ناشونال إنتريست: هذا ما أغفلته استراتيجية ترامب بشأن الأمن القومي

ناشونال إنتريست 12-12-2025، هنرى سوكولسكي: هذا ما أغفلته استراتيجية ترامب بشأن الأمن القومي
انتقد معلقون على نطاق واسع استراتيجية الرئيس دونالد ترامب الخاصة بالأمن القومي الجديدة، وأغفلوا ما افتقدته، حيث لم يكن هناك أي ذكر للردع النووي الموسع ومنع الانتشار.
إن هذا أمر يثير القلق حيث اعتمد أمن أمريكا لفترة طويلة على المعالجة المناسبة لهاتين المسألتين المرتبطتين ببعضهما وإن تجاهلهما أو إساءة فهم ارتباطهما ينطوي على مخاطر.
هناك الحجة الأكاديمية بأن امتلاك المزيد من الدول للأسلحة النووية ربما يكون أفضل، ويصر بعض معتنقي مذهب الواقعية على أنه يتعين على واشنطن أن تشجع أصدقاء أمريكا على أن تصبح دولا نووية كوسيلة رخيصة للحفاظ على السلام. ومع ذلك، فإن تبني هذه السياسة سوف يؤدي إلى زوال واحدة من أنجح الحيل الأمريكية، وهي توسيع الردع النووي الأمريكي من خلال الالتزام باستخدامه، إذا دعت الضرورة إلى ذلك، لحماية حلفائها. والشيء الغريب هو أن استراتيجية الأمن القومي لا تتحدث عن هذا.
وربما يعكس هذا الإغفال تفاؤل إدارة ترامب بأن منظومة القبة الذهبية للدفاع الصاروخي ستحمي أمريكا من التهديدات الصاروخية. مع ذلك، فإن إنشاء هذه المنظومة سوف يستغرق وقتا. وحتى حلول ذلك الوقت، سوف يعتمد أمن أمريكا وأمن حلفائها، كما كان الوضع على مدى عقود من الزمن، على التهديد باستخدام القوة، وإذا دعت الضرورة إلى ذلك، استخدام الأسلحة النووية لردع أعدائنا.
وربما يبدى المؤيدون المتشددون لسياسة العزلة استياءهم إزاء هذا. لكن الردع الموسع ساعد في منع تكرار الحروب الشاملة التي تم استدراج الأمريكيين لخوضها في عامي 1917 و1941. كما منع هذا الردع الموسع الحرب الباردة من أن تتصاعد إلى حرب ساخنة.
ومن المؤكد أنه إذا امتلكت كوريا الجنوبية أو المملكة العربية السعودية أسلحة نووية، من المرجح أن تستكشفا المكاسب التي يمكن أن تحصلا عليها من خلال العمل بشكل أوثق مع الصين وروسيا وغيرهما من “القوى الفاعلة السيئة”. ولماذا يعد ذلك مشكلة؟ لأن الحربين العالميتين الأولى والثانية، بدأتا، جزئيا على الأقل، بتجارب دبلوماسية محفوفة بالمخاطر لمواجهة عالم يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة.
وعلى النقيض من الرغبة في الحد من الإنفاق الدفاعي، فإن مثل هذا الردع يتطلب تحديثات مستمرة لأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات، والاستخبارات والمراقبة والتوصيل العسكرية حتى يظل ذا مصداقية. وفي البداية، تعد أي قوات نووية جديدة وصغيرة عرضة للخطر نسبيا. ولهذا السبب كان الردع الموسع واحدا من الاستراتيجيات الأمريكية الأكثر فعالية في منع الانتشار النووي.
وساعد هذا الردع في منع إيطاليا والسويد واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وألمانيا وتركيا وتايوان من أن تصبح مسلحة نوويا أو التلاعب بنظام القواعد. وسوف يكون تشجيع الحلفاء على أن يصبحوا دولا مسلحة نوويا أمرا مختلفا. وإذا شجعت واشنطن سول على الحصول على قنبلة نووية، يمكن أن يطلب رئيس كوري جنوبي حمائمي من القوات الأمريكية مغادرة شبه الجزيرة الكورية. وماذا سيكون الوضع لو قررت الكوريتان، اللتان تمتلكان ترسانتين نوويتين، عندئذ إقامة اتحاد فيدرالي؟
يتيح التاريخ لنا إلقاء نظرة على احتمالات أخرى. ففي عام 1956، انضمت إسرائيل إلى بريطانيا وفرنسا للسيطرة على قناة السويس. وهددت روسيا بالتدخل واستخدام أسلحتها النووية. وكان يتعين على الرئيس الأمريكي آنذاك دوايت أيزنهاور أن يجبر بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على الانسحاب. وهل كانت الأمور ستهدأ لو كانت إسرائيل تمتلك قنبلة نووية؟ وفي عام 2003، أدى الاعتقاد بأن الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين كان يبني برنامجا نوويا، إلى استدراج القوات العسكرية الأمريكية إلى المنطقة لقرابة عقد من الزمان. وفي تكرار على نطاق أصغر لنفس النهج قصف البنتاغون في يونيو/حزيران الماضي محطات إيرانية لإنتاج الوقود النووي بعد فشل إسرائيل في إنجاز المهمة.
لتجنب مستقبل يتطابق بشكل أكثر تفجرا مع هذا التاريخ، يحتاج العالم إلى عدد أقل من دول مسلحة نوويا، وليس المزيد. ولتحقيق هذا الهدف، يجب على واشنطن توسيع، وليس تقليص، نطاق الضمانات الأمنية الفعالة. وسوف تتضمن أي استراتيجية أمنية جديرة بهذا الاسم تفاصيل بشأن أفضل السبل لتحقيق كلا الأمرين.

هنرى سوكولسكي المدير التنفيذي لمركز تعليم سياسات منع الانتشار النووي، نائب مدير سياسات منع الانتشار النووي في وزارة الدفاع الأمريكية (1993-1989)، مؤلف كتاب “الصين وروسيا والحرب الباردة القادمة” (2024).



