أقلام وأراء

نواف الزرو: عن نظريتي آرثر روبين والجنرال دايان عن سياسات التطهير العرقي المفتوحة باعتبارها الشرط الضروري لوجود “اسرائيل”؟!

نواف الزرو 22-9-2023: عن نظريتي آرثر روبين والجنرال دايان عن سياسات التطهير العرقي المفتوحة باعتبارها الشرط الضروري لوجود “اسرائيل”؟!

كل هذه الاجتياحات والاقتحامات والمجازر-كما وقعت وتستمر في جنين وفي نابلس ومخيم طولكرم وكذلك مخيم عقبة جبر مرارا وتكرارا على مدى الشهور والسنوات الماضية، وكل الاغتيالات والاعتقالات والمطاردات والمداهمات والاقتحامات ونسف وتهديم البيوت وتهجير أهاليها وغيرها من اشكال القمع الاحتلالي ضد الشعب الفلسطيني، انما تأتي في سياق “العمليات او المعارك بين الحروب-كما يطلقون عليها:”المعركة/او الحرب بين الحروب” التي أخذت تهيمن في الآونة الاخيرة على الخطاب الاعلامي/ الحربي العدواني الصهيوني وعلى مشهد العمليات الحربية/ العسكرية الصهيونية برمته، فإن هذه الاستراتيجية /اي المعركة او الحرب بين الحروب/ ليست اختراعا صهيونيا جديدا أو حديثا، فإن كانت عمليات الاغتيالات ضد القيادات والعلماء التي تنفذ على امتداد مساحات واسعة، او عمليات التفجيرات، او عمليات الاقتحامات والمداهمات الجارية على قدم وساق في كافة مدن وقرى ومخيمات فلسطين، او غيرها كلها تأتي في سياق”المعركة /او الحرب بين الحروب”، فهذه الاغتيالات والعمليات والتفجيرات …الخ لم تتوقف في يوم من الايام منذ ما قبل النكبة واغتصاب فلسطين، بل هي تأتي في سياق الاستراتيجية الصهيونية الراسخة منذ بدايات المشروع الصهيوني وإقامة الكيان، والتي تتبناها المؤسسة/الامنية/ العسكرية الصهيونية على مدار الساعة، وهي “استراتيجية الحرب أولا و دائما” أو “استراتيجية الحروب المفتوحة”، وخلاصتها:

ان سياسات التطهير العرقي المفتوحة باعتبارها الشرط الضروري لوجود “اسرائيل”…؟!

وفي هذه الاستراتيجية كان الجنرال موشيه ديان أكد ذلك مبكرا جدا حينما تطرق في خطاب ألقاه أمام دفعة من خريجي كلية الأركان في الجيش الإسرائيلي عام 1968، للدكتور آرثر روبين، الذي أدار جهود الاستيطان اليهودي في فلسطين منذ عام 1920، بعد عودته من الخارج التي استمرت سنوات عشرة بناء على قرار من السلطات العثمانية، معتبرا إياه أحد الرواد الصهاينة القلائل الذين سعوا إلى الإجابة عن “المسألة العربية” في فلسطين (تأسست حركة “بريت شالوم” (ميثاق سلام) في منزل روبين في القدس في العام 1925). وبحسب ديان، تطورت الإجابة عند روبين ومرت عبر مراحل، فبعد أن أمل في العام 1923 بدمج المهاجرين اليهود في نسيج المشرق العربي، اقترح في العام 1925، تحت ضغط اعترافه بالاختلافات بين المهاجرين اليهود الأوروبيين و”أبناء عمومتهم” من السكان الأصليين، إنشاء “دولة ثنائية القومية” في فلسطين؛ وبحلول عام 1936، وبعد اندلاع الثورة العربية في فلسطين ضد الهجرة اليهودية والاحتلال البريطاني، خلص روبين إلى أن “قدرنا أن نكون في حالة حرب مستمرة مع العرب”( Moshe Dayan, A Soldier Reflects on Peace Hopes: address to graduating class at Army’s Staff and Command College, in Irene L. Gendzier, editor, A Middle East Reader (New York: Pegasus, 1969), pp. 407-417).

وذكّر ديان الجيل الجديد من الضباط في إسرائيل بأنهم ورثوا هذا المصير، وأن الحرب المستمرة هي الشرط الضروري لوجود الدولة التي ساعد روبين في إنشائها، وحارب ديان نفسه لتوسيعها، وقبيل إعلان تأسيس “إسرائيل”، صرّح يهودا ماغنيس أنه إن لم يكن مؤيدًا للدولة اليهودية، فذلك لأنه لا يريد الحرب مع العالم العربي، وأدرك كل من روبين وماغنيس أن المغامرة الصهيونية السياسية ستؤدي الى الحرب، وفيما اختار روبين الدولة وقبِل الحرب، لم يقبل ماغنيس الحرب ورفض الدولة( Charles Glass, Jews Against Zion : Israeli Jewish Anti-Zionism, Journal of Palestine Studies, Vol.5 No. 1- 1976, p.57).

واستتباعا، تبنت المؤسسة الصهيونية وكل الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على مدى اكثر من خمسة وسبعين عاما نظرية روبين وديان في الحروب المفتوحة ضد الفلسطينيين والعرب، وفي مقدمتها ما اطلقوا عليه”الحرب أو المعركة بين الحروب”.

ولذلك نوثق ان كل سنوات المفاوضات الخمسة والعشرين كانت هدرا ومضيعة للزمن والارض والحقوق، وتفويتا لفرص وخيارات افضل واقوى في المواجهة مع مشروع الاحتلال والتهويد الصهيوني، وكل سنوات المفاوضات القادمة-المحتملة وقد لا تأتي- ستكون كذلك، بل ستعزز الهدر والضياع وفقدان البوصلة، ذلك ان حكاية السلام ليست واردة في الحسابات الصهيونية، وان كانت واردة فهي حسب المقاسات والمعايير والمفاهيم الصهيونية، التي تعني في الجوهر الغاء الآخر وحقوقه ومقومات وجودة، اذ “لا تتسع البلاد الا لدولة واحدة -منم وجهة نظرهم-هي دولة اليهود”؟

لذلك ايضا تنشغل الدولة الصهيونية بقضاياها الاستراتيجية، إن على مستوى الاستيطان والتهويد واختطاف الارض والتاريخ، وإن على مستوى الجبهات الاخرى ضد الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تنشغل فيه بحسابات البقاء والحروب المفتوحة مع الخارج العربي او مع مصادر التهديد العربي-أينما وجد-.

وهذا الذي يجري في نابلس وجنين والقدس وعلى امتداد مساحة فلسطين انما هي معارك في اطار تلك الاستراتيجية الصهيونية: “الحرب اولا ودائما”، وعلى هذا الاساس يجب ان تبنى كل الحسابات الفلسطينية والعربية…؟!

 

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى