أقلام وأراء

نواف الزرو: عن مشهد جرافات الإحتلال وهي تغرز أنيابها في أحشاء البيوت الفلسطينية في مخيمات الضفة!

نواف الزرو 8-3-2025: عن مشهد جرافات الإحتلال وهي تغرز أنيابها في أحشاء البيوت الفلسطينية في مخيمات الضفة!

 

إن مشهد الجرافات الصهيونية   D-9   التي يتابعها ويشاهدها الملايين من المتابعين على الفضائيات و وسائط التواصل الاجتماعي خلال الشهرين الماضيين وهي تغرز انيابها في أحشاء البيوت الفلسطينية في مخيمات جنين ونور شمس وغيرها بعد انمارسها ههوايتها التهديمية الاقتلاعية الإجرامية على امتداد مساحة غزة، يلخص المشهد الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيونية منذ اكثر من ستة وسبعين عاما حتى اليوم، فلا يكاد يخلو اجتياحٌ لقوات الاحتلال لقطاع غزة أو شنّ حرب عليه من استخدام الجرافات العسكرية المصفحة D-9 أو “الدب”او”الوحش” حسب الوصف الفلسطيني، وقد أعلن على سبيل المثال عن انتهاء مناورة نظمها سلاح الهندسة في جيش الاحتلال عبر هذه الجرافات، تركزت على استخدامها لتقطيع أوصال قطاع غزة وجنين وطولكرم ونابلس وقلقيلية وغيرها ، وإيجاد ممرات أرضية آمنة للآليات التي يعتزم الاحتلال من خلالها الاقتحام والتجريف والتهديم. وفي هذا السياق نلاحظ أنّ هذه الجرافات تسير جنبا الى جنب مع الدبابات ومدعومة بالغالب من المروحيات، وهي بالأساس جرافات عسكرية. ونوثق هنا ان “قوات الاحتلال اعتادت على ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة التي يندى لها جبين البشرية، بسبب العجز الدولي عن ملاحقة هذه الجرائم، وتعوّد الاحتلال على الإفلات من العقاب”. ولا شك أنّ الصمت الدولي سبب رئيسي لارتكاب مثل هذه الجرائم الوحشية التي تخالف المشاعر الإنسانية والأخلاق والقوانين والمعايير الدولية والإنسانية. ونؤكد هنا أن جريمة الإجتياح والتجريف والتهديم التي تجري على مدار الساعة في مخيمات شمالي الضفة الغربية، هي”جريمة حرب” حقيقية وجريمة ضد الإنسانية”.

ومما هو جدير بالاستحضار هنا تلك الاقوال والاوصاف التي اطلقها عدد من نخبة الكتاب الاسرائيليين على دور الجرافة الصهيونية الاجرامي، فكان اوري افنيري احد اهم اقطاب “معسكر السلام” الاسرائيلي وابرز الخبراء في السياسات الصهيونية ورئيس تحرير مجلة هعولام هزه قد اكد لنا منذ سنوات على سبيل المثال قائلاً: “ان الحرب الحقيقية في الضفة انما تدور رحاها في انحاء الضفة الغربية والقدس، واسلحتها تتكون من: الخرائط والقرارات والأوامر العسكرية، وهي حرب مصيرية يتعلق بها مصير ملايين الفلسطينيين، فأما الحياة واما الموت”، وأدوات هذه الحرب الوجودية حسب افنيري وحسب التقارير الفلسطينية المختلفة هي الخرائط والقرارات والاوامر العسكرية الاسرائيلية التي اداتها الرئيسية هي الجرافة العملاقة، التي لم تتوقف عن غرز اسنانها في الجسم الفلسطيني…!

ويقول الكاتب الاسرائيلي “يهودا ليطاني” في الجرافة: “ان الجرافة صارت اداة حرب للجيش الاسرائيلي، الاداة التي تشبه الدبابة وترمي الى الدمار وليس الى البناء”. ويقول الكاتب الاسرائيلي “عوفر شيلح”:”تواصل صديقتنا الجرافة تصميم الواقع في الضفة الغربية”.

وكتبت الصحفية الاسرائيلية المناهصة لسياسات الاحتلال “عميره هس” مؤكدة: “التفاؤل بعملية السلام شيء، والجرافات شيء آخر، فاسرائيل تبني للفلسطينيين في الضفة الغربية محميات هندية مبعثرة هنا وهناك”.

وتؤكد معطيات تقارير “السلام الآن” وغيرها “ان الجرافة الاسرائيلية تواصل عملها على مدار الساعة بلا توقف، بينما هم يتحدثون عن السلام…!

وجاء في اعترافات ضباط في جيش الاحتلال عن تعليمات القيادات لهم:”أنت أيها القائد السائق اليوم بيدك مصائر هذه الحيوانات البشرية، أبناء هؤلاء هم من ارتكبوا الإرهاب في دولتك العظيمة، أبناء هؤلاء هم الذين تجرأوا علينا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وقاموا بالمذبحة”.. هكذا قال لنا زعماؤنا وهذا ما عهدناهم عليه منذ نشأتنا: “جيناتهم الوراثية جينات مزروع فيها كل أوساخ البهائم المقيتة، ليسوا بشرا في أيّ حال من الأحوال، فلو كذبت علينا زعامتنا، فهذا هو دأب الزعامة السياسية، عادة ما يكذبون، ولكنّ أصول هؤلاء الفلسطينيين مدفون في أعماقها الشرّ كلّه والخبث كلّه.. لذلك أرح ضميرك ولا تجعل له صوتا يزعجك، حتى لو سمعت صوتا فلا تنزعج، أنت تقوم بمهمّة إنسانيّة لا مثيل لها في البشريّة كافّة، أنت تريح البشرية من هذه الحشرات السامّة والافاعي الضارّة، ساوي هذه البيوت الآيلة للسقوط بالأرض، تصالح مع ضميرك ولا تمعن النظر كثيرا فهؤلاء لا يستحقّون منك النظر”.

وعن آثار الجرافة الاحتلالية العملاقة كان كان جدعون ليفي- كتب في هآرتس يقول:”هيا بنا لننسى لحظة الـ 416 قرية التي ازالتها اسرائيل عن الوجود في عام 1948 –  ففي عام 2004 مثلا تحول 10704 فلسطيني الى اشخاص عديمي المأوى بعد ان دمر الجيش الاسرائيلي 1404 منزلاً، اغلبيتها في غزة لـ “اهداف ميدانية تتعلق بالعمليات”، وفي مخيم جنين دمر الجيش الاسرائيلي 560 منزلا، وسائق البلدوزر الاسطوري “كردي” روى كيف كان يشرب الوسكي خلال تحويله جنين الى ملعب كملعب تيدي كوليك، وفي عملية “قوس في السحاب” تلك العملية التي كانت الجرافة وسيلة فيها هدمت اسرائيل 120 منزلا في يوم واحد، ومن كان في رفح وخان يونس هو وحده الذي يستطيع ان  يدرك ما الذي فعلته جرافاتنا المتفوقة”، ويضيف:”لا تقولوا ان جرافاتنا تهدم ولا تقتل، فما الذي قتل ناشطة السلام راشيل كوري ان لم تكن رآها سائقها وفقا للشهادات من قبل ان يقوم بدهسها حتى الموت؟، ومن الذي سحق ابناء عائلة شعيبي في قصبة نابلس – جد وعمتين وام وولدين – كلهم سحقوا تحت جنازير الجرافات؟، ومن الذي قتل جمال فايد المعاق من مخيم جنين الذي لم يجد من اثره الا بقايا كرسيه المتحرك تحت انقاض كرسيه بينما لم يجدوا جثته حتى الان؟، أوليس هذا ارهاب الجرافات؟، ويستخلص:” الفلسطينيون اكتشفوا الجرافة في وقت متأخر جداً، فما هو جيدٌ لنا مناسب لهم ايضا، وكيف يقترح علينا خبراء الامن عندنا مكافحة هذه الظاهرة الجديدة؟، تدمير منازل المخربين، في الجرافات طبعا”.

لا شك إن تعمد الاحتلال استخدام هذه الجرافات في التخريب والتهديم والقتل والتهجير على اوسع نطاق و تحت سمع وبصر العالم أجمع، جريمة بشعة تضاف إلى سجل جرائمه الأسود بحق شعبنا الفلسطيني على طول الوطن وعرضه، وبحق أهل غزة المحاصرين، ويتحمل العدو الصهيوني تبعاته ونتائجه إم عاجلا أم آجلا…!

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى