أقلام وأراء

نبيل سالم يكتب – أهداف الولايات المتحدة في سوريا

نبيل سالم *- 11/11/2020

ما تناقلته وكالات الأنباء مؤخراً، حول مقتل أربعة جنود أمريكيين في بلدةمركدة، على الطريق بين محافظتي الحسكة ودير الزور، شمال شرقيسوريا، بواسطة عبوة ناسفة استهدفت دوريتهم، خلال تنقلها ما بين حقليالشدادي، والعمر، النفطيين، رغم أنه قد يبدو حادثاً عابراً للبعض، إلا أنهيحمل الكثير من الدلالات، لا سيما وأنها ليست المرة الأولى التي تستهدففيها قوات الاحتلال الأمريكي التي تتواجد بشكل غير شرعي على جزء مهممن الأراضي السورية، يجعلها تسيطر على معظم آبار النفط، بالتعاون معما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، «قسد»، في وقت يمر فيه الاقتصادالسوري بأزمة خانقة، حيث تحرم البلاد من ثروتها النفطية، ومساحاتشاسعة من الأراضي الزراعية، ولا سيما بالنسبة لمحصول القمح الذي يعدمحصولاً استراتيجياً، بكل معنى الكلمة.

ورعم نفي «التحالف الدولي» الأنباء التي تحدثت عن مقتل هؤلاء الجنودالأمريكيين، إلا أن «البنتاجون» اضطرت للاعتراف بمقتل عدد من الجنودالأمريكيين، في أوقات سابقة، حيث أشارت إحصائية في العام الماضي إلىمقتل ستة جنود أمريكيين فقط، خلال العمليات الحربية في سوريا، وجرح 28 آخرين، إضافة إلى اعتراف واشنطن بمقتل ضابط في هجوم نفذه مسلحونمجهولون في إبريل/ نيسان من العام الجاري، منذ بدء التدخل العسكريالأمريكي في سوريا ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، منذ عام 2014 والذياتخذته واشنطن ذريعة للتدخل في سوريا، وهو تدخل اتضح فيما بعد أنهمحاولة أمريكية مكشوفة للسيطرة على ثروات هذا البلد العربي، حيث عمدتالقوات الأميركية إلى إقامة العديد من القواعد العسكرية في هذه المنطقة ذاتالاستراتيجية الاقتصادية المهمة، والتي تعتبر خزان الغذاء السوري، ومركزالثروة النفطية السورية، رغم انحسار خطر تنظيم «داعش» الإرهابي، أوعلى الأقل تحجيمه إلى أقصى مدى. 

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أفادت وكالة أسوشييتد برس، بأن الولاياتالمتحدة أرسلت قوات إضافية، ومدرعات، وأنظمة رادار، إلى شرقي سورية،إضافة إلى أنها زادت من دوريات مقاتلاتها في سماء مناطق تواجدها. 

ورغم الأهداف المادية للتواجد الأمريكي في سوريا، إلا أن هناك أهدافاً قدتكون أبعد من النفط، بحسب ما صرّح به بعض المسؤولين الأمريكيين، ومنهمالسفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد، الذي زعم ذات مرة بأنالنفط السوري لا يشكل قيمة مادية عالية، مبيناً أنّ الوحدات المدرعة والمدفعيةالتي أدخلتها القوات الأمريكية والتي لم تُشاهد من قبل داخل سوريا، تأتيفي إطار استراتيجية واشنطن التي تقوم على دعم «قسد» لرسم مستقبلسوريا، زاعماً أن عائدات النفط السورية ستذهب إلى قوات سوريا الديمقراطية،وليس إلى خزينة واشنطن، ما يعني أن هناك خططاً أمريكية لتقسيم سوريا، وإلاما معنى أن تذهب ثروة نفطية وطنية لمصلحة فصيل مسلح ساهمت المخابراتالأمريكية بقوة في إنشائه، وتسليحه، بكل أنواع الأسلحة. 

إن الإدارة الأمريكية السابقة ارتأت أن سوريا ومناطق قوات سورياالديمقراطية، وفي ظل تعاظم المواقف الرافضة للوجود الأمريكي في العراق،ستبقى آخر منطقة صديقة وآمنة للقوات الأمريكية.، ورغم كل ذلك، فإن أحداًلا يستطيع تجاهل الدور الأمريكي المعرقل لأي تسوية سياسية واقعية فيسوريا، تفسح المجال للدولة السورية بالسيطرة على أراضيها، وثرواتهاالنفطية وغيرها، ما يعني استمرار الجرح السوري النازف. 

الولايات المتحدة، وهي تصر على إبقاء قواتها في هذا البلد العربي، لم تعتبربعد من تجاربها السابقة الفاشلة، التي أثبتت في أكثر من مكان أن المواقفالشعبية في سوريا تظل رافضة للاحتلال، وأن الحوادث والهجمات التيتتعرض لها القوات الأمريكية، تحمل رسائل واضحة، مفادها أن هذه القواتغير مرحب فيها في سوريا، وأن تحقيق السلام في هذا البلد لن يكون إلا عبرانسحاب كل القوات الأجنبية، وإفساح المجال أمام الشعب السوري للوصول إلىمصالحة حقيقية تأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية السورية بعيداً عن كلالأجندات الخارجية، وإلا فإن الجغرافيا السورية ستبقى ساحة للمزيد منالصراعات المسلحة التي قد تتدحرج إلى حروب أوسع. 

* كاتب صحفي فلسطيني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى