ناجي العلي: ياسر عباس والمخيمات: الحقيقة القانونية مقابل خيال ومؤمرات جريدة الأخبار اللبنانية

ناجي العلي 19-08-2025
يبدو أن جريدة الأخبار اختارت في مقالها الأخير أن تتحول من مجرد نقل الحقائق إلى كتابة رواية بوليسية سياسية مليئة بالمؤامرات الخيالية، وكأن الصحفي أصبح كاتب سيناريو هوليودي يسعى لتصوير كل زيارة فلسطينية على أنها انقلاب على السياسة الإقليمية.
المقال يصف زيارة السيد ياسر عباس إلى لبنان على أنها محاولة لبيع المخيمات، نزع السلاح، وتحريك أوراق حزب الله وحماس، وكأن زيارة رجل واحد تستطيع قلب السياسة الإقليمية رأسًا على عقب!
يبدو أن الكاتب نسِي أن السياسة ليست لعبة فيديو يمكن التحكم فيها بضغط زر، وأن المخيمات الفلسطينية ليست قطعًا في رقعة شطرنج لإشعال الحروب.
الحقيقة أبسط بكثير: زيارة السيد عباس كانت للاطلاع على ممتلكات منظمة التحرير الفلسطينية ومتابعة شؤونها القانونية والإدارية، وليس لأي أغراض سرية أو سياسية كما زعمت الصحيفة.
*افتتاحية المقال*: بيع المخيمات
“ياسر عباس يحاول مجددًا: بيع مخيمات جنوب الليطاني”
المخيمات الفلسطينية ليست عقارات فاخرة في بيروت ليتم بيعها بين ليلة وضحاها.
هذه الجملة من المقال هي خيال علمي سياسي بامتياز.
السيد عباس لم يزر لبنان للبيع، بل للمتابعة القانونية والإدارية لممتلكات المنظمة، التي هي ملك الشعب الفلسطيني.
كل محاولة لتحويل هذه الزيارة إلى “صفقة سرية” تظهر فقط سذاجة الكاتب وفقدانه للموضوعية.
*الجولة الثانية* وسحب السلاح
“لكنّ مصادر متابعة تشير إلى أن الزيارة تمثّل الجولة الثانية لعباس الابن للبحث في ملف سحب السلاح الفلسطيني في لبنان”
يبدو أن جريدة الأخبار نسيت أن الصحافة ليست سيناريوهات أفلام هوليودية.
سحب السلاح الفلسطيني في لبنان جاء بناءً على تفاهمات مشتركة بين الرئيس اللبناني جوزيف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وليس نتيجة لمؤامرة أو تحرك سري كما يحاول المقال تصويره.
أي مزاعم بأن السلطة الفلسطينية تسعى لسحب السلاح بشكل أحادي هي خيال صحفي لا أساس له.
المقال هنا يحاول تحويل تفاهمات رسمية وإجراءات دبلوماسية واضحة إلى مؤامرة درامية، وهو دليل آخر على افتقار الكاتب للموضوعية.
المزاعم بهذا الشأن خيال مؤامراتي بلا دليل.
*محاولة ربط زيارة دبلوماسية بالقفز فوق حدود السيادة اللبنانية هي سخرية سياسية مفرطة.*
المؤامرات السعودية وحزب الله
“لا تخرج زيارة عباس الابن عن سياق محاولات التوتير التي تقودها السعودية لزيادة الضغط على لبنان في مواجهة فريق المقاومة”
إدراج كلمتي “السعودية” و”الضغط على حزب الله” في جملة واحدة يبدو كـ محاولة لخلق حبكة سياسية درامية.
الحقيقة: السيد عباس لا يحمل عصا سحرية لتغيير السياسة اللبنانية.
المخيمات الفلسطينية ليست رقعة شطرنج.
*كل ما لا يُفهم يُحوّل إلى مؤامرة، وكل زيارة قانونية تُحوّل إلى تهديد أمني!*
خطة مزدوجة وهمية
“علمت جريدة «الأخبار» أن الجانب السعودي يعمل على صياغة خطة من شقّين: الأول يبدأ بنزع السلاح من المخيمات، والثاني يتعلق بحركة «حماس»”
مجرد قراءة هذه الجملة تجعل القارئ يتساءل: خبر أم سيناريو فيلم تجسس؟
السلطة الفلسطينية لا تتحرك ضمن مؤامرات خارجية.
المقال يثبت أنه عمل فني كوميدي أكثر منه خبرًا، مكتوب لإثارة الذعر والجدل فقط وتضليل القارئ.
*لجنة الموفنبيك والقيادات الجديدة*
“وسبق وصول عباس الابن، عودة ما يُعرف بـ«لجنة الموفنبيك» الأمنية – السياسية بهدف معالجة الخلافات داخل حركة فتح”
المقال يمزج بين حقائق إدارية وهمية وادعاءات شخصية.
الحقيقة: اللجنة موجودة ضمن الإجراءات الداخلية، وكل تصويرها كـ “تحريك أوراق أمنية” هو تضخيم درامي لا أساس له من الصحة.
الصحافة هنا تصنع أجواء تشويقية فارغة، حيث يُصور أي إجراء إداري صغير كأنه انقلاب سياسي كبير.
*المخيمات والفوضى*
“سمعوا من قيادات فلسطينية أن المخيمات تعاني فوضى سلاح ناتجة أساسًا عن السلاح المنتشر بكثافة لدى حركة فتح وأجهزة السلطة”
* المخيمات الفلسطينية ليست فوضى سلاح كما يوحي المقال.
* لا علاقة للسيد عباس بأي إدارة عسكرية أو أمنية.
* محاولة ربطه بحزب الله أو المقاومة الفلسطينية هي كوميديا سياسية صرفة.
*الاجتماعات الخاصة والمفاوضات السرية*
“سيعقد لقاءات بعيدة عن الإعلام مع رئيس الحكومة نواف سلام ومسؤولين آخرين”
وصف اللقاءات بـ “بعيدة عن الإعلام” يضفي طابع الإثارة، بينما الحقيقة: كل الاجتماعات رسمية وبروتوكولية بالكامل وبشكل رسمي على وسائل الإعلام.
الصحيفة حاولت تحويل الأمور العادية إلى أحداث مثيرة بلا أي أساس وبدون دليل، فقط لتضليل القارئ.
الواقع: كل لقاء دبلوماسي له بروتوكوله، وإلصاق طابع الإثارة على الأمور العادية يفضح افتقار المقال للموضوعية والمهنية.
*سيطرة عباس الابن*
“نجح محمود عباس خلال السنوات الأخيرة في بناء شبكة نفوذ واسعة داخل أوساط فلسطينيّي لبنان”
المقال يحاول رسم صورة درامية عن “سيطرة عباس الابن على كل شيء”.
الحقيقة: السلطة الفلسطينية تعمل وفق بروتوكولات داخلية واضحة، وتلتزم بالشفافية والعدالة وفق المصلحة العليا لأبناء شعبنا الفلسطيني و لدولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
محاولة تحويل زيارة إدارية إلى مؤامرة كبرى هي سخرية مفرطة من الواقع.
وأخيراً إلى جريدة الأخبار إن زيارة السيد ياسر عباس: ليست سرية، ليست مؤامرة، ليست تهديدًا، بل متابعة قانونية وإدارية لممتلكات منظمة التحرير الفلسطينية والتي هي ملك لأبناء شعبنا الفلسطيني ودولة فلسطين.
الاجتماعات: رسمية وبروتوكولية، لا مؤامرات سرية من نسج خيالكم.
المؤامرات الدولية: مجرد خيال صحفي لا يمت للواقع بصلة.
إن استمرار نشر هذه الأكاذيب هو محاولة فاشلة لصناعة البلبلة. السلطة الفلسطينية تحتفظ بحقها في اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد من يسعى لتشويه الحقائق.
يبدو أن جريدة الأخبار بحاجة إلى ورشة صحفية كاملة لتعلم الفرق بين الخبر والخيال، بين متابعة شؤون الفلسطينيين وبين كتابة سيناريوهات أفلام الحركة، حيث تُقايض الحقيقة بالمؤامرة وكأن الصحفي هو كاتب أفلام جاسوسية يتعامل مع المخيمات الفلسطينية وكأنها حلبة صراع عالمي.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook