أقلام وأراء

نبيل عمرو يكتب – رسالة تركي الفيصل

بقلم  نبيل عمرو *- 9/12/2020

مثلما سمي والده بجدارة شهيد القدس، بفعل موقفه التاريخي من القضية الفلسطينية، حين اشترط على كيسنجر بأن الحل الذي يوافق عليه هو الذي يتيح له الصلاة في المسجد الأقصى قلب القدس المحررة من الاحتلال، ثم اشاح بوجهه عن اشهر واقوى وزير خارجية امريكي معلنا انتهاء المقابلة.

مثلما فعل الاب ذلك التزاما بعروبته واسلاميته، وامتثالا لوصية المؤسس والده الملك عبد العزيز ، فعل تركي الفيصل، معبرا بموقفه في المنامة عن الضمير السعودي تجاه القضية الفلسطينية وما يمثله ذلك من موقف الملك سلمان بن عبد العزيز الذي سمى القمة العربية في الظهران بقمة القدس.

حين هجم ترمب على الفلسطينيين متحدا مع اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو، وقاد مباشرة عملية التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، نشرت مقالا في الشرق الأوسط السعودية اعتبرت فيه التطبيع المستجد غير ذي جدوى في مجال حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وامتداده وعمقه الشعبي العربي، كانت حجتي التي وصفتها بعض المنابر بالشعبوية ان أي تطبيع لا بد وان يفشل.

أولا لأن اكثر من اثني عشر مليون فلسطيني على الأقل يرفضونه لأنه يتركهم بلا حل وبلا هوية وبلا كيان وبلا ارض وبلا حرية

وثانيا لأن القضية الفلسطينية ليست قضية نظم بقدر ما هي قضية شعبية بامتياز، وسُقت دليلا حاسما على ذلك هو اضطرار اهم دولتين عربيتين متصلتين بفلسطين لانهاء حالة الحرب مع إسرائيل وإقامة علاقات ديبلوماسية معها هما الأردن ومصر، الا ان نتيجة ذلك وبعد مرور عقود على هذا التطور لم يحدث أي مستوى من مستويات التطبيع الشعبي مع إسرائيل وظلت الاتفاقيات عارية، بل انها لم تطفىء جذوة الصراع بكافة اشكاله، ومنذ توقيع اتفاقيات انهاء حالة الحرب بين مصر والأردن وإسرائيل والتي انضمت اليها منظمة التحرير سالت اكبر كمية دماء في الشرق الأوسط ونزف الفلسطينيون في سنوات قليلة اكثر واغزر مما نزفوا على مدى صراعهم المرير والدامي مع الاحتلال الإسرائيلي منذ بداياته.

تركي الفيصل سواء كان على رأس عمله الرسمي والرجل احتل مواقع هامة في النظام السعودي او في أي مكان، فهو من عظم الرقبة كما نحب ان نصف اقرب الاقربين، وحين يقول كلاما في محفل فهو ممثل سامٍ للمملكة التي يجلس على عرشها عمه، وهو كذلك ممثل لنبض الشارع السعودي وفي كلتا الحالتين فان القضية الفلسطينية تتغذى على ازدواجية إيجابية كهذه، وتستمد بقائها من العمق الأساس الذي هو العمق الشعبي الذي يتماهى معه النظام الحريص على صدقيته وانسجامه مع نبض شعبه.

تركي الفيصل قال قولتنا في واحدة من عواصم التطبيع المستجد، وخاطب من تراوده فكرة التطبيع وفق المنظور السطحي وكأن الحكاية مجرد “بزنس” وقولة تركي الفيصل محرجة ومزعجة للاسرائيليين وحتى الأمريكيين، لأنها تنطلق من قلب دولة تعتبر السلام الدائم والعادل هدفا لشعبها ولنظامها، دولة تحلم إسرائيل ليل نهار لتطبيع معها ينتقص من رصيد الفلسطينيين والعرب والمسلمين ليوضع في رصيد اليمين الإسرائيلي المعادي جملة وتفصيلا للسلام وللحقوق الفلسطينية والعربية، حتى البسيط والعميق منها .مجسدة بامنية المغفور له فيصل بالصلاة في الأقصى قلب القدس المحررة”.

هل ستقرأ إسرائيل خطاب تركي الفيصل؟ وان قرأته وهي بالتأكيد فعلت فهل تفهمه وتدرك مغزاه؟

اشك في ذلك، ما دام الشرق الأوسط كله والمواقف من قضاياه هو مجرد “بزنس” انتخابي لنتنياهو، وان التطبيع الذي تم على القشرة لم يبلغ العمق، لقد قال تركي الفيصل لإسرائيل باب التطبيع مع المملكة يمر من بوابة فلسطين، دون ذلك لا تراهنوا ولا تتأملوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى