ترجمات أجنبية

موقع احوال تركية ، ياوز بيدر يكتب –  شبح حرب شاملة يحوم فوق المتوسط

موقع احوال تركية  ـ ياوز بيدر *- 20/1/2020

كتب أنجيلوس ستانغوس في صحيفة كاثيميريني اليونانية في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلاً “يتحول أردوغان بكل بساطة إلى لاعب رئيسي في خضم تغيرات جيوسياسية في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط، حيث تكتسب تركيا مكانة قوة عظمى إقليمية”.

ويضيف ستانغوس “الأسوأ من ذلك هو أن هذا يترك انطباعاً، في نظر الغرب – الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (ربما لأسباب مختلفة) – بأن اليونان تنتمي إلى الشرق الأوسط وليس إلى أوروبا”.

تبرز هذه الملاحظة ضعفاً واضحاً في الإعداد لمؤتمر برلين الذي أقيم في التاسع عشر من يناير حول الصراع في ليبيا. ففي خطأ هائل، امتنعت الحكومة الألمانية عن دعوة تونس، المتاخمة لليبيا ولديها مصلحة كبيرة في رؤية حل الصراع، واليونان، وهي لاعب رئيسي في المستنقع الذي يتشكل في شرق البحر المتوسط.

تفاقمت الأزمة الليبية باتفاق بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، بقيادة فائز السراج في طرابلس، والتي تحمل بصمات أردوغان في جميع أركانها. يؤثر عجز المجتمع الدولي عن فهم نوايا أردوغان على التجمع في برلين، مما يضعف الآمال في حل الصراع.

وتخيم حقيقة بسيطة على تحرك ألمانيا الدبلوماسي تتمثل في أنه من خلال دعوة الجانب التركي، يرحب الاتحاد الأوروبي بشكل عام بأمر واقع وقعته أنقرة من خلال إرسال مرتزقة جهاديين إلى الأراضي الليبية.

وقد شجع هذا أردوغان، الذي أثار المخاطر بإعلان أنه سيتم إرسال قوات تركية إلى ليبيا. وحالما يتم ذلك – وأردوغان رجل يفي بتعهداته – سوف يفقد الاتحاد الأوروبي المزيد من النفوذ في ليبيا، مع تزايد خطر الجهاديين، وقد يشعر أردوغان بالراحة أكثر في تقديم مطالب جديدة والحصول على المزيد من المكاسب السياسية.

قد يجادل البعض بأن مناورة أردوغان لن تنجح في ليبيا، وأنها خطوة من الصعب جداً أن يتسامح معها المجتمع الدولي. هناك على الأرجح بعض الحقيقة في ذلك. كيف ستكون تركيا قادرة على إرسال قوات إلى بلد بعيد عبر البحر المتوسط يبقى سؤالاً كبيراً. وسواء كانت المعارضة الواسعة النطاق لهذه الخطوة في الداخل ستحقق زخماً جديداً ضده أم لا، يبقى سؤالاً آخر.

بيد أن هذه الأسئلة قد تخفي استراتيجية أردوغان طويلة الأجل: يحسب الزعيم التركي أن سياساته المثيرة للانقسام داخل الاتحاد الأوروبي ما دامت ناجحة، سيستمر الارتباك العام في برلين وروما ولندن، وستبقى سلسلة صنع القرار في واشنطن دون إصلاح ولا يزال الدعم “القانوني” الدولي للحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها مستمراً، مما يسمح له بالوقت الكافي لوضع موطئ قدم في ليبيا ويجعل الوجود العسكري التركي هناك دائماً.

وسوف يمنحه هذا ورقة مساومة في البلاد وفي نهاية المطاف يرى أنه يبرز كزعيم يسيطر على أيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين، ويحافظ على “توازن الإرهاب”، لاستخدام مصطلح الحرب الباردة في شمال أفريقيا.

يصيب ستانغوس جوهر المعضلة التي تواجه الاتحاد الأوروبي – لا سيما فرنسا وإيطاليا واليونان في الجهة الجنوبية منها.

أولاً، بالنسبة لأردوغان، تتمثل الأجندة في توسيع مزيج من الإسلاموية والقومية المتشددة خارج حدود تركيا. ثانياً، ما تقوم به ألمانيا في اللاوعي الجماعي يشير إلى أن السياسة الخارجية التركية شبه عسكرية بالكامل وأنها لم تعد مهتمة بالأساليب الدبلوماسية.

كما لاحظ أونال جاويك أوز، وهو دبلوماسي سابق ونائب في حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا: “بسبب ضعف اهتمامها بالدبلوماسية وحل النزاعات بالطرق السلمية، تفقد تركيا قوتها الناعمة. لن يكون من الظلم الإشارة إلى أن هذا النهج الجديد لتركيا في المنطقة يُنظر إليه على أنه (دبلوماسية الزوارق الحربية)”.

وأي أمل في أن تتحول أنقرة وتتخلى عن اتفاقها مع طرابلس دون تنازلات جادة من الاتحاد الأوروبي أو تقبل الجلوس على الطاولة مع قبرص في محادثات الطاقة في شرق البحر المتوسط ليس سوى حلم بعيد المنال.

يتعلق القلق العميق الذي تواجهه أثينا بمدى تصميم أنقرة على تصعيد النزاع في بحر إيجة وشرق المتوسط إلى نقطة الانهيار. وقالت الأركان العامة في وزارة الدفاع اليونانية إن الطائرات العسكرية التركية انتهكت المجال الجوي لليونان 4811 مرة في عام 2019، وهو أكبر رقم خلال عام واحد منذ عام 1987. كما انتهكت السفن الحربية للبحرية التركية المياه الوطنية اليونانية بشكل متزايد. زاد عدد الانتهاكات من 133 في عام 2010 إلى 299 في عام 2015 ثم إلى 2032 في عام 2019.

تكشف الأزمة التي تشمل شرق المتوسط وليبيا عن حقيقة مزعجة: ثمة لعبة قاتلة يتم لعبها. تشهد المغامرة غير العقلانية إرسال جهاديين إلى منطقة صراع في حين تسعى تركيا، وهي قوة هائلة، إلى إثارة مواجهة عسكرية مع اليونان.

سيكون الخيار هو ما إذا كان العالم سيتكاتف لردع التوسع العسكري أم لا. ربما حان الوقت للسفن الحربية التابعة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للقيام بدوريات مكثفة في مياه المنطقة المضطربة في البحر المتوسط.

*ياوز بيدر صحافي تركي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى