ترجمات أجنبية

ميدل إيست سوكر – جيمس دورسي- كيف تضغط الصين على السعودية والإمارات باستخدام ورقة إيران؟

ميدل إيست سوكر –  جيمس دورسي –  21/11/2020

تشير المناقشات الصينية الداخلية حول السياسات تجاه الشرق الأوسط على اتجاه تفكير بكين لدفع دول مثل السعودية والإمارات لاستيعاب التغييرات السياسية المحتملة. ويبدو أن الصين تستخدم الأكاديميين وليس السياسيين لتوصيل رسائل إلى دول الخليج حول التعديلات التي يتعين عليها إجراؤها لتمكين بكين من أن تصبح أكثر انخراطا في الأمن الإقليمي.

وتتلخص الرسائل الضمنية في كتابات الأكاديميين وتصريحاتهم في أن فشل دول الخليج في تخفيف التوتر، خاصة مع إيران، يمكن أن يدفع الصين إما لتقليص مشاركتها الاقتصادية في الشرق الأوسط أو التركيز على العلاقات مع الدول غير العربية، خاصة تركيا وإيران، وهما منافستان للسعودية والإمارات.

وتتماشى تلميحات الصين مع الاقتراح الروسي الذي يدعو إلى اتفاقية عدم اعتداء مع إيران وربما مع تركيا أيضا. ومن شأن ذلك أن يقلل بشكل كبير مخاطر خروج النزاعات عن السيطرة، ما يسمح للصين بتوسيع مشاركتها خارج نطاق الاقتصاد.

ودعا الباحث الصيني في شؤون الشرق الأوسط “فان هوندا” الصين، بدلا من المبالغة في تقدير أهمية الدول العربية، أن تولي مزيدا من الاهتمام للقوى غير العربية في الشرق الأوسط، خاصة تركيا وإسرائيل وإيران.

وقال “فان” في مقال رأي نشرته صحيفة “ليان زاباو”، وهي صحيفة باللغة الصينية في سنغافورة: “بالنظر إلى رغبة إيران المعلنة في تعزيز العلاقات الثنائية مع بكين، تحتاج الصين إلى الرد بشكل أكثر نشاطا”.

ولإثارة هذه النقطة، قال “فان”، في مقالتين في صحيفة “همشهري”، وهي صحيفة إيرانية شهيرة تنشرها بلدية طهران، إن الصين يجب أن تقيم علاقات أوثق مع إيران بغض النظر عن السياسة الأمريكية أو المعارضة العربية المحتملة. وقال “فان” في إشارة إلى الصين: “ليس لهذه المخاوف المفرطة في الحذر أي معنى على الإطلاق بالنسبة لثاني أقوى دولة في العالم”.

ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلان إيران عن مشروع اتفاق صيني إيراني مدته 25 عاما بمليارات الدولارات يتضمن المجالات الاقتصادية والعسكرية. وأثارت المسودة تكهنات شديدة حول سياسة الصين في الشرق الأوسط ومدى واقعية الاتفاقية.

وقد زادت إيران بشكل كبير من عدد الشركات في جناحها في معرض الصين الدولي هذا الشهر في شنغهاي.

وتم نشر مقال “فان” في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” لتولي منصبه في يناير/كانون الثاني، مع نية معلنة للتراجع عن سياسة عقوبات “أقصى ضغط” القاسية التي فرضها “دونالد ترامب” وإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه “ترامب” عام 2018.

ويأتي الحديث من داخل الصين حول امتلاكها بدائل في الشرق الأوسط ليضع ضغوطا على دول مثل السعودية والإمارات في محاولتهما لاحتواء إدارة “بايدن”، التي من المرجح أن تركز بشكل أكبر على حقوق الإنسان وتتخذ نظرة أكثر انتقادية تجاه المشاركة الخليجية في حروب اليمن وليبيا.

وتأتي دعوة “فان” في أعقاب مقال كتبه الباحثان الصينيان البارزان “سون ديجانج” و”وو سيك” يؤكدان فيه أن الشرق الأوسط كان “منطقة رئيسية في دبلوماسية القوة العظمى الصينية في العصر الجديد”. وأشار “سون” و”وو” إلى أن الاستراتيجية الصينية تشمل “البحث عن أرضية مشتركة مع الاحتفاظ بالاختلافات”، وهي صيغة تتضمن إدارة الصراع بدلا من حل النزاع.

وقال الأكاديميون إن “الصين تسعى من خلال المشاركة في أمن الشرق الأوسط إلى بناء آلية إقليمية شاملة ومشتركة تقوم على الإنصاف والعدالة والتعددية والحوكمة الشاملة واحتواء الخلافات”.

وفي وقت سابق، اعتمد “نيو شين تشون”، مدير دراسات الشرق الأوسط في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أحد أكثر مراكز الأبحاث تأثيرا في الصين، نبرة مختلفة لإيصال الرسالة نفسها؛ حيث تحدث عن أن اهتمام الصين بالشرق الأوسط يتضاءل. ولتجنب خسارة الصين، تحتاج دول الخليج إلى خلق درجة من الاستقرار في المنطقة.

وقال “نيو”: “بالنسبة للصين، دائما ما يكون الشرق الأوسط متأخرا جدا في الاستراتيجيات العالمية للصين. وسوف يغير كوفيد-19، إلى جانب أزمة أسعار النفط، الشرق الأوسط بشكل كبير. وسوف يغير هذا نموذج الاستثمار الصيني في الشرق الأوسط”.

ومع استثناءات قليلة، التزمت دول الخليج ووسائل الإعلام إلى حد كبير الصمت حيال الأصوات الصينية التي تعكس التفكير في بكين وتشكك في علاقات الصين مع الدول العربية الرئيسية.

ولا شك أن دول الخليج تعتقد أن اعتماد الصين على طاقة الشرق الأوسط، وأهمية المنطقة بالنسبة لمبادرة الحزام والطريق، تجعلها لا غنى عنها. وفي حين أن دول الخليج قد لا تكون مخطئة في هذه النقطة، إلا أنها تظل عرضة للخطر في بيئة تجبرها التحولات في السياسة الأمريكية على التحوط في رهاناتها وأن تكون أكثر انتباها لمواقف الصين في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد.

وقال “مردخاي شازيزا” الخبير في العلاقات بين الصين والشرق الأوسط: “لقد أصبحت بكين بالفعل أكثر قلقا بشأن استقرار أنظمة الشرق الأوسط. وتؤكد مصالحها الإقليمية المتزايدة، إلى جانب طموحاتها في مبادرة الحزام والطريق، إن استقرار الشرق الأوسط، ولا سيما في الخليج العربي، قد أصبح الآن مصدر قلق استراتيجي للصين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى