شؤون فلسطينية

مهيب الرفاعي يكتب – “الجهاد الإسلامي” وقواعد المواجهة مع إسرائيل

مهيب الرفاعي *- 18/11/2019 

عاد مشهد الاغتيالات إلى ساحة الصراع الإسرائيلي مع المقاومة الفلسطينية، بعد أن توقف لاعتبارات أمنية وسياسية. واليوم تبدو هذه الاعتبارات هي ذاتها التي فرضت على رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، توجيه ضربتين مباغتتين لحركة الجهاد الإسلامي، كان من نتائجهما اغتيال القيادي في الحركة، بهاء أبو العطا، بينما لم تنَل غارةٌ على دمشق من عضو المكتب السياسي للحركة، أكرم العجوري. ويعود هذا المشهد إلى سيناريو الاغتيالات الذي لطالما اعتمدته إسرائيل، في حال ارتأت خطراً يتهدّدها، مصدره دماغ المقاومة أو ذراعها، خصوصاً أن حركة الجهاد الإسلامي اليوم على صلةٍ وثيقةٍ بالعدو التقليدي لإسرائيل؛ حزب الله، ومن ورائه إيران.

“اغتيال فتحي الشقاقي في العام 1995 شكَّل ضربة موجعة لقادة حركة الجهاد الإسلامي وأتباعها” .

نفذت إسرائيل عدة عمليات اغتيال طاولت شخصيات على مستوى عالٍ من الثقة لدى المقاومة الإسلامية، في لبنان وسورية وفلسطين، وفي الوقت نفسه، على مستوى عالٍ من الخطورة على أمن إسرائيل. جهاد عماد مغنية مثلاً تم اغتياله في أثناء تأديته مهمة في الجولان السوري، وسمير القنطار في ريف دمشق، ومحمد الزواري في تونس، وغيرهم كثيرون كانوا أهدافاً حتمية لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) وعملائه. وبشكل أو بآخر، فإن شخصيات مثل هذه تمثل تهديداً حقيقياً لأمن إسرائيل، الأمر الذي يدفع أجهزة حكومة الاحتلال إلى وضع سيناريوهات لتصفيتهم. ويعتقد أهل العسكر الإسرائيليون، في قرارة أنفسهم، أن الاغتيالات والعمليات السرية تسهل عليهم التخلص من الخطر بأقل خسائر ممكنة، قد تنتج عن فتح جبهة حربٍ لا تُحمد عقباها على الداخل الإسرائيلي. وتفترض العمليات السرية الإسرائيلية التي تستهدف قادةً بأنفسهم تغيير قواعد المواجهة، لتتخلص بذلك من المواجهة مع الدول في حربٍ مفتوحة الاحتمالات. ولربما كانت، وتبقى، الاغتيالات من وسائل الابتزاز التي تعتمدها إسرائيل في محاولاتها وقف أثر حركات المقاومة الإسلامية ضدها. والواضح في عقلية العمليات السرية التي يشرف عليها كلٌّ من جهاز الموساد وقوات الأمن الإسرائيلية أن وصول إسرائيل إلى شخصياتٍ معينةٍ وقادة بأسمائهم يشكل تدبيراً احترازياً من شأنه أن يردع أي هجوم على الداخل الإسرائيلي، قد لا تكون إسرائيل قادرة على مواجهته، وبالتالي حماية مدنييها.

اختيار الأشخاص

وقد تبدو رغبة القيادة العسكرية الإسرائيلية في تصفية قيادات المقاومة الإسلامية وأذرعها مؤشراً على طموحات استراتيجية تبني عليها قوات الأمن الإسرائيلية أجندةً معينة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقرار اغتيال شخصياتٍ مرموقةٍ من أنداد إسرائيل. وغالباً ما تعتمد غرف الاغتيالات شخصياتٍ ذات تأثير وثقل لدى حركات المقاومة الإسلامية، الأمر الذي يعني أن خللاً ما في صفوف هذه الحركات ستسببه عملية الاغتيال هذه. والمثير للجدل في عمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل هو احتمال أنها غير قادرة على إخضاع الحركات المقاومة، إلا عبر النيْل من رؤوسها وعقولها المدبرة، خصوصاً وأن إسرائيل تعتبر الاغتيال من ضروب الانتصار على المقاومة في صميمها. وفي كل حلقةٍ تغتال إسرائيل فيها شخصية قيادية، سواء أكان قائد جناح أو فصيل أو نائب قائد حركة أو متحدّثاً، أو شخصية علمية أو دينية لها من الأثر ما لها في نفوس أتباع حركات المقاومة. ويبدو أن الاغتيالات لم تكن لتفرّق بين عسكري وسياسي ومدني ممن تعتبرهم إسرائيل أهدافاً لا مفر من اغتيالهم أو وضعهم في قائمة الاغتيال التالي. وبتتبع سلسلة الاغتيالات، لا بد من القول إن خططاً وهندسةً كانت على مستوىً عالٍ من السرّية لتحقيق هدف العملية. وفي الوقت نفسه، ما يثير الجدل، بالإضافة إلى ما سبق، هو مدى قدرة إسرائيل على اختراق عمق المقاومة، أو على الأقل مكان عملية الاغتيال، ومن هم أولئك الذين سهلوا المهمة أمام غرف عمليات إسرائيل. 

“اختارت إسرائيل اغتيال قياديين في “الجهاد الإسلامي” لأنها تعد الحركة ذراع إيران في فلسطين” .

ويتبع قرار “الموساد” وضع شخصيات بعينها على لائحة الاغتيال اختيار التوقيت المناسب للعملية، بحيث تلبي أهداف غرف السياسة والعسكر في تل أبيب. وواضحٌ عند قراءة استراتيجية لتوقيت العمليات أن جهداً استخباراتياً لا يُستهان به يتم رصده في سبيل إنجاح  العملية، على اعتبار أن اختيار التوقيت يتناسب مع الأهداف السياسية والعسكرية من العملية. ولا يمكن غضّ النظر عن الترتيبات الاستراتيجية واللوجستية، باعتبارها أساساً يمهد لنجاح العملية، واختيار إحداثيات الضربة الزمانية والمكانية. ويبدو أن صنّاع السياسة الإسرائيليين لم يغفلوا مصالحهم في أثناء اتخاذ قرار اختيار توقيت الاغتيال، كونه من أهم العوامل التي تحدّد العملية التي سيستغلونها في مكاسب سياسية وحزبية في أساسها، أو لربما كانت لكسب تأييدٍ أو دعم دولي ممن يحابون إسرائيل. وفي واقع الأمر، غالباً ما تعلن إسرائيل عن تبنّيها عملية اغتيال حساسة، ووقوفها وراءها بعد نجاحها، لتقيم سردية القوة والدقة الأمنية التي تتفاخر بها الاستخبارات الإسرائيلية؛ وبالتالي يكون لها من الصدى الإعلامي والسياسي والعسكري ما لها على الصعيدين المحلي الإسرائيلي والدولي.

استهداف “الجهاد الإسلامي”

بشكل أو بآخر، تمثل حركة الجهاد الإسلامي، بسبب اتصالها بإيران، قوة ضاربة لا يستهان بها في وجه إسرائيل، فمنذ تأسيسها عام 1981 لم تكن إلا إسلامية في أهدافها ومبادئها التي شملت تحرير فلسطين في المركز الأول، وإقامة حكم إسلامي على أرضها، الأمر الذي جذب أنظار الإسلاميين، في المرتبة الأولى، إليها، ما دفع حركاتٍ مثل حزب الله وقياداتٍ مثل قيادات إيران إلى إقامة علاقات معها. وفي الوقت نفسه، لم تغفل إسرائيل عن الدعم الموجه للحركة، وعملت على تقويض أساساتها بضرب رؤوسها، ليكون اغتيال فتحي الشقاقي في عام 1995 ضربة موجعة لقادة حركة الجهاد الإسلامي وأتباعها، باعتباره الأب الفعلي لها، وهو الذي استلهم أفكار الثورة الإيرانية، وطبّقها في بناء “الجهاد الإسلامي”. ولربما كان ارتباط الحركة بإيران وحزب الله من أهم الأسباب التي وضعتها على خط السياسة العربية، وفي الصف الأول لمواجهة إسرائيل، خصوصا وأنها من كانت دائماً ترفض أية اتفاقية مع إسرائيل. وبالإضافة إلى هذه الأسباب، فإن دقة الحركة عسكرياً ومتانة صفوفها تنظيمياً دفعتا إسرائيل لتجعل من “الجهاد” الإسلامي وقادتها وأذرعها هدفاً ليس سهلاً وعليها تقويضه، لا سيما وأن الحركة كانت ولا تزال تتبنّى عدة عمليات ضد إسرائيل في صميمها.

“نتنياهو هو المستفيد من توسيع رقعة الحرب، وزيادة عدد الأهداف العسكرية، والمدنية، التابعة لحركة الجهاد الإسلامي”  .

وردّاً منها على عمليات الحركة ضد المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، لم يكن  واردا في سياق الانتقام الإسرائيلي بعد عام 2014 إلا هجمات جوية على القطاع، معقل الحركة، ولكن الغارات لم تكن موجّهة نحو الحركة بحد ذاتها، بل كان أي مكان في القطاع هدفاً لها، إلا أن إحداثيات المرحلة الراهنة، على الصعيد الإسرائيلي، فرضت قواعد جديدة في التعامل مع “الجهاد الإسلامي”، لتضع إسرائيل نفسها أمام موجة جديدة من الاغتيالات المباغتة والعمليات السرية لضرب الحركة. ويمكن أن يرى المتابع في عملية إسرائيل، في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، اغتيال القيادي بهاء أبو العطا في قطاع غزة، والمتزامنة مع استهداف عضو المكتب السياسي للحركة، أكرم العجوري، في دمشق، عاملاً مشتركاً، وهو تحجيم دور “الجهاد الإسلامي” في غزة، وتقليص مساحة علاقاتها في الخارج. وبالتالي، تعدّ إسرائيل هاتين العمليتين إنذاراً للضغط على الحركة، لإيقاف هجومها على المستوطنات، واستنزاف قوتها من جهة، وتوجيه ضربة لداعمي الحركة من الخارج، على اعتبار أن ذراع الحركة الذي نجا من الاغتيال بات هدفاً لإسرائيل أينما وجد؛ خصوصاً وأن أبو العطا والعجوري لم يكونا حديثي العهد على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية.

وبقراءة معطيات عملية اغتيال القيادي بهاء أبو العطا في غزة، هناك نية مبطنة من الجريمة التي جاءت في وقت حساس بالنسبة لتل أبيب. ويبدو أن نتنياهو هو المستفيد الأكبر من تنفيذ الاغتيال بهذه الدقة والسرية، ليحقق مكاسب سياسية وعسكرية وأمنية منها. وعملية من هذا النوع لم تكن محض مصادفة أو تخطيط زماني ومكاني واستراتيجي عفوي، بل كانت تمثل مشهداً من الاستغلال السياسي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بانتخابات وأزمات سياسية داخل إسرائيل. وكانت حكومة نتنياهو قد أدرجت اسم أبو العطا في قوائم الإرهاب، لكن التوقيت لم يكن ليأذن له بتنفيذ الاغتيال، وأن يخسر ورقةً قد تصب لصالحه في حال أراد الخروج من مأزق سياسي وانتخابي يؤرّقه. وعلى الرغم من أن قراراً، مثل قرار اغتيال بهاء أبو العطا، كان قد أعد له في سراديب الاستخبارات والموساد الإسرائيلي، إلا أن البتّ في قرار التنفيذ يعود حتماً إلى رئيس الحكومة نتنياهو. ويبدو أن ما دفع نتنياهو إلى اتخاذ هذا القرار في هذا التوقيت رغبته في لفت الأنظار عن فشله في تشكيل حكومة جديدة، خصوصاً في ظل ما يتعرّض له من تهم فساد واستغلال حكومي، لتكون ورقة اغتيال قادة المقاومة العسكريين، على اعتبار أنهم أهم وأخطر دولياً من القادة السياسيين، من الأوراق الرابحة التي تُنجيه من ويلات الانتخابات والتشكيل السياسي. وكان اسم بهاء أبو العطا قد تم تداوله بكثرة أخيراً في أروقة الإعلام والسياسة الإسرائيلية، ليكون هذا إشارة إلى دنو عملية ضده، على اعتبار أنه تم تصديره على أنه قد خرج عن أصول اللعبة بين تل أبيب وفصائل المقاومة، وفي مقدمتها “الجهاد الإسلامي” في غزة.

“اغتيال أبو العطا في غزة ومحاولة اغتيال العجوري في دمشق، ينبئ برغبة إسرائيل في الاستفراد بالحركة واستنزافها” .

ويأتي استهداف حركة الجهاد الإسلامي ضمن رغبة إسرائيل الفعلية في إضعاف محور المقاومة الإسلامية الذي يشكّل خطراً على الكيان الإسرائيلي، وبالتالي فإن من شأن اختيار هذه  الحركة باعتبارها ذراع إيران في فلسطين إرباك المحور وتشتيت أولوياته. كما أن اغتيال أبو العطا في غزة ومحاولة اغتيال العجوري في دمشق، في عمليتين متوازيتين، ينبئ برغبة إسرائيل في الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي واستنزافها، ما يدفعها إلى وقف عملياتها على المستوطنات الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن فصائل المقاومة الفلسطينية داخل القطاع غالباً ما تكون متصلة ببعضها، غير أن إسرائيل “أشادت” بما سمته حياد حركة حماس، بعد أن كانت تعتبرها منخرطة في إطلاق الصواريخ على مستوطنات إسرائيلية، ليقول أحد المتحدثين الإسرائيليين “إن إسرائيل باتت اليوم قادرة على التمييز بين حماس و”الجهاد الإسلامي”. وليس بعيداً عن العقل الإسرائيلي أن يفكر في ضرب الفصائل الفلسطينية على الأرض ببعضها ليروج “الجهاد الإسلامي” على أنها الأكثر تطرّفاً في الصراع مع إسرائيل. وبهذا، تسعى إسرائيل إلى تدمير، أو أقلُّه إضعاف، “الجهاد الإسلامي” وجرّها إلى منزلق حرب، ولو أياماً معدودات، توجه فيها إسرائيل ضربات مدروسة للحركة والقطاع.

“رد حركة الجهاد الإسلامي على اغتيال أبو العطا بخوض حرب، كما جرى في الأيام القليلة الماضية، كان حتمياً بالنسبة للحركة” . 

ولم يكن من السهل على الحركة تلقّي ضربتين في غزة ودمشق في التوقيت نفسه، واستلزمها هذا الذهاب إلى الرد العسكري والمواجهة مع إسرائيل، خصوصاً وأنها ليست من النوع الذي يُسلم لقواعد لعبة جديدة مع إسرائيل. وعليه، فإن الرد بخوض حرب، كما جرى في الأيام القليلة الماضية، كان حتمياً بالنسبة للحركة. وبهذا، ارتأى قادتها العسكريون ضرورة ردع إسرائيل وصدّها عن العودة إلى سيناريو الاغتيالات الذي يعتبر تمهيداً لنشاط عسكري أوسع. وبحسابات عسكرية، غالباً ما تتبع أي اغتيال غالباً حرب تستهدف البنية التحتية لفصائل المقاومة، ومن ثم اجتياح، أو تصعيد على أقل تقدير، يصب في الصالح الإسرائيلي في كسب ود الرأي الدولي في حربها على “إرهابيي” الفصائل الفلسطينية. وما شهدناه من مواجهاتٍ بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل، وما تبع العملية من تصعيد على المستويات، العسكري والأمني والسياسي، ما هو إلا إشارة إلى رغبة الطرفين في خوض حربٍ تخدم نتائجها كلاً من الحركة وتل أبيب، فنتنياهو هو المستفيد من التصعيد وتوسيع رقعة الحرب، وبالتالي زيادة عدد الأهداف العسكرية، وإن لزم الأمر المدنية، التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، ليصب ذلك في مصلحته السياسية قبل العسكرية. أما إذا جاءت خسائر إسرائيل قليلة أو كثيرة، فليس من شأن هذا الأمر أن يقلل فرص توسيع دائرة المواجهة بقدر ما ستؤثر على مدتها. وبالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي، من المهم أن تفرض وجودها من خلال حرب، وإن كانت مفروضةً وداميةً نوعاً ما، تؤكد فيها استعدادها لأيٍّ من أنواع المواجهة مع إسرائيل. وبدخول الحرب، تكون  الحركة قادرةً على التأثير في سيناريوهاتها بتنفيذ ضربات موجعة تجاه أهدافٍ في العمق الإسرائيلي، ما يدفع إسرائيل إلى القبول بشروط الحركة، في حال الحديث عن هدنة بين الطرفين.

وعلى الرغم من أن مشاهد الحرب هذه اعتاد عليها الطرفان، حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل، إلا أنه كان من اللازم حصول تهدئة عبر وساطة خارجية. ولم تلبث الوساطة المصرية أن تم الإعلان عنها ليكون في مقدور كل من حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل الالتفات إلى وضع شروط خاصة بكل منهما لتلتزما بها. ويبدو أن اليد العليا في فرض الشروط هذه المرة كانت في يد حركة الجهاد الإسلامي، إذ نجح قادة الحركة في فرض شروطهم المتمثلة في أساسها في وقف التصعيد الإسرائيلي ضد القطاع، ووقف الاغتيالات والامتناع عن التعرّض لمسيرات العودة، فكان تنفيذ الجانب الإسرائيلي هذه المطالب إعلان قبول الحركة مقترح التهدئة المصري. ولم يكن قبول الهدنة إذعاناً من “الجهاد الإسلامي” أو رضوخاً أمام ضربات إسرائيل، بل جاءت من مصدر قوة وثبات أن الحركة، وإن لم يتم طرح الهدنة، إلا أنها قادرة على المضي في معركةٍ تحتمل كل السيناريوهات، على الرغم من سكوت حلفائها.

 *كاتب وباحث سوري في معهد الدوحة للدراسات العليا 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى