أقلام وأراء

نواف الزرو: الاستعمار الاستيطاني في فلسطين أخطر مظاهر الإجرام والإرهاب الصهيوني

نواف الزرو 14-7-2025: الاستعمار الاستيطاني في فلسطين أخطر مظاهر الإجرام والإرهاب الصهيوني

مرة أخرى نعود لموضوع الاستعمار الاستيطاني في فلسطين وفي الضفة الغربية على نحو حصري، ففي ضوء ما نتابعه من تحليلات وسيناريوهات إسرائيلية وغيرها حول إرهاب ايتمار بن غفير الذي تحول من أزعر الشوارع إلى رتبة عضو كنيست، وإلى رتبة وزير تسلم واحدة من أهم الوزارات الصهيونية، والدور الذي يلعبه ايضا وزير المالية سموترتش الذي يقود كل الاعتداءات والهجمات على مختلف الاماكن في الضفة الغربية، ويعتبر الدينامو في تصعيد الهجمة الاستعمارية-الاستيطانية، وفي ضوء ما نتابعه أيضا من موجات من الهجمات الإرهابية التي يشنها المستعمرون المستوطنون ضد الفلسطينيين على امتداد مساحة الضفة على مدار الساعة، بل أن هذه الهجمات أصبحت منفلتة وتجاوزت كافة الخطوط الحمراء، نعود من جديد لنفتح ملف الاستعمار الصهيوني في فلسطين ودلالاته الإجرامية الخطيرة، إذ يعتبر الاستعمار الاستيطاني الصهيوني على الأرض الفلسطينية أحد أهم وأخطر المرتكزات الصهيونية للاستيلاء على فلسطين وتهويدها، بل يعتبر الاستيطان أخطر مظاهر الإجرام والإرهاب الصهيوني إلى جانب سياسات التطهير العرقي الإبادي الإجرامي، وهو الترجمة الأساس للمشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية، فبدون الاستيطان لم تكن لتقوم “إسرائيل”.

في هذا المضمون الإجرامي للاستيطان، عدنا إلى أرشيف الأدبيات والمواقف الصهيونية المتعلقة بالضفة و القدس والقرارات الدولية، وفي هذا الصدد، كان دافيد بن غوريون قد وجه انتقادا شديدا للحكومة، لأنها لا تفعل شيئا لاستكمال الانتصار العسكري الإسرائيلي في حزيران/67، وقال: “إذا أردنا أن تبقى القدس كلها بيدنا إلى الأبد، فعلينا أن نستوطنها بسرعة من الشرق والشمال والجنوب”، وأضاف: “أن الانتصار في حرب الأيام الستة، ليس الكلمة الأخيرة، إذ علينا أن نستوطن المناطق الجديدة بسرعة”، وبعد عدة أيام أضاف: “بدون هجرة جماعية غفيرة ومضاعفة التكاثر اليهودي، وزخم عملية للاستيطان في كل الأراضي التي وقعت تحت سيطرة إسرائيل منذ مدة قريبة، فمن يعلم إذا ما كانت دولة إسرائيل ستعمر طويلا- هآرتس 17/11/1967”.

ساند: ممارسات المستوطنين تعود إلى أكثر من مائة عام

وفي ذات السياق وفي نفس الجوهر الذي تحدث عنه بن غوريون، قال المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند إن “المستوطنين اليهود منذ ما يزيد عن مائة عام، وتحديدا عند العام 1891، وفي بدايات الوجود الاستيطاني اليهودي على هذه الأرض، وهم يتعاملون مع العرب بالعداء والقسوة، ويعتدون عليهم دون مبرر، ويضربونهم بشكل مهين، بدون سبب، بل إنهم يتباهون بفعل ذلك، ولم يكن هناك من يستطيع وقف تيار هذا الاتجاه الدنيء والخطير”، وأضاف ساند في مقال بصحيفة “هآرتس” أن “هذا السلوك العدواني ولّد لدى المهاجرين اليهود في حينه تغييرا مفاجئا في ميلهم نحو الاستبداد، كما يحدث دائمًا لـ”العبد الذي يصبح ملكًا”. وأكد ساند أن “الضفة الغربية اليوم لم تعد من أملاك الإمبراطورية العثمانية، كما كان الأمر في حينه منذ ما يزيد عن قرن من الزمان، لكنها لا تزال نفس الأرض، نفس التلال، ونفس القرى تقريبًا، وبالطبع مع أحفاد نفس العرب”، وأشار إلى أن “صراع المستوطنين اليهود مع جيرانهم الفلسطينيين والعرب لم يبدأ في عام 1967 أو عام 1948، بل بدأ مع بداية الاستيطان الصهيوني في نهاية القرن التاسع عشر، حين اقتلع المستوطنون الأوائل أنفسهم، وتركوا بلدانهم الأصلية نتيجة لظاهرة كراهية اليهود- موقع القدس الاخباري الإثنين، 20 ديسمبر 2021”.

وعزز روغل الفر-الكاتب في هآرتس –– 27/12/2021 ما ذهب اليه ساند قائلا: “العنف القاتل ضد الفلسطينيين والتحريض على العنف القاتل ضد الفلسطينيين هي أمور تسري في دماء حركة الاستيطان”، وكذلك الكاتب ران أدليست-الذي كان أكد المضمون ذاته في معاريف 1/12/2021 قائلا: “في إسرائيل، عندنا يقدسون قتلة عنصريين مثل المخرب باروخ غولدشتاين، الذي حظي بنصب تذكاري ومعجبوه يسرحون في الكنيست، ويذكر هنا أنه في شباط 1994 قتل غولدشتاين 29 مصلياً وأصاب نحو 100 في مغارة المكفيلا (الحرم الإبراهيمي) ودفن في حديقة مئير كهانا في الخليل، وتحول قبره إلى موقع حجيج.

وفي هذا السياق أيضا، فإن قوات الاحتلال والجرافات الصهيونية كلها معا في مشهد واحد متكامل تعيد في هذه الأيام إنتاج تفاصيل النكبة الفلسطينية، إنه الإجرام الصهيوني الحديث يتكامل في الآونة الأخيرة على امتداد مساحة القدس والضفة الغربية وعموم فلسطين، فحسب شهادة ايلينا هيمرمان-في هآرتس 12/2/2021، “فإن المستوطنات اليهودية تطبق على القرى العربية من كل الجهات – اريئيل، هرفافاه، كريات نتفيم، برقان، بروخين، عالي زهاف، ليشم، يكيف، بدوئيل، وبيت آريه، تمتد هذه المستوطنات وتقترب وتخنق وتطبق بالجدران والشوارع على مدينة سلفيت وقرى كفل حارس وحارس وبروكين وكفر الديك ودير بلوط ودير استيا، ومساحات اختصاصها الكبيرة، التي تم إعدادها لتوسيعها، تصل إلى حقولهم وبساتينهم وحتى إلى بيوتهم، يوجد منها ما تضخ للقرى مياه الصرف الصحي ومنها من تسيطر على ينابيع وآبار سكانها وتعمل منها بركاً للاستجمام، ومنها ما تحرض شبابها على قطع واقتلاع أشجارهم، وتحرضهم على تهديد سكان القرى، وعلى التخويف والهدم، وهذه المهمة ذاتها يقوم بها في هذه الأثناء بعدوانية كبيرة وبشكل خاص الجيش الإسرائيلي. فجرافات يرافقها الجنود اقتلعت، مؤخراً، آلاف أشجار الزيتون في دير بلوط ومئات الاشخاص في حارس، وهناك أوامر إخلاء معلقة ضد المواطنين الفلسطينيين”، وتضيف الكاتبة: “هكذا يعيدون إنتاج النكبة في الضفة الغربية، وليس فقط هنا، من جنوب جبل الخليل وغور الأردن وبيت لحم وطولكرم وحتى جنين؛ ومن سوسيا، مفؤوت يريحو، افرات، بيتار عيليت واريئيل وحتى كرنيه شومرون وحينانيت وشيكد: حرية، تطوير وسلطة لليهود فقط، هذه هي الطريقة المحتالة للنكبة الحالية، ليس هناك حاجة إلى أن يتم تحميل اللاجئين على الشاحنات وطردهم في قوافل، في الصور الجوية للهيئة التي تسمى الإدارة المدنية حاضرة جيدا، والمناطق التي تمت مصادرتها من الوجود غير اليهودي محددة فيها بصورة واضحة، وعلى الأرض هي تتقدم بخطوات كبيرة قبل تدمير نسيج الحياة لملايين العرب الفلسطينيين الذين يعيشون هنا منذ أجيال”.

وعلى ذلك، واستنادا إلى الخلفيات الأيديولوجية والاستراتيجية الصهيونية، فإن الاستعمار الاستيطاني هو أخطر وأقسى ألوان الاستعمار، فالاستعمار العادي الذي مارسته كثير من الإمبراطوريات الاستعمارية قديما وحديثا يحتل الأرض لينهب خيراتها وليجعلها قاعدة لأمن “المركز” الذي جاءت منه جيوشه وليستغل شعوب البلاد المحتلة، أما الاستعمار الاستيطاني فهو الاستيلاء على الأرض واستغلال لسكانها واقتلاعهم من أراضهم وديارهم بالإبادة أو التهجير، فهو يحول البلاد التي يستعمرها إلى “أرض بلا شعب” ليجعلها أرضا خالصة له من دون أهلها… فالاستيطان هو أن يقوم غرباء-غزاة باستيطان أرض لا تخصهم بتأييد من دول أوروبا الاستعمارية، فقد تم نقْلُ سكان من أوروبا إلى المناطق المكتشفة في العالم والخالية من الحضارة الأوروبية، كأميركا وأستراليا. وحصل المستوطنون على الأرض وأبادوا أو عزلوا سكانها الأصليين. وتنبثق الطبيعة العنصرية للاستعمار الاستيطاني من إيمان المستوطنين بتفوقهم الحضاري واحتقارهم للسكان الأصليين، وشعورهم بالتفوق عليهم وتمدينهم بالقوة، وركّز المستوطنون على احتلال الأرض من السكان الأصليين واستعمارها وجعلها خالية منهم، وترحيل السكان الأصليين خارج الحدود إلى الدول المجاورة.

فالمستوطنون غرباء جاؤوا من وراء البحار واستقروا في أراض ليست لهم وهدفهم زيادة الهجرة وزيادة الأراضي المغتصبة وكسر إرادة السكان الأصليين بالقوة والإرهاب والإبادة والعنصرية، ويعمل الكيان الاستيطاني على تشجيع الهجرة، ويترافق تشجيع الهجرة مع عملية تهجير (ترحيل) السكان الأصليين وحصر ملكية الأرض بالمستعمرين الغزاة، فملكية الأرض تنتقل من السكان الأصليين إلى المستوطنين.

وتدّعي النظم الاستيطانية بأنها نظم ديمقراطية، وهي في الحقيقة ديمقراطية للمستوطنين فقط ونظم إرهابية وعنصرية تجاه السكان الأصليين، وتتجلى عنصرية المستوطنين وإغراقهم في التمييز العنصري والإبادة باستخفافهم بحقوق وحياة وكرامة السكان الأصليين، فارتكاب المجازر حدث طبيعي في سلوكهم وممارساتهم وثبت بجلاء التحالف الاستراتيجي بين أنظمة الاستعمار الاستيطاني والدول الاستعمارية. وتحتل عملية الاستيلاء على الأرض مكان الصدارة في الصراع بين المستوطنين وسكان البلاد الأصليين، تماماً كما فعلت فرنسا في الجزائر والنظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا وروديسيا. وشكل الاستعمار الاستيطاني جزءاً لا يتجزأ من الاستعمار التقليدي في كينيا والجزائر وأنجولا.

يتعارض الاستعمار الاستيطاني مع مبادئ القانون الدولي المعاصر التي تؤكد على ضرورة إنهاء الاستعمار بكافة أشكاله، وفي مقدمتها الاستعمار الاستيطاني الذي يشكل أبشع وأخطر أنواع الاستعمار، فأنظمة الاستعمار الاستيطاني بحكم نشأتها الاستعمارية، وطبيعتها العنصرية، وممارساتها الوحشية تنتهك أحكام ومبادئ القانون الدولي وأهم العهود والمواثيق والاتفاقات الدولية، وتخالف قرارات الأمم المتحدة ولا تلتزم بتنفيذها، وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 1960 حول “منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة وتصفية الاستعمار”، ويعترف القانون الدولي والأمم المتحدة بشرعية كفاح الشعوب الرازحة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية، وبشرعية الكفاح بكافة الوسائل بما فيها المقاومة والكفاح المسلح لنيل الاستقلال وحق تقرير المصير وكنس الاستعمار بشكليه التقليدي والاستيطاني.

وعلى هذه الخلفية نأتي للاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين الذي يمكن اعتباره الاخطر والابشع في التاريخ المعاصر، ففي فلسطين تتجلى أقسى وأبشع اشكال الاستعمار الاستيطاني التي تنعكس وتترجم يوميا بل وفي كل ساعة ضد الشعب العربي الفلسطيني، وعلى نحو خاص في ظل صفقة القرن الترامبية الصهيونية بالكامل، وفي ظل وباء الكورونا الذي اجتاح العالم.

وفي هذا السياق الاستعماري الاستيطاني الصهيوني حدث ولا حرج…!

فنحن في المشهد الفلسطيني الراهن أمام ما يمكن أن نطلق عليه “الحرب الاستعمارية الاستيطانية الثالثة -الأولى بدأت عام1948 والثانية بعد العدوان عام 1967- كما ترجمها الكاتب توفيق أبو شومر” التي بدأت طلائعها منذ منتصف شهر ديسمبر 2018، ولكنها في سياق سلسلة متصلة من المعارك الطاحنة الوجودية على أهم المواقع في الضفة الغربية، وهي: القدس والخليل والأغوار، ولكن، وفي الوقت الذي يتسابق فيه بعض الزعماء والوزراء والمدراء وبعض المثقفين والإعلاميين والتجار العرب على التطبيع المجاني مع الاحتلال الصهيوني، يسارع عدد كبير من أعضاء “الكنيست” والوزراء من حزب “الليكود” وأحزاب يمينية أخرى إلى التوقيع على وثيقة تعهدوا فيها بدعم الاستعمار الاستيطاني والعمل على بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية. ووفقاً لصحيفة “إسرائيل اليوم” فإن الحديث يدور عن وثيقة بادرت بطرحها حركة “نحلا” الاستيطانية، حيث تهدف إلى جمع تعهدات من وزراء وأعضاء كنيست بالعمل على توطين أكثر من مليونَيْ مستعمر -مستوطن- غازٍ في الضفة الغربية، ومن بين الوزراء والمسؤولين الذين وقعوا على الوثيقة من الوزارة السابقة: رئيس الكنيست -المستقيل- “يولي أدلشتاين”، والوزير “يسرائيل كاتس”، والوزير “يريف لفين”، والوزير “زئيف ألكين”، والوزير “جلعاد أردان”، والوزير “أيالت شاكيد”، والوزير “نفتالي بنيت”، والوزيرة “ميري ريغف”، والوزير “أيوب قرا”، والوزير “يوآف غالنت”.

إن الشعب الفلسطيني يواجه منذ سنوات تهديدا حقيقيا يطلقون عليه هناك في “إسرائيل: “دويلة المستوطنين اليهود في يهودا والسامرة”، إذ بدأ هؤلاء يهددون بالانفصال عن دولة “إسرائيل” وإقامة دولتهم الخاصة المستقلة، وذلك حسب زعمهم ردًّا على أي محاولة من الحكومة الإسرائيلية للانسحاب من الضفة في إطار التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

فقد كان المستعمرون المستوطنون أعلنوا في منشور حمل عنوان “إسرائيل أرضنا” عن “مسابقة لوضع نشيد قومي واختيار علم آخر لدولتهم، وسيمنح الفائز بأحسن تصميم للعلم والنشيد بجائزة نقدية”، وجاء الإعلان عن هذا المخطط في مقال في صحيفة يديعوت أحرنوت/كتبه الراباي شالوم دوف وولفا رئيس “الطاقم العالمي لإنقاذ الشعب اليهودي” وهي المنظمة التي شكلت خصيصًا لذلك، تحت عنوان “الزلزال المقبل”، وقال الحاخام شالوم دوف في بيان له “بعد موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية واقتراح قانون لتعويض المستوطنين تمهيدًا لإخلائهم: ف”إن الحل هو إعلان دولة -أو مستعمرة يهودية أخرى- ذات حكم ذاتي في إطار المستعمرة الكبرى -إسرائيل-“، ولكن على الأرجح أن يكون هذا الإعلان في سياق تنسيق ةتكامل مع حكومة نتنياهو.

وعن هذه الدولة كتب يهودا باور- في هآرتس “إن إسرائيل لا تسيطر على بضع مئات الآلاف من المستوطنين اليهود هناك، فهم يقبلون الحكم الإسرائيلي فقط، إذا كان يصب في مصلحتهم، أما عندما لا يحدث ذلك وفقا لتصورهم، فهم يتجاهلونه في أحسن الأحوال وينجحون في مقاومتهم له في اسوأ الأحوال”، ويضيف: “الشرطة والسلطات الأمنية والجيش يخضعون لتهديد المقاومة النشطة المتواصل من قبل المستوطنين، ويخضعون لهذه التهديدات، وأصبح هناك دولتان، الأولى ملتزمة بالقانون الديمقراطي الغربي، والثانية بالحكم الديني المتطرف والخلاصي”.

أما الخبير بالشؤون العربية داني روبنشتاين فقد كتب بدوره في هآرتس -عن دولة المستعمرين- المستوطنين يقول: “على خلفية اتفاق السلام مع مصر والانسحاب الإسرائيلي من سيناء أقام نشيط حركة “كاخ”، ميخائيل بن حورين، في الثمانينيات ما سماه هو ورفاقه “دولة يهودا”، وكان قصدهم رمزيا وهو الإشارة إلى بديل ممكن عن السلطة الإسرائيلية في الضفة الغربية إذا ما انسحبت إسرائيل من المناطق وعندما تفعل ذلك، ولقّب بن حورين نفسه بلقب “رئيس دولة يهودا”، بعد ذلك كان من محرري كتاب “باروخ الرجل”، الذي امتدح القاتل في الحرم الإبراهيمي باروخ غولدشتاين، وكان من أبطال البولسا دينورا ضد اسحق رابين. و”لكن-يضيف روبنشتاين- في العديد من الجوانب أُقيم في الضفة، برعاية حكومات إسرائيل وتشجيعها، كيان سياسي ذو طابع يخصه، أي أنه نشأ فصل، حيث توجد دولة اسرائيل على حدة، والضفة أو دولة يهودا على حدة”.

ونحن هنا إذ نتحدث عن دولة أو جمهورية المستوطنين اليهود الإرهابية القائمة في أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام، فإننا لا نبالغ في ذلك أبداً، ذلك أن المستعمرات-المستوطنات اليهودية المنتشرة في أنحاء الضفة والقطاع عبارة عن ترسانات مسلحة أولاً، وعبارة عن مستنبتات أو دفيئات لتفريخ الفكر السياسي والأيديولوجي الإرهابي اليهودي ثانياً ، ودفيئات أيضاً لتشكيل وانطلاق التنظيمات والحركات الإرهابية السرية في نشاطاتها وممارساتها الإرهابية ثالثاً ، فضلاً عن كونها قوة ضغط هائلة على قرارات الحكومة الإسرائيلية ونهجها الاستيطاني والتنكيلي ضد الفلسطينيين رابعاً، وذلك رغم الحقيقة الساطعة المتمثلة بالتعاون والتكامل القائم بين الجانبين، فلا تعارض ولا تناقض قطعاً ما بين الدولة الإسرائيلية الرسمية بمؤسساتها وأجهزتها السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإدارية والمالية ، وسياساتها الاستيطانية، وما بين دولة المستوطنين اليهود المنفلتة في الأراضي الفلسطينية المحتلة .

وعندما نتحدث عن دويلة أو جمهورية -والأصح مستعمرة- المستوطنين اليهود، فإننا نتوقف عند حقيقة الصفات والخصائص الأساسية ومنها العنصرية والفوقية والإرهابية التي ميزت ودمغت الحركة الصهيونية والتنظيمات الصهيونية التاريخية، فمشروع الاستيطان اليهودي ترجمة صارخة للاستراتيجية الصهيونية على الأرض الفلسطينية، ودولة المستعمرين المستوطنين هي نتاج عملي لتلك الترجمة .

وعندما نتحدث عن دولة المستوطنين اليهود، فإننا نتحدث عن…، ونتوقف أمام، مسلسل لا حصر له، من الانتهاكات والممارسات الإرهابية الدموية التنكيلية والتدميرية الجامحة المنطلقة من صميم المستوطنات اليهودية… وكلها تجري بصورة سافرة تحت سمع وبصر وحماية الحكومة والجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية هكذا هي حقائق المشهد الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في الأراضي المحتلة حتى في ظل الجائحة الكورونية العالمية.

والمؤسف هنا: أنهم يعملون هناك في المستعمرة الصهيونية على مدار الساعة من أجل تحقيق حلمهم باختطاف الأرض والوطن والتاريخ والحقوق وتهويدها، هكذا بفعل القوة والإرهاب، بينما يهرول العرب الاعراب لمنحهم الاعتراف والغطاء والشرعية بالتطبيع معهم…!

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى