أقلام وأراء

نبيل عمرو يكتب – رسالتان محاطتان بالشكوك

بقلم  نبيل عمرو – 6/1/2021

لو أن الطبقة السياسية الفلسطينية تقيم وزنا لصورتها عند الجماهير، وكذلك لصدقية مواقفها، لما دخل الانقسام عامه الخامس عشر، ولما أُلفت المعلقات والمطولات في ذكر خطورة الانقسام على القضية والشعب دون التقدم بوصة واحدة نحو انهاءه.

في البدايات وقعت القضية الفلسطينية وشعبها ووحدته الوطنية تحت طائلة الاختلاف على كلمتين “نلتزم او نحترم”، ورغم الصيغ التحايلية الكثيرة التي اقترحت لجسر الهوة “السحيقة” بين الكلمتين، الا ان الواقع يقول لم تنفع نلتزم ولمتجدي نحترم، ويا ليت الوضع ظل على حاله بل تكرس الانقسام وتجذر وبلغ في معظم جوانبه حد الانفصال.

في الماضي القريب أي أياماً واسابيعَ وشهورا قليلة علقنا مرة أخرى بين كلمتين، انتخابات بالتتابع ام بالتزامن، مرت التتابع في إسطنبول والغيت في القاهرة وعادت الى التداول في الرسائل المتبادلة بين السيد إسماعيل هنية والرئيس محمود عباس. ولأن الفلسطينيين وبحكم التعود على اللسعات والانتكاسات والمرواحة بين الكلمات وانعدام المصداقيات، لم يبقَ لديهم من مسوغ للأمل الا القول تفاءلوا بالخير تجدوه، ويبدو انني سأحاول التفاؤل بتصديق ان الاتفاق بين قطبي الانقسام وعبر الرسالتين المتبادلتين صار وشيكا على الأقل في جزئية الانتخابات كمدخل لعله ينفع في اغلاق باقي الملفات التي تجسد واقع الانقسام، وحال اغلاقها يعود الوطن الى وحدته القديمة التي لم نعد قادرين حتى على تذكرها بعد انفصال دام عقدا ونصف .

لفت نظري في رسالة السيد هنية اشارته الى موقف مصر وتركيا وقطر، الذي شجع حماس على العودة الى موقفها في إسطنبول حول تتابع الانتخابات وحين تتفق مصر مع تركيا وقطر وبينها وبينهم ما صنع الحداد، فهذا يعني ان حلفاء فتح وحماس رموا كرة الانقسام في ملعب قطبيه بعد ان اوسعتهم ادبيات الانقسام اتهامات بمسوؤليتهم وخصوصا تركيا وقطر عن استمراره.

الرسالتان المتبادلتان سبق وان تبودل مثلهما اكثر من مرة، وسبق ان سوقت كمقدمة لاتفاق حتمي بين القطبين، غير ان ما لم يجر الانتباه له انه بين كل بشرى بانهاء الانقسام والبشرى التي تليها كانت الأمور تبدو كما لو انها سلسلة انتكاسات وان كل ما قيل بلغة البشائر طار في الهواء.

كان منسوب الاهتمام الشعبي باخبار جهود انهاء الانقسام يتراجع بصورة ملحوظة ولا اغالي لو قلت انها الان توشك على بلوغ الحد الأدنى وما دونه.

بعد الرسالتين المتبادلتين هنالك حقيقة منطقية تتصل بالسياسة وهي ان تراجع المصداقية ينتج اخطر الظواهر المرضية في نضالات الشعوب وهي اللامبالاة والاكثار من القول. من يجرب المجرب … والباقي عندكم.

كان يمكن اعتبار عدم انتباه الطبقة السياسية لتراجع مصداقيتها عند شعبها امرا يمكن استعادته لو جرى الخذلان مرة واحدة او مرتين ولكن هيهات ان يستعاد بعد عشرات المرات من التبشير والتراجع الى النقيض.

المواطن الفلسطيني ولكثرة ما بشر وطلب منه ان يحتفل وفي اليوم التالي تقع انتكاسة اكبر من التي سبقتها صار يعتبر كل ما يقال عن قرب انهاء الانقسام مجرد لغو ساذج ليس لم يصدقه احد بل لم يعد احد في وارد سماعه.

دعونا نلوذ للمرة الالف بالتفاؤل لعلنا نجده هذه المرة ولكي يصبح حقيقة واقعية فلا مناص من رؤية ما يلي…

أولا: صدور المرسوم الذي يحدد المواعيد مع الاشارة الى انها ملزمة.

ثانيا: تكليف لجنة الانتخابات المركزية الجاهزة أصلا بالعمل على تنفيذ كافة مستلزمات العملية الانتخابية دون اغراقها كالسابق في جولات مكوكية للحوار مع الأطراف السياسية المختلفة.

ثالثا: صياغة ميثاق شرف يقول بكلمات لا لبس فيها ان جميع من شارك في العملية الانتخابية او لم يشارك ملزم وطنيا واخلاقيا باحترام نتائجها مهما كانت.

رابعا: فتح الأبواب لرقابة شعبية ودولية دقيقة وفعالة كي تكون الانتخابات بشهادة الشعب الفلسطيني والعالم شفافة نزيهة خالية من الشوائب.

اذا ما التزمنا بهذه القواعد الممكنة وغير المستحيلة سنحظى بهيئة تشريعية ورقابية وطنية محترمة واذا جرى الاخلال بأي منها فان الانتخابات في نظر الناس والأصدقاء والاشقاء كأنها لم تكن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى