أقلام وأراء

نواف الزرو يكتب – الاغوار على صفيح التهويد والتجريف والتهجير حتى في ظل الانشغالات بالانتخابات الامريكية وغيرها

نواف الزرو *- 6/11/2020

في ظل الانشغالات الفلسطينية والعربية والدولية  والاسرائيلية ايضا، وتحت وطأة التحليلات والتوقعات المختلفة حول ما إذا ستواصل ادارة الرئيس بايدن  نفس نهج ادارة ترامب فيما يتعلق بضم وتهويد الاغوار، تواصل سلطات الاحتلال  عمليات السطو المنهجي على منطقة الاغوار الفلسطينية، وكذلك على وقع تصريحات وقرارات نتنياهو واقطاب اليمين الصهيوني عن نية ومخطط ضم الاغوار وشمالي البحر الميت للسيادة الصهيونية هكذا بلطجة صهيونية في وضح النهار وليفعل الفلسطينيون والعرب والعالم ما يفعلون، دعونا نتابع حقيقة ما يجري عمليا على ارض الاغوار بالعناوين الرئيسية فقط: ففي كل ساعة هناك نشاط عسكري او استيطاني، وهناك نكبة فلسطينية جديدة، والحكايات النكبوية الفلسطينية في الاغوار لا حصر لها. وما يجري في الاغوار مؤشر واضح على النوايا الصهيونية بالبقاء هناك الى الابد، ما لم ينتفض الفلسطينيون والعرب على نحو حقيقي في مواجهة الاحتلال، والصراع في المنطقة التي تشكل نحو 30%  من مساحة الضفة الغربية المحتلة يدور على كل متر مربع فيها، وتعتبر الاغوار أحد أقطاب مثلث الماء الفلسطيني وتشكل نحو 47 % من مصادر المياه الجوفية وهي المعبر الوحيد للفلسطينيين نحو العالم الخارجي، وعصب الاقتصاد الفلسطيني المستقبلي.

    ففي منطقة الاغوار الفلسطينية المحتلة، نتابع الانفلات الصهيوني اليومي المسعور لاقتلاع الوجود العربي هناك، نتابع اعمال التجريف والتهديم والتهجير والتهويد، وكأنهم في سباق مصيري مع الوقت، لا يهدرون الوقت اطلاقا، في الوقت الذي ينشغل فيه الجميع، الفلسطينيون والعرب في هموم اخرى، ففي كل ساعة هناك نشاط عسكري او استيطاني، وهناك نكبة فلسطينية جديدة، والحكايات النكبوية الفلسطينية في الاغوار لا حصر لها، ودليل ذلك ان حملة “أنقذوا الأغوار” تطلق صيحاتها على مدار الساعة، متوجهة للسلطة والفصائل ولكافة القوى الاممية الحية، للتصدي لمحاولات إلاحتلال تهجير أهالي منطقة الأغوار بالضفة الغربية المحتلة من بيوتهم وأراضيهم، وذلك ليس عبثا، فحسب احدث المعطيات الفلسطينية قال مدير عام المصادر الطبيعية في سلطة جودة البيئة عيسى موسى، إنّ “سلطات الاحتلال الإسرائيلي سيطرت على 36 منطقة في الضفة تحت مسمى “محمية طبيعية”. وأفاد موسى في حديث لاذاعة صوت فلسطين، بأنّ “هناك العديد من المناطق التي تم اعلانها كمحميات طبيعية من قبل سلطات الاحتلال بهدف تحويلها الى معسكرات للاحتلال والى مستوطنات، حيث يوجد في الضفة 51 محمية طبيعية 15 منها تابعة للسيادة الفلسطينية، وحوالي 36 تقع في الأراضي المصنفة “ج”، التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، والـ11 ألف دونمًا التي أعلن الاحتلال مؤخرًا الاستيلاء عليها لتحويلها لمحميات طبيعية هي في الحقيقة أراض زراعية خصبة في منطقة أريحا، وجنوب الجفتلك، ودير حجلة، والمنطقة الشرقية، لتياسير في طوباس- بوابة الهدف- الأحد 18 أكتوبر 2020”. وفي الاغوار واصلت مجموعة من المستوطنين نصب خيم ومنشآت وبركسات وتسييج مساحات من الأراضي شرق عين الحلوة بالأغوار الشمالية، وتتعرض عدة مناطق في الضفة الغربية وخاصة في الأغوار والقرى المحاذية للمستوطنات لهجمة متواصلة بهدف مصادرة مزيد من الأراضي وشق طريق استيطانية وتهجير السكان-: 31/08/2020 –”. وانتشرت خلال الشهرين الماضيين مجموعات استيطانية “تطوعية”، لمساعدة مستوطني الأغوار في تسييج مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها، ضمن سياسة باتت ممنهجة لسلب الأراضي من أصحابها. وهذه الجماعات تعمل مؤخرا بشكل شبه يومي في الأغوار ويرتدي المنتسبون لها ملابس كتب عليها “أرضنا”، إنه “التطوع” برسم خطة النهب الاستيطاني الشمولي في الأغوار.. هذا ما يؤكده خبراء ومهتمون بالشأن الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وهو بمثابة “ضم صامت” يندرج في سياق المخطط الذي أعلنه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والذي يتم بموجبه “فرض السيادة” الإسرائيلية الكاملة على 30 بالمئة من أراضي الدولة الفلسطينية. كما استولت سلطات الاحتلال الصهيوني على أكثر من 11 ألف دونم في الأغوار لصالح ما يسمى المحميات الطبيعية، في واحدة من أكبر عمليات الاستيلاء.ونقلت وكالة الأنباء الرسمية -وفا- الخميس 15 أكتوبر 2020 -عن مدير عام توثيق انتهاكات الاحتلال في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قاسم عواد قوله إن:”الاحتلال أعلن استيلائه على 11.200 دونم، لصالح 3 محميات طبيعية إسرائيلية في الأغوار الفلسطينية”. وفي احدث عدوان احتلالي، اقدمت  قوات الاحتلال إسرائيليّ على تدمير تجمع فلسطيني بمنطقة الأغوار، وشردت سكانه البالغ عددهم 85 بينهم 35 طفلا، في أوسع عملية هدم إسرائيلية لمنشآت فلسطينية منذ 10 سنوات، بحسب مسؤول ملف الاستيطان في الأغوار الشمالية، معتز بشارات. ونقلت وكالة “الأناضول” للأنباء -: 03/11/2020 – إن منطقة الأغوار الشمالية شهدت الثلاثاء “أوسع عملية هدم إسرائيلية لمنشآت فلسطينية منذ 10 سنوات”، وأضاف: “قوات الاحتلال أزالت تجمع حمصة البقيعة (شرق طوباس) عن الوجود، وشردت سكانه”. وتابع أن “75 منشأة بين بيوت وحظائر جرى هدمها، والوضع مأساوي جدا، حيث إن 85 شخصا الآن مصيرهم العراء، بينهم 35 طفلا”. وأوضح بشارات أن “التجمع الفلسطيني قائم منذ أكثر من 40 عاما، ويعمل سكانه في تربية الثروة الحيوانية”.

الى كل ذلك، حسب تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، فأن سياسة التخطيط وتنظيم الأراضي التي تتّبعها سلطات الإحتلال في المنطقة (ج) في الضفة الغربية تمنع الفلسطينيين فعلياً من البناء في 99 % من أراضي المنطقة المسماه الخاضعة امنياً، ويقول التقرير انه إضافة إلى منع البناء في نحو 70 % من أراضي المناطق المصنفة (ج) تطبق إسرائيل في النسبة المتبقية والتي هي 30% سلسلة قيود تلغي عملياً إمكانية الحصول على تراخيص للبناء، ويضيف التقرير أن السلطات الإسرائيلية لا تسمح، من الناحية الفعلية للفلسطينيين عامةَ بالبناء إلا ضمن الخطة التي صادقت عليها، وهي أقل من 1% من مساحة المنطقة(ج )، ويعيش في المناطق (ج)، حوالي 150.000 فلسطيني فقط، من بينهم 27.500 من البدو والرعاة،، بالإضافة إلى أن 87 % من الأراضي المُصنفة (ج)، تكاد تكون محظورة على الفلسطينيين، وهي مُخصصة لاستخدام الجيش الإسرائيلي، أو تقع تحت سيطرة المستوطنات الإسرائيلية”، واشار تقرير لمنظمة منظمة اوكسفام غير الحكومية الى “ان نحو 9500 مستوطن يهودي في غور الاردن الذي تشكل مساحته 30% من الضفة الغربية المحتلة، يسيطرون على 86% من الاراضي في مقابل 6% للفلسطينيين”، وتحدث تقرير فلسطيني صادر عن معهد “اريج” للابحاث التطبيقية عن”ان اسرائيل تكرس ضم الكتل الاستيطانية الكبرى لضرب الوحدة الجغرافية للدولة الفلسطينية، وانها تعتزم عزل منطقة الغور التي تشكل 22% من مساحة الضفة الغربية”، وعن خرائط الاستيطان والجدران والتهويد ومناطق العزل والمصادرة، وكشف النقاب ايضا عن”الخطة الإسرائيلية الرامية الى مصادرة مساحات واسعة من جنوب الضفة الغربية وعزل الجنوب عن الوسط والشمال، اضافة الى تهويد المدينة المقدسة واكمال جدار الفصل العنصري بضم  أكثر من 14.4 % من الضفة الغربية عملياً وعزل أكثر من 38 % منها وخاصة في الواجهة الشرقية غور الأردن، واوضح اسحق”ان  مساحة منطقة العزل الشرقية تبلغ 1664 كيلومترا مربعا و تمثل 29.4% من المساحة الكلية للضفة الغربية (5661 كيلومترا مربعا)، وتضم أيضا 43 مستوطنة إسرائيلية و 42 تجمعا فلسطينيا”، ويشار هنا ايضا  الى”ان منطقة العزل الشرقية (منطقة غور الأردن) تقع فوق حوض المياة الجوفية الشرقية التي تؤمن سنويا ما معدله 172  مليون متر مكعب من المياه، كما تقع منطقة العزل الغربية فوق حوض المياة الجوفية الغربية والشمالية الغربية و التي تؤمن ما معدله 507  مليون متر مكعب من المياه”.

   تشكل هذه المعطيات غيضا من فيض هائل مما يجري في الاغوار الفلسطينية، من تجريف وتهجير للسكان وتهويد وتزييف للتاريخ، ومن سطو مسلح على الطريقة الكاوبوية في وضح النهار على الارض، وهم يغطون كل ذلك بذرائع التوراة والامن ووجود”اسرائيل”، فنتابع سلسلة اللاءات الاسرائيلية المجمع عليها لديهم في الدولة الصهيونية، ونتابع شروطهم  لاي تسوية سياسية محتملة-وليس هناك من اي تسوية في الافق القريب او البعيد-، وتعتبر منطقة الغور على امتداد نهر الاردن في مقدمة شروطهم، فهم يطالبون ويشترطون البقاء الى الابد  في غور الاردن متذرعين بالاسباب الامنية كما هو معروف، غير ان هناك الى جانبها دائما الاجندات الخفية من استراتيجية وتوراتية-تزييفية- واقتصادية وغيرها.

   لم يتوقف رئيس الوزراء الاسرائيلي على مدى سنوات حكمه عن الاعلان عن التمسك بمنطقة غور الاردن الى الابد، وهو لا يفوت مناسبة الا ويعلن فيها بقاء”اسرائيل”على امتداد نهر الاردن، ويعززه اقطاب اليمين وفي مقدمتهم وزير خارجيته  السابق ليبرمان مؤكدا:” استحالة ضمان امن دولة اسرائيل بدون بقاء تواجد اسرائيلي في منطقة غور الاردن”، واصفا غور الاردن ب”المفتاح لمنطقة تل ابيب الكبرى وباهم مانع تمتلكه اسرائيل حيال التهديدات التي تواجهها”.

    فان كانت الاغوار مفتاح تل ابيب الكبرى، فهي مفتاح الضفة الغربية والمدينة المقدسة للفلسطينيين والعرب، وما يجري في الاغوار مؤشر واضح على النوايا الصهيونية بالبقاء هناك الى الابد، ما لم ينتفض الفلسطينيون والعرب على نحو حقيقي في مواجهة هذه المخططات والمشاريع والنوايا الصهيونية، فالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يتخذ في منطقة الأغوار على طول الحدود مع الأردن شكلا مختلفاً، إنه صراع يدور على كل متر مربع في المنطقة التي تشكل نحو 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة، وحسب التقارير الفلسطينية، ففي كل مكان في الأغوار يمكن مشاهدة المحتلين المدججين بالسلاح يجثمون فوق أرض ليست لهم، آلاف من الجنود وآلاف آخرون من المستوطنين يسيطرون على ما مساحته 95 في المائة من المنطقة، ويلاحقون الفلسطينيين في الـ5 في المائة المتبقية، ومنذ عشرات السنين نفذت إسرائيل خططا كثيرة في سبيل تهجير الفلسطينيين من الأغوار، وفي الأعوام الأخيرة تحولت الهجمة الإسرائيلية إلى مسعورة ومجنونة، راحت إسرائيل معها تجرب كل شيء ممكن من أجل التخلص من الفلسطينيين نهائيا، فأعلنت الأراضي هناك منطقة عسكرية مغلقة وأراضي دولة، وحولت الأراضي هناك إلى مستوطنات ومصانع ومزارع ومواقع للتدريب الحي، منعت المزارعين والبدو والأهالي من استثمار أراض كثيرة للرعي أو الزراعة أو البناء، قطعت المياه عن تجمعات الفلسطينيين وأراضيهم، وسيطرت على كل الآبار الجوفية في المكان، وهدمت بيوتا وأنذرت الأخرى، وعزلت المنطقة عن بقية الضفة الغربية، وأخذت تمنع دخولها لغير أهلها الذين يحملون هويتها.

  ويقول فتحي خضيرات، منسق اللجان الشعبية لمناهضة الاستيطان في الأغوار مسؤول حملة “أنقذوا الأغوار” “إن الهجمة الإسرائيلية على الأغوار مبرمجة وتسير وفق خطط جهنمية مدروسة بعناية منذ عشرات السنين، لكنها اشتدت مؤخرا بشكل غير مسبوق”، وحسب خضيرات فإن “الهجرة الفلسطينية من الأغوار متزايدة بشكل كبير بفعل خطط الترانسفير الإسرائيلية”.

اما بالنسبة للفلسطينيين فتكتسب الأغوار أهمية خاصة فهي ” تشكل ثلث مساحة الضفة الغربية، وهي أحد أقطاب مثلث الماء الفلسطيني وتشكل نحو 47 في المائة من مصادر المياه الجوفية الفلسطينية، وهي المعبر الوحيد للفلسطينيين نحو العالم الخارجي، وهي عصب الاقتصاد الفلسطيني المستقبلي الذي يتمثل في الزراعة، وهي المكان الذي يمكن فيه توسيع القدس الشرقية، وهي المكان الذي يمكن فيه أيضا استيعاب اللاجئين حال عودتهم”.

فمؤسف في ضوء كل ذلك ان يتنصل العرب من مسؤولياتهم التاريخية والعروبية تجاه فلسطين والحقوق الفلسطينية، ومؤسف ان الفلسطينيين أهدروا الزمن -نحو خمسة وعشرين عاما من المفاوضات العبثية- دون اي نتائج حقيقية على الارض بل العكس تماما هو ما حصل، في الوقت الذي تجمع فيه”اسرائيل” على: ليقول الفلسطينيون والعرب والعالم ما يقولون، وليفعل اليهود ما يشاؤون…؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى