أقلام وأراء

نبيل السهلي يكتب – ثلاثة رموز في مسيرة الثورة الفلسطينية

نبيل السهلي *- 26/10/2021

هو عنوان كتابي الذي بدأت به منذ عام 2011 ، لكن لم استطع إكماله بعد تهجيري من مخيم اليرموك في 16/12/2012 ؛ بسبب عدم وجود شروط البحث وغياب إمكانية الحديث عن قرب ومقابلة شخصيات واكبت سيرة الرموز الثلاثة ، بغرض توثيق أي معلومة بشكل دقيق وجلي.

وكان الهدف من الكتاب مواكبة استحضار السير الكفاحية لهولاء الرموز من مصادر مختلفة ، إضافة الى شهادات ممن واكبوهم في مسيرة الكفاح الوطني؛ فعندما نتحدث عن الرمز الراحل ياسر عرفات “أبوعمار” رحمه الله ،والرمز الراحل جورج حبش “أبو ميسا” رحمه الله ، ونايف حواتمة “أبوخالد” أمدّ الله بعمره ورعاه ، كأننا نسرد انطلاقة الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح والمسارات الحرجة التي مرت بها ، وكذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهة الديمقراطية لتحريرفلسطين، حيث كان للفصائل الثلاثة الدور المحوري والجوهري والضامن لاستمرار وحماية منظمة التحرير الفلسطيني من التهميش والتغييب في كثيرمن الأحيان وخاصة بعد خروج الثورة الفلسطينية من بيروت في صيف عام 1982.

وهذا بطبيعة الحال لايقلل من شأن أي رمز أو فصيل ساهم ومازال في مسيرة الكفاح الوطني لكنس الاحتلال وانتصار الشعب الفلسطيني في نهاية المطاف.

تاريخ الثورة الفلسطينية

لن أخوض في تفاصيل إرهاصات ومقدمات نشأة حركة فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، وكذلك لن أعرج على الخلافات الثانوية الناشئة نتيجة تعدد الأيدلوجيات والأفكار، لأن ذلك يحتاج إلى جهود بحثية تتجاوز هذا المقال، الذي سألقي من خلاله الضوء على سير الرموز الثلاثة بشكل مختصر؛ والتي تعتبر بمثابة رواية لتاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة؛ وبالنسبة للراحل الرمز ياسر عرفات ؛ فقد درس الهندسة المدنية، وتخرج من الجامعات المصرية عام 1950، وتشير مصادر عديدة أنه ولد في مدينة القاهرة عاصمة مصر العربية، في الرابع من آب / أغسطس 1929، وتُوفي في باريس، فرنسا في الحادي عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر 2004، واسمه الحقيقي محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، ويُكنى بأبي عمار ويُلقب بالختيار؛ وقد أسس حركة فتح وجناحها المسلح العاصفة مع ثلة من الثائرين الفلسطينيين، وكانت انطلاقة الحركة مع انطلاقة الرصاصة الأولى، من خلال عملية تفجير نفق عيلبون التي نفذتها قوات العاصفة التابعة للحركة ضد إسرائيل فجر الأول من كانون ثاني/ يناير 1965، واستشهد خلال العملية الفدائي أحمد موسى .

وذكرت مصادر فلسطينية أنَّ أحمد موسى قد قتلته وحدة من الجيش اللبناني في طريق عودته بعد تنفيذ العملية، الذي دفن ضريحه في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك.

وقد ترأس ياسر عرفات اللجنة التنفيذية منظمة التحرير الفلسطينية منذ 1969 وحتى وفاته 2004، ويعتبر ثالث قائد فلسطيني يتقلد هذا المنصب منذ تأسيسها عام 1964.

أما الراحل الرمز جورج حبش “حكيم الثورة” فقد كان طبيباً وخريج الجامعة الأمريكية في بيروت في عام 1951 ، كطبيب أطفال، وقد ولد في الأول من آب / أغسطس 1926 في مدينة اللد المحتلة وتوفي في 26 كانون /ثاني يناير 2008 في العاصمة الأردنية عمان، وهو من مؤسسي حركة القوميين العرب، ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي انطلقت من خلال ثلة من رفاق الحكيم في الحادي عشر من كانون الأول /ديسمبر من العام 1967، وبقي أميناً عاماً للجبهة عام 2000، حيث استقال من موقع امين عام خلال المؤتمر السادس للجبهة الشعبية السادس، ليخلفه في هذا الموقع الشهيد  مصطفى الزبري “أبوعلي مصطفى”،الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي في 27 آب / أغسطس 2001 في مكتبه في رام الله.

وكانت الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش قد انضمت إلى منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968 بعد معركة الكرامة في آذار/مارس من العام نفسه ومثلها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطيني من الجبهة شخصيات قيادية عديدة.

وتضمنت مذكرات الراحل الرمز جورج حبش التي دونتها زوجته هيلدا حبش وصدرت قبل سنوات عن دار الوحدة في بيروت بعنوان “صفحات من مسيرتي النضالية: مذكرات جورج حبش”، تضمنت صفحات من الكفاح الوطني التي عايشها حكيم الثورة.

أما الرمز نايف حواتمة ” أبوالنوف” أمد الله في عمره ورعاه، فقد ولد في 17 تشرين الثاني / نوفمبر 1935 في  مدينة السلط الأردنية، حيث يشغل منذ انطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين منصب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ التي أسسها مع ثلة من رفاقه في 22شباط /فبراير 1969.

وقد انتمى أبوالنوف في ريعان شبابه إلى حركة القوميين العرب التي نشأت كرد فعل مباشر على هزيمة العرب ونكبة فلسطين الكبرى عام 1948.

وقد درس نايف حواتمة الفلسفة في جامعة بيروت ثم موسكو التي حصل منها على درجة الدكتوراه، ومن مؤلفاته عدد كبير من الكتب لعل أبرزها ؛”حول أزمة حركة المقاومة الفلسطينية” 1969، و”حملة أيلول والمقاومة الفلسطينية” 1970، و”الحكومة الثورية المؤقتة” 1975، و”مهمات الثورة الفلسطينية بعد غزو لبنان ومعركة بيروت” 1982.

ومن الأهمية بمكان الإشارة أن للجبهة الديموقراطية عضو لجنة تنفيذية يمثلها منذ بداية انطلاقتها ، وقد تعاقيت عدة شخصيات من الجبهة لتبوؤ هذا المنصب.

مسيرة القضية

جمعت الرموز الثلاثة ياسر عرفات وجورج حبش القضية الفلسطينية منذ ريعان شبابهم ، ليتقدموا الصفوف في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، حيث قدمت الفصائل الثلاثة التي قادوها آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، على مذبح الحرية والتحرير والعودة، وحماية الثوابت الفلسطينية التي سقط دفاعاً عنها خلال مسيرة الثورة الفلسطينية (100) ألف شهيد كما يؤكد الجهاز الإحصائي الفلسطيني ، فضلاً عن مليون أسير وآلاف الجرحى من الشعب الفلسطيني من داخل فلسطين وخارجها.

والثابت الأهم كان الائتلاف العريض للفصائل الثلاثة؛ حركة التحرير الوطني “فتح” والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين داخل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب ، التي واجهت خلال مسيرة الثورة الفلسطينية مخاطر الاحتواء و التصفية.

وفي ظل المخاطر التي تواجه الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد حالياً ، بات من الضرورة بمكان ضم كافة الفصائل الفلسطينية الى منظمة التحرير، بعد إجراء انتخابات حقيقفية للمجلس الوطني الفلسطيني، ليضم كافة طاقات الشعب الفلسطيني الفاعلة وهي كثيرة داخل فلسطين التاريخية والشتات، وألا تنحصر عضوية المجلس الوطني الفلسطيني وهيئات منظمة التحرير على الفصائل الفلسطينية، وقد أثبت الشباب الفلسطيني خلال هبة الأقصى الرمضانية أنهم قادرون بالمشاركة الواسعة في الكفاح الوطني ، خاصة وأن الكثير منهم ضليعون بلغات عديدة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت سلاحاً ناعماً وهاماً لفضح العنصرية الإسرائيلية المتوحشة، وإيصال رسالة الحق الفلسطيني إلى جهات الأرض الأربع بالصوت والصورة وبزمن قياسي .

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى