ترجمات أجنبية

موقع «المونيتور» – بقلم بارين كاياوجلو – لماذا لا تفيد التوترات في البحر المتوسط أردوغان في الداخل؟

موقع «المونيتور»  – بقلم  بارين كاياوجلو * – 4/9/2020

نشر موقع «المونيتور» تقريرًا أعده بارين كاياوجلو، أستاذ التاريخ العالمي المساعد بالجامعة الأمريكية في العراق، خلُص فيه إلى أن التسوية العادلة للأزمة في شرق البحر المتوسط مع اليونان وفرنسا ستكون رائعة بالنسبة لتركيا، ولكن حتى هذا ربما لن يزيد من شعبية الرئيس أردوغان في الداخل التركي.

يطرح كاياوجلو سؤالًا في مستهل تقريره: هل يستخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التوترات في شرق البحر المتوسط لتعزيز شعبيته المحلية والفوز في الانتخابات المبكرة التي لم يُعلَن عنها، ولكن طالتها شائعات مستمرة؟ ويجيب قائلًا: يعتقد عديد من معارضيه ذلك.

شعبية أردوغان بعد العمليات العسكرية في سوريا

في برنامجه «A Look at the Week» (نظرة على الأسبوع) مع روزين كاكير على منصة الأخبار المستقلة «Medyascope» في 28 أغسطس (آب)، أبرز الصحافي كمال كان نقطة جديرة بالاهتمام، وهي أن: عمليات تركيا العسكرية الأخيرة في سوريا تعزز من شعبية أردوغان.

معركة إدلب

ويثبت عدد من الأزمات في سوريا أنه ربما في حين تعزز أزمة مشابهة في شرق البحر المتوسط من شعبية أردوغان، إلا أن تأثيرها سيكون قصير المدى، بحسب التقرير. وأضاف أن محاولات أردوغان لاستخدام الخطاب القومي لتقويض معارضيه المحليين تُثير الشكوك حول الأهداف الحقيقية لتحركاته في مجال السياسة الخارجية.

وبالفعل، حذَّرت عدة مصادر تركية تحدثت إلى المونيتور شريطة عدم الإفصاح عن هويتها من أن صراع تركيا المستمر مع اليونان وفرنسا في البحر المتوسط، إلى جانب الإعلان عن اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز تحت سطح البحر الأسود وقرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، ربما تكون مجرد حِيَل لزيادة شعبية أردوغان عند الناخبين الدينيين والقوميين، بحسب التقرير.

الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة

وأوضح الكاتب أن هناك مزاعم حول أن أردوغان يريد تعزيز شعبيته – التي أفادت التقارير أنها هبطت إلى ما دون 30% في وقت سابق من هذا العام – حتى يمكنه الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. وتفترض الخطة التي يصعب تصديقها أن عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو سيستقيل من منصبه ليرشح نفسه ضد أردوغان. (بموجب القانون التركي، يجب أن يستقبل الموظفون في القطاع العام، سواء جاءوا بالتعيين أو الانتخاب، من مناصبهم في حالة الترشح لشَغْل مناصب عامة).

ويتمتع حزب العدالة والتنمية التابع لأردوغان بأغلبية في مجلس بلدية إسطنبول، ولذلك فإن أعضاء المجلس سيرشحون حليفًا لأردوغان ليشغل منصب العمدة حتى إجراء الانتخابات المحلية القادمة عام 2024. وسيسمح ذلك لحزب العدالة والتنمية بإعادة السيطرة على مصدر من المصادر الرئيسة للأصوات الانتخابية – مدينة إسطنبول التي قال عنها أردوغان ذات مرة: من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا – لتوسيع القاعدة الانتخابية المؤيدة له.

ويشير قانون العواقب غير المقصودة (في العلوم الاجتماعية، هي النتائج غير المتوقع حدوثها وغير المقصودة من عملية أو فِعْل معين) إلى أن أردوغان ربما لا يحقق أمنيته. وتُظهر استطلاعات رأي أُجريت مؤخرًا أن الحزبين المنشقَيْن عن حزب العدالة والتنمية، وهما حزب الديمقراطية والتقدم بقيادة وزير الاقتصاد السابق في حكومة أردوغان علي باباجان وحزب المستقبل بقيادة رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، يكسبان مزيدًا من الأصوات على حساب الحزب الحاكم.

ولا تزال أعدادهما صغيرة بمعدل 4% أو أقل، إذ لا يزال كلا الحزبين مشغولَيْن ببناء فروعهما المحلية ويحاولان وضع إستراتيجية تواصل متماسكة. ومع ذلك، فإن كلًا من باباجان وداود أوغلو أثبتا حنكتهما السياسية عندما كانا مسؤولَيْن خلال سنوات عملهما في حزب العدالة والتنمية. وزيادة حضورهما على الساحة السياسية التركية ربما تطرح بديلًا جديدًا أمام القاعدة المحافظة التي تؤيد أردوغان.

التوصل إلى الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي

ومن ناحية أخرى، يبدو أن الحسابات المحلية أيضًا تلعب دورًا في فرنسا بحسب التقرير. وفي أعقاب احتجاجات «السترات الصفراء» التي بدأت في خريف عام 2018، انخفضت شعبية ماكرون إلى مستويات بائسة حتى وقت قريب. وقد جاءت النقلة النوعية لشعبيته في يوليو (تموز) عندما أقرَّ الشعب الفرنسي لرئيسه بالفضل في المفاوضات الناجحة بشأن موافقة الاتحاد الأوروبي على تقديم 750 مليار يورو حزمةً تحفيزية لإنعاش اقتصادات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ونظرًا لثقته المكتسَبة حديثًا وسيره على خُطى عديد من الرؤساء الفرنسيين بعد الحرب لتوسيع نفوذ بلاده على الصعيد العالمي، واصل ماكرون أنشطة سياساته الخارجية بقوة ونشاط. وزار لبنان مرتين منذ انفجار المرفأ المأساوي في بيروت في 4 أغسطس، وزار العراق في 2 سبتمبر (أيلول) لمدة يوم واحد، حيث أكَّد على السيادة العراقية، في تجاهل صريح لتركيا، وإيران، والولايات المتحدة.

هل تستطيع اجتماعات ماكرون تحدي نفوذ أنقرة؟

ويرى الكاتب أن اجتماعات ماكرون مع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس وزراء منطقة كردستان نيجيرفان بارزاني، الشريك المقرب لأردوغان، ربما لا تكون قادرة على تحدي نفوذ أنقرة (أو على الأقل نفوذ طهران أو واشنطن) بهذه السرعة. ولكنها تدل على محاولات ماكرون لاتباع سياسة خارجية ديناميكية تستهدف تأمين أرضية أقوى له في الداخل.

وبينما يبدو أن أردوغان وماكرون مشغولان للغاية بتعزيز شعبيتهما المحلية على حساب بعضهما البعض، إلا أن الأمر مختلف بالنسبة لرئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس. وفي تصريح للمونيتور، قال إيفانجيلوس أرتيتوس، المراسل المتنقل لصحيفة «Charavgi» اليومية في قبرص والزميل غير المقيم الذي يهتم بشؤون الاتحاد الأوروبي وتركيا في الأكاديمية الدبلوماسية بجامعة نيقوسيا: «على عكس أردوغان، لا (يحتاج ميتسوتاكيس لهذه الأزمة)».

وذكر أرتيتوس أن «الشعب اليوناني رضي تمامًا عن تصدي ميتسوتاكيس لجائحة كوفيد-19 ومحاولات أنقرة لاستخدام اللاجئين كأداة للمساومة في وقت سابق من هذا العام. وأضاف أن الشعب اليوناني يتوقع أن يركز ميتسوتاكيس على الاقتصاد، وأن رئيس الوزراء سعيد بالتزامه بهذه المسؤولية. وأردف قائلًا: «إذا لم يكن لدينا هذه الأزمة غدًا، سيكون ميتسوتاكيس أسعد زعيم في العالم».

«إستراتيجية الخروج» أو «نهاية اللعبة»

ولفت الكاتب إلى أن الأزمة ربما تمثل فرصة يُعَد إهدارها خطيئة لا تغتفر بالنسبة لأردوغان وماكرون، ولكنَّ جميع الأزمات ستنتهي لا محالة. وهذا يطرح السؤال المتعلق بكيفية تفادي الرئيس التركي لكل هذا. وما هي «إستراتيجية الخروج» أو «نهاية اللعبة» بالنسبة لأنقرة في شرق البحر المتوسط، إذا افترضنا أن هناك لعبة؟

يجيب الكاتب قائلًا: في نهاية المطاف، ستقف أنقرة بمفردها تقريبًا في البحر المتوسط، ونظرًا للمشكلات الاقتصادية والمالية التي تواجهها تركيا، لا يمكنها تحمُّل ضريبة الدخول في حرب. واستشهد الكاتب بما قاله مستشار في شؤون الدفاع والأمن في إسطنبول في حديثه مع المونيتور بشرط عدم الكشف عن هويته: «لا أرى نهاية اللعبة هنا. أنقرة بدأت تؤكد على حقوقها في الشرق الأوسط في العام الماضي فقط من خلال اتفاقية الحدود البحرية مع ليبيا عقب خسارة أردوغان الفادحة في الانتخابات البلدية. والاقتصاد متعثر بسبب كثرة المشكلات. وأعتقد أن كل هذه الأمور مُلهيَّات للتغطية على المشكلات الداخلية».

الاتفاقية الفاصلة بين تركيا واليونان

يوافق معظم الأتراك (بمن فيهم الكاتب) على موقف أردوغان من أن تركيا ينبغي أن تحصل على حصة أكثر إنصافًا من ثروات شرق البحر المتوسط. ومع ذلك، يحذر المستشار من مضاعفة الآمال، قائلًا: «تركيا لم تُظهر وضعًا قانونيًا قويًّا في التصدي لادِّعاءات اليونان بموجب (اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار). ويجب أن توثِّق تركيا جميع اعتراضاتها السابقة على الأطروحات اليونانية. وفي الوقت الحالي، يُثبِت القانون الدولي موقفًا أقوى لليونان، وأنها يجب أن تتنازل قليلًا فحسب مقارنةً بتركيا».

ويختتم الكاتب تقريره قائلًا: بالنسبة للأشخاص الأقوياء مثل أردوغان وماكرون، ربما يكون هناك أسباب منطقية لتصعيد الأزمات الخارجية. ولكن في عالم تضربه جائحات شرسة وتهاوت فيه أسعار المواد الهيدروكربونية حتى وصلت إلى الحضيض (ومن المرجح بشدَّة أن تظل هكذا حتى بعد انحسار الجائحة)، يبدو أن الحرب على الغاز والنفط عديمة الفائدة.

*محلل في الشئون التركية والحاصل على دكتوراه العلوم السياسية من جامعةفيرجينيا الأمريكية .

نشر هذا المقال تحت عنوان  :  

الكاتب  Barin Kayaoglu

Why Mediterranean tensions may not benefit Erdogan at home

5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى