أقلام وأراء

نبيل عمرو يكتب – أقوال الأمير بندر…. آراء ام رسائل سعودية؟

وان جاز لي تحديد اهم اختلاف وقع بين القيادة الفلسطينية والسعودية هو ذلك الذي بدأ وتصاعد واتسع جراء احتلال صدام حسين للكويت، حيث اتخذت القيادة الفلسطينية جانب صدام ما اثار حفيظة السعودية وجميع دول الخليج ومعهم مصر التي كان انفعالها اقل، وسورية التي شاركت في الاحتشاد الأمريكي دون الاضطرار الى الضغط على الفلسطينيين لاتخاذ موقف مماثل.

حتى ابان ذلك الاختلاف الكبير كانت اللهجة السعودية تجاه الفلسطينيين اخف بكثير مما وصل اليه الأمير بندر، وحين مر الزمن على هذا الاختلاف كانت المملكة اول من سامح وأول من أعاد مد جسور الود التقليدية التي تفخر العائلة المالكة بأن بانيها ومؤسسها هو الملك عبد العزيز رحمه الله.

الذين كانوا في المطبخ السياسي أيام شهر عسل العلاقات المستجدة بين الفلسطينيين والامريكيين، يعرفون اكثر مني ماذا حدث بالضبط امام المسرح وفي كواليسه، لذا سأحاول قراءة احتمالات الرسائل فيما تضمنه حديث الأمير بندر الطويل… ومفردة احتمالات هي اكثر دقة من الذهاب الى استنتاجات يقينية .

الاحتمال الأول ان يكون السرد موجها أساسا للشعب السعودي الذي هبطت حكاية التطبيع عليه بصورة مفاجأة دون التمهيد الكافي لتغيير الثقافات والقناعات وحتى الآراء فالسعوديون الذين تبوأوا زعامة العالم الإسلامي وشاركوا بفاعلية في كل مراحل العمل العربي المشترك ضد إسرائيل الى جانب الفلسطينيين والعرب، لن يهضموا حكاية التطبيع خصوصا بعد ان وضعت المملكة ذاتها شروطه الحاسمة والتزمت والزمت الاخرين بها متجسدة في المبادرة السعودية للسلام التي صارت العربية ثم الإسلامية، وهذا وان وضعته تحت بند الاحتمال الا انه الأقرب الى الواقع كما قال الأمير بندر في اكثر من موقع من حديثه المطول.

الاحتمال الثاني ان المملكة تمهد لتحول مباشر في الاتجاه السياسي قد يتطلب مواقف اقل تساهلا مع القيادة الفلسطينية وقد يظهر تقدما اكثر وضوحا تجاه التطبيع المحتمل او المتوقع مع إسرائيل بفعل كثافة الضغوط الامريكية، وقد أشار الأمير بندر الى هذا الاحتمال بصورة ايحائية وليست مباشرة او صريحة حين تحدث عن حق الدول في اتخاذ أي قرارات تنسجم مع مصالحها دون ان يقول صراحة ان التطبيع مشمول بهذا المبدأ.

وهنا يمكن ان تكتمل الصورة اذا ما عدنا الى تصريحات الأمير تركي الفيصل التي تبنت بقوة موقف الامارات والبحرين، فإذا ما هضم الرأي العام السعودي ما فعلته هاتان الدولتان المطبعتان وفق مبرراتهما المؤيدة من قبل شخصيات مهمة وذات وزن في العائلة المالكة والدولة، فسوف يكون ذلك فعالا في تهيئة الرأي العام السعودي تجاه الاحتمالات المتوقعة، ما يجعلني اركز على الاحتمالات دون التقرير اليقيني ان الموقف الرسمي للملكة حتى الان وعلى لسان خادم الخرمين الشريفين ما يزال عند حدوده المعروفة والتي توصف بالتقليدية، وهذا يرتب على القيادة الفلسطينية التي تعرف اكثر من غيرها أهمية الموقف السعودي الرسمي من الفلسطينيين وقضيتهم وتعرف اكثر مؤثرات التطبيع السعودي لو حصل على الوضع الفلسطيني من مختلف جوانبه، ان تجري محادثات في العمق مع القيادة السعودية ذلك ان الالتزامات المتبادلة تكون فعالة لو تمت بالتفاهم والاتفاقات الموثقة وليس بالمونة والاستنتاجات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى