ترجمات أجنبية

ناشونال أنترست – بول .أر. بيلر يكتب – كيف نقضت خطة كوشنير للسلام الاستراتيجية الاسرائيلية ؟

كتب : بول .أر. بيلر . مجلة ناشونال أنترست 13فبراير 2020
ترجمة : هالة أبو سليم

المثير للاهتمام أن خطة كوشنير للسلام تعمل على تشجيع الشعب الفلسطيني المقيم في الداخل او في الشتات على التفكير الجدى و العمل من أجل تحقيق “حل الدولتين ” لضمان حقوق الشعب الفلسطيني والأكثر من ذلك ضمان حقوق عرب فلسطين في مناطق 48 داخل دولة ثنائية القومية .
هذا التحول يجعل من الصعب تجنب المقارنات بين وجهة النظر الاسرائيلية حول سياسة الفصل العنصري التى تُمارسها إسرائيل و نموذج جنوب افريقيا .
في الواقع ان خطة السلام التي طرحها دونالد ترامب و صهره جيراد كوشنر تُعتبر إلى حد كبير تحد من السلام لا تعززه .
وتنطوي خطط السلام الحقيقية على حلول وسط بين الطرفين المتنازعين؛ ويمكن تعديل هذه الخطط عن طريق إجراء مزيد من المفاوضات بين هذين الطرفين بهدف تلبية الحد الادنى من المتطلبات لدى الطرفين.
فهي ليست تأييداً لكل ما يريده أي طرف في النزاع تقريباً في حين تنحي الطرف الآخر ومصالحه جانباً، وهو ما يفعله اقتراح ترامب في البيت الأبيض.
وتماماً كما يشكل “السلام” تسمية خاطئة للخطة، فإن “الدولة” أيضاً ليست أكثر من تسمية غير دقيقة للكيان الفلسطيني الذي تصفه الخطة .
بل على العكس تماماً الأمر سيكون عبارة عن “البانتوستان ” (بانتوستان وهي مناطق في جنوب أفريقيا التي يشكل بها السود الأغلبية السُكانية في كل من جنوب أفريقيا وجنوب غرب أفريقيا” اضافة للحصار التي تتعرض له السلطة الوطنية الفلسطينية من قبل الاحتلال الاسرائيلي- المحرر).

وحتى ذلك الكيان لن يحدث أبدا، لأنه يقوم على تلبية الفلسطينيين لشروط عديدة يكاد يكون من المستحيل تلبيتها من الجانب الاسرائيلي.
ومن ثم فإن الخطة لن تجلب السلام، ولكنها تمثل خروجا ملحوظا بما فيه الكفاية عن السياسة الأمريكية السابقة بشأن الموضوع، لكي تسأل عن النتائج والتغيرات المستقبلية التي ستحدث .
والإجابة الأكثر مصداقية هي أن هذا التحرك من قِبَل إدارة ترامب ربما يدق المسمار الأخير في نعش حل الدولتين. ويصدق هذا بشكل خاص إذا ما تقدمت حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية إلى الملحق رسمياً ـ كما تمنحه الخطة ضوءاً أخضر اللون لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة .

ان خطة السلام المزعومة التى تبنتها ادارة ترامب ليس بمعزل عن السياسات السابقة للادارة الأمريكية بل على العكس هذه السياسات هي من مهدت الطريق الى ما وصلت الية القضية الفلسطينية اليوم .
وقد فعلوا ذلك بالسماح لإسرائيل بأن تفلت من استعمار الأراضي المحتلة من جانب واحد بينما تصمت و تغض الطرف عن الممارسات ً الاسرائيلية .
وهناك تشابه أكثر تحديداً بين خطة كوشنر والأطوار السابقة لهذا الصراع، وهو النمط الذي يسمح لإسرائيل بالحصول على فوائد فورية في مقابل الاعتراف غير المبهم بالتطلعات الوطنية للفلسطينيين والامكانية المتاحة لتحقيق هذه الطموحات في وقت ما فى المستقبل .
لقد كانت ثمار الجهود التي بذلها جيمي كارتر في كامب ديفيد في عام 1978 تتناسب مع هذا النمط. وكانت اتفاقيات كامب ديفيد تتألف من جزأين، أدى أحدهما بشكل مباشر إلى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي كانت الحكومة الإسرائيلية تحت زعامة مناحيم بيجين راغبة بشكل خاص.
أما الجانب الآخر فكان عبارة عن “إطار” فلسطيني للتعامل في المستقبل مع الأراضي الفلسطينية المحتلة ـ مكتوب، تماماً كما في خطة كوشنر ، دون مشاركة فلسطينية.
ولم تكن النتيجة ما كان كارتر ليصممه، بل كانت النتيجة الأكثر قدرة هو والرئيس المصري أنور السادات (الذي كان يريد أيضاً إبرام معاهدة السلام الثنائية) , و نجح بالضغط على مناحيم بيجين. وفي الأشهر التالية، بدأت في ضبط السلام المنفصل مع مصر ولم تفعل أي شيء تقريباً للتحرك نحو تقرير المصير في الأراضي الفلسطينية.

وبعد خمسة عشر عاماً وبموجب كل حكومة إسرائيلية مختلفة، نجحت اتفاقات أوسلو أخيراً في خلق السلطة الفلسطينية التي ذكرها إطار كامب ديفيد ولكنها أبقت على تقرير المصير الفلسطيني الكامل كطموح فقط، في الظاهر أن تتحقق في وقت ما من المستقبل، أي بعد مرور ما بين الخامسة عشرة من الزمن وفي ظل حكومات إسرائيلية مختلفة، أدت اتفاقات أوسلو أخيراً إلى إنشاء السلطة الفلسطينية التي ذكرها إطار كامب ديفيد ولكنها أبقت على تقرير المصير الفلسطيني الكامل كمطمح فقط، من ظاهريا أن تتحقق في وقت ما من المستقبل، أو من نوع ما من المؤقت .

واليوم، تعيد خطة كوشنر مفاجآت – حتى مع بنتوستان، وهي ليست حقيقية – صيغة المصالح الفلسطينية كشيء لا يمكن تحقيقه الآن، بل يجب الاحتفاظ به فقط كحلم لوقت بعيد .
استراتيجية الأحلام :
إن استراتيجية تأجيل حق تقرير المصير الفلسطيني إلى أجل غير مسمى على الطريق إلى دريم لاند تعمل على أفضل نحو حين تظل أي خطط بشأن الحقائق السياسية غامضة، وخاصة حين لا يتم الكشف عن مثل هذه الخطط على الإطلاق.
ولهذا السبب كانت خطة كوشنر تعقد متأنعاً تحت اللفائف لمدة طويلة. ومن المؤكد أن الأمر لم يستغرق ثلاث سنوات لابتكارها. ولهذا السبب أيضاً قدمت إدارة ترامب الوعد بالتنمية الاقتصادية (والتي ربما لن تتحقق أيضاً نظراً لكل الشروط) قبل أن تقول أي شيء عن المصطلحات السياسية.
في منتصف عام 2019، في الوقت الذي كان فيه كوشنير يعرض المقترحات الاقتصادية في مؤتمر في البحرين، كتبت هذا عن الاستراتيجية التي تستند إليها خطته التي لم يكشف عنها بعد:
ومن ناحية أخرى، ربما تخدم خطة كوشنر الغرض الرئيسي لمؤلفها وأغراض حكومة نتنياهو من خلال التواجد الدائم وعدم الوصول إلى نقطة النهاية أبدا .
إن ما يشكل أهمية مركزية بالنسبة للاستراتيجية الإسرائيلية المتمثلة في تحمل أي ضغوط فيما يتصل بالحقوق الفلسطينية هو عدم الندم على الإطلاق، وهو ما انعكس في إسرائيل في تحديد حدودها بشكل نهائي ورسمي، وفي التلميحات التي أسقطت الآن، ثم أن إسرائيل قد توافق ذات يوم على إقامة دولة فلسطينية .
ومع عدم التوصل إلى نقطة نهاية على الإطلاق، فإن إسرائيل تتجنب ردود الفعل إزاء الغطرسة الكاملة وإخضاع دولة أخرى بشكل دائم ورسمي.
إن القرار الذي اتخذ أخيراً بسحب الإعلان الكامل عن الخطة يعكس المقتضيات السياسية لاثنين من الزعماء الذين تشتت متاعبهم في الأشهر السبعة التي تلت انعقاد مؤتمر البحرين: ترامب، الذي أخلِع، ونتنياهو، الذي اتُهم بالفساد. وفي مواجهة إعادة الانتخابات في وقت لاحق من هذا العام شعر الزعيمان بالحاجة المتزايدة إلى تعزيز الدعم والحماس لكل منهما للقواعد السياسية. إن تلبية هذه الحاجة لها أسبقية على تحقيق أقصى قدر ممكن من استراتيجية “إمكانية حل القضية الفلسطينية إلى أجل غير مسمى”.
وقد أزعج ذلك القرار هؤلاء, مثل النّاس في معهد واشنطن لسياسة الشّرق الأدنى الذين يمكن أن يهتموا بدرجة أقل بمكانة أي زعيم أمريكيّ أو إسرائيليّ أكثر من الاهتمام بحماية إسرائيل من النّقد الخاص بإنكارها للحقوق الفلسطينيّة..
وفي العام الماضي زعم المدير التنفيذي للمعهد روبرت ساتلوفت أن خطة كوشنر لا ينبغي لها أن ترى النور ــ ليس بسبب الظلم أو الضعف المتأصل في الخطة بل بسبب ردود الفعل السلبية المتوقعة عليها.
والآن بعد أن بدأ ضوء النهار، فإن زملاء ساتلوفت، دينيس روس وديفيد ماكوفسكي، يناشدون حكومة نتنياهو عدم ضم قسم كبير من الضفة الغربية إلى أي حد تدعوها الخطة صراحة إلى القيام به.
يقول روس وماكوفسكي: “إن إسرائيل لا مصلحة لها”. “في حمل الفلسطينيين على التخلي عن حلمهم في إقامة دولتهم والطموح بدلاً من ذلك إلى التحول إلى مواطنين لإسرائيل يدلون بأصواتهم في الانتخابات الاسرائيلية “.
ويلخص هذا البيان الاستراتيجية الإسرائيلية القديمة، والتي أصبحت أيضاً استراتيجية إدارة ترامب: لا تدع الفلسطينيين يملكون دولة، بل دعهم يديرون حلمهم في ذلك. إنها وسيلة لحثهم على قبول وضعهم الحالي باعتقادهم بأنه مؤقت وأنهم ما زالوا قادرون على تحقيق حلمهم ما لم يمقوا الشفقة والمثيرة للانزعاج بشأن الوضع الراهن غير المرضي.
الصراع المملق :
ولكن الأحلام لا تستطيع إلا أن تدعم موقفاً حتى الآن، وخاصة عندما ينهض الحلم في مواجهة الغطرسة الكاملة لإخضاع أمة ما رسمياً من قِبَل أمة أخرى. ولن تذهب القومية الفلسطينية بعيدا. ولن تشترى هذه الشركات بالإغراءات في الكتيبات البراقة حول التنمية الاقتصادية.
ولن يتخلى العرب الآخرون عن دعمهم، كما يتضح من الموقف الحازم من الموضوع الذي عبر عنه العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود مرارا. وبصرف النظر عما يتم في السنوات المقبلة بأي تصريح للقيادة الفلسطينية، فإن الإر وهناك عنصر آخر من عناصر الاستراتيجية الإسرائيلية، وهو أيضا أساس خطة كوشنر، لا يزال سليما، وهو استخدام الرفض الفلسطيني الحتمي للخطة كفرصة لإضافة إلى الأساطير عن الفلسطينيين، وليس إسرائيل، التي يفترض أنها دائما مسؤولة عن فرص السلام المفقودة .. هابيين وغيرهم من المتطرفين سوف يستمرون في استغلال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لم يحسم حتى الآن لتحقيق أغراضهم الخاصة.
إن الكثيرين الذين لا يعرفون التاريخ الطويل والمأساوي لهذا الصراع سيواصلون تصديق الأساطير.
إن هؤلاء الذين يعرفون ذلك التاريخ يدركون تمام الإدراك أن هذا ليس أكثر من أسطورة. (على سبيل المثال، حين كان الجانبان منذ تسعة عشر عاماً على وشك التوصل إلى اتفاق سلام شامل، كان الإسرائيليون، وليس الفلسطينيين، هم الذين ساروا بعيداً عن طاولة المفاوضات، هم الذين لم يعودوا قط).
الشعب الفلسطيني الأسطورة :
أياً كانت القوة المتبقية للأسطورة الأسطورية، فمن خلال جعل الموت الواضح لحل الدولتين أكثر وضوحاً، فإن خطة كوشنر سوف تشجع الناس، سواء داخل فلسطين أو خارجها، التفكير والعمل بشكل أقل من حيث دولتين وأكثر من ذلك من حيث الدعوة لحقوق العرب الفلسطينيين داخل دولة ثنائية القومية.
وهذا التحول من شأنه أن يزيد من صعوبة تجنب المقارنات بين النسخة الإسرائيلية من الفصل العنصري والإصدار السابق من جنوب أفريقيا، وبين ذلك النوع من الضغوط الدولية التي ساعدت في إنهاء الظلم الأخير

الخاتمة :

وستشجع خطة كوشنر الشعب الفلسطيني، سواء داخل فلسطين أو خارجها، على التفكير والعمل بشكل أقل من حيث دولتين، وأكثر من ذلك من حيث الدفاع عن حقوق العرب الفلسطينيين داخل دولة ثنائية القومية. وهذا التحول من شأنه أن يزيد من صعوبة تجنب المقارنات بين النسخة الإسرائيلية من الفصل العنصري و النموذج جنوب أفريقيا.

الرابط الأصلي للمقال :

How the Kushner Peace Plan Overturned Israeli Strategy

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى