ترجمات عبرية

نظرة عليا – بقلم  ساره بوير-  زخم للتطبيع بين اسرائيل والمغرب؟

نظرة عليا – بقلم  ساره بوير- 19/7/2021

” زيارة اوشفيز التي وقعت في موعد قريب من المحادثة التي اجراها وزير الخارجية يئير لبيد مع نظيره المغربي ناصر بوريطا هي زخم اضافي لاستئناف العلاقات الثنائية، وفرصة للبدء بترجمة اتفاق واعد على الورق، الى سياسة اكثر عملية بالفعل “.

في 6  تموز 2021 سافر مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلي الون اوشفيز الى الرباط عاصمة المغرب للقاء نظيره كجزء مما وصفته وزارة الخارجية الاسرائيلية “حوار سياسي” بين الدولتين. رحلة اوشفيز هي زيارة اولى لدبلوماسي اسرائيلي رفيع المستوى للمغرب منذ أعلنت الدولتين عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما في كانون الاول 2020. ورافق الاتفاق الذي تحقق بوساطة ادارة ترامب السابقة القرار الامريكي موضع الخلاف للاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. كانت هذه أمنية بعيدة السنين للرباط وتغيير في الاتجاه الامريكي في سياسة تعود لعشرات السنين تبنت القاء المسألة للمفاوضات بادارة الامم المتحدة بين المغرب وبين البوليساريو، الحركة التي تدعمها الجزائر وتطالب باستقلال  المنطقة منذ 1975. وكان ثمن هدية واشنطن للرباط اقامة “علاقات دبلوماسية كاملة” مع اسرائيل، بعد عقدين قطعت فيهما المملكة علاقاتها الرسمية مع اسرائيل، على خلفية الانتفاضة الثانية. 

في محاولة للتملص من تعبير “التطبيع” عرضت المحافل الرسمية في المغرب الاتفاق كعودة لوضع العلاقات في العام 2000، حين كانت لكل دولة ممثلية رسمية في الدولة الاخرى، ودرج السياح الاسرائيليون الى ان يزوروا المملكة بشكل دائم. وعكس قرار المغرب الامتناع عن الاعلان عن التطبيع الكامل سواء الحاجة للدفاع عن النفس من امكانية الا تنفذ ادارة بايدن القرار بشأن الصحراء ام رغبة الملك محمد السادس، الذي هو رئيس الدولة والمرجعية الدينية الاولى في المملكة، للحفاظ على مصداقيته في المسألة الفلسطينية، ولا سيما في موضوع مكانة القدس. (محمد السادس يترأس لجنة القدس في منظمة التعاون الاسلامي، وهي جسم ذو معنى رمزي فقط وبلا نشاط عملي). في شهر اذار ونيسان صدرت تصريحات عن واشنطن بان ادارة بايدن ستحترم القرار بشأن الصحراء، وبالتوازي مع ذلك ستدفع نحو استئناف المحادثات لتحقيق حل سياسي للنزاع. 

في ضوء الاستمرار المعقول المتوقع في السياسة الامريكية، بدأت علاقات المغرب – اسرائيل تتطور وان كان بشكل اقل علنية بكثير من العلاقات بين اسرائيل واتحاد الامارات العربية. 

مع نشوب جولة القتال بين حماس واسرائيل في شهر ايار وجد نفسه التطبيع بين المغرب واسرائيل، والذي تقدم على اي حال بوتيرة بطيئة على نحو خاص، امام الاختبار الجدي الاول له. اختبار مشابه وقف امام اتفاقات التطبيع الاخرى التي وقعت في العام 2020 بين اسرائيل واتحاد الامارات، البحرين والسودان. ومثل رفيقاتها العربيات، المغرب هي الاخرى شجبت بداية افعال اسرائيل في القدس، ولكن ما ان انتقل مركز ثقل النزاع في غزة، حتى اتخذت موقفا اكثر غموضا – بخلاف بارز مع ردود الفعل الاقليمية في جولات القتال السابقة في القطاع. ومع ذلك، فان الزخم الذي بني في منظومة العلاقات المتبادلة تباطأ في اثناء حملة “حارس الاسوار” وفي الاسابيع ما بعد ذلك اطلقت المملكة اشارات مختلطة بشأن موقفها من تقدم  التطبيع. في اعقاب وقف النار بعث رئيس الوزراء المغربي، سعد الدين العثماني، رئيس الحزب الاسلامي الاكبر في الائتلاف السلطوي، برسالة الى الزعيم السياسي لحماس اسماعيل هنية، اثنى فيها على “انتصار” المنظمة على اسرائيل في القتال الاخير. وفي شهر حزيران وصل هنية نفسه الى المملكة في زيارة رسمية، التقى بشخصيات رفيعة المستوى من الحكومة وخارجها. وحسب التقارير حل ضيفا في وليمة عشاء ملكية اعدها الملك على شرفه. 

هذه التطورات، وان كانت مقلقة من ناحية الشرعية التي تمنحها لحماس، تعكس الدينامية السياسية المغربية المحلية اكثر مما تعكس رغبة من جانب المملكة للتنكر من التزامها بترميم العلاقات مع اسرائيل. في المغرب، السياسة الخارجية (الى جانب شؤون عسكرية والتحكم في المجال الديني) توجد تحت السيطرة الكاملة للقصر، والتوقع العام من الوزراء المنتخبين هو ان ينفذوا سياسة الملك، حتى وان كانت تتعارض مع ميولهم الايديولوجي. بالتوازي، فان المشرع المنتخب يمي اساسا للانشغال بالشؤون الداخلية الاقتصادية والاجتماعية. في ايلول يفترض ان تجرى في المملكة انتخابات للبرلمان، وحزب العدالة والتنمية العثماني (حزب مع جذور في الاخوان المسلمين،  يسيطر في  المجلس التشريعي منذ شهدت المغرب الربيع العربي في صيغته المحلية في العام 2011)، من غير المتوقع ان يسجل نجاحا كبيرا. ومد يد رئيس الوزراء لهنية يستهدف اغلب الظن اضاءة الجانب الاخر في الحزب، بعد اشهر من التصدي لانتقاد ومعارضة داخلية لاستئناف العلاقات مع اسرائيل. اما الملك من جهته فلا يمكنه أن يسمح لنفسه ان يلتقط في الداخل كمن يترك المسألة الفلسطينية لعناية حزب العدالة والتنمية الاسلامي، ما يشرح اغلب الظن الاعتراف الملكي الذي حظي به هنية في زيارته. كما أن القصر معني بان يثبت لواشنطن بان الرباط يمكنها أن تشكل وسيطا ناجعا بين اسرائيل والفلسطينيين عند الحاجة. اشارة بسبب اضافي لادارة بايدن لتحترم الاعتراف بالصحراء.

رغم الرقص الدبلوماسي للمغرب مع حماس في الشهرين الاخيرين، افادت المملكة بان في نيتها مواصلة تطوير علاقاتها مع اسرائيل. في اليوم الذي هبط فيه هنية في الرباط، هنأ الملك بحرارة رئيس الوزراء نفتالي بينيت على تشكيل حكومة. وحسب التقارير، بدأ المغرب يخطط لرفع مستوى ممثليته في تل أبيب الى سفارة، وفي 4 تموز هبطت طائرة شحن لسلاح الجو المغربي في قاعدة سلاح الجو حتسور، وذلك حسب التقارير للمشاركة في مناورة عسكرية مع الجيش الاسرائيلي. وعلى خلفية هذه الامور، فان زيارة اوشفيز التي وقعت في موعد قريب من المحادثة التي اجراها وزير الخارجية يئير لبيد مع نظيره المغربي ناصر بوريطا هي زخم اضافي لاستئناف العلاقات الثنائية، وفرصة للبدء بترجمة اتفاق واعد على الورق، الى سياسة اكثر عملية بالفعل.

الاتجاه الذي ستتقدم فيه مسيرة التطبيع من هنا ستكون متعلقة بالطرفين، ولكن يمكن لاسرائيل ان تبادر الى خطوات تجعل زيارة اوشفيز تقلع وتبدأ بزرع البذور لشبكة علاقات ثنائية عميقة ودائمة يمكنها أن تصمد في وجه هزات خارجية مثل التصعيد الاخير في غزة.ولكن فضلا عن تشجيع السياحة المتبادلة واعطاء تشديد عام اكثر للعلاقات الثقافية بين المملكة وبين الاسرائيليين الذين تعود جذورهم الى المغرب، ستعمل اسرائيل بحكمة اذا ما تمكنت من التركيز على تطوير العلاقات مع اسرة الاعمال التجارية في المغرب وان تفعل ذلك بهدوء ولكن بمنهاجية. 

في كل ما يتعلق بالتطبيع مع اسرائيل، ينقسم الجمهور في المغرب بشكل فظ الى ثلاثة اصناف: اولئك المعارضين بحماسة للاتفاق، اولئك الذين جعلهم عطهم للفلسطينيين شكاكين ولكنهم مستعدون لاعطاء الاتفاق فرصة، ومجموعة متحمسة وان كانت اكثر هدوء، متحمسة لان نرى العلاقات تزدهر. لقد كان لحملة “حارس الاسوار” التأثير الاكبر على المجموعتين الثانية والثالثة، لان المتشككين بالاتفاق رأوا في الحملة الاسرائيلية تأكيدا على ميولهم من النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني العام بينما مؤيدو التطبيع اصطدموا في اعقابها بمصاعب اكبر للادعاء بفضائل توثيق العلاقات مع اسرائيل. في ضوء ذلك فان توجها هادئا واقل علانية ولكنه مصمم، نحو اسرة  رجال الاعمال المغربيين – التي لها تمثيل محترم في هاتين المجموعتين –  يمكنه ان يساهم كثيرا في اعادة الثقة العامة للاتفاق.

كبداية، المغرب معني جدا بالوصول الى التكنولوجيات والاستثمارات الاسرائيلية، ولا سيما تلك المتعلقة بالزراعة، التي لا تزال القطاع السائد في الاقتصاد المغربي. كما أنه في مملكة  تشكل فيها الشبيبة في اعمار 15 – 24 ثلث سكان الدولة التي تعد 36  مليون نسمة، والمتحمسين للانخراط في الاقتصاد العالمي، يتفتح فرع تكنولوجي صغير ولكن واعد. وعليه فخير تفعل القدس اذا ما انتجت برامج تثبت لهذا القطاع السكاني الشاب في المغرب بان الارتباط بالتكنولوجيا الاسرائيلية يمكن ان يعرض عليهم نقطة الدخول المنشودة. حوافز ضريبية للشركات الاسرائيلية التي تستثمر في المغرب و/او ترتبط بمشاريع تجارية في المغرب، ستؤشر للرباط بان القدس تتعاطى بجدية مع العلاقات التجارية مع المملكة. في نهاية المطاف، مثلما في  كل اتفاقات التطبيع، هناك حاجة لاثنين في رقصة التانغو ولكن للمغرب ولاسرائيل على حد سواء يوجد حافز قوي للاثبات بان التطبيع بينهما سيدعو الى فضائل اقتصادية واضحة لسكان الدولتين. عمل كهذا سيعمق العلاقات الثنائية ويخلق اثر لمظهر ايجابي امام دول عربية اخرى في المنطقة تفكر بانفتاح دبلوماسي مع اسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى