ترجمات أجنبية

موقع موندويس – بقلم رمزي بارود – الدروس المفقودة من الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة

موقع موندويس –  بقلم رمزي بارود* –  2/4/2021

بعد الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في عامين ، أصبحت قاعدة بنيامين نتنياهو أكثر ضعفًا وتطرفًا من أي وقت مضى. لكن هذه المرة يمكن لتحالف مع أحزاب عربية أن يقلب الموازين.

على الرغم من أن نتنياهو يخضع لمحاكمة بتهم التزوير والرشوة وخيانة الأمانة، كلفه الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بتشكيل حكومة جديدة، وإن أعرب عن عدم اقتناعه بأن لدى أي من المرشحين «فرصة واقعية لتشكيل حكومة تنال ثقة الكنيست». يأتي ذلك عقب الانتخابات الإسرائيلية الرابعة خلال سنتين، التي لم يحصل فيها نتنياهو أو أحزاب المعارضة على العدد الكافي من الأصوات من أجل الاضطلاع بتشكيل حكومة.

وأمام زعيم حزب الليكود 28 يومًا لمحاولة الحصول على دعم كافٍ من أحزاب البرلمان لتشكيل ائتلاف حاكم، ويمكنه طلب التمديد لأسبوعين آخرين، وفي حال فشله، تنتقل مهمة تشكيل الحكومة إلى مرشح آخر.

بعد الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في عامين، أصبحت قاعدة بنيامين نتنياهو أكثر ضعفًا وتطرفًا من أي وقت مضى. لكن هذه المرة يمكن لتحالف مع أحزاب عربية أن يقلب الموازين، كما يتوقع الكاتب الصحافي الفلسطيني، رمزي بارود، في مقاله المنشور على موقع «موندويس».

«انتكاسة» نتنياهو.. مجرد مشهد من القصة الكاملة

«انتكاسة كبيرة»؛ هو الوصف الذي تكرر في العديد من عناوين الأخبار التي تحدثت عن نتائج الانتخابات العامة الإسرائيلية التي أجريت في 23 مارس (آذار). وفي حين أن هذا الوصف يشير على وجه التحديد إلى فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في إحراز نصر حاسم في الانتخابات الرابعة التي تشهدها إسرائيل خلال عامين، يلفت رمزي بارود إلى أن هذا المشهد ليس سوى جزء من القصة.

يؤكد الكاتب أن هذه الانتخابات تمخضت عن انتكاسة لنتنياهو، الذي لجأ مرارًا وتكرارًا إلى الناخبين الإسرائيليين خطَّ نجاة أخيرًا على أمل الهروب من حزمة مشكلاته المتزايدة باستمرار: الانقسامات داخل حزبه الليكود، والتآمر المستمر من شركائه اليمينيين السابقين في الائتلاف، والمحاكمات التي يخضع لها شخصيًّا بتهمة الفساد، وافتقاره إلى الرؤية السياسية المتحررة من أسر مصالحه ومصالح أسرته.

لكن الكاتب الفلسطيني يستدرك: ومع ذلك، كما كان الحال في ثلاثة انتخابات سابقة، كانت نتيجة الانتخابات الرابعة متشابهة. فهذه المرة، يتكون معسكر نتنياهو اليميني – وبالتالي معسكر شركائه المحتملين في الائتلاف الحكومي – من أحزاب يمينية أكثر تحمسًا، من بينها، إلى جانب الليكود الذي فاز بـ30 مقعدًا في الكنيست، شاس الذي حصل على تسعة مقاعد، ويهدوت هتوراة المتحدة الذي فاز بسبعة مقاعد، والصهيونية الدينية الذي نال ستة مقاعد. باستحواذ نتنياهو على 52 مقعدًا فقط، أصبحت قاعدته أكثر ضعفًا وأكثر تطرفًا من أي وقت مضى، على حد وصف المقال.

نفتالي بينيت .. أي طريق سيسلك ؟

من ناحية أخرى، يذكر بارود أن حزب يمينا، الذي حصل على سبعة مقاعد، شريك منطقي في ائتلاف نتنياهو المحتمل؛ إذ يترأسه سياسي يميني متحمس، هو: نفتالي بينيت، الذي تولى منصب وزير في مختلف الائتلافات اليمينية التي قادها نتنياهو، وهو يتبنى وجهات نظر أيديولوجية أكثر يمينية من نتنياهو.

حاول بينيت، السياسي المتحمِّس، لسنوات الهروب من هيمنة نتنياهو، حتى طالب في نهاية المطاف بقيادة اليمين. وفي حين أن الانضمام إلى ائتلاف يميني آخر، برئاسة نتنياهو مرة أخرى، يكاد يكون هو السيناريو الأفضل، لا يستبعد الكاتب أن يعود بينيت إلى معسكر نتنياهو في الوقت الحالي، ولو على مضض، لأنه ليس لديه خيار آخر.

يستدرك بارود مرة أخرى: ومع ذلك، يمكن أن يسلك بينيت مسارًا راديكاليًّا آخر، مثل ذلك الذي اتخذه الليكودي السابق، جدعون ساعر، من حزب أمل جديد، وأفيغدور ليبرمان من حزب إسرائيل بيتنا، لإطاحة نتنياهو، حتى لو كان البديل يعني تشكيل ائتلاف هش قصير العمر.

ثمن هزيمة نتنياهو: تجاوز الخطوط الحمراء

في الواقع، لا يرى بارود أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين المعسكر المناهض لنتنياهو، لا من حيث السياسة أو الأيديولوجيا أو العرق- وهو عنصر حاسم في السياسة الإسرائيلية – أكثر من رغبتهم الجماعية في التخلص من نتنياهو.

وإذا تجمع ائتلاف مناهض لنتنياهو، بطريقة ما – يوحد أحزاب يش عتيد (17 مقعدًا)، وكاحول لافان (ثمانية)، وإسرائيل بيتنا (سبعة مقاعد)، والعمل (سبعة مقاعد)، وأمل جديد (ستة مقاعد)، والقائمة المشتركة (ستة مقاعد)، وميرتس (ستة مقاعد) – سيظل هذا التحالف عاجزًا عن الوصول إلى الحد المطلوب وهو 61 مقعدًا.

لتجنب العودة إلى صناديق الاقتراع للمرة الخامسة في غضون عامين تقريبًا، سيضطر التحالف المناهض لنتنياهو إلى تجاوز العديد من الخطوط الحمراء السياسية. على سبيل المثال، سيتعين على حلفاء نتنياهو السابقين المناهضين للعرب، وتحديدًا ليبرمان وساعر، قبول الانضمام إلى ائتلاف يضم القائمة المشتركة. ويتعين على هذه القائمة أن تفعل الشيء نفسه، وتتعاون مع أحزاب سياسية تتبنى أجندات عنصرية وشوفينية ومناهضة للسلام.

مخاطرة بينيت وعباس

على الرغم من ذلك، سيظل التحالف المناهض لنتنياهو عاجزًا عن تأمين الأعداد المطلوبة. فباستحواذه على 57 مقعدًا فقط، فإنهم لا يزالون بحاجة إلى دفعة إما من حزب «يمينا» بقيادة بينيت، وإما القائمة العربية المتحدة بقيادة منصور عباس، وهما الفصيلان الوحيدان اللذان يستحوذان على أصوات كافية لترجيح كفة الانتخابات، ولم يكشفوا بعد عن من سيؤيدون.

بينيت، المعروف بصلابته الأيديولوجية، يدرك أن التحالف مع العرب واليسار يمكن أن يعرض مكانته للخطر في أوساط قاعدته الأيديولوجية: اليمين واليمين المتطرف. وإذا كان سينضم إلى ائتلاف مناهض لنتنياهو، فسيكون ذلك لغرض وحيد هو تمرير تشريع في الكنيست يمنع السياسيين الذين يُحاكمون من المشاركة في الانتخابات. كانت هذه إستراتيجية ليبرمان الرئيسية لبعض الوقت. وحالما يجري إنجاز هذه المهمة، سينقض هؤلاء الشركاء المتشاكسون في الائتلاف على بعضهم بعضًا للاستحواذ على مقعد القيادة الذي كان يشغله نتنياهو على رأس اليمين.

يتابع المقال: لكن القصة مختلفة تمامًا بالنسبة لمنصور عباس، الذي لم يكتف بخيانة الوحدة العربية التي تشتد الحاجة إليها في مواجهة التهديد الوجودي الذي تشكله سياسات إسرائيل المعادية للعرب المتزايدة، بل ذهب أيضًا إلى حد إبداء استعداده للانضمام إلى تحالف يقوده نتنياهو.

ومع ذلك، حتى بالنسبة لعباس الذي يصفه الكاتب بأنه «انتهازي»، فإن الانضمام إلى تحالف يميني يضم مجموعات ترفع شعارات على غرار «الموت للعرب» يمكن أن يكون في غاية الخطورة. فمن وجهة نظر العرب في إسرائيل، أصبحت سياسة عباس بالفعل تكاد ترقى إلى مستوى الخيانة. والانضمام إلى الكاهانيين الشوفينيين العنيفين – الذين ترشحوا تحت مظلة قائمة الصهيونية الدينية – لتشكيل حكومة تهدف إلى إنقاذ نتنياهو سياسيًّا، من شأنه أن يضع هذا السياسي المتهور وعديم الخبرة في مواجهة مباشرة مع مجتمعه العربي الفلسطيني، على حد وصف المقال.

بدلًا من ذلك، قد يرغب عباس في التصويت لصالح الائتلاف المناهض لنتنياهو شريكًا مباشرًا، أو من الخارج. على غرار بينيت، فإن كلا الخيارين سيجعلان عباس صانع ملوك محتمل، وهو سيناريو مثالي من وجهة نظره، وأقل من المثالي من وجهة نظر تحالف سيكون، في حالة تشكيله، غير مستقر.

الانتخابات الإسرائيلية .. انتكاسة للجميع

وبالتالي، لا يكفي تصنيف نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة على أنها انتكاسة لنتنياهو وحده. ففي حين أن هذا صحيح، فإنه يمثل أيضًا نكسة للآخرين جميعهم. صحيح أن نتنياهو فشل في إحراز أغلبية حاسمة، لكن أعداءه أيضًا فشلوا في تقديم حجة مقنعة للناخبين الإسرائيليين حول ضرورة إبعاد نتنياهو عن السياسة تمامًا. ولا يزال نتنياهو هو زعيم اليمين الإسرائيلي بلا منازع، ولا يزال حزبه الليكود يتقدم بفارق 13 مقعدًا عن أقرب منافسيه.

على الرغم من توحيد الوسط مؤقتًا في الانتخابات السابقة تحت مظلة «كاحول لافان» (أزرق وأبيض)، فإنه سرعان ما تفكك، وهذا ينطبق أيضًا على الأحزاب العربية الموحدة. وبتفكك هذه الأحزاب قبيل الانتخابات الرابعة، ذهبت الأصوات العربية أدراج الرياح، وذهب معها أي أمل في إمكانية إصلاح السياسة الإسرائيلية العنصرية والعسكرية والمتحمسة دينيًّا من الداخل.

هذا يعني أنه سواء رحل نتنياهو أو بقي، فمن المرجح أن تظل الحكومة الإسرائيلية القادمة تدور في فلك اليمين. علاوة على ذلك، مع أو بدون رئيس وزراء إسرائيل الأطول بقاء في منصبه، يستبعد رمزي بارود أن تلِدَ إسرائيل شخصية قادرة على توحيد مختلف الأطياف السياسية، وإعادة تعريف الدولة بما يتجاوز عبادة الفرد كما فعل نتنياهو.

يختم المقال بالقول: أما إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وتفكيك الفصل العنصري ومعه المستوطنات اليهودية غير الشرعية، فهذه تبقى آمالًا بعيدة المنال، نظرًا إلى أن هذه الموضوعات لم تكن جزءًا من الحديث الذي سبق الانتخابات الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى