أقلام وأراء

نبيل سالم يكتب – العنصرية و«كورونا»

نبيل سالم – 25/3/2020

حكومة الاحتلال أعلنت عن توجهها لإطلاق سراح أكثر من 500 سجين «إسرائيلي» جنائي تجنباً لانتشار «كورونا»، فيما تجاهلت الأسرى الفلسطينيين.

على الرغم من اصطفاف العالم كله في الحرب على فيروس «كورونا»، ومحاولة الكثير من الدول التعامل بشفافية ومسؤولية، مع هذه الجائحة، التي تجتاح العالم، فإن الاحتلال «الإسرائيلي»، يصر دائماً على إظهار وجهه العنصري القبيح، حتى في هذه الظروف القاسية التي يمر بها العالم؛ حيث لم تحرك سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» ساكناً، حيال احتمال تفشي الفيروس، في صفوف الآلاف من الأسرى الفلسطينيين، القابعين في سجونها.

ودفع ذلك برئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين اللواء قدري أبو بكر، إلى مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرس، بالضغط على سلطات الاحتلال؛ لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين؛ تجنباً لوقوع مأساة إنسانية في السجون في ظل تفشي جائحة «كورونا».

وقال المسؤول الفلسطيني: إن العديد من دول العالم المهددة بوباء «كورونا»، عمدت مؤخراً إلى إطلاق سراح أعداد كبيرة من السجناء؛ تجنباً لانتشار الفيروس في السجون، ووقوع أعداد كبيرة من الضحايا، مؤكداً أن حكومة الاحتلال أعلنت وبمنتهى العنصرية واللاأخلاقية، عن توجهها لإطلاق سراح أكثر من خمسمئة سجين «إسرائيلي» جنائي؛ بهدف تقليص الاكتظاظ في السجون؛ تجنباً لانتشار الفيروس، فيما تجاهلت الأسرى الفلسطينيين الذين يحتجزون في معتقلات مكتظة، بينهم أكثر من سبعمئة أسير مريض، وأكثر من مئتي طفل، إلى جانب عشرات المسنين والنساء، في ظل صمت المجتمع الدولي ومؤسساته حيال معاناة المعتقلين الفلسطينيين والخطر الذي يهدد حياتهم؛ بعد تفشي هذا الوباء بالمئات داخل «إسرائيل».

ويوضح المسؤول الفلسطيني، أن الأمم المتحدة، على علم ودراية بأن السجون «الإسرائيلية» التي يتم احتجاز الفلسطينيين فيها من أكثر السجون اكتظاظًا في العالم، وأن هذه السجون تفتقر إلى أدنى شروط الصحة والسلامة، وتعد بيئة حاضنة لانتشار وباء «كورونا» وغيره من الأوبئة والأمراض، مطالباً المؤسسات التي تصف نفسها بأنها الحامية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها الأمم المتحدة، بالعمل من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وخاصة المرضى، وكبار السن، والذين أمضوا عشرات السنين في هذه السجون؛ تجنباً لوقوع مأساة إنسانية حقيقية بحقهم.

إن هذه التصريحات تدق في الواقع ناقوس الخطر الحقيقي؛ لما قد ينتظر الأسرى الفلسطينيين، في حال انتشار مرض «كورونا» بينهم لا قدر الله، إلا أن هذه الصيحة ربما تكون مناسبة للتذكير بالواقع المأساوي الذي يعيشه هؤلاء الأسرى، حتى قبل انتشار وباء «كورونا»؛ إذ تؤكد كل الدراسات والتقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان، ولا سيما هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن سلطات الاحتلال العنصري «الإسرائيلي» ترتكب الكثير من الانتهاكات بحق الأسرى والأسيرات من الفلسطينيين، منذ لحظات الاعتقال الأولى، مروراً بالتحقيق، إلى أن يتم نقلهم إلى السجون، من دون أن تقيم أي اعتبارات للمعاهدات والمواثيق الدولية، التي تكفل الحماية الخاصة للمعتقلين من خلال مجموعة من الضمانات القانونية المتصلة بالحق في محاكمة عادلة، وعدم التعرض للاحتجاز التعسفي، والحق في الصحة، وحظر التعذيب، وحظر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو المهينة، والحق في تلقي الزيارات أثناء الاعتقال، وغيرها من الحقوق المكفولة بموجب القانون الدولي.

كما تنتهج سلطات الاحتلال سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى المرضى، وتصر على إبقاء الوضع المتردي لعيادات السجون والتي تفتقر لأدنى المقومات الأساسية لتقديم العلاج.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار المخاطر التي تهدد حياة الأسرى والأسيرات من أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم، في ظل انتشار وباء «كورونا»، فإن الاحتلال العنصري، قد يحول بممارساته اللاأخلاقية هذه السجون «الإسرائيلية»، التي تضم آلاف الفلسطينيين، إلى معسكرات للموت، وساحات إعدام جماعي، وعليه فإن على جميع المنظمات الدولية، المعنية بحقوق الإنسان، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، أن تمارس الضغوط على الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل»؛ للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، أو على الأقل اتخاذ خطوات فعلية وجادة؛ لحمايتهم من وباء «كورونا»؛ وذلك تماشياً مع بنود «اتفاقية جنيف» بشأن معاملة أسرى الحرب، والمؤرخة في 12 أغسطس/آب 1949، ولا سيما المادة رقم (13) منها، التي تؤكد وجوب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات. والحظر على الدولة الحاجزة من اقتراف أي فعل أو إهمال غير مشروع، يسبب موت أسير في عهدتها، وحماية أسرى الحرب في جميع الأوقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى