أقلام وأراء

نبيل سالم يكتب – أمريكا و«إسرائيل».. لعبة الخداع

نبيل سالم 6/5/2020

ليس واضحاً ما إذا كانت الإدارة الأمريكية تحاول خداع العالم بالحديث عن خطتها للسلام، ومسرحيات ضغطها على «إسرائيل»، أم أنها فعلاً إدارة جاهلة بطبيعة المنطقة، وتاريخ الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي»، لكن الاحتمال الثاني، لا يبدو وارداً، لكون الولايات المتحدة دولة عظمى، فيها الكثير من الجامعات، ومراكز البحث العلمي، زد على ذلك أن إدارتها تستعين بالكثير من المستشارين والخبراء في شؤونها السياسية، وبالتالي، فإن الاحتمال الأصح هو أنها تسعى إلى خداع العالم، وتسويق نفسها كساع نشيط نحو تحقيق السلام، ومساعدة الشعب الفلسطيني على بناء مستقبله.

وفيما يبدو أنه محاولة جديدة لاستغفال العرب، والفلسطينيين خاصة، أعلنت مصادر أمريكية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، أوضحت لرئيس الحكومة «الإسرائيلية»، بنيامين نتنياهو، ومستشاريه، أن البيت الأبيض سيعطي الضوء الأخضر للضم «الإسرائيلي» في الضفة الغربية، شريطة أن تقبل دولة الاحتلال بإقامة دولة فلسطينية، وتتبنى بشكل كامل خطة «صفقة القرن» التي يقترحها ترامب للسلام بينها، وبين الفلسطينيين.

ونقل عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن واشنطن وجهت هذه الرسالة إلى نتنياهو، ومقربيه، بعدة قنوات، إحداها سفيرها في «إسرائيل»، ديفيد فريدمان، الذي أوضح في الاجتماع الأول للجنة رسم الخرائط «الإسرائيلية» الأمريكية، الذي عقد قبل الانتخابات الأخيرة، أن الولايات المتحدة تناقش «تنفيذ خطة سلام، وليس تنفيذ خطة الضم»، على حد تعبير المسؤول الأمريكي.

وبحسب المصادر الأمريكية، فإن المسؤولين في البيت الأبيض أكدوا لنتنياهو، ومقربيه، أنه لا يمكنهم أن يأخذوا من خطة ترامب الأجزاء التي يحبونها فقط، وإنما يجب عليهم قبولها كلها كحزمة واحدة، وأن إدارة الرئيس ترامب ستكونمستعدة للاعتراف بالضم كجزء من خطوة واسعة، توافق «إسرائيل» بموجبها على إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين،

وفقاً لمبادئ خطة ترامب، وأن الضم يجب أن يكون جزءاً من إقامة دولة فلسطينية، على أساس «ظروف محددة، ونطاق محدد، ومساعدة مالية سخية» للفلسطينيين.

كلام غريب يحمل من التناقضات ما لا يحتمله أي عاقل، إذ كيف يمكن أن يكون ضم الأراضي الفلسطينية المدخل لإقامة الدولة الفلسطينية، وإغراق الفلسطينيين ب«الكرم الأمريكي»

وفي محاولة لذر الرماد في العيون، تسعى الإدارة الأمريكية إلى تصوير نفسها بأنها تبذل جهوداً مضنية لإقناع «الإسرائيليين» بقبول الخطة الأمريكية، لإيهام العالم، والفلسطينيين، بأن «إسرائيل» ستجبر على تقديم تنازلات لا ترغب فيها، للسير في عملية تسوية تستند إلى خطة ترامب «العتيدة»، وهو ما نراه في تصريحات لموظفين في البيت الأبيض، بأنها تود أن ترى نتنياهو يعلن رسمياً، بعد تشكيل الحكومة، قبوله بخطة ترامب، ويريدون أن يكون مضمون هذا البيان مقبولًا من جانتس أيضاً.

في المقابل، وفيما يبدو أنه يأتي في إطار المسرحية الرامية نفسها لتسويق الوهم، زعمت مصادر سياسية في «تل أبيب» أن «إسرائيل» تواجه ضغوطاً أمريكية في الآونة الأخيرة، للجم مشروعها ضم أراضي غور الأردن، وشمالي البحر الميت، ومستوطنات في الضفة الغربية، وأن تعترف «إسرائيل» أولاً بحق الفلسطينيين في إقامة دولة لهم، قبل اتخاذ قرار بالضم.

وهكذا نرى أن كلاً من الإدارة الأمريكية، و«إسرائيل»، تسعيان إلى إيهام العالم بأن دولة الاحتلال ستقدم تنازلات كبيرة، من أجل السلام، الذي سيعود على الفلسطينيين، بلبن الخطة الأمريكية، وعسلها، لكن مشكلة واشنطن هي أنها لم تستفد، على ما يبدو، من دروس التاريخ، ولا من تجارب، أو مسرحيات الإدارات السابقة، التي انتهت كلها إلى الفشل، بسبب تجاهل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، خاصة حقه في العودة، وتقرير المصير، لا سيما وأن هذه الحقوق ليست معروضة للبيع، كما تعتقد الإدارة الأمريكية، التي تتوهم أنها تستطيع بالرشى، والوع ود المالية السخية، إقناع الشعب الفلسطيني، بسياستها التي لم تكن يوماً إلا داعماً للاحتلال، ومشجعاً على الاعتداءات «الإسرائيلية» ضده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى