث بلا رؤوس”.

– فلماذا وصلت أوضاع الأمة إلى ما هي عليه اليوم…؟

– وما العوامل والدوافع الداخلية والخارجية التي قادت إليها…؟

– وما دور السياسات الرسمية العربية في هذا النطاق؟

– وما دور مؤسسة القمم العربية في تكريس أو تغيير الأوضاع….؟

– وما الأفاق الحقيقية لفجر عربي جديد في ظل عالم جديد أحادي القطبية والهيمنة وفي ظل نظام شرق أوسطي جديد….؟

– ثم ما جدلية العلاقة ما بين النظام العربي والنظام الشرق الأوسطي الذي يقوم بالأساس على استحقاقات حرب الخليج وتدمير العراق استراتيجياً، وبالتالي على ما يسمى “عملية السلام والتعايش والتطبيق” مع دولة الاحتلال الإسرائيلي….؟

كل هذه وغيرها الكثير من الأسئلة والتساؤلات والتصورات والسيناريوهات تطرح نفسها اليوم بقوة متعاظمة…..!

ونعود لقباني، فماذا كان سيقول يا ترى في ضوء ما جرى ويجري في المشهد العربي الرسمي على الموت وعلى الطغاة الذين يمشون على جثث بلا رؤوس…؟!

*كاتب فلسطيني 

nawafzaru@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى