أقلام وأراء

نبيل عمرو يكتب – تأجيل الانتخابات بميزان الربح والخسارة

بقلم نبيل عمرو 31/3/2021

فجأة ودون مقدمات كافية، كثر الحديث عن تأجيل الانتخابات تحت شعار ان لم تجر في القدس فلن تجري على الاطلاق، وعلينا ان لا ننكر ان هنالك جيشا منتشراً في كل ارجاء الوطن والمجتمع والسلطة والمنظمة لا يريد الانتخابات أصلا، ليس لانه يرى حكمة في التخلي عنها لمصلحة بقاء الوضع الراهن الذي يشكو منه الشعب الفلسطيني كله، وانما لأنهم غير مستعدين لخوض معركة الانتخابات والفوز بها ما ينقلهم من موقع النفوذ المضمون الى الهوامش.

حتى الان لم تصدر عن الجهة الأساسية صاحبة القرار بهذا الشأن وأعني بها الرئيس الذي اصدر المراسيم وقطع شوطا طويلا نحو اجراء الانتخابات بالفعل، لم يصدر قرار بالتأجيل وهذا ما يجعل الحديث حول هذا الموضوع مجرد رغبات او اجتهادات لم تتخذ بعد صفة القرار العملي، واذا كان الشعار المفضل للتأجيل هو مسألة الانتخاب في القدس فإن الوقت ما يزال امامنا كي نخوض معركة من شقين الأول طلب دعم دولي فعال للضغط على إسرائيل كي تقبل ما قبلت به في المرتين السابقتين أي ان تنتخب القدس كما حدث وهذا فيه إمكانية معقولة حتى الان ، اما الشق الثاني فهو اذا ما أغلقت الأبواب من قبل إسرائيل واتخذت قرارا بتعطيل الانتخابات في القدس والتراجع عن ما قبلت به في المرتين السابقتين ، فإن امام الفلسطينيين خيار إيجاد البدائل التي تكرس القدس كعاصمة منشودة للفلسطينيين وتكرس المقدسيين كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني لهم ما له وعليهم ما عليه، وقد يكون من البدائل ان تخاض الانتخابات في القدس بصيغة التحدي الميداني أي ان نملأ مدينتنا بصناديق الاقتراع لكي يرى العالم ان اهل القدس يريدون انتخابات يقررون من خلالها من هي وما هي قيادتهم الفعلية، وتظهر إسرائيل التي لن تتوانى عن قمع هذه العملية بأنها تقاتل الشعب الفلسطيني لمنعه من ممارسة ابسط حقوقه وأكثرها بديهية، وفي كل الحالات ستكون رسالتنا للعالم كله حضارية وذات صدقية فعلية، لأن القدس ليست لنا اذا ما رغبت إسرائيل في ذلك بل هي لنا في الأساس شعبها شعبنا وقضيتها قضيتنا ومصيرها مصيرنا، وهذا ما يمكن ان نوجهه كرسالة باسمها واسمنا الى العالم كله.

نعود الى حكاية التأجيل وسبق لي على صفحات هذه الجريدة وفي كل منبر اعلامي اتيحت لي فرصة الظهور عليه، ان حذرت من التأجيل لأن الذين يشمتون بنا ويتربصون بنا سيفسرون الامر على انه عجز عن أداء احد مقومات اثبات الحضور على الأرض واثبات الاحقية في القدس وفي الدولة.
كثيرون سيستغلون الفرصة ليقولو ها هم الفلسطينيون لا يستطيعون فعل شيء الا اذا سمحت إسرائيل به، وهذه مسألة تمس الحياة الفلسطينية والحاضر الفلسطيني والمستقبل الفلسطيني في الصميم.

الانتخابات بالنسبة للفلسطينيين تحديدا وتخصيصا هي ليست مجرد ترتيبات لتجديد النظام السياسي على أهمية ذلك، بل هي اثبات جدارة بحمل الأعباء الثقيلة التي تؤدي الى تحقيق الأهداف الوطنية رغم كل الصعوبات والصعوبة الاسرائيلية ليست قليلة الا ان الشعب الفلسطيني لن يرضخ لها برغم التفوق الظاهر في كل نواحي القوة المادية لمصلحة الخصم الإسرائيلي.

انصح صانع القرار عندنا وجميع الاخوة ذوي الصلة بهذا الموضوع الحيوي ان يخوضوا بجدية ومواظبة معركة الضغط الدولي على إسرائيل كي لا تعيق سير الانتخابات لا في القدس ولا في أي مكان وبعد ذلك ان تتحول الانتخابات الفلسطينية من مادة وفاق او اختلاف مع إسرائيل الى مادة تحد وهي تستحق ذلك.

املنا وعملنا يجب ان يتجه في الشهور القليلة المتبقية على الانتخابات العامة ثم الرئاسية ثم منظمة التحرير ان نوفر ما يجعل من هذه الانتخابات حقيقة قوية وعميقة وغير قابلة لا للتأجيل ولا للإلغاء وهذا ما ينبغي ان ينصرف الجهد نحوه في الفترة الضيقة التي تفصلنا عن هذا الاستحقاق الوطني والحضاري والديموقراطي.

القدس في قلب الحقوق الفلسطينية وفي قلب الحاضر والمستقبل الفلسطيني وعلى العقل الفلسطيني ان يبدع الوسائل الخلاقة لتأكيد ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى