أقلام وأراء

نواف الزرو يكتب – مائة عام من الصراع: الاحتلال يتعمق .. وفلسطين بانتظار صحوة عربية حقيقية..

نواف الزرو – 5/12/2020

في الوعي السياسي الصهيوني المتبلور عبر الاجيال على مدى اكثر من سبعة عقود من الزمن، ان الصراع  مع العرب وجودي ومفتوح، وانه بدأ منذ اكثر من مائة عام، وقد يستمر مائة عام اخرى، حتى يستسلم العرب ويعترفون بعجرهم عن تسلق الجدار الفولاذي الجابوتنسكي، والسياسات الصهيونية  بنيت على ذلك، وما تزال، فمن وجهة نظرهم “ان البحر هو البحر وان العرب هم العرب”، وقد استحضر نتنياهو هذه المقولة الشهيرة التي كان اطلقها اسحق شامير عشية مؤتمر مدريد، للاشارة الى ان العرب في عداء ابدي مع الصهيونية ولن يتغيروا، وذلك في كلمته الاستذكارية لشامير الذي توفي في منتصف تموز/2012،، وكان شامير قد اضاف حينئذ انه “سيجعل المفاوضات تستمر عشر او عشرين عاما”، ولم تخيب الاحداث والتطورات السياسية  توقعات شامير، فالمفاوضات استمرت منذ اكثر من ثثة وعشرين عاما، دون ان تثمر عن شيء حقيقي  في سياق التسوية المروج لها، بينما، بقي البحر هو البحر، اما بالنسبة للعرب، فإن كان شامير قصد الانظمة والسياسات الرسمية العربية، فقد انتقلت على نحو لم يخطر ببال مؤسسي الصهيونية، من سياسة ومواقف اللاءات للصهيونية، الى سياسة ومواقف النعمات لها، ولكن إن كان شامير يقصد الشعوب العربية، فقد اصاب، ولم يخب ظنه.

وفي تفاصيل المشهد السياسي الصراعي  المستمر مع المشروع الصهيوني، فالواضح الملموس اننا امام خطين متوازيين لا يلتقيان على الاطلاق: “خط المفاوضات والسلام-المزعوم- والتسويات والتطبيع والتعايش”، و”خط  الصراع الوجودي وفلسطين من بحرها الى نهرها عربية الجذور والتاريخ”، وخط “الحروب والمجازر الصهيونية المفتوحة ” على الارض” التي تنسف  بمنتهى القسوة كل شعارات ومؤتمرات وفعاليات السلام المزعوم، فالمفاوضات والمؤتمرات شيء، وما يجري على الارض من حروب صهيونية وصلت مؤخرا الى مستوى تراثي وتاريخي شيء آخر.

   فهذه هي السياسة الصهيونية في جوهرها، تطلق العنان لكل شعارات ولقاءات وقمم السلام الثنائية او الثلاثية او الرباعية مع العرب، في الوقت الذي  لا يتوقف فيه البلدوزر عن بناء “حقائق الامر الواقع” الاستيطاني التهويدي على الارض، التي لا يمكن لاي تسوية سياسية ان  تخلعها على الاطلاق من جهة، ولا يتوقف فيه ايضا عن التجريف والتخريب والهدم الشامل لمقومات الصمود والبقاء الفلسطيني وللبنى التحتية الاستقلالية الفلسطينية من جهة ثانية.

    وفي قصة السلام الاسرائيلي كان حنان كريستال، معلق الشؤون الحزبية في الإذاعة والتلفزيون الاسرائيلي باللغة العبرية قال “لو قام ابو مازن بتقديم رؤوس قادة حماس والجهاد الاسلامي الى اولمرت-في عهده- او نتنياهو-اليوم-على طبق من فضة، فأن الأخير غير قادر على التقدم خطوة حقيقية واحدة في اتجاه التوصل لتسوية القضية الفلسطينية”، وكان جدعون ليفي المحلل في هآرتس قد كتب حول هذه الحقيقة تحت عنوان: “اسرائيل لا تريد السلام” يقول: “حانت لحظة الحقيقة، وهذا يجب أن يقال: اسرائيل لا تريد السلام، انتهت ترسانة الذرائع، مخزن الرفض بات فارغا، واذا كان  ممكنا حتى وقت اخير مضى القبول بالكاد بجملة حجج وشروط اسرائيل “لا شريك” و “لم يحن الوقت”، فان الصورة الناشئة الان لا تدع اي مجال للشك، فقناع اسرائيل المحبة للسلام تمزق تماما، ومن الان فصاعدا يقال: لا محبة ولا سلام”، ف”اسرائيل والسلام خطان مستقيمان لا يلتقيان” كما يؤكد الكاتب الاسرائيلي تسفي برئيل في هآرتس”، ويضيف: “النظر الى الوراء يشير الى اننا-اي اسرائيل- نتدبر أمورنا منذ عام 67 من دون السلام مع سوريا، او لبنان او الفلسطينيين، وهذا دون أن نحصي السنوات التي سبقت الاحتلال، إذن فلماذا نغير عاداتنا؟”.

   وفي قصة السلام الاسرائيلي ايضا، كان بن غوريون ذكر في مذكراته، أن آبا ايبان نصحه في يوم 14-7-1948، بأن لا يلهث وراء السلام، وان يكتفي اتفاقات الهدنة”، معللا ذلك بالقول: “لأننا إذا ركضنا وراء السلام فإن العرب سيطالبوننا بالثمن، والثمن هو تحديد الحدود أو عودة اللاجئين أو الاثنين معا”.

     ومن بن غوريون الى الراهن الاسرئيلي حيث كتبت صحيفة هآرتس “أن أية حكومة إسرائيلية ليس باستطاعتها التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين مهما كان نوع ولون هذه الحكومة”. وأضافت” انه في حال تحول الفلسطينيين إلى “فنلنديين”، فان أي حكومة لن توقع للفلسطينيين على اتفاق سلام”، واوضحت الصحيفة “إن السلام مع الفلسطينيين يعني الانسحاب من الأراضي المحتلة بما فيها القدس إضافة إلى عودة اللاجئين الأمر الذي لا يمكن أن تقبل به أية حكومة إسرائيلية “.

هكذا هو المشهد على حقيقته، فالبحر سيبقى هو البحر، والعرب-نستثني المطبعين منهم- سيبقون هم العرب، والصهيونية ستبقى هي الصهيونية، وما جرى في فلسطين، يفتح الصراع الوجودي الى ان  تحين ساعة الحل الجذري بالتحرير وعودة اصحاب الوطن المغتصب والمهود…!

فنحن في الخلاصة المكثفة امام مائة عام من الصراع مع المشروع الصهيوني وفلسطين بانتظار  صحوة ونهضة عربية حقيقية….؟!

*كاتب فلسطيني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى